بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 25-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 239 لسنة 2025 طعن تجاري
ش. م. ا. ل.
مطعون ضده:
ه. م. ا. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2385 استئناف تجاري بتاريخ 30-01-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر / طارق عبد العظيم ? وبعد المداولة.
حيث ان الطعن قد استوفي اوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل- في أن الشركة الطاعنة شركة مشاعل العاصمة للتجارة أقامت على الشركة المطعون ضدها هايسنس ميدل ايست م.م.ح الدعوى رقم 1479 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 07/35,851,731 درهماً قيمة ما تكبدته من مصروفات والتعويض عن الأضرار الأدبية التي لحقت بها، والفائدة القانونية بواقع 9% سنوياً من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، وقالت بياناً لذلك إنه بموجبِ الاتفاقية المؤرخة 13-4-2021 عَيَّنَتها الشركة المطعون ضدها موزع غير حصري لمنتجاتها من الهواتف المحمولة -هايسنس- في المملكِة العربية السعودية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 1-5-2022 وحتى 31-12-2023، كما تم تحديد مستهدف المبيعات المُلزم لها خلال تلك المدة، وبناءً على ذلك قامت بالتعاقد مع شركات مُتخصِصة في مجالات التسويق والدعاية والإعلان لترويج المنتج، وبعد شراءها لبضائع بقيمة 21,714,680 درهماً، فوجئت بإخلال الشركة المطعون ضدها بالتزامها بأن توقفت عن توريد البضائع دون سابق إنذار مِمَّا أدى إلى انخفاض المبيعات بنسبة90% ثم توقفها، وقد لحق بها من جرَّاءِ ذلك أضراراً جسيمة، ولذا فقد اقامت الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، ندبت لجنة ثلاثية من الخبراء، وبعد أن أودعت تقريرها النهائي، حكمت بتاريخ 25 نوفمبر 2024 برفض الدعوى . استأنفت الشركة الطاعنة (المدعية) هذا الحكم بالاستئناف رقم 2385 لسنة 2024 تجاري وبتاريخ 30 يناير 2025 قضت المحكمة بالتأييد طعنت الطاعنة (المدعية) في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت الكترونيا مكتب إدارة الدعوي لهذه المحكمة بتاريخ 27-2-2025 بطلب نقضه، ولم تستعمل المطعون ضدها حق الرد، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشوره حددت جلسة لنظره.
وحيث ان حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول إنها قدمت أمام لجنة الخبراء المُنتدبة من المحكمة المستندات الجوهرية الثابت منها خطأ الشركة المطعون ضدها وإخلالها بالتزاماتها منذ بدء التعاقد، فضلاً عن تقديمها لتقرير خبير استشاري عَيَنَّته بمعرفتها، ثبت منه الأضرار التي لحقت بها من جرَّاءِ ذلك الإخلال، والتي تمثلت في التأخير عن بدءِ تنفيذ التعاقد لمدة ثمانية أشهر بسبب عدم قدرة الشركة المطعون ضدها على استيفاء الأوراق والتصاريح اللازمة للعمل بالمملكة العربية السعودية، كما أن الأخيرة ورَّدَت بضائع غير مطابقة للمواصفات المُتفق عليها بأوامر الشراء، وكذلك تأخرت عن توريد قطع الغيار اللازمة للصيانة، وهو ما تسبب في انخفاض مستوى المبيعات، وأنه قد لحق بها أضراراً مادية وأدبية من جراءِ ذلك أثبتها الخبير الاستشاري بالمستندات بمَتِن تقريره، كما تمسكت بإحالة الدعوى للتحقيق لسماع شهود تُعَزِز ما قدمته من مستندات، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن أوجه دفاعها الجوهرية وقضى برفض الدعوى تأسيساً على ما انتهت إليه لجنة الخبرة المُنتدبة في تقريرها أن سبب توقف الشركة المطعون ضدها عن توريد البضائع هو إخلالها -أي الطاعنة- بالتزامها التعاقدي لعدم تحقيق المُستَهدف المُتفق عليه المُلزم لاستمرار التعاقد، دون الرد على تقرير الخبير الاستشاري المقدم منها والمدعوم بالمستندات، ، وإذ لم يفطن الحكم لكل ما تقدم فإنه يكون معيبا مما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنه وفقاً للمادة 246 من القانون المدني يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق ما يوجبه حسن النية، وأن التزام المتعاقدين ليس مقصوراً على ما ورد في العقد، ولكنه يشمل أيضا كل ما هو من مستلزماتهِ وفقاً للقانون والعرف وطبيعة التصرف، بما مؤداه أن تنفيذ الالتزامات التي أنشأها العقد تتم وفقاً لطبيعة التصرف ومقتضيات تنفيذه بحسن نية، وأن استخلاص مدىَ تنفيذ كل طرف من المتعاقدين للالتزامات التي التزم بها في العقد هو مِمَّا يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً له ما يسانده في الأوراق، وأن عقد التَوريد هو العقد الذي يلتزم فيه التاجر أو الصانع بأن يوَرِّد أو يزَوِّد رب العمل بصفةٍ دوريةٍ متكررة بسلع أو خدمات من إنتاجه، أو إنتاج غيره، بمواصفات مُتَفق عليها بين الطرفين، بكميات مُحَدَّدة وفي أوقات مُحَدَّدة تُسَلم إلى رب العمل أو نائبه في موقع العمل ما لم يُتَفق على خلافِ ذلك، وذلك مقابل ثمن أو أجر يدفعه له رب العمل على فترات مُحَدَّدة أو عند انتهاء العقد . وأن عقد وكالة التوزيع هو العقد الذي يلتزم فيه التاجر بترويج وتوزيع منتجات صناعية أو تجارية في منطقة معينة، وذلك مقابل أجر يدفعه له المُوكِل، مِمَّا مؤداه أن الوكيل المُوزِع لا يعمل لحسابه، بل لحساب المُوكِل، وأن ملكية المَبيع لا تنتقل إلى الوكيل، بل تظل للمُوكِل، ولذلك يجوز للوكيل في حالة إنهاء عقد وكالة التوزيع أن يَرُّد إلى المُوكِل ما لم يتم بيعه مِمَّا تم توريده إليه، ولا يكون للمُوكِل من حقِ قِبل الوكيل إلا أن يقدم له حساباً عن تنفيذ وكالته، وأن يدفع له عما قام ببيعه مِمَّا تم توريده إليها ، ومن المقرر أيضا أن تقدير تقابل الالتزامات في العقودِ المُلزمة للجانبين، واستخلاص الوفاء بها، أو الإخلال في تنفيذها، وتحديد الجانب المُقصِر في العقدِ، أو نفي التقصير عنه، هو مِمَّا تستقل بتقديره محكمة الموضوع في نطاق سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها تقديماً صحيحاً والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه، واستخلاص جدية الادعاء بالمديونيةِ، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحرَّرات بما تراه أوفى بمقصودِ عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، وهي غير ملزمة بالردِ على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات أو قول أو حُجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك المستندات والأقوال والحُجج والطلبات، ومن المقرر كذلك أن طلب الخصم من محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق، أو ندب خبير آخر أو إعادة المأمورية إلى الخبير لبحث ما يثيره من اعتراضات على التقرير المقدم منه ليس حقاً للخصم متعيناً على تلك المحكمة إجابته في كل حال متى وجدت في التقرير أو أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في الدعوى ومن المقرر كذلك أن الخبير الاستشاري ليس خبيراً منتدباً من المحكمة وأن تقريره الذي يقدمه أحد الخصوم في الدعوى لا يُعتبر خبرة قضائية، بل قرينة واقعية يحق للمحكمة الاستئناس به من عدمه في نطاق سلطتها الموضوعية في تقدير الوقائع وتقويم البينات المطروحة في الدعوى . وأن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، والمصدر القانوني للحق المدعىَ به، وأنه يتعين على محكمة الموضوع - من تلقاء نفسها - إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني السليم وفقاً لما تَتَبينه من حقيقة المطلوب فيها والسبب القانوني الذي تقوم عليه، وهي لا تتقيد بتكييف المدعي للحق الذي يطالب به، وإنما تتولى من تلقاءِ نفسها إعطاء التكييف القانوني الصحيح في الدعوى في حدود ما هو مطروح عليها من وقائع وتتقصى حقيقة ما يستند إليه المدعي في طلباتهِ توصلاً إلى تكييف الدعوى وتحديد الحكم القانوني المنطبق عليها وفق سلطاتها في فهم الواقع في الدعوى ، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خَلُص في قضائِه على ضوءِ ما اطمأن إليه من التقرير التكميلي للجنة الخبراء المُنتدبة في الدعوى، إلى أن الثابت بموجب خطاب تحقيق الأهداف المؤرخ 13-4-2021 أن الشركة المطعون ضدها قد عَيَّنَت الشركة الطاعنة موزعاً -غير حصري- لمنتجاتها من الهواتف المحمولة -ماركة هايسنس- داخل المملكة العربية السعودية، وقد اشترط الاتفاق على الشركة الطاعنة تحديد نسبة لحجم الأعمال والمبيعات المستهدف تحقيقها حتى نهايته في ديسمبر 2023، وأن الأخيرة قد أخَّلت بالتزامها بأن أخفقت في الوصول لحجم الأعمال وبمشتريات الهواتف إلى النسبة المستهدفة وبلغت نسبة تحقيق الأهداف 10% فقط خلال عام 2022، كما أنها لم تقم بشراء أي أجهزة من الشركة المطعون ضدها خلال عام 2023 مما حدا بالأخيرة إلى التوقف عن توريد الأجهزة وإنهاء الاتفاقية، كما ثبت للخبرة أن الشركة المطعون ضدها أبلغت الشركة الطاعنة بتوافر قطع الغيار الخاصة بأعمال صيانة الأجهزة لما بعد البيع وأنها جاهزة للشحن والتسليم، إلا أن الأخيرة لم تقم باستلام الشحنة بإرادتها، وأنه وبشأن مصاريف التسويق والدعاية فلم يثبت استحقاق الشركة الطاعنة أي مبالغ، فضلاً عن عدم وجود ما يثبت أن الأخيرة لحقها أي أضرار، ولا يترصد في ذمة الشركة المطعون ضدها أي مبالغ لصالحها، ورتب الحكم على ذلك بما له من سلطة تقديرية في تكييف الطلبات وتفسير العقود أن اتفاقية التداعي هي في حقيقتها عقد توريد تقوم بموجبهِ الشركة الطاعنة بشراء الأجهزة من الشركة المطعون ضدها وإعادة بيعها مرة أخرى لحسابها دون التزام برد الأجهزة الغير مباعة إلى الوكيل المالك لها، ومن ثم لا ينطبق عليه وصف عقد وكالة التوزيع، وأن الشركة الطاعنة هي التي أخَّلت بالتزاماتها العقدية بعدم تحقيق المستهدف من التعاقد، بما يحق معه للشركة المطعون ضدها الامتناع عن التوريد وينتفي معه ركن الخطأ في حقها، ومن ثم تنتفي قِبلها المسؤولية الموجبة للتعويض، وانتهى الحكم إلى رفض الدعوى بأسبابٍ سائغةٍ لها أصلها في الأوراق وفيها الرد الضمني المسقط لكل حُجة تخالفه، ولا يعدو ما تثيره الشركة الطاعنة أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرضِ الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث انه ? ولما تقدم ? يتعين رفض الطعن
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمه: برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق