جلسة 8/2/2023
برئاسة السيد المستشار/ عبدالعزيز يعكوبي – رئيس الدائرة وعضوية المستشارين: طارق فتحي، صبحي القدومي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 213 لسنة 2022 مدني)
(1) حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقد "أثر العقد" "بطلان العقد".
- العقد الباطل. يرتب أثراً عرضياً باعتباره واقعة مادية قانونية أقر بها الطرفان. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. أساس ذلك.
(2) بطلان. تعويض. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقد "بطلان العقد" "عقد البيع" "فسخ العقد وانفساخه". محكمة الموضوع "سلطتها". مسكن شعبي.
- القضاء ببطلان عقد بيع المسكن الشعبي. أثره.
- استحالة رد المسكن دون الإضافات والتحسينات. يوجب تعويض المشتري عنها. لمحكمة الموضوع تقديره.
- إجراء إضافات للمسكن بدون ترخيص. أثره: عدم استحقاق مجريها للتعويض. باعتبارها عرضة للإزالة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. يعيبه. أساس ذلك. مثال.
- استحالة رد المسكن دون التحسينات الداخلية التي أجريت والتي تزيد من قيمة العقار بعد القضاء ببطلان عقد البيع. أثره: وجوب القضاء للمشتري بالتعويض عنها. لمحكمة الموضوع تقديره. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. مثال.
(3) بطلان. تعويض. حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب". خطأ. عقد "بطلان العقد" "عقد البيع" "فسخ العقد وانفساخه". محكمة الموضوع "سلطتها". مسكن شعبي. مسؤولية.
- المادة 274 من قانون المعاملات المدنية. مفادها.
- تقدير الخطأ الموجب للمسؤولية. موضوعي. مادام سائغاً.
- قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب التعويض عن بطلان العقد لوقوعه على مسكن شعبي وقعود طرفي الدعوى عن تقديم ما يثبت قيام أركان المسؤولية التقصيرية. صحيح. علة ذلك.
(4) بطلان. تقادم. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقد "بطلان العقد". محكمة الموضوع "سلطتها".
- المادة 210 من قانون المعاملات المدنية. مفادها.
- سماع دعوى البطلان المجردة عن العقد الباطل. غير جائز. لصاحب المصلحة الحق في التمسك بحقوقه الأصلية مهما مضى علي وجود ذلك العقد من زمن. باعتباره معدوماً لا أثر له. للمحكمة القضاء ببطلانه. بحسبها طلب البطلان دفعاً لا طلباً. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. مثال.
(5) إمارة أبو ظبي. تسجيل. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقد "أثر العقد". قانون "القانون الواجب التطبيق" "سريان القانون من حيث الزمان". مسكن شعبي. ملكية. نظام عام.
-الأحكام المتعلقة بتداول الثروات وقواعد الملكية الفردية. من النظام العام. أساس وعلة ذلك.
- أحكام القوانين. سريانها.
- الأثر المباشر للقانون الجديد. ماهيته.
- خضوع العقود للقانون الذي أبرمت في ظله. متى لم يكن القانون الجديد متعلقاً بالنظام العام. وإلا استرد سلطانه المباشر على الأثار المترتبة عليها. مادامت بقيت سارية عند العمل به. ولو كانت قد أبرمت قبل العمل بأحكامه. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضائه ببطلان عقد بيع المسكن الشعبي لعدم الحصول على موافقة المجلس التنفيذي. صحيح. أساس ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر إنه ولئن كان مفاد نص المادة 210/2 من قانون المعاملات المدنية أنه لا يترتب أي أثر على العقد الباطل فإن ذلك ليس من شأنه أن يزيل عن العقد ما يترتب عليه من أثر كواقعة مادية، وليس كتصرف شرعي - على ما تنص عليه المذكرة الإيضاحية للقانون - وهذا الأثر ليس باعتباره تصرفاً شرعياً ولكن باعتباره واقعة مادية قانونية وهو بهذه المثابة قد ينتج أثراً ليس هو الأثر الأصلي الذي يترتب على العمل القانوني باعتباره عقداً، وإنما هو اثر عرضي يترتب على العمل المادي باعتباره واقعة مادية قانونية أقر بها الطرفان، ومحكمة الموضوع إذ كيفت الدعوى بما تبينته من وقائعها وطلبات الخصوم فيها وأنزلت عليها وصفها الصحيح في القانون وقضت فيها على هذا الأساس، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف على غير أساس حرياً بالرفض.
2- المقرر أنه إذا قٌضي ببطلان عقد بيع المسكن الشعبي يتعين إعادة الحال إلى ما كان عليه المتعاقدان قبل العقد فيرد المشتري المسكن ويرد البائع الثمن وإذا ما ثبت استحالة رد المسكن دون الإضافات والتحسينات فإن ردها يقتضي تعويض المشتري عن هذه الإضافات التي تقدرها محكمة الموضوع، إلا أنه لما كان المقرر بأحكام القانون رقم 4 لسنة 1984 المعدل بالقانون رقم 16 لسنة 2006 أنه لا يجوز لأي شخص تشييد مبنى او إضافة أي جزء إليه أو إجراء تعديل في شكله الخارجي أو تقسيمه الداخلي، أو هدم أي جزء منه، أو تغيير معالم الأرض المخصصة أو ردمها أو تسويتها، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الدائرة، وأن كل من يخالف أحكام هذا القانون يحكم بالحبس أو الغرامة أو بكلتا العقوبتين مع الحكم بإزالة المخالفة على نفقة المتسبب، مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن هذه الأعمال ومنها الإضافات - في حالة الدعوى - إذا تمت بدون ترخيص من الدائرة المختصة لا يستحق محدثها تعويضاً عنها، بصرف النظر عن حسن نيته أو سوئها، ذلك أن هذه الإضافات عرضة للإزالة ما لم يتم التصالح عنها وتنقضي الدعوى الجزائية بدفع مبلغ التصالح، ولما كان البين من الأوراق أن الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد قضى ببطلان عقد البيع سند الدعوى وإعادة الحال إلى ما كان عليه بأن ألزم المطعون ضدهما الأول والثالث برد المسكن الشعبي للطاعن وإلزام هذا الأخير بأن يرد ما تسلمه من ثمن مبلغ 400،000 درهم، وكذا قيمة الإضافات والتحسينات مبلغ 626,000 درهم للمطعون ضده الثالث، لما كان ذلك، وكان خبير محكمة أول درجة ضّمن تقريره هذه الإضافات التي أحدثها المطعون ضده الثالث في المسكن موضوع النزاع، وهي أعمال خارجية قدر قيمتها بمبلغ 320,000 درهم، وقد خلت الأوراق من دليل على ترخيصها من الدائرة المختصة أو تم التصالح عنها وهي بهذه الحالة تبقى عرضة للإزالة، ومن ثم فإن المطالبة من المطعون ضده الثالث بقيمتها معلقة على شرط لم يتحقق وهو صدور ترخيص لها من الدائرة المختصة والتصالح عليها، ومن ثم فإنه لا يحق للمطعون ضده المذكور المطالبة بقيمتها لعدم تحقق ذلك الشرط وتغدو المطالبة بها غير مقبولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن ذلك يعيبه ويوجب نقضه في هذا الجانب. أما فيما يتعلق بأعمال التحسينات - والتي بينها الخبير في تقريره وقدر قيمتها بمبلغ 305,000 درهم - وهي أعمال داخلية تمثلت بعمل ديكور لأسقف الغرف وإضافة سقف مستعار في الحمامات وتغيير أرضية الغرف وغيرها، وهي جميعها أعمال داخلية، وهي بصورتها، تعد تحسينات للمسكن وتزيد في قيمته، وقد خلت الأوراق مما يفيد إمكانية نزعها، لما كان ذلك، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التحسينات التي يقوم بإضافتها المشتري للعقار وتزيد من قيمته ويستحيل نزعها بدون ضرر ومن ثم فإن الحكم بالبطلان يقتضي إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل العقد فيرد المشتري المسكن ويرد البائع الثمن وإذا ثبت استحالة رد المسكن دون التحسينات فإنه يُقضى للمشتري بتعويض عن هذه التحسينات تقدره محكمة الموضوع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فيكون قد طبق صحيح القانون، ومن ثم يكون النعي عليه بشأنها على غير أساس.
3- لما كان النص في المادة 274 من قانون المعاملات المدنية على أنه "إذا انفسخ العقد أو فسخ أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فإذا استحال ذلك يحكم بالتعويض" مفاده، أنه في حالة بطلان العقد أو فسخه يرد المشتري المبيع ويسترد البائع الثمن وتقضي المحكمة بذلك من تلقاء نفسها لكونه من أثار الحكم ببطلان العقد وهو إعادة الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. كما أن المقرر بأن الخطأ الموجب للمسؤولية من الأمور الواقعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه في تقديره طالما كان استخلاصه سائغاً ومستنداً لما هو ثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه، قد أقام قضاءه برفض طلب تعويض الطاعن عن بطلان العقد قضي ببطلانه كونه وقع على مسكن شعبي ولم يقدم طرفا الدعوى ما يثبت قيام أركان المسؤولية التقصيرية للمطالبة بالتعويض وانتهى - بحق - أن طلب التعويض على غير أساس وقضى برفضه، وهذا الاستخلاص من محكمة الموضوع هو استخلاص سائغ وكافياً لحمل قضائه، ذلك أن الطاعن قد ساهم مع المطعون ضده الثالث في إنشاء العقد الباطل بالرغم من عدم جواز التعامل قانوناً بالبيع والشراء في المساكن الشعبية، ومن ثم فإنه لا يجوز له أن يستفيد من خطئه ويطلب التعويض كونه ساهم في حصوله، علاوة على أن طلب التعويض هو طلب غير مبرر ذلك أن الطاعن قد انتفع بما تسلمه من ثمن المسكن منذ تاريخ العقد الذي قُضي ببطلانه وتبطل ببطلانه كل الآثار المترتبة عنه للطرفين بحيث يسترد البائع العقار المبيع والمشتري يسترد المقابل وهو الثمن، وقد خلت الأوراق مما يفيد إخطاره من الجهات المختصة لزوم إزالة الإضافات أو تم إزالتها على نفقته، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بما سلف على غير أساس حرياً بالرفض.
4- المقرر بنص المادة 210 من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما أفصحت به المذكرة الإيضاحية للقانون - أن العقد الباطل لا وجود له إلا من حيث الصورة فقط فليس له وجود شرعي ومن ثم فهو عدم والعدم لا ينتج أثراً فالعقد الباطل لا حكم له أصلاً لان الحكم للموجود ولا وجود لهذا العقد ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان فلكل من المتعاقدين أن يتمسك به ضد المتعاقد الأخر، وقد رؤي في القانون أن يكون النص على عدم سماع الدعوى لا على (سقوط دعوى البطلان) وقد تضمن عجز المادة أن يكون لكل ذي مصلحة أن يدفع ببطلان العقد في أي وقت، كما أن جانباً من القضاء المقارن يرى أن المتفق عليه بإجماع أن العقد الباطل عدم فلا وجود له ولا تصححه الإجازة ولا التقادم مهما طال الزمن وإن ما يوجبه النص هو مجرد نهي عن سماع دعوى البطلان المجردة أي التي تقتصر طلبات رافعها على مجرد تقرير البطلان ولكن رغم سقوط الحق في الدعوى يبقى لصاحب المصلحة الحق في تجاهل وجود العقد الباطل مهما مضى عليه الزمن وأن يتمسك بحقوقه الأصلية باعتبار العقد الباطل معدوماً لا أثر له، ويبقى حق المحكمة في أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها وهو ما يجعل طلب البطلان ينقلب في هذه الحالة مجرد دفاع يستند إليه رافع الدعوى لتفصل فيه المحكمة باعتباره دفعاً لا طلباً، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويضحي النعي عليه بما سلف على غير أساس من الواقع والقانون.
5- لما كان مفاد النص في المادة "3" من قانون المعاملات المدنية أن الأحكام المتعلقة بتداول الثروات وقواعد الملكية الفردية تعتبر من النظام العام وذلك باعتبارها من القواعد والأسس التي يقوم عليها المجتمع ويعتبر تدخل المشرع بتقرير قاعدة قانونية تنظم شروط تداولها ومن بينها النظم والقواعد المتعلقة بتسجيلها في السجل العقاري في إمارة أبو ظبي. ومن المقرر أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ سريانها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. والأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الأثار المستقبلية للمراكز القانونية الخاصة، وأن الأصل في العقود أنها تخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد متعلقاً بالنظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الأثار المترتبة على هذه العقود والتصرفات طالما بقيت سارية عند العمل به ولو كانت قد أبرمت قبل العمل بأحكامه. لما كان ذلك، وكان البين أن عقد البيع "المسكن الشعبي" أبرم بين الطاعن والمطعون ضده الثالث عام 2004، وكان القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن تنظيم التسجيل العقاري بإمارة أبو ظبي قد صدر في 5/3/2005، وقد نصت المادتان 10/2و 14 على أنه "تسجل وتنقل ملكية المساكن الشعبية ممن سبق أن خصصت لهم أو تخصص لهم ويحظر عليهم التصرف فيها بغير إجازة المجلس التنفيذي ويتعهد المواطن كتابة في كل ما سبق ذكره .... ويقع باطلاً كل تصرف يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون واللوائح والقرارات المنفذة له" فيكون هو القانون الواجب التطبيق، وكان العقد موضوع الدعوى قد تم دون الحصول على موافقة المجلس التنفيذي مما يجعله باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته للقانون والنظام العام. وإذ خلص الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون إلى هذه النتيجة بناء على ما أورده في مدوناته، وكان هذا الاستخلاص سائغاً له أصله الثابت في بالأوراق، فيكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــــــة
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن "المدعي أصلياً" أقام الدعوى - وآخرون غير مختصمين - رقم 14 لسنة 2022 مدني كلي العين بمواجهة المطعون ضده الأول "المدعى عليه أصلياً" طلبوا بإخلاء المدعى عليه من العقار وتسليمه لهم خالياً من الأشخاص والشواغل على سند بأنهم مالكي المسكن الشعبي الكائن في مدينة العين - منطقة ….، وأن المدعى عليه ينتفع به منذ سنوات وعند مطالبته بإخلاء المسكن امتنع دون مبرر فكانت الدعوى. تداولت الدعوى بالجلسات، ومثل المدعى عليه بوكيل - محام - وقدم مذكرة جوابية تضمنت طلب تدخل "المطعون ضده الثالث" وقرر أنه ليس غاصباً للعقار وأن والده طالب التدخل قام بشراء المسكن من الطاعن لقاء بدل قدره 400،000 درهم، وفي الدعوى المتقابلة من الخصم المتدخل توجيه اليمين الحاسمة للطاعن وزوجته حول واقعة بيع المسكن، وندب خبير للمعاينة وبيان تكلفة الإنشاءات التي قام بها الخصم المتدخل وإلزام المدعي أصلياً بأن يؤدي له مبلغ 523,190.75 درهماً بالإضافة لثمن المسكن المقبوض بمبلغ 400,000 درهم. وقدم المدعي أصلياً مذكرة تضمنت إقراراً منه بواقعة بيعه المسكن شريطة تسجيله لدى الجهات المختصة ولم يتم ذلك، وأضاف أنه تسلم الثمن وطلب ندب خبير. وتم إخطار النيابة العامة بوجود قصر وإدخال دائرة البلديات والنقل خصماً في الدعوى، وحضر ممثل عنها وقدم مذكرة جوابية. ندبت محكمة أول درجة خبيراً هندسياً، أودع تقريره ملف الدعوى بما انتهى فيه. وقدم المدعون مذكرة تعقيبيه طلبوا فيها الحكم بإبطال عقد البيع وإعادة الحال إلى ما كان عليه وتسليمهم المسكن الشعبي خالياً من الشواغل والأشخاص وإلزام المدعى عليهما تقابلاً ببدل الانتفاع وتعويض بمبلغ 3,000,000 درهم وإبطال تقرير الخبير ومخاطبة البلدية لبيان ما إذا كانت الملاحق المضافة للمسكن مرخصة قانوناً وإحالة الدعوى للتحقيق وتوجيه اليمين الحاسمة للخصم المتدخل ورفض الدعوى المتقابلة. وطلب المدعى عليه والخصم المدخل رفض الدعوى الأصلية، وفي الدعوى المتقابلة الحكم بصحة ونفاذ العقد المبرم بين الطرفين سنة 2004، وإلزام المدعى عليهم تقابلاً بنقل ملكية المسكن الشعبي إلى المدعي تقابلاً، واحتياطياً في حالة الفسخ إلزام المدعي أصلياً بأن يؤدي للمدعي تقابلاً مبلغ 625,000 درهم قيمة الأعمال الإضافية والتحسينات وإلزامه أيضاً بإعادة الثمن بمبلغ 400,000 درهم للمدعي تقابلاً ومبلغ 436,000 درهم ثمن النخيل والأشجار وتعويضاً عن الضرر المادي والأدبي بمبلغ 500,000 درهم وتوجيه اليمين الحاسمة للمدعي أصلياً بشأن تكلفة الأشجار ومن قام بالوفاء بها. وبتاريخ 21/9/2022 قضت محكمة أول درجة، أولاً: - بقبول تدخل النيابة العامة شكلاً. ثانياً: - بقبول إدخال دائرة البلديات والنقل - بلدية مدينة العين خصماً في الدعوى. ثالثاً: بقبول التدخل الهجومي من .... رابعاً: في موضوع الدعوى والتدخل الهجومي: 1- بطلان عقد البيع الشفهي الخاص بالمسكن الشعبي موضوع الدعوى. 2- إلزام المدعي الأول "...." بأن يؤدي للخصم المتدخل هجومياً "...." قيمة المسكن بمبلغ 400,000 درهم. 3- إلزام المدعى عليه والخصم المتدخل هجومياً بإخلاء المسكن الشعبي موضوع الدعوى وتسليمه للمدعين خالياً من الأشخاص والشواغل وتقديم براءة ذمة عن استهلاك الماء والكهرباء والاتصالات ومخالفات البلدية حتى التسليم الفعلي. 4- إلزام المدعين بأن يؤدوا للخصم المتدخل هجومياً "...." قيمة الإضافات والتحسينات المحدثة في المسكن الشعبي موضوع الدعوى بمبلغ 625,000 درهم .5- إلزام المدعين والخصم المتدخل هجومياً برسوم ومصروفات الدعوى والتدخل الهجومي مناصفة بينهما ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
استأنف المدعي الأول بشخصه وبصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 167/2022 مدني العين، وبتاريخ 8/12/2022 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن "المدعي الأول" في هذا القضاء بطريق النقض وأودع المطعون ضدهما الأول والثاني مذكرة جوابية، كما أودعت المطعون ضدها الثالثة جوابها وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت له جلسة.
حيث أقيم الطعن على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون عندما اعتمد مستند بيع المسكن الشعبي أساساً للدعوى المتقابلة المقدمة من المطعون ضده الثالث "المتدخل هجومياً" وهو عقد باطل مخالف للنظام العام وكان يتعين رفض الدعوى المتقابلة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيباً مستوجب النقض.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، إذ المقرر إنه ولئن كان مفاد نص المادة 210/2 من قانون المعاملات المدنية أنه لا يترتب أي أثر على العقد الباطل فإن ذلك ليس من شأنه أن يزيل عن العقد ما يترتب عليه من أثر كواقعة مادية، وليس كتصرف شرعي - على ما تنص عليه المذكرة الإيضاحية للقانون - وهذا الأثر ليس باعتباره تصرفاً شرعياً ولكن باعتباره واقعة مادية قانونية وهو بهذه المثابة قد ينتج أثراً ليس هو الأثر الأصلي الذي يترتب على العمل القانوني باعتباره عقداً، وإنما هو اثر عرضي يترتب على العمل المادي باعتباره واقعة مادية قانونية أقر بها الطرفان، ومحكمة الموضوع إذ كيفت الدعوى بما تبينته من وقائعها وطلبات الخصوم فيها وأنزلت عليها وصفها الصحيح في القانون وقضت فيها على هذا الأساس، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف على غير أساس حرياً بالرفض.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون عندما قضى بمبلغ 625,000 درهم للمطعون ضده الثالث قيمة أعمال إضافية وتحسينات أحدثها في المسكن دون ترخيص خلافاً لأحكام القانون رقم 4 لسنة 1984 بشأن البناء المعدل بالقانون رقم 16 لسنة 2009، على أنه لا يجوز لأي شخص تشييد مبنى أو إضافة أي جزء منه أو إجراء تعديل في شكله الخارجي أو تقسيمه الداخلي أو هدم أي جزء منه أو تغيير معالم الأرض إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الدائرة، ومن ثم فلا يستحق المطعون ضده تعويضاً عن الإضافات كونها عرضة للإزالة طالما خلت الأوراق من ترخيصها، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويتوجب معه نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد جزئياً، ذلك إنه ولئن كان المقرر أنه إذا قٌضي ببطلان عقد بيع المسكن الشعبي يتعين إعادة الحال إلى ما كان عليه المتعاقدان قبل العقد فيرد المشتري المسكن ويرد البائع الثمن وإذا ما ثبت استحالة رد المسكن دون الإضافات والتحسينات فإن ردها يقتضي تعويض المشتري عن هذه الإضافات التي تقدرها محكمة الموضوع، إلا أنه لما كان المقرر بأحكام القانون رقم 4 لسنة 1984 المعدل بالقانون رقم 16 لسنة 2006 أنه لا يجوز لأي شخص تشييد مبنى او إضافة أي جزء إليه أو إجراء تعديل في شكله الخارجي أو تقسيمه الداخلي، أو هدم أي جزء منه، أو تغيير معالم الأرض المخصصة أو ردمها أو تسويتها، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الدائرة، وأن كل من يخالف أحكام هذا القانون يحكم بالحبس أو الغرامة أو بكلتا العقوبتين مع الحكم بإزالة المخالفة على نفقة المتسبب، مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن هذه الأعمال ومنها الإضافات - في حالة الدعوى - إذا تمت بدون ترخيص من الدائرة المختصة لا يستحق محدثها تعويضاً عنها، بصرف النظر عن حسن نيته أو سوئها، ذلك أن هذه الإضافات عرضة للإزالة ما لم يتم التصالح عنها وتنقضي الدعوى الجزائية بدفع مبلغ التصالح، ولما كان البين من الأوراق أن الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد قضى ببطلان عقد البيع سند الدعوى وإعادة الحال إلى ما كان عليه بأن ألزم المطعون ضدهما الأول والثالث برد المسكن الشعبي للطاعن وإلزام هذا الأخير بأن يرد ما تسلمه من ثمن مبلغ 400،000 درهم، وكذا قيمة الإضافات والتحسينات مبلغ 626,000 درهم للمطعون ضده الثالث، لما كان ذلك، وكان خبير محكمة أول درجة ضّمن تقريره هذه الإضافات التي أحدثها المطعون ضده الثالث في المسكن موضوع النزاع، وهي أعمال خارجية قدر قيمتها بمبلغ 320,000 درهم، وقد خلت الأوراق من دليل على ترخيصها من الدائرة المختصة أو تم التصالح عنها وهي بهذه الحالة تبقى عرضة للإزالة، ومن ثم فإن المطالبة من المطعون ضده الثالث بقيمتها معلقة على شرط لم يتحقق وهو صدور ترخيص لها من الدائرة المختصة والتصالح عليها، ومن ثم فإنه لا يحق للمطعون ضده المذكور المطالبة بقيمتها لعدم تحقق ذلك الشرط وتغدو المطالبة بها غير مقبولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن ذلك يعيبه ويوجب نقضه في هذا الجانب. أما فيما يتعلق بأعمال التحسينات - والتي بينها الخبير في تقريره وقدر قيمتها بمبلغ 305,000 درهم - وهي أعمال داخلية تمثلت بعمل ديكور لأسقف الغرف وإضافة سقف مستعار في الحمامات وتغيير أرضية الغرف وغيرها، وهي جميعها أعمال داخلية، وهي بصورتها، تعد تحسينات للمسكن وتزيد في قيمته، وقد خلت الأوراق مما يفيد إمكانية نزعها، لما كان ذلك، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التحسينات التي يقوم بإضافتها المشتري للعقار وتزيد من قيمته ويستحيل نزعها بدون ضرر ومن ثم فإن الحكم بالبطلان يقتضي إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل العقد فيرد المشتري المسكن ويرد البائع الثمن وإذا ثبت استحالة رد المسكن دون التحسينات فإنه يُقضى للمشتري بتعويض عن هذه التحسينات تقدره محكمة الموضوع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فيكون قد طبق صحيح القانون، ومن ثم يكون النعي عليه بشأنها على غير أساس.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب عندما قضى بالبطلان وطبق قواعد الفسخ وأثرها، وقد حرم الطاعن من تعويضه عن مصاريف الإزالة للمباني المضافة طالما هو عرضة للإزالة لمخالفته لقانون البناء بسبب إنشائها بدون ترخيص، وأخطأ الحكم المطعون فيه عندما قضى بإعادة الحال إلى ما كان عليه دون تعويض الطاعن عن مكوث المطعون ضده في منزله طوال "18" عاماً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك مما يتعين نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 274 من قانون المعاملات المدنية على أنه "إذا انفسخ العقد أو فسخ أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فإذا استحال ذلك يحكم بالتعويض" مفاده، أنه في حالة بطلان العقد أو فسخه يرد المشتري المبيع ويسترد البائع الثمن وتقضي المحكمة بذلك من تلقاء نفسها لكونه من أثار الحكم ببطلان العقد وهو إعادة الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. كما أن المقرر بأن الخطأ الموجب للمسؤولية من الأمور الواقعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه في تقديره طالما كان استخلاصه سائغاً ومستنداً لما هو ثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه، قد أقام قضاءه برفض طلب تعويض الطاعن عن بطلان العقد قضي ببطلانه كونه وقع على مسكن شعبي ولم يقدم طرفا الدعوى ما يثبت قيام أركان المسؤولية التقصيرية للمطالبة بالتعويض وانتهى - بحق - أن طلب التعويض على غير أساس وقضى برفضه، وهذا الاستخلاص من محكمة الموضوع هو استخلاص سائغ وكافياً لحمل قضائه، ذلك أن الطاعن قد ساهم مع المطعون ضده الثالث في إنشاء العقد الباطل بالرغم من عدم جواز التعامل قانوناً بالبيع والشراء في المساكن الشعبية، ومن ثم فإنه لا يجوز له أن يستفيد من خطئه ويطلب التعويض كونه ساهم في حصوله، علاوة على أن طلب التعويض هو طلب غير مبرر ذلك أن الطاعن قد انتفع بما تسلمه من ثمن المسكن منذ تاريخ العقد الذي قُضي ببطلانه وتبطل ببطلانه كل الآثار المترتبة عنه للطرفين بحيث يسترد البائع العقار المبيع والمشتري يسترد المقابل وهو الثمن، وقد خلت الأوراق مما يفيد إخطاره من الجهات المختصة لزوم إزالة الإضافات أو تم إزالتها على نفقته، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بما سلف على غير أساس حرياً بالرفض.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن دعوى البطلان ومطالبة المطعون ضده بمبلغ 625,000 درهماً غير مسموعة لمرور الزمان "خمسة عشر عاماً" من تاريخ إبرام العقد وهذا مخالف للنظام العام وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيكون قد صدر بالمخالفة للقانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر بنص المادة 210 من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما أفصحت به المذكرة الإيضاحية للقانون - أن العقد الباطل لا وجود له إلا من حيث الصورة فقط فليس له وجود شرعي ومن ثم فهو عدم والعدم لا ينتج أثراً فالعقد الباطل لا حكم له أصلاً لان الحكم للموجود ولا وجود لهذا العقد ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان فلكل من المتعاقدين أن يتمسك به ضد المتعاقد الأخر، وقد رؤي في القانون أن يكون النص على عدم سماع الدعوى لا على (سقوط دعوى البطلان) وقد تضمن عجز المادة أن يكون لكل ذي مصلحة أن يدفع ببطلان العقد في أي وقت، كما أن جانباً من القضاء المقارن يرى أن المتفق عليه بإجماع أن العقد الباطل عدم فلا وجود له ولا تصححه الإجازة ولا التقادم مهما طال الزمن وإن ما يوجبه النص هو مجرد نهي عن سماع دعوى البطلان المجردة أي التي تقتصر طلبات رافعها على مجرد تقرير البطلان ولكن رغم سقوط الحق في الدعوى يبقى لصاحب المصلحة الحق في تجاهل وجود العقد الباطل مهما مضى عليه الزمن وأن يتمسك بحقوقه الأصلية باعتبار العقد الباطل معدوماً لا أثر له، ويبقى حق المحكمة في أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها وهو ما يجعل طلب البطلان ينقلب في هذه الحالة مجرد دفاع يستند إليه رافع الدعوى لتفصل فيه المحكمة باعتباره دفعاً لا طلباً، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويضحي النعي عليه بما سلف على غير أساس من الواقع والقانون.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون عندما طبق قانوناً صدر في عام 2005 و2007 على عقد أبرم في عام 2004 وهو ما يخالف مبدأ عدم تطبيق القانون بأثر رجعي، وبالتالي يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مفاد النص في المادة "3" من قانون المعاملات المدنية أن الأحكام المتعلقة بتداول الثروات وقواعد الملكية الفردية تعتبر من النظام العام وذلك باعتبارها من القواعد والأسس التي يقوم عليها المجتمع ويعتبر تدخل المشرع بتقرير قاعدة قانونية تنظم شروط تداولها ومن بينها النظم والقواعد المتعلقة بتسجيلها في السجل العقاري في إمارة أبو ظبي. ومن المقرر أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ سريانها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. والأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الأثار المستقبلية للمراكز القانونية الخاصة، وأن الأصل في العقود أنها تخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد متعلقاً بالنظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الأثار المترتبة على هذه العقود والتصرفات طالما بقيت سارية عند العمل به ولو كانت قد أبرمت قبل العمل بأحكامه. لما كان ذلك، وكان البين أن عقد البيع "المسكن الشعبي" أبرم بين الطاعن والمطعون ضده الثالث عام 2004، وكان القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن تنظيم التسجيل العقاري بإمارة أبو ظبي قد صدر في 5/3/2005، وقد نصت المادتان 10/2و 14 على أنه "تسجل وتنقل ملكية المساكن الشعبية ممن سبق أن خصصت لهم أو تخصص لهم ويحظر عليهم التصرف فيها بغير إجازة المجلس التنفيذي ويتعهد المواطن كتابة في كل ما سبق ذكره .... ويقع باطلاً كل تصرف يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون واللوائح والقرارات المنفذة له" فيكون هو القانون الواجب التطبيق، وكان العقد موضوع الدعوى قد تم دون الحصول على موافقة المجلس التنفيذي مما يجعله باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته للقانون والنظام العام. وإذ خلص الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون إلى هذه النتيجة بناء على ما أورده في مدوناته، وكان هذا الاستخلاص سائغاً له أصله الثابت في بالأوراق، فيكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق