بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 14-05-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 204 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
م. ل. ا. ا. ش.
م. د. ل. ش.
د. ا. ا.
مطعون ضده:
ب. ل. ا. ا. ش. ذ. م. .. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2091 استئناف تجاري بتاريخ 22-01-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها (بايرن لتأجير المعدات الطبية ش.ذ.م.م) قد أقامت الدعوى رقم 587 لسنة 2023 تجاري قبل الطاعنون الأولى (مركز لا استيتيكا الطبي ش.ذ.م.م) والثانية (مستودع دانسيس للأدوية ش.ذ.م.م) والثالثة (ديبه ادوار الخوري) طلبت فيها الحكم بفسخ عقد إيجار المعدات الطبية المؤرخ في 19 فبراير 2019 وبإلزامهم بالتضامن بتسليم المعدات الطبية موضوع العقد سالف البيان إليها عيناً بالحالة التي سُلِمَّت إليهم، أو بسداد قيمتها كاملاً بالإضافة لضريبة القيمة المضافة المُسددة بإجمالي مبلغ (9،300،000) درهم، وبإلزامهم بالتضامن بأن يؤدوا إليها مبلغ (2،538،553) درهم قيمة المُترصد في ذمتهم من إيجار تلك المعدات، بالإضافة إلى مبلغ (1،001،805) درهم قيمة المُستجد من الأجرة عن الأشهر من يناير وحتى مايو 2023، ومبلغ (200،361) درهماً مقابل الانتفاع الشهري بالمعدات حتى تاريخ ردها أو سداد قيمتها، والفائدة التأخيرية بواقع 2% شهرياً من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، وإلزامهم بدفع قيمة المتبقي من الأجرة بالعقد على سبيل التعويض عن فسخهِ وعما لحق بها من خسارة وفاتها من كسب، تأسيساً على أنه بموجب عقد إيجار معدات طبية مؤرخ في 19-2-2019 أجَّرَت المعدات الطبية الموصوفة بالعقد والبالغ قيمتها (8،858،000) درهم إلى الطاعنة الأولى لقاء أجرة شهرية بمبلغ (200،361) درهماً شاملة ضريبة القيمة المضافة لمدة (60) شهراً، وبموجب اتفاقية كفالة كَفَّلَتا الطاعنتان الثانية والثالثة تنفيذ الالتزامات الواردة بعقد الإيجار سند التداعي، إلا أن الطاعنة الأولى امتنعت عن الوفاء بقيمة الايجار واحتجزت المعدات الطبية لديها دون وجه حق، مما حدا بالمطعون ضدها لإقامة دعواها الراهنة، ، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى ، وبعد أن أودع تقريره، أدخلت الشركة المطعون ضدها مدير الشركة الطاعنة الأولى -غير مختصم في الطعن- خصماً في الدعوى، طعنت الطاعنتان الثانية والثالثة بالتزوير على اتفاقية الكفالة، ندبت المحكمة المختبر الجنائي، وبعد أن أودع تقريره، قضت المحكمة بتاريخ 2024/10/16 بفسخِ العقد المؤرخ 16-2-2019 وبإلزام الطاعنات بردِ المعدات الطبية الموصوفة به، وبإلزام الطاعنات بالتضامن بأن يؤدوا إلى المطعون ضدها مبلغ 2,317,457 درهماً عن القيمة الايجارية، وبأن يؤدوا إليها ما يستجد من قيمة إيجارية من تاريخ انتهاء العقد الحاصل في 5-12-2022 وحتى التسليم الفعلي للمعدات موضوعه، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنفت الطاعنات هذا الحكم بالاستئناف رقم 2091 لسنة 2024 تجاري، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها بالاستئناف رقم 2098 لسنة 2024 تجاري، ضَمَّت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 22/1/2025 حكمت المحكمة بغرفة مشورة بتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنات في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/2/20 طلبوا فيها نقضه، قدم وكيل المطعون ضدها مذكرة في الميعاد القانوني طلبت فيه رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنات بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ تمسكن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بحكم نهائي وبات في الدعوى رقم 588 لسنة 2023 تجاري، والتي أقيمت بين ذات الخصوم وذات السبب والموضوع لتداخل المعدات الطبية موضوعها مع المعدات الطبية موضوع العقد سند التداعي في الدعوى الراهنة، وقد صدر فيها حكماً بإلزامهم بأداء مبلغ (1،390،000) درهم للشركة المطعون ضدها وهو ما لا يجوز معه القضاء عليهم في الدعوى الراهنة عن ذات المعدات، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع المُبدى منهم على الرغم من توافر شرائطه القانونية تأسيساً على اختلاف موضوع الدعويين باختلاف اتفاقية الايجار في الدعوى المُحاج بها عن الاتفاقية سند الدعوى الراهنة والتفت عن تداخل المعدات الطبية بين العقدين وتكرار إيرادها فيهما، فإنه يكون قد خالف القانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود، إذ أنه من المقرر بقضاء هذه المحكمة أن مناط حجية الأمر المقضي المانعة من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها نهائياً هي أن تكون هناك مسألة أساسية لم تتغير تناضل فيها الطرفان في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم النهائي الأول استقراراً جامعا ًمانعاً من إعادة مناقشتها، وكانت هي بذاتها الأساس فيما يدعيه من بعد في الدعوى اللاحقة أحد الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها، وأن الحكم السابق يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إذا اتحد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين، والقاعدة في التعرف على وحدة الموضوع واختلافه بين الدعويين هو أن يكون القضاء في الدعوى اللاحقة لا يعدو أن يكون تكراراً للقضاء في الدعوى السابقة أو مناقضاً للحكم السابق سواء بإقرار حق أنكره هذا الحكم أو بإنكار حق أقره فيكون هناك تناقض بين الحكمين، كما أن المقصود بوحدة السبب أن تكون الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب في الدعوى السابقة هي ذاتها الواقعة التي يستمد منها الحق في الدعوى اللاحقة، وأن وحدة المحل تكون متوافرة بين الدعويين متى كان الأساس فيهما واحداً حتى لو تغيرت الطلبات بينهما، وأنه ولئن كان تقدير قيام وحدة الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين أو نفيهما من سلطة محكمة الموضوع إلا أنه يتعين أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيا على ما أوردة بأسبابه من أنه ((ولما كان الثابت أنه وإن كان الخصوم في الدعوى السابقة والدعوى الحالية واحد إلا أن موضوع الدعوى السابقة يتعلق بعقد إيجار المعدات الطبية المؤرخ 25\10\2017 في حين أن موضوع الدعوى الحالية وسببها يتعلق بالمعدات الطبية المؤجرة بموجب عقد الايجار المؤرخ 19\2\2019 ومن ثم فإن سبب الدعوى وموضوعها وأساسها القانوني مختلف بين الدعويين كما أن الطلبات في الدعويين مختلفة ولا ينال مما تقدم ما قررته المستأنفات من أن بعض المعدات متداخلة في عقدي الايجار المنوه عنهما فإن ذلك القول قد جاء دون دليل فضلا عن أن المعدات المؤجرة بعقدي الايجار من المعدات المتماثلة في طبيعتها ويتعذر الوقوف على أنها ذاتها التي كان محلا في عقدي الايجار وأن طرفي عقد الايجار لو أرادا إثبات ذلك لنص عليه بالعقد صراحة وهو الأمر المنتقي في بيانات عقدي الايجار، بالإضافة إلى ما أثبته الخبير بتقريره أن المدعى عليها الأولى(المستأجرة) قد تسلمت المعدات الطبية موضوع عقد الايجار المؤرخ 19\2\2019 بموجب إذن تسليم تلك المعدات برقم 00000038-067 بتاريخ 3 مارس 2019 بما يكون معه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 588\2023 تجاري قد جاء في غير محله متعينا رفضه)) ولما كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف بيانه سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون، فإن النعي عليه بما ورد بهذا السبب يكون قائماً على غير أساس.
وحيث تنعى الطاعنات بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه رفض طعن الطاعنة الثالثة بالتزوير على سند الكفالة على الرغم من أن عدم حضورها أمام الخبير وعدم تقديم أوراق ومستندات المضاهاة كان لسبب مبرَّر، فضلاً عن تقديمها لتقرير خبرة استشاري متخصص انتهى إلى عدم صحة توقيعاتها على سند الكفالة المؤرخ 19-2-2019 سند التداعي، إلا أن الحكم التفت عن ذلك التقرير، وقضى برفض الطعن، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المدعي ملزم بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء أكان مدعياً أصلاً أم مدعى عليه فيها، وأن صاحب التوقيع على الورقة العرفية إذا لجأ إلى طريق الادعاء بالتزوير فإنه يقع عليه إثبات هذا التزوير، ويتعين عليه وفقاً لنص المادة (44) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (35) لسنة 2022 أن يحدد كل مواضع التزوير المدعى به وأدلته وإجراءات التحقيق التي يطلب إثباته بها، ومناط إلزام محكمة الموضوع بإجراء التحقيق الذي طلبه الطاعن بالتزوير لإثبات مواضع الطعن بالتزوير المدعى به أن يكون الطعن بالتزوير منتجًا في النزاع ولم تكفِ وقائع الدعوى ومستنداتها لإقناع المحكمة بصحة المحرر أو تزويره، وتقدير جدية الادعاء بالتزوير وأدلته وما إذا كان الطعن بالتزوير منتجاً في النزاع من عدمه من سلطة محكمة الموضوع بغير معقبٍ عليها من محكمة التمييز متى كان استخلاصها سائغًا ، ومن المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن تقدير العذر الذى يبرر تخلف الخصم عن أداء الاستكتاب أمام الخبير المعين من المحكمة لتحقيق الطعن بالتزوير من عدمه هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وهى غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع وحسبها أن تقيم قضاءها على ما قدم أمامها من أدلة بما يكفى لحمله ، كما من المقرر بذات المحكمة أن الخبير الاستشاري ليس خبيراً منتدباً من المحكمة ولا يعتبر تقريره خبرة قضائية بل قرينة واقعية يحق للمحكمة الاستئناس به أو الالتفات عنه فى نطاق سلطتها الموضوعية في تقدير الوقائع وتقدير الأدلة المطروحة أمامها في الدعوى، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الطعن بالتزوير على ما خلص إليه من ثبوت تخلف الطاعنة الثالثة عن الاستكتاب أمام المختبر الجنائي بغير عذرٍ مقبولٍ بعد أن أتاحت لها المحكمة إثبات ادعائها بندب المختبر الجنائي ثم إعادة ندبه مرة أخرى كطلب وكيلها، فضلا عن إجابتها طلب الطاعنة الثالثة بتوقيع المضاهاة على التواقيع الثابتة بالوكالات الرسمية غير أنها لم تقدم تلك المستندات للمضاهاة كيفما جاء بكتاب المختبر الجنائي بدبي ، فإن ما تثيره بوجه النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع فى تقدير جدية الطعن بالتزوير وتقدير العذر الذى يبرر تخلف الخصم عن أداء الاستكتاب أمام الخبير، ومن ثم يضحى النعي غير مقبول .
وحيث ينعى الطاعنون بباقي أسباب النعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا بالدفع بعدم سماع طلب إلزام الطاعنتين الثانية والثالثة بكفالةِ الدين لمرور الزمان عملاً بنص المادة 1092 من قانون المعاملات المدنية، إذ أن التزامهم بكفالة دين الطاعنة الأولى يسقط بمرور 6 أشهر، ودَلَّلتا على ذلك بتوقف الطاعنة الأولى عن السداد اعتباراً من الشيك المستحق بتاريخ 2021/7/1 وأن المطعون ضدها لم تتخذ أي إجراء منذ ذلك التاريخ وحتى إنذارها لها بموجب الانذار العدلي المؤرخ 2022/12/22 وذلك لتعمد تراكم الدين، ومن ثم لا يجوز لها المطالبة بإلزام الطاعنتين الثانية والثالثة بكفالة دين الطاعنة الأولى لمرور الزمن ، كما التفت الحكم المطعون فيه عن دفاعهم بأن الاتفاقية المؤرخة 2019/2/20 نسخت الاتفاقية سند التداعي ويبين من بنودها أن التعاقد فيها هو بشأن إيجار ينتهي بالتمليك، وأنه بسداد القيمة الايجارية تتملك الطاعنة الأولى المعدات موضوع الاتفاقية، والدليل على ذلك أن قيمة المعدات المدونة بالاتفاقية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مقابل إيجار فقط، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وكان عليه أن يُعمل القواعد المتعلقة بالبيع بدلاً من إعمال قواعد الإيجار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الايجار هو تمليك المؤجر للمستأجر المنفعة المقصودة من الشيء المؤجر - لمدة معينة- مقابل أجرة يتفق عليها بين الطرفين وأن الأجرة تكون مستحقة على المستأجر باستيفاء المنفعة أو بالقدرة على استيفائها وأن كل من المؤجر والمستأجر يلتزم بالالتزامات المنصوص عليها بعقد الايجار، كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان العقد صحيحاً ولازماً فلا يجوز لأحد طرفيه أن يستقل بالرجوع فيه ولا تعديله ولا فسخه إلا برضاء المتعاقد الآخر أو بمقتضى نص في القانون، وأن تقدير مبررات فسخ العقود الملزمة للجانبين هو من مسائل الموضوعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق، ومن المقرر وفقاً لنص المادتين (1056) من قانون المعاملات المدنية ? وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الكفالة عقد رضائي يكفل بمقتضاه شخص تنفيذ التزام المدين بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الالتزام إذا لم يف به المدين نفسه، وأن من المقرر وفقاً لنص المادة (1092) من قانون المعاملات المدنية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه إذا استحق الدين فعلى الدائن المطالبة به خلال ستة أشهر من تاريخ الاستحقاق وإلا اعتبر الكفيل خارجا من الكفالة، بيد أنه يجوز الاتفاق بين الدائن والكفيل على أن تكون كفالة هذا الأخير للدين مطلقه وأن كفالة الدين المستقبل جائزة ، كما أنه من المقرر أنه إذا وقعت الكفالة مطلقة فإن التزام الكفيل وعلى ما تقضي به المادة (1080) من قانون المعاملات المدنية يتبع التزام المكفول معجلاً كان أو مؤجلاً وأن من المقرر أن تفسير عقد الكفالة وتحديد نطاقه والدين الذي تكفله أو انقضاء الكفالة واستخلاص ما إذا كان عقد الكفالة يتضمن تنازل الكفيل عن التمسك بشرط ضرورة المطالبة بالدين خلال ستة أشهر من تاريخ الاستحقاق وقبوله استمرار الكفالة مدة أطول من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع مادامت لم تخرج في تفسيره عن المعنى الذي تحتمله عباراته في مجملها وما قصده طرفاه منها، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن تقدير تقابل الالتزامات في العقود الملزمة للجانبين واستخلاص الوفاء بها أو الاخلال في تنفيذها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه واستخلاص جدية الادعاء بالمديونية والتحقق من انشغال الذمة المالية بها ، هو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع في نطاق سلطتها في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن القضائية والمستندات والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها، وحسبها أن تُقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وأن تقدير كفاية عمل الخبير هو من الأمور التي تستقل بها باعتباره عنصراً من عناصر الاثبات في الدعوى يخضع لمطلق تقديرها وسلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيها ما يقنعها ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، وهى غير ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون الموّجهة إلى تقرير الخبير إذ أَن أَخذها به محمولاً على أسبابه ماُ يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليها بأَكثر مما تضمنه، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم، ولا بأن تتبعهـم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم، وترد استقلالا على كل منها، كما لا تلتزم بندب خبير جديد كطلب الخصم بعد أن قدم الخبير تقريره ورأت المحكمة أنه قد فصل الأمر تفصيلاً أقنع المحكمة بما رأت معه وضوح الحقيقة التي أقامت عليها قضاءها ما دام أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد المسقط لتلك الأقوال والحجج، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه بفسخ عقد إيجار المعدات الطبية المؤرخ في 2019/2/16 وبإعادة تلك المعدات للمطعون ضدها وقضي بالمبلغ المقضي به عن القيمة الايجارية وذلك على ما أورده بأسبابه من أنه ((ولما أقامت المدعية/ المطعون ضدها دعواها على سند أنها تعاقدت مع المدعى عليها/ الطاعنة الأولى على إيجار معدات وترصد بذمتها مبالغ وفق لائحة دعوها ومن ثم أخلت المدعى عليها الأولى وبالتالي تطلب المدعية فسخ العقد وإلزامها بالمبالغ والتعويض ورد المعدات، وباطلاع المحكمة على أوراق الدعوى ومستنداتها وعلى تقرير الخبير المنتدب الذي تطمئن إليه وتجعل من أسبابه مكملاً لأسبابها بأن المدعية أوفت بالتزاماتها في حين أخلت المدعى عليها الأولى بالتزاماتها وبالتالي ومع ثبوت وفاء إخلال المدعى عليها الأولى وعدم رد المعدات للمدعية فإن المحكمة تجيب المدعية إلى طلبها الأول برد المعدات حيث لم يتضح تلف المعدات من التقرير وبالتالي تلتفت المحكمة عن طلب المدعية احتياطياً بقيمتها، وكان ذلك الطلب هو طلب ضمني بالفسخ وبالتالي فإن المحكمة تقضي بالفسخ ... أما عن طلبها الثاني وهي القيمة الايجارية عن العقد وحتى 12-2022 فإن الخبير توصل أن المبلغ المستحق عليها هو مبلغ 2,317,457 درهم ، أما عن طلب ما يستجد عن القيمة الايجارية فإن المحكمة تجمع تلك الطلبات لما بعد انتهاء عقد الايجار وهو 12-2022 ويكون ذلك كتعويض للمدعية وبالتالي تقضي للمدعية بما يستجد من تاريخ 5-12-2022 بواقع 200,361 درهم شهرياً وحتى التسليم الفعلي للمعدات وعلى النحو الوارد في المنطوق، وتشير المحكمة أنه لما كان المدعى عليهما الثاني والثالثة كفلا دين المدعى عليها الأولى وبالتالي فإن المحكمة تنتهي بإلزامهما بالتضامن معها على النحو الوارد في المنطوق)) وأضاف الحكم المطعون فيه تأييداً لذلك ما أورده بأسبابه من أنه ((وكان الثابت أن المستأنفين الثانية والثالثة قد قاما بتوقيع عقدي كفالة مؤرختين 19\2\2019 بمقتضاهما تعهدا دون قيد أو شرط وبلا رجعة بالدفع إلى بايرن(المدعية)جميع المبالغ المستحقة من قبل (المستأجر/ المكفول) إلى (المدعية/المؤجرة) بالكامل بناء على الطلب وبالعملة التي يستحق بها الدفع وأي أموال وجميع الالتزامات التي تكون في أي وقت مستحقة للشركة المدعية وبتعويض المدعية عن كافة الخسائر والتكاليف والنفقات التي تكبدتها أو تتكبدها المدعية الناشئة عن فشل المدعى عليها الأولى بأي من الالتزامات بموجب تلك الاتفاقية، وأن تلك الكفالة مستمرة بل ووافقا وأكدا على أن أحكام المادة 1092 من قانون المعاملات المدنية لا تنطبق على الكفالة ولن تكون الشركة المدعية بتقديم أي طلب خلال فترة الستة أشهر المذكورة في تلك المادة, وعليه فإن المدعى عليهما الثانية والثالثة ملتزمين بالتضامن والتكافل مع المدعى عليها الأولى في بسداد المديونية المترصدة بذمة الشركة التي تكون في أي وقت مستحقة للشركة المدعية لكون الكفالة مستمرة وغير مقيدة بشرط وجاءت مطلقة ونافذة في مواجهة المستأنفين حتى تمام السداد في حال أن المستأجر أخفق أو أغفل عن دفع هذه المبالغ عند استحقاقها ومن ثم يكون النعي على الحكم المستأنف في هذا الخصوص قد جاء في غير محله متعينا رفضه... ولما كان الحكم المستأنف حين قضى بفسخ العقد قد قضى بإلزام المدعى عليهم/ الطاعنين برد المعدات موضوع العقد كاثر من آثار الفسخ بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد, ومن ثم يكون الحكم المستأنف قد طبق صحيح القانون بإعماله أثر فسخ العقد, ويكون طلب المستأنفة بإلزام المدعى عليهم بأداء قيمة المعدات حال تبديدها أو هلاكها او استحالة تسليمها إليها, هو طلب افتراضي وسابق لأوانه إذ الأصل هو رد المعدات بالحالة التي تم تسليمها عليها وهو ما قضى به الحكم)) ولما كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف بيانه سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون، وله أصله الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها ومؤدياً لما انتهى إليه قضاؤه وكافياً لحمله وفيه الرد المسقط لما يخالفه، وكانت الأورراق قد خلت من دليلٍ على أن العقد موضوع التداعى فى حقيقته إجارة تنتهى بالتملك ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه والذي يدور حول تعييب هذا الاستخلاص ، لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وفى تقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ، ومن ثم غير مقبول .
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن، وبإلزام الطاعنات بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق