الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 5 أغسطس 2025

الطعن 23 لسنة 2023 ق جلسة 8 / 2 / 2023 نقض أبو ظبي جزائي مكتب فني 17 ق 16 ص 100

جلسة 8/2/2023
برئاسة السيد المستشار/ حسن مبارك ـ رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ د. رضا بن علي، إدريس بن منصور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 23 لسنة 2023 جزائي)
(1) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ذخائر. ضرب أفضى إلى الموت. مواد مخدرة.
- بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة. كاف.
- مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جرائم قتل عمد وتعاطي مواد مخدرة ومؤثرات عقلية وحيازتها بقصد التعاطي وحيازة ذخيرة بدون ترخيص.
(2) ضرب أفضى إلى الموت. قصد جنائي.
- القصد الجنائي في جريمة الضرب المفضي إلى الموت. مناط تحققه؟
(3) جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة".
- استخلاص توافر أركان الجريمة أو عدم توافرها. موضوعي. مادام سائغاً.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "حق التأديب".
- أصحاب الحق في تأديب الصغير. وشروط إباحته. والعلة منه؟
- التأديب: هو تحفيز الأبناء مادياً أو معنوياً دون ضرب. عنيفاً كان أو خفيفاً. علة ذلك؟
(5) دفوع "الدفع بنفي التهمة".
- الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً. استفادة الرد عليه من الأدلة السائغة التي أوردها الحكم.
(6) دية. محكمة النقض "سلطتها".
- لزوجة المتهم وولديه الرشيدين أن يتنازلوا عن حقهم في الدية. دون شموله القصر. باعتباره ماساً بمصالحهم الفضلى. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. يعيبه. وجوب تصحيحه دون نقضه وقبول تنازلهم عنها. أساس وعلة ذلك؟
(7) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة "العقوبة المقررة" "توقيعها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". مواد مخدرة.
- نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه قضائه بالغرامة عن تهمة تعاطيه للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية. غير مقبول. مادامت العقوبة المقضي بها عليه تدخل في الحدود المقررة لتلك الجريمة.
- مثال.
(8) عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
- تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها. موضوعي. حد ذلك؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه ، قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم سالفة الذكر التي أدان الطاعن بها مستمدة من اعتراف الطاعن بالتهم المنسوبة إليه بالتحقيقات وأنه احتجز ابنته في غرفة نومه وفي المجلس لعدة ساعات واعتدي عليها بالضرب باستعمال أسلاك (واير) في أنحاء عديدة من جسدها، واعترافه بتهم تعاطي وحيازة المواد المخدرة وحيازة ذخائر بدون ترخيص، وقد أثبت تقرير الطب الجنائي تعرض المجني عليها لإصابات عديدة عبارة عن عشرات الكدمات بلون أحمر وبنفسجي والتي تغطي نسبة 45% من مساحة سطح جسمها مما أدى إلى تمزق بالأوعية الدموية والنزف الدموي الشديد تحت الجلد وتسرب الدم بالأنسجة الرخوة وبالتالي حدوث نقص بحجم الدم مما يؤدي إلى حدوث الصدمة النزفية ومن ثم الوفاة وانتهي التقرير إلى أن سبب الوفاة هو الإصابات الرضية المتعددة الواسعة الناتجة عن الاعتداء الجسدي ، وقد تايد كل ذلك بتقرير التحريات من إن الطاعن اعتدي علي ابنته بالضرب لشكه في سلوكها وتعاطيه المواد المخدرة وما شهدت به والدة المجني عليها عن غضب الطاعن من المجني عليها وانفراده بها ومنعها من حضور مناقشته للمجني عليها عن سلوكها ثم الاعتداء عليها بالضرب وسماعها صوت صراخها ومحاولتها التدخل لدي الطاعن والذي طردها خارجاً ولم يقبل توسطها للمجني عليها وأن كل ما سبق تم التأكد منه من أقوال جميع الأطراف. وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة أورد مؤداها في بيان كافٍ ووافٍ - ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة بما يتطابق مع ما أورده عنها بواقعة الدعوى، وبما يتفق والثابت بأوراقها على ما يبين من المفردات، ثم خلص إلى إدانة الطاعن بالجرائم المسندة إليه وانزل عليه العقاب المنصوص عليه بأمر الإحالة بعد تعديل القيد والوصف. وكان ما أورده الحكم علي نحو ما تقدم سائغاً وكافياً ومن ثم يكون ما أثير في هذا الشأن غير سديد.
2- من المقرر فقهاً وقضاءً أن القصد الجنائي في جريمة الضرب المفضي إلى الموت دون نية إحداثه يتوافر متى ارتكب الجاني فعل الضرب أو الجرح عن إرادة، وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، ولا عبرة بعد ذلك بالبواعث التي أدت إلى ذلك.
3- من المقرر أن قيام أركان الجريمة أو عدم قيامها هو من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المحيطة بالدعوى دون أن تخضع فيها لرقابة محكمة النقض طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله.
4- لما كان ما يثيره الطاعن من أن ما وقع منه يدخل في حق تأديب الأولاد المنصوص عليه في الشريعة الإسلامية والقانون، وكان من المقرر شرعاً أن للأب الحق في تأديب أولاده الصغار الذين دون البلوغ وللمعلم أي كان مدرساً أو معلم حرفة تأديب الصغير وللجد وللوصي تأديب من تحت ولايتهما، ويشترط في تأديب الصغار ما يشترط في تأديب الزوجة، ويجب أن يكون التأديب لذنب فعله الصغير لا لذنب يخشى فعله، وأن يكون الضرب غير مبرح متفقاً مع حالة الصغير وسنه. وأن يكون بقصد التأديب وألا يكون على المواضع المخوفة كالبطن والمذاكير، وأن يكون مما يعتبر فعله تأديباً للصغير، فإذا كان الضرب في هذه الحدود فلا مسؤولية على الضارب لأن الفعل مباح. أما ما آتاه الطاعن فإنه خارج عن التأديب الذي أصبح مفهومه المعاصر يقوم فقط على تحفيز الابن أو البنت بحوافز مادية أو معنوية لا غير دون ضرب مهما كان نوعه خفيفاً كان أو عنيفاً لما يخلفه ذلك من آثار سلبية طويلة الأمد على نفسية الطفل وسلوكياته.
5- من المقرر بأن الدفع بنفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل إن الرد عليها يستفاد من الأدلة السائغة التي أوردها الحكم ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
6- لما كان ما يثيره الطاعن من إهدار حق الدفاع ذلك أن ورثة المتوفاة تنازلوا عن الدية والحق الشخصي إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفع، فإنه تبين من أوراق الدعوى أن زوجة المتهم ....، حضرت فعلاً أمام محكمة الاستئناف، وقررت أنها تتنازل عن أي حقوق لها ولأولادها تجاه زوجها. كما حضرت أمام هذه المحكمة وقررت أنها تتنازل عن الدية هي وابنتها الرشيدة .... التي حضرت أيضاً التي أكدت بدورها وابنها الرشيد ....، ولما كان التنازل حق شخصي فإنه من حق زوجة المتهم وولدي المتهم .... و.... أن يتنازلوا عن حقهم دون أن يشمل التنازل الأولاد القصر وهم ....، ....، ....، .... و.... لأن ذلك من شأنه أن يمس من مصالحهم الفضلى مما يتعين معه تطبيقاً لنص المادة 250 من قانون الإجراءات الجزائية تصحيح الحكم المطعون فيه دون نقضه وقبول تنازل زوجة المتهم بمفردها عن نصيبها في الدية وكذا الشأن بالنسبة لكل من .... و.....
7- لما كان ما ينعى به الطاعن من أن المحكمة أخطأت بتغريمه مبلغ 50.000 درهم عن تهمة تعاطي وحيازة المواد المخدرة، فإن محكمة أول درجة ردت بقولها "وحيث إنه وعن جريمة التعاطي المسندة للمتهم، فإنه ولما كانت المادة الأولي من المرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية قد نصت في فقرتيها الأولي والثانية على أنه "في تطبيق أحكام هذا المرسوم بقانون، يكون للكلمات والعبارات التالية المعاني المبينة قرين كل منها، ما لم يقض سياق النص بغير ذلك: المواد المخدرة: كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المدرجة في الجداول أرقام 1، 2، 3، 4 المرفقة بهذا المرسوم بقانون. المؤثرات العقلية: كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المدرجة في الجداول أرقام 5، 6، 7، 8 المرفقة بهذا المرسوم بقانون.......". كما نصت المادة 12/1 من ذات القانون على أنه "لا يجوز تعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية بأية صورة كانت أو استعمالها شخصيًا إلا للعلاج، وبموجب وصفة طبية من الطبيب المعالج تحرر وفقًا لأحكام المادة 40 من هذا المرسوم بقانون". وأيضاً نصت المادة 41/1 منه على أنه "1. يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم كل من: أ- تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها أو تعاطى بجرعات أكثر مما هو محدد بالوصفة الطبية، أية مادة من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المنصوص عليها في الجداول أرقام 1، 2، 5 (عدا البند 29) من الجدول رقم 1. ب- تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها نباتًا من النباتات الواردة في الجدول رقم 4، عدا البند 8 من القسم الثاني من الجدول رقم 4. وكذلك نصت المادة 42/1 منه على أنه "1. يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرة ألاف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم كل من: أ- تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها المواد المخدرة المنصوص عليها في البند 29 من الجدول رقم (1) ......". كما نصت المادة 43/1 منه على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم كل من تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها أو تعاطى بجرعات أكثر مما هو محدد بالوصفة الطبية، أية مادة من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية المنصوص عليها في الجداول أرقام 3، 6، 7، 8 ......."، ومفاد ما تقدم أن التعاطي يعني تناول المخدر أو المؤثر بإدخاله إلى جسم الإنسان بأي وسيلة سواء أكان ذلك عن طريق الشم، أو الحقن، أو الاستنشاق، أو البلع، أو التدخين، أو الاستحلاب، أو غيرها، وذلك ولو لمرة واحدة فقط وبأي كمية من هذه المواد، وهذا يعني قيام الجاني باستعمال المخدر أو المؤثر استعمالاً شخصياً، وأن يعلم بأن ما يتعاطاه هو مؤثراً عقلياً ويثبت مخبرياً أن عينة المتهم تحوي آثاراً لأي منهما. ولما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت من أدلة الثبوت التي أوردتها آنفاً أن المتهم تعاطى مخدر الحشيش ومؤثري الميثامفيتامين والبربجبالين العقليين في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأنه على علم بكنه ما تعاطاه من مخدر ومؤثرين محظور عليه قانوناً تعاطيها، ولم يثبت بالأوراق أنه قد رخص له بذلك، الأمر الذي يتعين عليها إدانته عنها "وهو رد سائغ من المحكمة، ذلك أن مفاد ما تقدم أن العقوبة المقضي بها تدخل في الحدود التي حددها القانون ويكون النعي على هذا الخصوص على غير أساس.
8- من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها مما تستقل به محكمة الموضوع وفق اقتناعها مادامت العقوبة تدخل ضمن حدها الأدنى والأقصى المقرر قانوناً، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــــــــة
حيث إن الوقائع تتحصل في أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه بتاريخ 12/5/2022 وسابق عليه بدائرة أبو ظبي 1- قتل عمداً طفلته المجني عليها / .... بأن داوم الاعتداء عليها بالضرب المبرح صباح يوم الواقعة وطيلة خمس ساعات متواصلة بالأدوات الموصوفة بالتحقيقات - الأسلاك وقضيب الألمونيوم - فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياتها على النحو المبين بالأوراق. 2- تعاطى مخدر الحشيش (تتراهيدروكنابينول وهي المادة الفعالة في الحشيش) للمرة الثالثة على النحو المبين بالأوراق. 3- تعاطى المؤثرين العقليين (برباجالين وميثامفيتامين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وللمرة الأولى على النحو المبين بالأوراق. 4- حاز المؤثرين العقليين (بريجابالين والبرازولام) بقصد استعماله الشخصي وبما تقل نسبته عن (20) جرام لكل مؤثر منهما في غير الأحوال المصرح بها قانوناً على النحو المبين بالأوراق. 5- حاز الذخيرة المبينة وصفاً بالمحضر (طلقات الرصاص) دون ترخيص من الجهات المختصة على النحو المبين بالأوراق. وطلبت معاقبته وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء وبالمواد1، 383، 384/1 من قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي والصادر بمرسوم بقانون رقم 31 لسنة 2021 و بالمواد 1/1-2، 11، 12 ،41/أ - 3، 43/1، 58/1، 67 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وبالبندين 9، 34، من الجدول الخامس وبالبندين2، 69 من الجدول الثامن وبالجدول العاشر، بالمجموعة 3/أ والمرفقة بالمرسوم بقانون سالف البيان، و بالمواد 1، 3، 56/2، 65/1 من مرسوم بقانون اتحادي رقم 17 لسنة 2019 في شأن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والعتاد العسكري والمواد الخطرة وبالمادة 1/6 من القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016 في شأن حقوق الطفل (وديمة). تداول نظر الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 31/10/2022 قضت المحكمة حضوريا بإدانة المتهم ومعاقبته عن تهمة ضرب المجني عليها عمداً والذي أفضي إلى موتها بعد تعديل قيد ووصف التهمة بالسجن لمدة عشر سنوات، وألزمته بأن يؤدى الدية الشرعية وقدرها مائتي ألف درهم لورثة المجني عليها تقسم فيما بينهم دونه وفق الأنصبة المحددة شرعاً. ومعاقبته عن جرائم التعاطي والحيازة بقصد التعاطي للارتباط بالغرامة خمسين ألف درهم ومصادرة المؤثرات العقلية المضبوطة وإعدامها. وبمعاقبته كذلك عن جريمة حيازة الذخائر بالغرامة خمسين ألف درهم. وألزمته رسم الدعوى الجزائية..
فاستأنف الطاعن هذا الحكم وبجلسة 13/12/2023، قضت محكمة استئناف أبو ظبي حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف القضائية.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المحكوم عليه فطعن عليه بطريق النقض بالطعن المطروح وأودع محاميه الموكل صحيفة الطعن قلم مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 9/1/2023 وقدمت النيابة العامة مذكرة ارتأت في نهايتها رفض الطعن وارتأت المحكمة أن الطعن جدير بالنظر.
وبجلسة 23/1/2023 أحضر الطاعن من محبسه وحضر دفاعه وحضرت زوجة المتهم وبنته .... وقررتا أنهما تتنازلان عن الدية، كما قررت زوجة المتهم أن .... الابن الراشد للمتهم يتنازل بدوره عن الدية أما البقية وهم ....، ....، ....، .... و.... فهم قصر.
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه انه إذ دانه بجرائم ضرب المجني عليها (ابنته) عمداً والذي أفضي إلى موتها وتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية وحيازتها وحيازة ذخائر بدون ترخيص، الخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال وإهدار حق الدفاع ذلك أن ورثة المتوفاة تنازلوا عن الدية والحق الشخصي إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفع ، وأن المحكمة أخطأت عند الحكم بالغرامة بمبلغ 50000 ألف درهم عن تهمة تعاطي وحيازة المواد المخدرة كما أنها أغفلت الظروف والأعذار المخففة واجبة التطبيق عن تهمة الضرب المفضي للموت، وانتفاء القصد الجنائي والتفتت عن إنكاره للتهم المنسوبة إليه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ، قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم سالفة الذكر التي أدان الطاعن بها مستمدة من اعتراف الطاعن بالتهم المنسوبة إليه بالتحقيقات وأنه احتجز ابنته في غرفة نومه وفي المجلس لعدة ساعات واعتدي عليها بالضرب باستعمال أسلاك (واير) في أنحاء عديدة من جسدها، واعترافه بتهم تعاطي وحيازة المواد المخدرة وحيازة ذخائر بدون ترخيص، وقد أثبت تقرير الطب الجنائي تعرض المجني عليها لإصابات عديدة عبارة عن عشرات الكدمات بلون أحمر وبنفسجي والتي تغطي نسبة 45% من مساحة سطح جسمها مما أدى إلى تمزق بالأوعية الدموية والنزف الدموي الشديد تحت الجلد وتسرب الدم بالأنسجة الرخوة وبالتالي حدوث نقص بحجم الدم مما يؤدي إلى حدوث الصدمة النزفية ومن ثم الوفاة وانتهي التقرير إلى أن سبب الوفاة هو الإصابات الرضية المتعددة الواسعة الناتجة عن الاعتداء الجسدي ، وقد تايد كل ذلك بتقرير التحريات من إن الطاعن اعتدي علي ابنته بالضرب لشكه في سلوكها وتعاطيه المواد المخدرة وما شهدت به والدة المجني عليها عن غضب الطاعن من المجني عليها وانفراده بها ومنعها من حضور مناقشته للمجني عليها عن سلوكها ثم الاعتداء عليها بالضرب وسماعها صوت صراخها ومحاولتها التدخل لدي الطاعن والذي طردها خارجاً ولم يقبل توسطها للمجني عليها وأن كل ما سبق تم التأكد منه من أقوال جميع الأطراف. وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة أورد مؤداها في بيان كافٍ ووافٍ - ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة بما يتطابق مع ما أورده عنها بواقعة الدعوى، وبما يتفق والثابت بأوراقها على ما يبين من المفردات، ثم خلص إلى إدانة الطاعن بالجرائم المسندة إليه وانزل عليه العقاب المنصوص عليه بأمر الإحالة بعد تعديل القيد والوصف. وكان ما أورده الحكم علي نحو ما تقدم سائغاً وكافياً ومن ثم يكون ما أثير في هذا الشأن غير سديد. ومن المقرر فقهاً وقضاءً أن القصد الجنائي في جريمة الضرب المفضي إلى الموت دون نية إحداثه يتوافر متى ارتكب الجاني فعل الضرب أو الجرح عن إرادة، وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، ولا عبرة بعد ذلك بالبواعث التي أدت إلى ذلك. وحيث إنه عن نعي الطاعن بعدم توافر أركان الجريمة، من المقرر أن قيام أركان الجريمة أو عدم قيامها هو من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المحيطة بالدعوى دون أن تخضع فيها لرقابة محكمة النقض طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن ما وقع منه يدخل في حق تأديب الأولاد المنصوص عليه في الشريعة الإسلامية والقانون، وكان من المقرر شرعاً أن للأب الحق في تأديب أولاده الصغار الذين دون البلوغ وللمعلم أي كان مدرساً أو معلم حرفة تأديب الصغير وللجد وللوصي تأديب من تحت ولايتهما، ويشترط في تأديب الصغار ما يشترط في تأديب الزوجة، ويجب أن يكون التأديب لذنب فعله الصغير لا لذنب يخشى فعله، وأن يكون الضرب غير مبرح متفقاً مع حالة الصغير وسنه. وأن يكون بقصد التأديب وألا يكون على المواضع المخوفة كالبطن والمذاكير، وأن يكون مما يعتبر فعله تأديباً للصغير، فإذا كان الضرب في هذه الحدود فلا مسؤولية على الضارب لأن الفعل مباح. أما ما آتاه الطاعن فإنه خارج عن التأديب الذي أصبح مفهومه المعاصر يقوم فقط على تحفيز الابن أو البنت بحوافز مادية أو معنوية لا غير دون ضرب مهما كان نوعه خفيفاً كان أو عنيفاً لما يخلفه ذلك من آثار سلبية طويلة الأمد على نفسية الطفل وسلوكياته. لما كان ذلك وكان من المقرر بأن الدفع بنفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل إن الرد عليها يستفاد من الأدلة السائغة التي أوردها الحكم ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من إهدار حق الدفاع ذلك أن ورثة المتوفاة تنازلوا عن الدية والحق الشخصي إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفع، فإنه تبين من أوراق الدعوى أن زوجة المتهم ....، حضرت فعلاً أمام محكمة الاستئناف، وقررت أنها تتنازل عن أي حقوق لها ولأولادها تجاه زوجها. كما حضرت أمام هذه المحكمة وقررت أنها تتنازل عن الدية هي وابنتها الرشيدة .... التي حضرت أيضاً التي أكدت بدورها وابنها الرشيد ....، ولما كان التنازل حق شخصي فإنه من حق زوجة المتهم وولدي المتهم .... و.... أن يتنازلوا عن حقهم دون أن يشمل التنازل الأولاد القصر وهم ....، ....، ....، .... و.... لأن ذلك من شأنه أن يمس من مصالحهم الفضلى مما يتعين معه تطبيقاً لنص المادة 250 من قانون الإجراءات الجزائية تصحيح الحكم المطعون فيه دون نقضه وقبول تنازل زوجة المتهم بمفردها عن نصيبها في الدية وكذا الشأن بالنسبة لكل من .... و....، ولما كان ما ينعى به الطاعن من أن المحكمة أخطأت بتغريمه مبلغ 50.000 درهم عن تهمة تعاطي وحيازة المواد المخدرة، فإن محكمة أول درجة ردت بقولها "وحيث إنه وعن جريمة التعاطي المسندة للمتهم، فإنه ولما كانت المادة الأولي من المرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية قد نصت في فقرتيها الأولي والثانية على أنه "في تطبيق أحكام هذا المرسوم بقانون، يكون للكلمات والعبارات التالية المعاني المبينة قرين كل منها، ما لم يقض سياق النص بغير ذلك: المواد المخدرة: كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المدرجة في الجداول أرقام 1، 2، 3، 4 المرفقة بهذا المرسوم بقانون. المؤثرات العقلية: كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المدرجة في الجداول أرقام 5، 6، 7، 8 المرفقة بهذا المرسوم بقانون.......". كما نصت المادة 12/1 من ذات القانون على أنه "لا يجوز تعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية بأية صورة كانت أو استعمالها شخصيًا إلا للعلاج، وبموجب وصفة طبية من الطبيب المعالج تحرر وفقًا لأحكام المادة 40 من هذا المرسوم بقانون". وأيضاً نصت المادة 41/1 منه على أنه "1. يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم كل من: أ- تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها أو تعاطى بجرعات أكثر مما هو محدد بالوصفة الطبية، أية مادة من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المنصوص عليها في الجداول أرقام 1، 2، 5 (عدا البند 29) من الجدول رقم 1. ب- تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها نباتًا من النباتات الواردة في الجدول رقم 4، عدا البند 8 من القسم الثاني من الجدول رقم 4. وكذلك نصت المادة 42/1 منه على أنه "1. يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرة ألاف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم كل من: أ- تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها المواد المخدرة المنصوص عليها في البند 29 من الجدول رقم (1) ......". كما نصت المادة 43/1 منه على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم كل من تعاطى بأي وجه أو استعمل شخصيًّا في غير الأحوال المرخص بها أو تعاطى بجرعات أكثر مما هو محدد بالوصفة الطبية، أية مادة من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية المنصوص عليها في الجداول أرقام 3، 6، 7، 8 ......."، ومفاد ما تقدم أن التعاطي يعني تناول المخدر أو المؤثر بإدخاله إلى جسم الإنسان بأي وسيلة سواء أكان ذلك عن طريق الشم، أو الحقن، أو الاستنشاق، أو البلع، أو التدخين، أو الاستحلاب، أو غيرها، وذلك ولو لمرة واحدة فقط وبأي كمية من هذه المواد، وهذا يعني قيام الجاني باستعمال المخدر أو المؤثر استعمالاً شخصياً، وأن يعلم بأن ما يتعاطاه هو مؤثراً عقلياً ويثبت مخبرياً أن عينة المتهم تحوي آثاراً لأي منهما. ولما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت من أدلة الثبوت التي أوردتها آنفاً أن المتهم تعاطى مخدر الحشيش ومؤثري الميثامفيتامين والبربجبالين العقليين في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأنه على علم بكنه ما تعاطاه من مخدر ومؤثرين محظور عليه قانوناً تعاطيها، ولم يثبت بالأوراق أنه قد رخص له بذلك، الأمر الذي يتعين عليها إدانته عنها "وهو رد سائغ من المحكمة، ذلك أن مفاد ما تقدم أن العقوبة المقضي بها تدخل في الحدود التي حددها القانون ويكون النعي على هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها مما تستقل به محكمة الموضوع وفق اقتناعها مادامت العقوبة تدخل ضمن حدها الأدنى والأقصى المقرر قانوناً، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول. ولما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه عدا ما تعلق بقبول تنازل زوجة المتهم عن نصيبها في الدية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق