الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 2 أغسطس 2025

الدعويان رقمي 3 لسنة 27 و11 لسنة 42 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ" جلسة 5 / 7 / 2025

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يوليو سنة 2025م، الموافق العاشر من المحرم سنة 1447ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعويين المقيدتين بجدول المحكمة الدستورية العليا برقمي 3 لسنة 27 و11 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ"
المقامة أولاهما من
.........
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- وزير العدل
3- رئيس مجلس الدولة
والمقامة ثانيتهما من
...........
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- وزير العدل
3- رئيس مجلس الدولة
4- رئيس هيئة قضايا الدولة
--------------
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من يونيو سنة 2005، أودع المدعي صحيفة الدعوى رقم 3 لسنة 27 قضائية "منازعة تنفيذ" قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولًا: بالاستمرار في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادر أولها بجلسة 17/12/1994، في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع"، وثانيها بجلسة 12/2/1994، في الدعوى رقم 23 لسنة 14 قضائية "دستورية"، وثالثها بجلسة 19/6/1993، في الدعوى رقم 102 لسنة 12 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بجميع العوائق القانونية والمادية المقيدة لمداها.
ثانيًا: بضم الحكم الصادر في الطلب رقم 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء" إلى هذه الدعوى.
ثالثًا: استعمال المحكمة رخصة التصدي، للحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، فيما لم يتضمنه من النص على التظلم الاختياري في دعوى الإلغاء واعتباره إجراءً قاطعًا للتقادم، وبعدم دستورية نصوص المواد (77 مكررًا "2" و83 و85) من القرار بقانون ذاته، والمادة (68 مكررًا) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، المضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984، وبعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
وبتاريخ الحادي عشر من أبريل سنة 2020، أودع المدعي صحيفة الدعوى رقم 11 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ" قلم كتاب هذه المحكمة طالبًا الحكم، أولًا: بعدم الاعتداد بالأحكام الصادرة في الدعاوى أرقام 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء"، و776 لسنة 2005 مدني قسم ثان المنصورة، و783 لسنة 2007 مدني مستأنف المنصورة، وحكم محكمة النقض في الطعن رقم 3699 لسنة 78 قضائية، وبالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع". ثانيًا: باستخدام المحكمة رخصة التصدي للفصل في دستورية نص المادتين (2/3 و10/ سادسًا) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، والمواد (38/4 و77 مكررًا "2" و83 و85 – قبل تعديلها -) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، وما لم يتضمنه هذا القانون من تنظيم إجراءات التظلم، وكذا الفصل في دستورية نص المادة (25 مكررًا) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة، المضافة بالقانون رقم 2 لسنة 2002، والمادة (40 مكررًا/1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وقانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فيما لم يتضمنه من حق اللجوء إلى هذه المحكمة بطريق الادعاء المباشر، والمواد (249 و250 و263 و264 و265 و266 و267) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة في كل من الدعويين، طلبت فيهما الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعويين، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها في كل منهما.
ونُظرت الدعويان على النحو المبين بمحضر الجلسة، فقدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة، التفتت عنهما المحكمة لعدم توقيعهما من محام مقيد للمرافعة أمام محكمة النقض، وقررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الأولى للارتباط، وليصدر فيهما حكم واحد بجلسة اليوم. وفي أثناء حجز الدعويين للحكم قدم المدعي طلبًا لفتح باب المرافعة فيهما ليقدم مذكرة أخرى بدفاعه، تلتفت عنه هذه المحكمة.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفتي الدعويين وسائر أوراقهما – في أن المدعي تقدم بطلب للتعيين في وظيفة معاون نيابة عامة؛ لكونه من خريجي كلية الحقوق دفعة 1997 بتقدير عام جيد، إلا أن قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 1998 صدر بتعيين دفعته، دون أن يشمله قرار التعيين، فتظلم من هذا القرار أمام محكمة النقض، ثم أقام أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها الدعوى رقم 366 لسنة 48 قضائية، ضد المدعى عليهما الأول والثاني، طالبًا الحكم بإلغاء القرار المشار إليه، فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة معاون نيابة عامة دفعة 1997، وتعويضه عن الأضرار التي لحقت به. وبجلسة 27/7/2002، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة النقض "دائرة طلبات رجال القضاء والنيابة العامة"، وقد تأيد هذا القضاء بالحكم الصادر بجلسة 25/1/2004، من محكمة القضاء الإداري – الدائرة الثامنة – في الطعن رقم 678 لسنة 43 قضائية، الذي قضى بقبول الطعن شكلًا ورفضه موضوعًا. كما أقام المدعي أمام محكمة النقض الطلب رقم 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء" ضد المدعى عليه الثاني، طالبًا الحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وبإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 1998 فيما لم يتضمنه من تعيينه في وظيفة معاون نيابة عامة. وبجلسة 12/4/2005، قضت المحكمة بعدم قبول الطلب.
ومن ناحية أخرى، كان المدعي قد تقدم بطلب لتعيينه في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة، وإذ صدر القرار رقم 43 لسنة 2003 بتعيين أقرانه، ولم يشمله قرار التعيين، فأقام أمام المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 14011 لسنة 49 قضائية، كما أقام الدعويين رقمي 776 لسنة 2005 و463 لسنة 2006 أمام محكمة قسم ثان المنصورة الجزئية، طالبًا رد الرسوم التي تم تحصيلها منه بدون وجه حق في الطعن الذي أقامه أمام المحكمة الإدارية العليا المار بيانه. وبجلسة 30/5/2007، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعويين لرفعهما بغير الطريق القانوني. استأنف المدعي ذلك الحكم أمام محكمة المنصورة الابتدائية بالدعوى رقم 783 لسنة 2007 مدني مستأنف المنصورة. وبجلسة 29/1/2008، حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلًا ورفضه موضوعًا وتأييد الحكم المستأنف؛ فأقام المدعي أمام محكمة النقص الطعن رقم 3699 لسنة 78 قضائية. وبجلسة 15/10/2014، قررت محكمة النقض، في غرفة مشورة، عدم قبول الطعن. وقد تراءى للمدعي أن الأحكام سالفة البيان تشكل عقبة تحول دون تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 17/12/1994، في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع" الذي أكد أن عبارة "أي شأن من شئونهم" تنطبق على حالته، كما تشكل عقبة في تنفيذ مبادئ المساواة الواردة بالحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا في الدعويين الدستوريتين رقمي 23 لسنة 14 قضائية و102 لسنة 12 قضائية، اللذين تضمنا في أسبابهما أن الدفع بعدم الدستورية يتعلق بالنظام العام، ويجوز إثارته لأول مرة أمام أي محكمة بما في ذلك محكمة النقض؛ فقد أقام الدعويين المعروضتين بطلباته سالفة البيان.
وحيث إن منازعة التنفيذ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ فمن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها كاملة، في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- قد حالت فعلًا أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملًا أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن المقرر -كذلك- في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة في الدعوى الدستورية، وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية، قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور، تحريًا لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية، أو هى بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هو الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، ويقتصر نطاق الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت معها في مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالًا حتميًّا، بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، على ما جرى به نص المادة (195) من الدستور، إنما تلحق – نطاقًا – بما قد تتضمنه هذه الأحكام من تقريرات دستورية، تعرض لنصوص – بذاتها – من الوثيقة الدستورية، لها محل من الإعمال على وقائع النزاع الموضوعي، ومؤدية – لزومًا – إلى الفصل في موضوعه، بما يعكس بيان هذه المحكمة لمؤدى تلك النصوص الدستورية، وإفصاحها عن دلالتها، فيكون إلزامها للكافة وجميع سلطات الدولة، بما أقرته في شأنها من مفاهيم متعينًا. ولا كذلك الحال بالنسبة لغيرها من عناصر الحكم في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، التي تقضي المحكمة الدستورية العليا في أولاها بوصفها محكمة تنازع، وفي الأخرى باعتبارها قضاء تنفيذ، وذلك دون إخلال بثبوت قوة الأمر المقضي فيه لمنطوق الحكم الصادر في أي من تلك الدعاوى، والأسباب المرتبطة به ارتباطًا حتميًّا، قبل أطراف خصومة الموضوع، وفي مواجهة جميع المخاطبين بتنفيذه وإعمال آثاره.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 17/12/1994، في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع"، بتعيين جهة القضاء العادي "دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض" جهة مختصة بنظر النزاع، وكان هذا القضاء صدر بشأن الطعن على قرارات التعيين في وظيفة معاون نيابة عامة ممن تم استبعادهم من التعيين بهذه الوظيفة، وذلك تأسيسًا على أن هذا الاختصاص لا يقتضى بالضرورة أن يكون مقدمًا من أحد رجال القضاء والنيابة العامة، بل يكفي لقيام هذا الاختصاص أن يؤول طلب الإلغاء إلى التأثير في المركز القانوني لأحدهم، ولو كان مقدمًا من غيرهم؛ إذ يعتبر الطلب في هاتين الحالتين كلتيهما متصلًا بشأن من شئونهم. متى كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها في الدعوى رقم 366 لسنة 48 قضائية، سالف البيان، والقاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة النقض دائرة طلبات رجال القضاء، وكذلك الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 678 لسنة 43 قضائية "استئنافية" طعنًا على القضاء سالف البيان، والقاضي بقبول الطعن شكلًا ورفضه موضوعًا، قد التزما قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع" سالفة البيان، والشأن ذاته بالنسبة لقضاء محكمة النقض الصادر بجلسة 12/4/2005، في الطلب رقم 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء" بعدم قبول الطلب، مما مؤداه: أن تلك الأحكام لا تُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان، ويتعين القضاء بعدم قبول الدعويين في هذا الشق منهما، ويغدو – من ثم – طلب ضم الحكم الصادر في الطلب رقم 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء والنيابة العامة" لا سند له، خليقًا بالالتفات عنه.
وحيث إن الحكم الصادر من محكمة قسم ثان المنصورة الجزئية في الدعويين رقمي 776 لسنة 2005 و463 لسنة 2006، وكذلك الحكم الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية في الاستئناف رقم 783 لسنة 2007 مدني مستأنف المنصورة، وحكم النقض الصادر في الطعن رقم 3699 لسنة 78 قضائية، قد انصبت على طلب استرداد الرسوم القضائية التي أداها المدعي وهو بصدد الطعن على قرار عدم تعيينه مندوبًا مساعدًا بهيئة قضايا الدولة، ولما كان البين من مطالعة مدونات حكم هذه المحكمة في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع"، المشار إليه – المنازع في تنفيذه – عدم انطوائه على تقرير دستوري في شأن تلك الرسوم توافرت في شأنه شرائط الاحتجاج به، وتبعًا لذلك فإن الأحكام الصادرة في مواجهة المدعي، المطلوب عدم الاعتداد بها، لا تُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى رقم 11 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ" في هذا الشق منها.
وحيث إنه عن طلب الاستمرار في تنفيذ مقتضى الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا في الدعويين رقمي 23 لسنة 14 قضائية "دستورية" بجلسة 12/2/1994 و102 لسنة 12 قضائية "دستورية"، بجلسة 19/6/1993، فلما كان أولهما قد قضى بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة (82) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 من الاعتداد بملاءة الموكل كأحد العناصر التي تدخل في تقدير أتعاب محاميه، وكذلك ما قررته من أن لا تقل الأتعاب المستحقة عن 5٪ من قيمة ما حققه من فائدة لموكله في العمل موضع طلب التقدير، بينما صدر الحكم الآخر برفض الدعوى المقامة طعنًا على نص الفقرة الثالثة من المادة الثالثة عشرة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف. ولما كانت الأحكام التي يطلب المدعي عدم الاعتداد بها تتعلق بالطعن على قرار رئيس الجمهورية بعدم تعيينه في وظيفة معاون نيابة عامة، فلا يكون لها من صلة بالحكمين المنازع في تنفيذهما؛ ومن ثم فإن ما يدعيه المدعي من أن الأحكام المنازع في تنفيذها تشكل عقبة في المبادئ التي أرستها المحكمة الدستورية العليا في الحكمين المنازع في تنفيذهما، لا يستند إلى صحيح القانون؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى رقم 3 لسنة 27 قضائية "منازعة تنفيذ" في هذا الشق منها.
ولا ينال مما تقدم ما أثاره المدعي من مناع بشأن التفات محاكم الموضوع عن الدفع المبدى منه بعدم دستورية بعض النصوص القانونية، وعدم اعتباره من النظام العام؛ ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الفصل في اتصال النص المطعون فيه بالنزاع الموضوعي من مسائل القانون التي لا ترخص فيها، فإن تقدير محكمة الموضوع جدية المطاعن الموجهة إليه هو مما يدخل في نطاق سلطتها التقديرية، التي تباشر من خلالها نوعًا من التقييم المبدئي لمضمون هذه المطاعن وسلامة أسسها، فإذا لم تقل محكمة الموضوع كلمتها في شأن جديتها دلَّ ذلك على انتفاء تلك الجدية، التي يُعد تسليمها بها شرطًا أوليًّا لاتصال الدعوى الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا. متى كان ذلك، فإن استعمال محكمة الموضوع لسلطتها التقديرية في شأن الدفع بعدم الدستورية لا يُعد عقبة في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا المنازع فيها، ولا يعدو ما أثاره المدعي في الشأن السالف أن يكون تجريحًا لمسلك محاكم الموضوع، بما تنحسر عنه ولاية هذه المحكمة التي تباشرها وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إنه عن طلب المدعي إعمال المحكمة الدستورية العليا رخصة التصدي لدستورية النصوص التشريعية التي تمسك بها بصحيفتي دعواه، فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعمال رخصة التصدي المخولة لها، طبقًا لنص المادة (27) من قانونها، منوط بها أن يكون النص الذي يرد عليه التصدي متصلًا بنزاع مطروح عليها، فإذا انتفى قيام النزاع أمامها فإنه لا يكون لرخصة التصدي سند يسوغ إعمالها. متى كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت فيما تقدم إلى الحكم بعدم قبول الدعويين المعروضتين، فإن طلب التصدي المبدى فيهما لا يكون له محل، ويغدو طرحه متعينًا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعويين، وألزمت المدعي المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق