بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 28-05-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 211 و264 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
د. ه. ط. د. ب. ذ.
مطعون ضده:
ا. ش. ل. ت. ا. ش.
د. ه. ك. د. ب. ش.
م. م. ب. ف. ش.
س. ا. ل. ت. ا. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/300 استئناف تجاري بتاريخ 30-01-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى في الطعنين (ميديكلينيك مستشفى بارك فيو ش.ذ.م.م) أقامت الدعوى رقم 2385 لسنة 2022 تجاري جزئي أمام محكمة دبي الابتدائية قبل الطاعنة في الطعن 211 لسنة 2025 تجاري (ديليفري هيرو طلبات دي بي ذ.م.م) والمطعون ضدها الثانية (سيد اسمر لخدمات توصيل الطلبات ش.ذ.م.م) طلبت في ختامها الحكم بإلزامهما بالتكافل والتضامن والتضامم بأن يؤديا إليها مبلغا وقدره (717،032,56) درهم والفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ الاستحقاق في 2021/4/20 وحتى تمام السداد، تأسيساً على أنه بتاريخ 2021/2/27 وقع حادث مروري كبير على شارع حصة باتجاه جسر حصة الأصايل، لأحد سائقي الديلفري المدعو (قمر شبير راجا محمد شبير) الذي يعمل تحت إدارة وإشراف الطاعنة وكفالة المطعون ضدها الثانية في توصيل الطلبات على دراجة نارية إذ تعرض لإصابات جسدية بالغة تسبّبت بوفاته فيما بعد، وإثر وقوع الحادث الأليم نقلت مؤسسة دبي لخدمات الاسعاف السائق المذكور إلى وحدة العناية المركزة للمطعون ضدها الأولى وتم تقديم الرعاية الطبية اللازمة له حتى وفاته، وحيث أن تأمينه الصحي لم يغطي نفقات علاجه، فقد ترصدت بذمة الطاعنة نفقات العلاج المتمثل بمبلغ المطالبة والذي تقاعست عن سداده حتى تاريخه، الأمر الذي حدا بالمطعون ضدها الأولى إلى إقامة دعواها الراهنة، دفع وكيل المطعون ضدها الثانية بعدم قبول الدعوى في مواجهتها لرفعها على غير ذي صفة استنادا إلى أن المتوفى كان يقود دراجة نارية تابعة لشركة/ أسامة شاكر لتوصيل الطلبات وفق الثابت من تقرير الشرطة، فقدم وكيل المطعون ضدها الأولى مذكرة تضمنت إدخال خصم جديد هي المطعون ضدها الثالثة (شركة أسامة شاكر لتوصيل الطلبات ش.ذ.م.م) وطلب إلزامها بالتضامن مع الطاعنة والمطعون ضدها الثانية في أداء المبلغ المطالب به وفائدته، كما قدم الحاضر عن الطاعنة مذكرة بإدخال خصم جديد هي المطعون ضدها الرابعة (شركة دليفري هيرو كاريدج دي بي) الطاعنة بالطعن 264 لسنة 2025 تجاري لتقديم كافة ما يكون تحت يدها من مستندات وأدلة تخص موضوع الدعوى، ودفعت بعدم قبول الدعوى قبلها لرفعها على غير ذي صفة، حال كون دورها يتمثل في الوساطة بين المطاعم والعملاء عبر منصتها الالكترونية بحيث تقوم باستلام الطلب من العميل و إرساله إلى المطعم المطلوب منه لتحضيره، وإرسال عنوان العميل (طالب الخدمة) إلى شركة التوصيل المطعون ضدها الثانية المرتبطة بعقد مع المطعون ضدها الثالثة المتعهدة بالأعمال اللوجستية في توفير سائقي الدراجات النارية ومنهم السائق المتوفى، قدم الحاضر عن المطعون ضدها الأولى مذكرة تضمنت طلب إدخال المطعون ضدها الرابعة و إلزامها والمطعون ضدهم بالمبلغ المطالب به، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وأعادت له المهمة بعد أن ندبت معه خبيراً تأمينياً وخبيراً تقنياً للمعلومات وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها، قضت المحكمة بتاريخ 2024/1/31 أولا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة في مواجهة المدعى عليهما والخصم المدخل الثاني/ الطاعنة والمطعون ضدهما الثانية والرابعة ثانيا: بإلزام الخصم المدخل الأول/ المطعون ضدها الثالثة بأن تؤدي للمدعية/ المطعون ضدها الأولى مبلغا وقدره (717،032,56) درهم والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ قيد الدعوى وحتى السداد التام، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 300 لسنة 2024 تجاري، قدم الحاضر عن المطعون ضدها الثانية مذكرة جوابية دفع فيها بعدم قبول الاستئناف في مواجهتها، وبتاريخ 2024/4/17 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف في مواجهة المستأنف ضدها الثانية/ المطعون ضدها الثانية وفي موضوع الاستئناف بالنسبة للمستأنف ضدهما الأولى والرابعة/ الطاعنة والمطعون ضدها الرابعة برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من انتفاء صفتهما في الدعوى، طعنت المطعون ضدها الأولى في هذا الحكم بالتمييز رقم 554 لسنة 2024 تجاري وبتاريخ 2024/12/4 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد للقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع لكون ما جاء بالحكم المطعون فيه لا يواجة دفاع المطعون ضدها الأولى بشأن اشتراك الطاعنة والمطعون ضدها الرابعة في إدارة وتشغيل السائقين ومنهم السائق المتوفى وقدمت تأكيداً لذلك الاتفاقية المبرمة فيما بين الطاعنة والمطعون ضدها الرابعة، وأرفقت كذلك مستندات بشأن صرف رواتب سائقي توصيل الطلبات، وإذ أعيد تداول الاستئناف بذات الرقم وبتاريخ 2025/1/30 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف في شقه الذي قضى بانتفاء صفة المستأنف ضدهما الأولى والرابعة/ الطاعنة والمطعون ضدها الرابعة، والقضاء مجدداً بإلزام كل من المستأنف ضدهما: الأولى/ديليفري هيرو طلبات دي بي ذ.م.م/ الطاعنة بالطعن 2011 ،والرابعة/الخصم المدخل الثانى/ دليفري هيرو كاريدج دي بي- المطعون ضدها الرابعة بالتكافل والتضامن مع المستأنف ضدها الثالثة/أسامة شاكر لخدمات توصيل الطلبات ش.ذ.م.م/ المطعون ضدها الثالثة بأن يؤدوا للمستأنفة/المدعية/ المطعون ضدها الأولى /ميديكلينيك مستشفى بارك فيو ش.ذ.م.م-المبلغ المقضي به من قبل محكمة الدرجة الأولى وهو (717,032.56) درهم نظير تكاليف علاج السائق المتوفي، والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ قيد الدعوى وحتى السداد التام، وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، طعنت الطاعنة بالتمييز رقم 211 لسنة 2025 تجاري بصحيفة إلكترونية أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/2/24 طلبت فيها نقضه، وأردفتها بمذكرة أخرى بعد الميعاد تلتفت عنها المحكمة، وقدم وكيل المطعون ضدها الأولى مذكرة بدفاعه في الميعاد القانوني طلبت فيها رفض الطعن، ثم قدمت الطاعنة مذكرة لاحقة لا تتضمن دفع متعلق بالنظام العام تلتفت عنها المحكمة، كما طعنت المطعون ضدها الرابعة بالتمييز رقم 264 لسنة 2025 تجاري بصحيفة إلكترونية أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/2/27 طلبت فيها نقضه، وأردفتها بمذكرة أخرى بعد الميعاد تلتفت عنها المحكمة، وقدم وكيل المطعون ضدها الأولى مذكرة بدفاعه في الميعاد القانوني طلبت فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفه مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبها ضمت الطعن الثاني للطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الطعن رقم 211 لسنة 2025 أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والفساد في الاستدلال، إذ اعتبرها الحكم المطعون فيه بمثابة صاحب عمل لسائق التوصيل المتوفى رغم أنها تاجر رقمي قامت بالتعاقد مع المطعون ضدها الرابعة لغايات تقديم الخدمات اللوجستية والقيام بعملية توصيل الطلبات للمستهلكين، وأنه وعملاً بالمادة 12 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 14لسنة 2023 في شأن التجارة من خلال وسائل التقنية الحديثة، تكون شركة تقديم الخدمات اللوجستية هي المسؤولة عن أي التزامات قد تنشأ في مواجهتها بسبب تقديمها خدمات التوصيل وليست الطاعنة بصفتها تاجراً رقمياً، فضلاً عن أن الثابت أن السائق المتوفى كان يرتبط بعقد وعلاقة عمل فعلية مع المطعون ضدها الثالثة وهي صاحبة عمله ولم تقدم له تغطية تأمينية كافية، فتظل هي المسؤول الوحيد عن ذلك، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه .
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنتين في الطعنين رقمي 211 و264 لسنة 2025 تجاري على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم المطعون فيه قضى بتوافر صفتيهما في الدعوى وألزمهما بالتضامن بسداد مبلغ المطالبة إلى المطعون ضدها الأولى مستنداً في ذلك إلى تقرير لجنة الخبرة المنتدبة في الدعوى، بالرغم من أن ذات التقرير انتهى إلى انتفاء صفتيهما في الدعوى لعدم وجود ما يؤيد ثبوت علاقة بين أي منهما والسائق المُتوفَى والذي يعمل لدى المطعون ضدها الثالثة وتحت إدارتها والتى لم توفر له تغطية تأمينية تشمل حوادث السير، وإنما فقط التأمين الأساسي من أجل استخراج الإقامة، فتكون المطعون ضدها الثالثة هي المسؤولة عن سداد تكاليف علاجه، كما أن الحكم المطعون فيه فسر الحكم الناقض بصورة مخالفة لما تضمنه الحكم، ولم يتتبعه، حيث إن سبب نقض الحكم الأول هو عدم رده على دفاع المطعون ضدها الأولى فيما يتعلق بصفتيهما، ولم يفصل الحكم الناقض في مدى توافر هذه الصفة، كما طبق الحكم المطعون فيه قاعدة مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه بالرغم من أنها تطبق حين يرتكب التابع خطأ أثناء تأدية عمله لصالح متبوعه، وينتج عن هذا الخطأ ضرر بالغير، وهو ما يتطلب قيام علاقة تبعية، وهو ما لا يتوافر في الدعوى الراهنة لعدم ثبوت قيام علاقة بين السائق المتوفى وبينهما، فضلا عن أن ما يربط الطاعنتين هو عقد تنظيم خدمات لوجستية وليس عقد إدارة أو شراكة كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه ذلك لأن الطاعنة في الطعن الأول تملك تطبيق إلكتروني شهير في الدولة يسمى طلبات وصميم عملها تلقي طلب العملاء وتحويله إلى المطعم المطلوب منه وإرسال عنوان المطعم والعميل إلى الطاعنة في الطعن الثاني وهي شركة متخصصة في تنفيذ أعمال تنسيق طلبات وتمتلك بدورها تطبيق إلكتروني خاص بهذا التنسيق، وأن ذلك يتم مقابل رسوم خدمات ثابتة من خلال الفواتير الضريبية والتحويلات البنكية المقدمة، وهذه الرسوم ليست رواتب سائقي التوصيل، كما أن هذا العقد يجيز للطاعنة في الطعن الثاني التعاقد مع عدد غير محدد من شركات توصيل الطلبات لتنفيذ التزاماتها التعاقدية تجاه الطاعنة في الطعن الأول والتي لا شأن لها في عقد خدمات التوصيل الموقع بين الطاعنة في الطعن الثاني والمطعون ضدها الثانية، و لا ينال من ذلك الفاتورة الضريبية الصادرة من المطعون ضدها الثانية إلى المطعون ضدها الثالثة والتي أشارت إلى أنها رواتب وأجور، لأنها لا تحمل توقيع الطاعنة ولم تصادق عليها فلا تعتبر حجة عليها، فالثابت أن من يدفع راتب سائق التوصيل هي المطعون ضدها الثالثة باعتبار أن السائق المتوفى يعمل لديها وعلى كفالتها وتحت إشرافها وتوجيهها، وكان المستفاد من حيثيات وأسباب الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها الثالثة هي المسؤولة عن سداد تكاليف علاج المتوفى، إلا أنه عاد وتناقض حين قضى بإلزام الطاعنتين بتكاليف العلاج المطالب بها، واستبعد المطعون ضدها الثانية من نطاق المسؤولية رغم أنها من كلفت السائق بتنفيذ عملية التوصيل عبر دراجتها وتقاضت رسوم خدمات التوصيل، كما التفت الحكم المطعون فيه عما تمسكتا به الطاعنتين أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدها الأولى قد اصطنعت كافة الفواتير التي تطالب بقيمتها كمقابل نفقات علاج للسائق المُتوفَى، والتي لا تحمل أي ختم أو توقيع أو موافقة من أي طرف من أطراف الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه استند إلى هذه الفواتير، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن هذا الدفاع بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في الطعنين رقمي 211 و264 لسنة 2025 تجاري غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن نصت المادة (186) من قانون الاجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 في عجزها على أنه (وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بحكم النقض في النقاط التي فصل فيها) إلا أنه لما كان المقصود بالنقاط التي فصلت فيها محكمة التمييز وعلى ما جرى به فضاء هذه المحكمة أن تكون هذه النقاط قد طرحت على محكمة التمييز وأدلت فيها برأيها القانوني عن بصر وبصيرة فاكتسب حكمها بذلك قوة الشيء المحكوم فيه في حدود هذه النقاط بحيث يمتنع على محكمة الاحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ويكون لمحكمة الاحالة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله من جميع عناصرها، مما مؤداه أن نقض الحكم للقصور في التسبيب لا يحوز أي حجية مانعة من إعادة نظر الخصومة برمتها على ضوء فهم جديد لجميع عناصرها ولا يحول دون أن تحكم محكمة الإحالة فيها على هذا الأساس، كما أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الصفة في الدعوى تتوافر في جانب المدعى عليه حينما يكون هو المسؤول أصالة أو تبعاً عن الحق المدعى به أو مشتركاً في المسؤولية عن هذا الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته حال ثبوت أحقية المدعي فيه، وأن استخلاص الصفة في الدعوى من عدمه هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة التمييز في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ومقبولة ولها أصل ثابت بالأوراق، كما من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد العمل هو كل اتفاق محدد المدة أو غير محدد المدة يبرم بين صاحب العمل والعامل يتعهد فيه الثاني بأن يعمل لدى الأول مقابل أجر يتعهد به صاحب العمل مما مؤداه أن أهم ما يميز علاقة العمل عن غيرها هو توافر عنصر التبعية بأن يكون العامل خاضعاً لسلطة صاحب العمل في الاشراف والتوجيه والرقابة ويكفى توافرها في صورتها التنظيمية بأن يكون العامل منفذا لما تقتضيه توجهات وتعليمات وأوامر صاحب العمل ومن المقرر أيضاً وفق نص المادة 313 من قانون المعاملات المدنية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن مسئولية المتبوع عن أفعال تابعه تقوم على عنصر السلطة الفعلية وأن تكون السلطة منصبة على الرقابة والتوجيه والاشراف، وأن يرتكب التابع الخطأ في حال تأديته وظيفته أو بسببها، يستوي في ذلك أن يكون خطأ التابع أمر به المتبوع أو لم يأمر به، علم به أو لم يعلم، ومن المقرر كذلك أن العلاقة بين المنشأة أو الشركة وبين العاملين بها هي علاقة عمل لازمها الرقابة والتوجيه والاشراف من صاحب العمل على كل منهم، وإنه وإن كان الموكل غير مسئول عن الخطأ الشخصي للوكيل إلا أنه إذا كان مرتبطا به ارتباط التابع بالمتبوع فإنه يكون مسئولا نحو الغير عن الخطأ الذي يرتكبه وذلك استنادا إلى قواعد المسئولية التقصيرية، كما من المقرر وفق نص المادتين (2) من القانون رقم 11 لسنة 2013 بشأن الضمان الصحي في إمارة دبي على أن " تكون للكلمات والعبارات التالية، حيثما وردت في هذا القانون، المعاني المبيّنة إزاء كل منها، ما لم يدل سياق النص على غير ذلك: ...صاحب العمل: أي شـخص طبيعـي أو اعتباري عام أو خاص في الإمارة يستخدم موظفين أو عمال لقاء أجر أيا كان نوعه. الحالة الطارئة: الحالة التي تستدعي تدخلاً طبياً فورياً من قبل مقدم الخدمة الصحية لإنقاذ حياة شخص أو زوال الخطر المهدد له." ونص المادة (10/4) من ذات القانون على أنه " يلتزم صاحب العمل بما يلي:..4- تحمل تكلفة الخدمات الصحية والتدخل الطبي في الحالات الطارئة لأي من العاملين لدية في حال لم يكن لدى أي منهم ضمان صحي وفق أحكام هذا القانون" يدل على أن المشرع تغيّا بهذا القانون كفالة الرعاية الصحية والعلاجية للمواطنين والمقيمين والزائرين على حد سواء فنص في المواد 9و 10 و11 على مسؤولية والتزام صاحب العمل والكفيل بالتأمين على العاملين لديه وعلى المكفولين المتواجدين بالإمارة بغرض الإقامة أو الزيارة وأن تكون تكلفة الاشتراك في الضمان الصحي على عاتقهم ومنعهم من تحميلها للمستفيدين المؤمن عليهم المشمولين بالضمان الصحي وفرض عقوبة جزائية على مخالفة أحكامه، ولم يشأ المشرع أن يترك المريض محروماً من العلاج والخدمات الصحية وذلك في الحالات الطارئة التي تستدعي تدخلاً طبياً فورياً لإنقاذ حياة شخص أو زوال الخطر الذي يتهدده فنص في المادة 15/7 على إلزام المنشأة الصحية والمستشفيات بتقديم العلاج لحين زوال الخطر عن المريض ولو لم يكن مشتركاً في الضمان الصحي وحتى لو لم تكن المنشأة الصحية من ضمن شبكة مقدمي الخدمات الصحية المسجلين في نظام الضمان الصحي وأجاز لها الرجوع على شركة التأمين المؤمن لديها على المريض لتقتضي منها تكلفة العلاج، وألزم المشرع في المادتين10/4، 11/4 وفي هذه الحالات الطارئة صاحب العمل والكفيل بتحمل تكلفة الخدمات الصحية والتدخل الطبي لعلاج العاملين والمكفولين الذين قصر في حقهم ولم يشترك لهم في نظام الضمان الصحي فيكون للمستشفى أن تستوفي منهم نفقات العلاج فمصدر التزامه بتكلفة العلاج في هذه الحالات الطارئة هو القانون، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها وإطراح ما عداها وتقدير عمل أهل الخبرة والمفاضلة بينها والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير طالما اطمأنت إليه واقتنعت بصحة أسبابه وسلامة الأسس والأبحاث التي بني عليها، وهي غير ملزمة من بعد أن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن على تقرير الخبير لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصوم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره ولا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم، ولا بأن تتبعهـم في مختلف أقوالهم وحججهم، وترد استقلالا على كل منها، ما دام أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد المسقط لتلك الأقوال والحجج، والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده بأسبابه من أنه ((لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن الطاعنة/المستأنفة/ المدعية/ميديكلينيك مستشفى بارك فيو ش.ذ.م.م- قد تمسكت أمام المحكمة بدفاعها الوارد بأسباب الطعن بمذكراتها المقدمة بالاستئناف--باشتراك المطعون ضدهما الأولى والرابعة[[وهما المستأنف ضدهما:-الأولى /ديليفري هيرو طلبات دي بي ذ.م.م-، والرابعة /الخصم المدخل الثانى/دليفري هيرو كاريدج دي بي-]] - في إدارة وتشغيل السائقين ومنهم السائق المتوفى، وقدمت تأكيداً لذلك الاتفاقية المبرمة فيما بين الشركتين الشقيقتين المطعون ضدهما الأولى والرابعة تؤكد اشتراكهما في الإدارة، كما قدمت الاتفاقية المبرمة من الباطن فيما بين المطعون ضدهما الثانية والرابعة وأوضحت نوع التطبيق الالكتروني الذي تستعمله المطعون ضدهما الأولى والرابعة في تشغيل السائقين ،ـــــــ وأرفقت كذلك مستندات بشأن صرف رواتب سائقي توصيل الطلبات عبر تحويلات بنكية من المطعون ضدها الأولى إلى الرابعة، ثم من المطعون ضدها الرابعة إلى المطعون ضدها الثانية ومن ثم المستأنف ضدها الثالثة/وهى الخصم المدخل الأول/أسامة شاكر لخدمات توصيل الطلبات ش.ذ.م.م- ، ومن الأخيرة إلى سائقي توصيل الطلبات، مما يثبت أن المطعون ضدها الثالثة/المستأنف ضدها الثالثة/وهى الخصم المدخل الأول/أسامة شاكر لخدمات توصيل الطلبات ش.ذ.م.م- ، هي الكفيل وليست صاحبة العمل، حيث أن صاحب العمل هو الذي تثبت له صفة الرقابة والتوجيه وهو من يتحمل المسؤولية بموجب قانون الضمان الصحي، بالإضافة إلى إنه أنه لما كان الثابت للمحكمة من مطالعتها لكافة أوراق الدعوى وما قدم فيها من مستندات في أن المدعى عليها الأولى ارتبطت مع الخصم المدخل الأول بعلاقة تعاقدية بموجب اتفاقية خدمات توصيل تجارية المؤرخة بتاريخ 3/2/2020م، وكان البين من تقرير لجنة الخبرة المنتدبة في الدعوى- والتي تطمئن له المحكمة في النتيجة التي توصل إليها ومبنية على أسس واقعية وسليمة وانتهى في صلب تقريره إلى- أنه بإقرار الخصم المدخل الأول( شركة أسامة شاكر لخدمات توصيل الطلبات) بتبعية السائق المتوفى لها وتحت إشرافها وإدارتها وكفالتها وبموجب شروط وأحكام اتفاقية التفاهم المبرمة مع المدعى عليها الثانية( شركة سيد اسمر) ، ووفقاً لقانون العمل رقم 33/2021 تكون الخصم المدخل الأول المنوط بها والمسئولة عن سداد تكاليف علاج المتوفى . وهو ما يستوجب المسؤولية التضامنية لكل من المستأنف ضدهما: الأولى /ديليفري هيرو طلبات دي بي ذ.م.م-، والرابعة/الخصم المدخل الثاني/دليفري هيرو كاريدج دي بي- مع المطعون ضدها الثالثة/ المستأنف ضدها الثالثة/وهى الخصم المدخل الأول/أسامة شاكر لخدمات توصيل الطلبات ش.ذ.م.م- ، ]] -عن تحمل نفقات علاج السائق المتوفى والذي تم تشغيله من قبل الأخيرتين بدون تأمين صحي، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف في شقه الذي قضى بانتفاء صفة المستأنف ضدهما الأولى والرابعة، والقضاء مجدداً بإلزام كل من المستأنف ضدهما: الأولى /ديليفري هيرو طلبات دي بي ذ.م.م-، والرابعة/الخصم المدخل الثانى/دليفري هيرو كاريدج دي بي-بالتكافل والتضامن مع المستأنف ضدها الثالثة/أسامة شاكر لخدمات توصيل الطلبات ش.ذ.م.م- بأن يؤدوا للمستأنفة / المدعية /ميديكلينيك مستشفى بارك فيو ش.ذ.م.م-المبلغ المقضي به من قبل محكمة الدرجة الأولى وهو(717,032.56 درهم)(سبعمائة وسبعة عشر ألفا واثنان وثلاثون درهما وستة وخمسون فلسا)- نظير تكاليف علاج السائق المتوفى، والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ قيد الدعوى وحتى السداد التام، وهو ما تقضي به المحكمة على النحو الذى سيرد بمنطوق الحكم... ولا محل لإجابة المستأنفة لطلبها الاحتياطي بتعيين لجنة خبرة مغايرة للجنة المنتدبة من محكمة الدرجة الأولى تتضمن خبيرا بتقنية المعلومات للانتقال ومعاينة ومراجعة التطبيقات الالكترونية من واقع السجلات الورقية والإلكترونية للمستأنف ضدهم وسائقي توصيل الطلبات .. .. الخ... وقد تبين للمحكمة أن الخبرة المنتدبة قد توصلت إلى النتيجة التي انتهت إليها في تقريرها بعد البحث والاطلاع على كافة المستندات المقدمة في الدعوى وتحقيق دفاع الطرفين والرد على كافة ما طرح من اعتراضات أمام الخبرة المنتدبة ، وقد اقتنعت المحكمة بتقرير لجنة الخبرة المنتدبة من قبل هذه المحكمة المقدم في الأوراق ووجدت فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في النزاع الماثل )) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه في حدود سلطة محكمة الموضوع الموضوعية سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ومؤدياً لما انتهى إليه قضاؤه وكافياً لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون، ويتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعنة في كل طعن، ولا ينال من ذلك ما تحدت به الطاعنتين من تعويل الحكم المطعون فيه بتقدير المبلغ المقضي به على فواتير مصطنعة من المطعون ضدها الأولى حال أنهما لم يقدما أي مستند يخالف تلك الفواتير ويدلل على عدم صحة ما جاء بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بما سلف في الطعنين لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى ولا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم يضحى غير مقبول.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعنين رقمي 211 و264 لسنة 2025 تجاري وبإلزام الطاعنة في كل طعن بمصروفاته، مع المقاصة في مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين في الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق