جلسة 25 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد المستشار/ علال عبد السلام لعبودي ـ رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز يعكوبي، محمد زكي خميس، د. حسين بن سليمة، زهير إسكندر، عبد الله علي، ضياء الدين عبد المجيد، د. عدلان الحاج محمود، إمام عبد الظاهر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطلب رقم 2 لسنة 2023 هيئة عامة في الطعنين رقمي 136، 143 لسنة 2023 مدني)
(1) إثبات "الخبرة". خبرة. شيوع. قسمة. محكمة الموضوع "سلطتها". ملكية. هيئة عامة.
- للقاضي إنهاء حالة الشيوع. متى تعذرت قسمة العقار الشائع وطلب الشريك بيعه كاملاً أو حصته فيه. له تقدير قيمتها بمعرفة الخبرة اعتباراً بالقيمة الإجمالية له. للشركاء إبداء رغبتهم في شرائها أو تقديم مشتر لها بتلك القيمة عقب إعلانهم. له الإقرار ببيعها. متى تم الاتفاق عليه. وإلا قضى ببيع العقار كاملاً بطريق المزايدة وفقاً لقواعد البيع الجبري. متى انتفت موانعه. أثر ذلك: إقرار الهيئة العامة لذلك المبدأ دون ما يخالفه. أساس ذلك.
- وجوب تصدي الهيئة العامة لمحكمة النقض للفصل في موضوع الطعن. متى أحيل إليها من إحدى دوائر المحكمة للنظر في العدول عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح أو إقرار ما كان متعارضاً من مبادئ قانونية.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". شيوع. قسمة. ملكية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". هيئة عامة.
- قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن بيع كامل العقار الشائع بعد ثبوت تعذُر قسمته عيناً وقصر البيع على حصته والمطعون ضدها. خطأ في تأويل القانون. أساس وعلة وأثر ذلك.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". شيوع. قسمة. محكمة الموضوع "سلطتها". ملكية. نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". هيئة عامة.
- رجوع الشريك على الشيوع بريع حصته على الشركاء الذين يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم كل بقدر نصيبه في تلك الزيادة. شرطه: إتيانهم ما يحول بينه وبين الانتفاع بها. التزامه إثبات ذلك بكافة الطرق. عدم التزام محكمة الموضوع في هذا الخصوص بمتابعة الخصوم فيما يدلون به من الحجج والرد عليها استقلالاً. متى أقامت قضائها على ما يكفي لحمله. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. مثال.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(4) استئناف "الاستئناف الأصلي والاستئناف الفرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى "الطلبات في الدعوى". محكمة أول درجة. محكمة الاستئناف. محكمة الموضوع "سلطتها". هيئة عامة.
- انتقال النزاع الذي قضت فيه محكمة أول درجة لمحكمة الاستئناف. في حدود الطلبات في الاستئناف الأصلي أو الفرعي أو المقابل. لها الفصل فيه لمصلحة أياً من رافعهم. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. مثال.
(5) شيوع. قسمة. ملكية. هيئة عامة.
- قضاء الهيئة العامة بنقض الحكم المطعون فيه بخصوص ما قضى به من بيع حصتي المطعون ضده الأول والمطعون ضدها السابعة بمعزل عن باقي العقار الشائع. أثره: وجوب نقضه فيما قضى به بشأن قصر المزايدة على الشركاء متى طلبوا ذلك بالإجماع.
(6) إثبات "الادعاء بالتزوير". إرث. تزوير. تسجيل. شيوع. قسمة. ملكية. نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". هيئة عامة.
- سند الملكية الصادر من إدارة تسجيل العقارات المختصة وفقاً لبيانات الصحيفة العقارية بالسجل العقاري. يُعد الوسيلة الوحيدة لإثبات ملكية العقار. علة ذلك.
- الادعاء بالتزوير. شرط قبوله.
- وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً. وإلا قضي بعدم قبوله. أساس ذلك. مثال.
- الميراث. من أسباب كسب ملكية العقارات المخلفة عن المورث شرعاً. للوارث على حصته حق الاستعمال والاستغلال والتصرف. باعتباره مالكاً ملكية فردية لها. لا ينال منها كونها على الشيوع. له طلب القسمة العينية أو بطريق التصفية إذا تعذرت القسمة عيناً. أساس ذلك. مثال.
(7) اختصاص "الاختصاص النوعي. قاضي التنفيذ". تنفيذ. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". سند تنفيذي. شيوع. قسمة. ملكية. هيئة عامة.
- طلب أحد الشركاء إنهاء حالة الشيوع في المال بطريق التصفية لتعذر قسمته عيناً. وجوب أن يكون بدعوي موضوعية. القضاء بطلباته بحكم نهائي. أثره: انعقاد الاختصاص لقاضي التنفيذ ببيع المال الشائع وفقاً لقواعد وإجراءات البيع الجبري. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. أساس وعلة ذلك. مثال.
(8) محكمة أول درجة. محكمة الاستئناف. نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". هيئة عامة.
- إغفال المحكمة القضاء في طلب موضوعي. أثره: بقائه معلقاً أمامها. وجوب الرجوع إلى ذات المحكمة للفصل فيه. عدم صلاحيته سببًا للطعن بالنقض. أساس ذلك.
- الطلبات التي لم تفصل فيها محكمة أول درجة. لا يجوز إبداؤها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. أثر ذلك. مثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الثابت من الأوراق أن الحكم المستأنف قد قضى ببيع حصة الطاعن في الطعن الأول والمطعون ضدها الأخيرة فيه بالمزاد العلني ، وقد تمسك الطاعن المذكور أمام محكمة الاستئناف بأن طلبه الختامي أمام محكمة أول درجة قد انصب على بيع كامل العقار الشائع بالمزاد العلني لاستحالة بيع حصته بمفردها بطريق المزايدة ، وقد واجه الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بما جرى عليه قضاء الدائرة المدنية بمحكمة النقض من أنه لا يجوز إجابة طلب الشريك ببيع كامل العقار الشائع إلا بعد القضاء له أولاً ببيع حصته الشائعة فيه ، ثم إذا ما ثبت تعذر بيعها يكون له بعد ذلك طلب بيع كامل العقار الشائع ، ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه برفض دفاع الطاعن سالف الذكر وتأييد الحكم المستأنف ببيع حصته وحصة المطعون ضدها الأخيرة بالمزاد العلني ، وإذ كان ذلك ، وكان مؤدى نصوص المواد 1152 و 1160 و 1161 و1162 و 1163 و 1164 و 1165 و 1166 وما بعدها من قانون المعاملات المدنية أن المشرع نظم حالة تعدد الملاك لشيء واحد - أي الشيوع - الذي من شأنه أن يجعل استغلال المال الشائع أكثر تعقيداً مما لو انفرد بملكيته شخص واحد ، لذلك وضع القواعد القانونية التي تيسر القيام بأعمال إدارة هذا المال ، وأعمال التصرف فيه ، ثم عرض لقسمته رضاءً بموافقة جميع الشركاء ، ثم قسمته قضاءً ، فقرر بحق كل شريك في طلب القسمة القضائية ، ونظم كيفية إجرائها ، بحيث إذا تبين للمحكمة أن المال الشائع لا يمكن قسمته عيناً ، أو تبين لها أن قسمته عيناً من شأنها أن تنقص من قيمته نقصاً كبيراً ، فإنها تعدل عن طلب القسمة العينية إلى القسمة بطريق التصفية ، وذلك بأن تحكم بأن يُباع المال بالمزاد بالطريقة المبينة في قانون الإجراءات المدنية للبيع الجبري. وقد كان المشرع يرى بنص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية - قبل تعديلها بالمرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2020 - أن الشركاء أنفسهم قد يرون قصر المزايدة عليهم لاعتبارات يقدرونها، فقرر بحقهم في طلب قصر المزايدة عليهم دون غيرهم إذا طلبوا ذلك بالإجماع، إلا أنه بموجب التعديل الذي أدخله على هذه المادة بموجب المرسوم بقانون سالف البيان قد عدَل عن التقيُد بهذا المنطق الصارم الذي كان يقتضي إجماع الشركاء، فجعل قصر المزايدة عليهم يكفي لتقدير إجابته أن يطلبه أحدهم. وإذ كان مؤدى نص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية بعد تعديلها بموجب المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2020 مقروناً بمؤدى نصوص المواد 1160 و 1162 و 1164 من ذات القانون - بوصفها جميعاً وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً وبالنظر إلى الغاية المقصودة منها بحسبان أنها جميعاً تستهدف تنظيم إنهاء حالة الشيوع - أن الشريك الذي يريد الخروج من الشيوع إذا تعذر عليه التوافق مع باقي الشركاء أو مع أحدهم على بيع حصته الشائعة رضاءً ، جاز له أن يولي وجهه شطر قاضيه الطبيعي بطلب إنهاء حالة الشيوع قضاءً ، وصولاً إلى فرز وتجنيب حصته إذا كان المال مما يقبل القسمة عيناً ، أو إلى القسمة بطريق التصفية - أي البيع بطريق المزاد - إذا تعذرت القسمة العينية أو كان يترتب عليها ضرر كبير، وفي هذه الحالة الأخيرة ، إذا قصر هذا الشريك طلبه على بيع حصته في العقار الشائع ، فإنه وإن كان نطاق الدعوى يتحدد بهذا الطلب الذي أبداه إلا أن العبرة بحقيقة هذا الطلب ومبناه لا بالألفاظ التي صِيغ بها ، ومن ثم فلمحكمة الموضوع أن تحكم بما تضمنه نطاق هذا الطلب لزوماً وواقعاً ، وإذ كان طلب الشريك الذي يريد الخروج من الشيوع بيع حصته في العقار الشائع هو في حقيقته ومبناه - بطريق اللزوم - طلب بقسمة هذا العقار بين الشركاء المشتاعين بطريق التصفية ، وحصول ذلك الشريك على مقابل حصته في ثمنه ، مما يوجب على المحكمة عندئذٍ - وصولاً للقضاء له بحقيقة ومبنى طلبه - الحكم ببيع كامل العقار الشائع بطريق المزايدة ، وإذ كان ذلك ، وكان الشيوع في الملكية هو أهم صور الشيوع وأكثرها تحققاً في الواقع ، فقد منح المشرع - بمقتضى دلالة عبارة نص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية - لقاضي الموضوع سلطة تقديرية واسعة وهو بصدد القسمة بطريق التصفية منها رفض طلب البيع إذا ترتب عليه ضرر كبير بباقي الشركاء ، وهو ما مؤداه أن هذا النص قد جاء مقرراً لمصلحة الشركاء جميعاً ، بما يوجب على قاضي الموضوع أن يقيم قضاءه وهو بصدد قسمة التصفية على ضوء هذه المصلحة فيتخذ من السُبل ما يتفادى به الصعوبات التي قد تنشأ عن بيع حصة ذلك الشريك بمعزل عن باقي العقار الشائع، اعتباراً بأن نظام البيع بالمزاد في ذاته يتضمن قدراً من التعقيد لا سيما إذا ما اقتصر البيع على حصة شائعة في عقار شائع ، وبالتالي فإن ذلك الشريك إذا ما قصر طلبه على بيع حصته الشائعة فقط ، أو طلب بيع كامل العقار الشائع - باعتباره طلباً يتسع ليشمل بيع حصته الشائعة فيه، واعتباراً بأن طلبه هذا أو ذاك بات خياراً مقرراً لمصلحته بعد أن فوت باقي الشركاء على أنفسهم فرصة شراء حصته رضاءً بالقيمة التي يرتضيها قبل ولوجه طريق القسمة القضائية، يكون لقاضي الموضوع في الحالتين اتخاذ ما يسَّره له القانون من سُبل في شأن إنهاء حالة الشيوع، وذلك بندب خبير لتقدير قيمة الحصة الشائعة لذلك الشريك في ضوء القيمة الإجمالية لكامل العقار الشائع ، وإعلان باقي الشركاء بذلك التقدير، ودعوتهم للتعبير عن موقفهم بشأن مدى رغبتهم أو أحدهم في شراء الحصة الشائعة المملوكة لطالب القسمة أو تقديمهم مشتر غيرهم لشرائها ، وإذا ما تم الاتفاق على بيع هذه الحصة يقوم قاضي الموضوع بإقرار هذا البيع، وفي حال تعذر بيعها لعدم رغبة الشركاء في ذلك أو عدم تقديمهم مشتر غيرهم لشرائها ، يحكم ببيع العقار كاملاً بطريق المزايدة متى انتفت موانعه الوارد النص عليها بالمادة 1166 المذكورة، وذلك وفق القواعد المقررة في قانون الإجراءات المدنية في شأن البيع الجبري. وإذ كان ذلك، فإن الهيئة تنتهي إلى هذا النظر المتقدم بالأغلبية المنصوص عليها بالمادة 10 مكرر 3 من القانون رقم 23 لسنة 2006 بشأن دائرة القضاء في إمارة أبو ظبي - المضافة بالقانون رقم 13 لسنة 2018 - وتعدل عن المبدأ الذي قررته الأحكام التي ارتأت غير ذلك.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه الهيئة أنه إذا أحالت إحدى الدوائر بالمحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة العامة لمحكمة النقض للنظر في العدول عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضاً من المبادئ القضائية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين فلا تُعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوعه.
2- لما كانت الهيئة العامة قد انتهت سلفاً إلى إقرار المبدأ الذي يقضي بأنه - حال تعذر قسمة العقار الشائع عيناً أو كان من شأنها إحداث ضرر أو نقص كبير في قيمته - فإنه سواء استعمل الشريك الذي يريد الخروج من الشيوع خياره فطلب بيع حصته الشائعة فقط أو طلب بيع كامل العقار الشائع بطريق المزايدة ، فإنه في الحالتين يكون لقاضي الموضوع اتخاذ ما يسَّره له القانون من سُبل في شأن إنهاء حالة الشيوع ، وذلك بندب خبير لتقدير قيمة الحصة الشائعة لذلك الشريك في ضوء القيمة الإجمالية لكامل العقار الشائع ، وإعلان باقي الشركاء بذلك التقدير، ودعوتهم للتعبير عن موقفهم بشأن مدى رغبتهم أو أحدهم في شراء الحصة الشائعة المملوكة لطالب القسمة أو تقديم مشتر غيرهم لشرائها ، وإذا ما تم الاتفاق على بيع هذه الحصة يقوم قاضي الموضوع بإقرار هذا البيع ، ومتى تعذر بيعها لعدم رغبة الشركاء في ذلك أو تقديم مشتر غيرهم لشرائها ، يحكم ببيع العقار كاملاً بطريق المزايدة متى انتفت موانعه الوارد النص عليها بالمادة 1166 المذكورة، وذلك وفق القواعد المقررة في قانون الإجراءات المدنية في شأن البيع الجبري. والعدول عن المبدأ الذي قررته الأحكام التي ارتأت غير ذلك ، وإذ كان ذلك ، وكان الثابت أن الطاعن - بعد أن أثبت خبير الدعوى تعذُر قسمة عقار النزاع عيناً - قد طلب بمذكرة دفاعه المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 16/11/2022 بيع كامل العقار الشائع بالمزاد العلني ، غير أن المحكمة قضت ببيع حصته وحصة المطعون ضدها الأخيرة فقط ، وإذ تمسك أمام محكمة الاستئناف ببيع كامل العقار لاستحالة بيع هاتين الحصتين بمعزل عن العقار بأكمله، فقد رفضت المحكمة هذا الطلب وشاطرت محكمة أول درجة في قضائها ببيع هاتين الحصتين فقط على سند من أنه لا يجوز عملاً بنص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية إجابة طلبه ببيع كامل العقار الشائع إلا بعد القضاء له أولاً ببيع حصته الشائعة فيه ، ثم إذا ما ثبت تعذر بيعها يكون له بعد ذلك معاودة الطلب ببيع كامل العقار الشائع ، فإن حُكمها المطعون فيه يكون قد مسَّه الخطأ في تأويل النص القانوني سالف الذكر مما جره إلى القصور المبطل ، إذ كان لزاماً عليه أن يقضي بندب خبير متخصص لتقدير قيمة الحصة الشائعة لذلك الشريك في ضوء القيمة الإجمالية لكامل العقار الشائع ، وإعلان باقي الشركاء بذلك التقدير ، وصولاً للحكم ببيع كامل العقار بطريق المزايدة إذا ما أحجموا عن شراء تلك الحصة أو لم يتوافقوا مع ذلك الشريك على شرائها وفقاً لذلك التقدير، الأمر الذي يعيبه في هذا الخصوص ويوجب نقضه ، وإذ كان موضوع النزاع وهو يدور حول طلب قسمة مال شائع أمر غير قابل للتجزئة ، فإن نقض الحكم بالنسبة لما قضى به من قصر البيع على حصة الطاعن يستوجب نقضه بالنسبة لما قضى به من بيع حصة المطعون ضدها الأخيرة - ولو لم تطعن عليه - منعاً لتضارب الأحكام ، باعتبارها قاعدة آمرة تتعلق بالنظام العام ، يُقصد بها توحيد القضاء في الخصومة الواحدة ، وتُعْمِلُهَا الهيئة من تلقاء نفسِها.
3- المقرر في قضاء محكمة النقض أنه ولئن كان للشريك على الشيوع أن يرجع بريع حصته على الشركاء الذين يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم كل بقدر نصيبه في هذه الزيادة ، إلا أن شرط ذلك أن يأتي هؤلاء الشركاء بما يحول بين ذلك الشريك وبين الانتفاع بحصته وعلى الأخير إثبات ذلك بكافة الطرق ، وأن محكمة الموضوع في هذا الخصوص إذا ما استخلصت الواقع الذي اقتنعت به أو أقامته على ما يكفي لحمله ، فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بمتابعة الخصوم فيما يدلون به من الحجج والرد على كل منها استقلالاً، إذ أن إقامتها للحقيقة التي اقتنعت بها ينطوي على الرد الضمني المسقط لما أغفلته من تلك الحجج . لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد واجه دفاع الطاعن المشار إليه بوجه النعي وانتهى إلى رفضه على سند مما أورده بمدوناته من أنه " لم يقدم الحاضر عن المدعي ما يبين أن المدعى عليهم اعترضوا على إقامة المدعي بالمسكن ولم يقدم ما يفيد أن المدعى عليهم قاموا بتأجير جزء أو كل العقار للغير أو أنه كان يدر دخلاً، ولذلك فإن مجرد إقامة المدعى عليهم في عقار القطعة رقم .... بصفتهم مالكين فيه على الشيوع وإقامتهم في المسكن الشعبي بصفتهم ملاكاً على الشيوع لا يرتب مسؤوليتهم قبل المدعي ما لم يكونوا قد قاموا بمنع أو حرمان المدعي من استغلال حصته في العقار السكني أو المسكن الشعبي وقد خلت الأوراق مما يفيد قيام المدعى عليهم بحرمان المدعي من استغلال نصيبه في القطعة السكنية والمسكن الشعبي سالفي الذكر أو طرده منه .. " وإذ أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه التي جاءت سائغة ومقبولة ولها معينها الصحيح من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بغير مخالفة للقانون وتكفي للرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد ، فإن ما يثيره الأخير في هذا الخصوص وحول مشاطرة الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف التي تقوم على ما تكشًّف لمحكمة أول درجة من ظروف الدعوى وملابساتها لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير موضوعي سائغ لمحكمة الموضوع بدرجتيها وفي سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأوجه غير مقبول.
4- المقرر في قضاء محكمة النقض أنه إذا رفع المستأنف ضده استئنافاً فرعياً أو استئنافاً مقابلاً فإن النزاع الذي قضت فيه محكمة أول درجة ينتقل برمته إلى محكمة الاستئناف وفي حدود المطلوب بالاستئناف الأصلي والاستئناف الفرعي أو المقابل ويصبح لمحكمة الاستئناف سلطة الفصل في النزاع المعروض عليها من كافة وجوهه سواء لمصلحة المستأنف الأصلي أو رافع الاستئناف الفرعي أو المقابل ، وإذ كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه صدر في الاستئنافين رقمي 200 و 204 لسنة 2023 المُقام أولهما من المطعون ضده الأول ، وثانيهما من الطاعنين ، وذلك طعناً على الحكم الصادر في الدعوى رقم 105 لسنة 2022 مدني أبوظبي ، وأن محكمة الاستئناف قد أوردت مجملاً لوقائع الدعوى ، وطلبات الخصوم فيها ، وخلاصة موجزة لدفوعهم وأوجه دفاعهم ، ثم أوردت أسباب قضائها في الاستئنافين ، وخلُصت في منطوق حُكمها إلى القضاء برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون بشأن ما أورده الحكم المطعون فيه من وصف استئنافهم بأنه استئناف فرعي حال أنه استئناف مقابل يكون غير منتج ، كما أن ما يثيرونه بشأن قصور أسباب الحكم وانعدامها وتناقضها فضلاً عن أنه غير صحيح ، فإنه نعي قاصر البيان ومجهل ومن ثم غير مقبول.
5- لما كانت الهيئة العامة قد انتهت سلفاً - وهي في معرض قضائها في الطعن الأول رقم 136 لسنة 2023 - إلى نقض الحكم المطعون فيه في خصوص قضائه ببيع حصة المطعون ضده الأول وحصة المطعون ضدها السابعة بمعزل عن باقي العقار الشائع، وهو ما يستتبع نقضه فيما ترتب عليه من قضاء بشأن ما أمرت به المحكمة من قصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا ذلك بالإجماع، ومن ثم فإن هذا النعي برمته يكون قد زال محله وبالتالي يكون غير مقبول.
6- المقرر في قضاء محكمة النقض أن سند الملكية - Ownership Deed - الذي يُستخرج من إدارة تسجيل العقارات المختصة وفقاً لبيانات الصحيفة العقارية بالسجل العقاري يُعد هو الوسيلة الوحيدة لإثبات ملكية العقار لأن نظام التسجيل - وفقاً لقانون تنظيم التسجيل العقاري بإمارة أبو ظبي - لا يقوم على تسجيل الحجج والأدلة ، وإنما يقوم على تأمين وإثبات الملكية ذاتها لمن سُجلت في اسمه ، تكريساً لمبدأ مصداقية السجل العقاري الذي يُعد حجة قاطعة ومرآة صادقة فيما اشتمل عليه -Indefeasible register of title - وإذ كان من المقرر في قضاء محكمة النقض أيضاً أنَّ الادعاء بالتزوير لا يكون مقبولاً إذا وضِع بصيغة عامة مبهمة غير مقطوع فيها بشيء ، وكذلك إذا لم يكن مقروناً بالدليل عليه وإجراءات تحقيق الخطوط التي يطلب مُدعي التزوير إثبات التزوير بها ، وفي هذه الحالة يُعتبر إثارة تزوير المحرر دفاعاً غير جوهري لا تلتزم محكمة الموضوع بإثارته أو الرد عليه كونه مُرسلاً غير مؤيد بالدليل ، وكان مؤدى نص المادة 179 من قانون الإجراءات المدنية أنه يتعين لقبول سبب الطعن أن يكون واضحاً محدداً وعلى صورة يتيسر معها فهم موضوع الخطأ القانوني الذي وقع فيه الحكم المطعون فيه والقواعد القانونية التي خولفت وجرّت مخالفتها إلى هذا الخطأ ، فلا يُقبل من الطاعن إيراد سبب من أسباب الطعن في صياغة مبهمة مجهلة ، لما كان ذلك ، وكان الطاعنون قد اقتصروا في إيراد هذا النعي على الإشارة إلى أن هناك قانوناً يُلزم كل من لديه منحة من الورثة أن يتنازل عن الميراث أو يرد المنحة ، دون أن يبينوا ماهية هذا القانون وأحكامه التي خالفها الحكم المطعون فيه وموضع هذه المخالفة منه وأثرها في قضائه ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون قاصراً في بيانه ومجهلاً ومن ثم غير مقبول . ولما كان ذلك ، وكان مفاد نص المادة 1219 من قانون المعاملات المدنية أن الميراث يعد سبباً من أسباب كسب ملكية العقارات المخلفة عن المورث شرعاً ، وكون الملكية فيها على الشيوع لا ينال من حق الوارث كمالك يشتمل حقه على جميع عناصر الملكية التي تخوله الاستعمال والاستغلال والتصرف وأنه يملك ملكية فردية حصته في المال الشائع وينصب حقه مباشرة على هذه الحصة ، في أن يكون له الحق في طلب القسمة العينية أو القسمة بطريق التصفية إذا تعذرت القسمة عيناً ، وإذ كان ذلك ، وكان الطاعنون لا يمارون في ملكية مورث طرفي النزاع لعقار التداعي ، كما لم ينازعوا في تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم في الإرث ، فإن ما يثيرونه بشأن طعنهم بالتزوير على سند ملكية مورثهم المسجل لعقار النزاع وشهادة القيد ثم سند ملكية الورثة المسجل بعد تصرف بعضهم البعض في بعض الحصص ، دون بيان لشواهد التزوير وفي صورة مجملة معماة ومجهلة وطلبهم إدخال البلدية وديوان شؤون الرئاسة للوقوف على تسلسل الملكية يكون نعياً غير ذي جدوي وقاصر البيان ومن ثم لا أثر له في شأن ما خلصت إليه محكمة الموضوع - صحيحاً - من ملكية مورث طرفي النزاع لعقار التداعي ثم التنازل فيما بين بعض الورثة عن بعض الحصص واستقرار هذا التنازل بالتسجيل أيضاً بما تتوافر معه صفتهم في النزاع الراهن ، ثم خلصت مما له أصله الثابت بتقرير الخبرة إلى تعذر قسمة عقار النزاع عيناً ، وذهبت إلى إعمال أحكام القسمة بطريق التصفية عن طريق البيع بالمزاد ، والتي خلصت الهيئة العامة في الطعن الأول إلى نقض حكمها في خصوصه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب جميعها يكون غير مقبول.
7- المقرر أن مؤدى نصوص المواد 1160 و 1162 و 1164 و 1166 من قانون المعاملات المدنية - مجتمعة - أن إرادة المشرع قد اتجهت إلى أن طلب أي من الشركاء - حال تعذر قسمة المال الشائع عيناً - إنهاء حالة الشيوع في المال الشائع بطريق التصفية أي بالبيع بالمزاد بالشروط والكيفية المشار إليها بالمادة 1166 سالف البيان يكون بدعوي موضوعية يقيمها هذا الشريك أمام القضاء صاحب الولاية العامة ، حتى إذا ما قُضي له فيها بطلباته بحكم قضائي صار نهائياً، انعقد لقاضي التنفيذ اختصاصه ببيع هذا المال الشائع وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة بقانون الإجراءات المدنية للبيع الجبري ، وباعتباره مختصاً بتنفيذ السندات التنفيذية دون غيرها ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بعد أن تحددت المنازعة أمامه بطلب قسمة العقار الشائع قضاءً بطريق التصفية حسبما تقضي به المواد 1162 و 1164 و 1166 من قانون المعاملات المدنية ، كما قد ثبت له أنه سبق للخصوم وفقاً للثابت بالأوراق ولوج طريق لجنة التسوية العقارية بالبلدية حتى بلغ منتهاه ، بتعذُر الصلح على القسمة العينية بين الشركاء ، وتحصُلهم على كتاب بعدم ممانعة البلدية من لجوئهم إلى قاضيهم الطبيعي ، ومن ثم فإنه إذا كان الأصل أن للشركاء في المال الشائع أو لأيهم - عند الخلاف - اللجوء مباشرة إلى المحكمة المختصة بطلب إنهاء حالة الشيوع على نحو ما سلف بيانه ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تزوير الشهادة الصادرة من البلدية بعدم الممانعة من رفع الدعوى يكون - وأياً كان وجه الرأي في صحته - غير منتج ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
8- المقرر في قضاء محكمة النقض - وفقاً لمؤدى المادة 139 من قانون الإجراءات المدنية - أنه إذا أغفلت المحكمة الحكم في طلب موضوعي قُدم إليها ولم تعرض له في حكمها، فإن هذا الطلب يبقى على حاله معلقاً أمامها ، وعلاج هذا الإغفال يكون بالرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه ، ومن ثم فهو لا يصلح سببًا للطعن بالنقض ، وإذ كان من المقرر أنه لا يُطرح على محكمة الاستئناف من الطلبات التي عُرضت على محكمة أول درجة إلا ما فصلت فيه هذه المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن إغفال محكمة أول درجه الفصل في طلب الطاعنة الثانية المشار إليه بوجه النعي - وأياً كان وجه الرأي في صحة إبدائها له أمام محكمة أول درجة - لا يصلح سبباً للطعن بالنقض ، بل يكون سبيل تداركه إن صح هو الرجوع إلى محكمة أول درجة ، إذ لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، وبالتالي فإن النعي على حكمها المطعون فيه إغفاله الرد على هذا الطلب - الذي لا يجوز له الفصل فيه - يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئة
حيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصًّل في أن الطاعن في الطعن الأول أقام على المطعون ضدهم عدا الأخيرين فيه الدعوى رقم 105 لسنة 2022 مدني جزئي أبو ظبي بطلب الحكم بفرز وتجنيب حصته في المسكن الكائن بأبو ظبي - بني ياس شرق 10 – A قطعة رقم 19 أو بيعها بالمزاد العلني حال تعذر القسمة العينية، مع إلزام المطعون ضدهم المذكورين بمقابل انتفاعهم بحصته في هذا المسكن منذ 19/7/2004 مع الفائدة بواقع 12 % من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد. وقال بياناً لدعواه إنه والمطعون ضدهم يمتلكون المسكن سالف البيان بطريق الميراث، ولرغبته في إنهاء حالة الشيوع، وأحقيته في ريع حصته في المسكن المذكور لعدم انتفاعه بها فقد أقام الدعوى. وبعد أن تم ندب خبير فيها خلص بتقريره إلى تعذر القسمة العينية للمسكن المذكور. وقدم المطعون ضده الأول دعوى متقابلة طعن فيها بالتزوير على سند ملكية هذا المسكن وعلى الشهادة الصادرة من الجهة الإدارية بعدم الممانعة من رفع الدعوى، كما دفع فيها بعدم قبول الدعوى الأصلية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون وبعدم قبولها لرفعها من غير وعلى غير ذي صفة. وبعد إدخال المطعون ضدهما الأخيرين في الدعوى، وبعد أن طلبت الأخيرة - .... - بيع حصتها الشائعة في ذات المسكن بالمزاد العلني، وطلب الطاعن بيع كامل المسكن بالمزاد العلني لاستحالة بيع حصته الشائعة فيه بمجردها للغير بطريق المزايدة، حكمت المحكمة بتاريخ 17/3/2023 في الدعوى الأصلية بالإذن للطاعن والمطعون ضدها الأخيرة ببيع حصتيهما في المسكن محل النزاع بالمزاد العلني مع قصر المزايدة على الشركاء إن طلبوا ذلك بالإجماع، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وفي الدعوى المتقابلة برفضها.
استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 200 لسنة 2023 كما استأنفه المطعون ضدهم الأول والثانية والثالثة والرابع والعاشرة بالاستئناف رقم 204 لسنة 2023، وبتاريخ 22/5/2023 قضت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 136 لسنة 2023 كما طعن عليه المطعون ضدهم الأول والثانية والثالثة والرابع والعاشرة بذات الطريق بالطعن رقم 143 لسنة 2023 ، وإذ عُرِض الطعنان على الدائرة المدنية بمحكمة النقض في غرفة مشورة أمرت بضم الطعن الثاني للأول للارتباط ، ثم قررت إحالتهما إلى رئيس محكمة النقض - وفقاً للمادة 10 مكرراً 3 من القانون رقم 23 لسنة 2006 بشأن دائرة القضاء في إمارة أبو ظبي المضافة بالقانون رقم 13 لسنة 2018 - وذلك للعدول عما سبق وأن أصدرته من أحكام أقرت فيها مبدأً قضائياً يقضي بعدم جواز إجابة طلب الشريك الذي يريد الخروج من الشيوع ببيع كامل العقار الشائع ، إلا بعد القضاء له أولاً ببيع حصته الشائعة فيه ، ثم إذا ما ثبت تعذر بيعها ، يكون له بعد ذلك طلب بيع كامل العقار الشائع ، وإقرار مبدأ جديد يقضي بأنه - حال تعذر قسمة العقار الشائع عيناً أو كان من شأنها إحداث ضرر أو نقص كبير في قيمته - فإنه سواء استعمل الشريك الذي يريد الخروج من الشيوع خياره - على ما سيجيئ - فطلب بيع حصته الشائعة فقط أو طلب بيع كامل العقار الشائع بطريق المزايدة ، فإنه في الحالتين يكون لقاضي الموضوع اتخاذ ما يسَّره له القانون من سُبل في شأن إنهاء حالة الشيوع، وذلك بندب خبير لتقدير قيمة الحصة الشائعة لذلك الشريك في ضوء القيمة الإجمالية لكامل العقار الشائع ، وإعلان باقي الشركاء بذلك التقدير، ودعوتهم للتعبير عن موقفهم بشأن مدى رغبتهم أو أحدهم في شراء الحصة الشائعة المملوكة لطالب القسمة أو تقديمهم مشتر غيرهم لشرائها ، وإذا ما تم الاتفاق على بيع هذه الحصة يقوم قاضي الموضوع بإقرار هذا البيع ، وفي حال تعذر بيعها لعدم رغبة الشركاء في ذلك أو عدم تقديمهم مشتر غيرهم لشرائها ، يحكم ببيع العقار كاملاً بطريق المزايدة متى انتفت موانعه الوارد بالمادة 1166 المذكورة، وذلك وفق القواعد المقررة في قانون الإجراءات المدنية في شأن البيع الجبري. هذا وقد أرفقت الدائرة المدنية المذكرة التي رفعتها لرئيس محكمة النقض بأسباب العدول، كما أرفقت الأحكام السابق صدورها منها في الطعون أرقام 38 لسنة 2021 و135 لسنة 2021 و121 و124 لسنة 2021و 22 لسنة 2023 نقض مدني، وإذ حدد رئيس المحكمة جلسة لنظر الطعنين أمام هذه الهيئة فقد قررت حجزهما للحكم لجلسة اليوم.
وحيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الحكم المستأنف قد قضى ببيع حصة الطاعن في الطعن الأول والمطعون ضدها الأخيرة فيه بالمزاد العلني ، وقد تمسك الطاعن المذكور أمام محكمة الاستئناف بأن طلبه الختامي أمام محكمة أول درجة قد انصب على بيع كامل العقار الشائع بالمزاد العلني لاستحالة بيع حصته بمفردها بطريق المزايدة ، وقد واجه الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بما جرى عليه قضاء الدائرة المدنية بمحكمة النقض من أنه لا يجوز إجابة طلب الشريك ببيع كامل العقار الشائع إلا بعد القضاء له أولاً ببيع حصته الشائعة فيه ، ثم إذا ما ثبت تعذر بيعها يكون له بعد ذلك طلب بيع كامل العقار الشائع ، ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه برفض دفاع الطاعن سالف الذكر وتأييد الحكم المستأنف ببيع حصته وحصة المطعون ضدها الأخيرة بالمزاد العلني ، وإذ كان ذلك ، وكان مؤدى نصوص المواد 1152 و 1160 و 1161 و1162 و 1163 و 1164 و 1165 و 1166 وما بعدها من قانون المعاملات المدنية أن المشرع نظم حالة تعدد الملاك لشيء واحد - أي الشيوع - الذي من شأنه أن يجعل استغلال المال الشائع أكثر تعقيداً مما لو انفرد بملكيته شخص واحد ، لذلك وضع القواعد القانونية التي تيسر القيام بأعمال إدارة هذا المال ، وأعمال التصرف فيه ، ثم عرض لقسمته رضاءً بموافقة جميع الشركاء ، ثم قسمته قضاءً ، فقرر بحق كل شريك في طلب القسمة القضائية ، ونظم كيفية إجرائها ، بحيث إذا تبين للمحكمة أن المال الشائع لا يمكن قسمته عيناً ، أو تبين لها أن قسمته عيناً من شأنها أن تنقص من قيمته نقصاً كبيراً ، فإنها تعدل عن طلب القسمة العينية إلى القسمة بطريق التصفية ، وذلك بأن تحكم بأن يُباع المال بالمزاد بالطريقة المبينة في قانون الإجراءات المدنية للبيع الجبري. وقد كان المشرع يرى بنص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية - قبل تعديلها بالمرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2020 - أن الشركاء أنفسهم قد يرون قصر المزايدة عليهم لاعتبارات يقدرونها، فقرر بحقهم في طلب قصر المزايدة عليهم دون غيرهم إذا طلبوا ذلك بالإجماع، إلا أنه بموجب التعديل الذي أدخله على هذه المادة بموجب المرسوم بقانون سالف البيان قد عدَل عن التقيُد بهذا المنطق الصارم الذي كان يقتضي إجماع الشركاء، فجعل قصر المزايدة عليهم يكفي لتقدير إجابته أن يطلبه أحدهم. وإذ كان مؤدى نص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية بعد تعديلها بموجب المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2020 مقروناً بمؤدى نصوص المواد 1160 و 1162 و 1164 من ذات القانون - بوصفها جميعاً وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً وبالنظر إلى الغاية المقصودة منها بحسبان أنها جميعاً تستهدف تنظيم إنهاء حالة الشيوع - أن الشريك الذي يريد الخروج من الشيوع إذا تعذر عليه التوافق مع باقي الشركاء أو مع أحدهم على بيع حصته الشائعة رضاءً ، جاز له أن يولي وجهه شطر قاضيه الطبيعي بطلب إنهاء حالة الشيوع قضاءً ، وصولاً إلى فرز وتجنيب حصته إذا كان المال مما يقبل القسمة عيناً ، أو إلى القسمة بطريق التصفية - أي البيع بطريق المزاد - إذا تعذرت القسمة العينية أو كان يترتب عليها ضرر كبير ، وفي هذه الحالة الأخيرة ، إذا قصر هذا الشريك طلبه على بيع حصته في العقار الشائع ، فإنه وإن كان نطاق الدعوى يتحدد بهذا الطلب الذي أبداه إلا أن العبرة بحقيقة هذا الطلب ومبناه لا بالألفاظ التي صِيغ بها ، ومن ثم فلمحكمة الموضوع أن تحكم بما تضمنه نطاق هذا الطلب لزوماً وواقعاً ، وإذ كان طلب الشريك الذي يريد الخروج من الشيوع بيع حصته في العقار الشائع هو في حقيقته ومبناه - بطريق اللزوم - طلب بقسمة هذا العقار بين الشركاء المشتاعين بطريق التصفية ، وحصول ذلك الشريك على مقابل حصته في ثمنه ، مما يوجب على المحكمة عندئذٍ - وصولاً للقضاء له بحقيقة ومبنى طلبه - الحكم ببيع كامل العقار الشائع بطريق المزايدة ، وإذ كان ذلك ، وكان الشيوع في الملكية هو أهم صور الشيوع وأكثرها تحققاً في الواقع ، فقد منح المشرع - بمقتضى دلالة عبارة نص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية - لقاضي الموضوع سلطة تقديرية واسعة وهو بصدد القسمة بطريق التصفية منها رفض طلب البيع إذا ترتب عليه ضرر كبير بباقي الشركاء ، وهو ما مؤداه أن هذا النص قد جاء مقرراً لمصلحة الشركاء جميعاً ، بما يوجب على قاضي الموضوع أن يقيم قضاءه وهو بصدد قسمة التصفية على ضوء هذه المصلحة فيتخذ من السُبل ما يتفادى به الصعوبات التي قد تنشأ عن بيع حصة ذلك الشريك بمعزل عن باقي العقار الشائع، اعتباراً بأن نظام البيع بالمزاد في ذاته يتضمن قدراً من التعقيد لا سيما إذا ما اقتصر البيع على حصة شائعة في عقار شائع ، وبالتالي فإن ذلك الشريك إذا ما قصر طلبه على بيع حصته الشائعة فقط ، أو طلب بيع كامل العقار الشائع - باعتباره طلباً يتسع ليشمل بيع حصته الشائعة فيه، واعتباراً بأن طلبه هذا أو ذاك بات خياراً مقرراً لمصلحته بعد أن فوت باقي الشركاء على أنفسهم فرصة شراء حصته رضاءً بالقيمة التي يرتضيها قبل ولوجه طريق القسمة القضائية، يكون لقاضي الموضوع في الحالتين اتخاذ ما يسَّره له القانون من سُبل في شأن إنهاء حالة الشيوع، وذلك بندب خبير لتقدير قيمة الحصة الشائعة لذلك الشريك في ضوء القيمة الإجمالية لكامل العقار الشائع ، وإعلان باقي الشركاء بذلك التقدير، ودعوتهم للتعبير عن موقفهم بشأن مدى رغبتهم أو أحدهم في شراء الحصة الشائعة المملوكة لطالب القسمة أو تقديمهم مشتر غيرهم لشرائها ، وإذا ما تم الاتفاق على بيع هذه الحصة يقوم قاضي الموضوع بإقرار هذا البيع، وفي حال تعذر بيعها لعدم رغبة الشركاء في ذلك أو عدم تقديمهم مشتر غيرهم لشرائها ، يحكم ببيع العقار كاملاً بطريق المزايدة متى انتفت موانعه الوارد النص عليها بالمادة 1166 المذكورة، وذلك وفق القواعد المقررة في قانون الإجراءات المدنية في شأن البيع الجبري. وإذ كان ذلك، فإن الهيئة تنتهي إلى هذا النظر المتقدم بالأغلبية المنصوص عليها بالمادة 10 مكرر 3 من القانون رقم 23 لسنة 2006 بشأن دائرة القضاء في إمارة أبو ظبي - المضافة بالقانون رقم 13 لسنة 2018 - وتعدل عن المبدأ الذي قررته الأحكام التي ارتأت غير ذلك.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه الهيئة أنه إذا أحالت إحدى الدوائر بالمحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة العامة لمحكمة النقض للنظر في العدول عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضاً من المبادئ القضائية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين فلا تُعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوعه.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولاً – الطعن رقم 136 لسنة 2023:
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول والوجه الثاني من السبب الرابع منها الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ، وفي بيان ذلك يقول إنه بعد أن تعذرت قسمة عقار النزاع عيناً قد طلب بمذكرة دفاعه المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 16/11/2022 بيع كامل العقار الشائع بالمزاد العلني ، بما يعد نزولاً منه عن طلبه بصحيفة دعواه ببيع حصته الشائعة فيه فقط ،إلا أن الحكم المستأنف اقتصر على القضاء ببيع حصته وحصة المطعون ضدها الأخيرة في العقار المذكور ، وإذ تمسك أمام محكمة الاستئناف ببيع كامل العقار لاستحالة بيع هاتين الحصتين ، كما قرر أغلب الشركاء ببيع كامل العقار بالمزاد العلني ، فقد رفضت المحكمة هذا الطلب على سند من أنه لا يجوز عملاً بنص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية إجابة طلبه ببيع كامل العقار الشائع إلا بعد القضاء أولاً ببيع حصته الشائعة فيه فقط ، ثم إذا ما ثبت تعذر بيعها يكون له بعد ذلك معاودة الطلب ببيع كامل العقار الأمر الذي يعيب حكمها المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ، ذلك أنه لما كانت الهيئة العامة قد انتهت سلفاً إلى إقرار المبدأ الذي يقضي بأنه - حال تعذر قسمة العقار الشائع عيناً أو كان من شأنها إحداث ضرر أو نقص كبير في قيمته - فإنه سواء استعمل الشريك الذي يريد الخروج من الشيوع خياره فطلب بيع حصته الشائعة فقط أو طلب بيع كامل العقار الشائع بطريق المزايدة ، فإنه في الحالتين يكون لقاضي الموضوع اتخاذ ما يسَّره له القانون من سُبل في شأن إنهاء حالة الشيوع ، وذلك بندب خبير لتقدير قيمة الحصة الشائعة لذلك الشريك في ضوء القيمة الإجمالية لكامل العقار الشائع ، وإعلان باقي الشركاء بذلك التقدير، ودعوتهم للتعبير عن موقفهم بشأن مدى رغبتهم أو أحدهم في شراء الحصة الشائعة المملوكة لطالب القسمة أو تقديم مشتر غيرهم لشرائها ، وإذا ما تم الاتفاق على بيع هذه الحصة يقوم قاضي الموضوع بإقرار هذا البيع ، ومتى تعذر بيعها لعدم رغبة الشركاء في ذلك أو تقديم مشتر غيرهم لشرائها ، يحكم ببيع العقار كاملاً بطريق المزايدة متى انتفت موانعه الوارد النص عليها بالمادة 1166 المذكورة، وذلك وفق القواعد المقررة في قانون الإجراءات المدنية في شأن البيع الجبري. والعدول عن المبدأ الذي قررته الأحكام التي ارتأت غير ذلك ، وإذ كان ذلك ، وكان الثابت أن الطاعن - بعد أن أثبت خبير الدعوى تعذُر قسمة عقار النزاع عيناً - قد طلب بمذكرة دفاعه المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 16/11/2022 بيع كامل العقار الشائع بالمزاد العلني ، غير أن المحكمة قضت ببيع حصته وحصة المطعون ضدها الأخيرة فقط ، وإذ تمسك أمام محكمة الاستئناف ببيع كامل العقار لاستحالة بيع هاتين الحصتين بمعزل عن العقار بأكمله ، فقد رفضت المحكمة هذا الطلب وشاطرت محكمة أول درجة في قضائها ببيع هاتين الحصتين فقط على سند من أنه لا يجوز عملاً بنص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية إجابة طلبه ببيع كامل العقار الشائع إلا بعد القضاء له أولاً ببيع حصته الشائعة فيه ، ثم إذا ما ثبت تعذر بيعها يكون له بعد ذلك معاودة الطلب ببيع كامل العقار الشائع ، فإن حُكمها المطعون فيه يكون قد مسَّه الخطأ في تأويل النص القانوني سالف الذكر مما جره إلى القصور المبطل ، إذ كان لزاماً عليه أن يقضي بندب خبير متخصص لتقدير قيمة الحصة الشائعة لذلك الشريك في ضوء القيمة الإجمالية لكامل العقار الشائع ، وإعلان باقي الشركاء بذلك التقدير ، وصولاً للحكم ببيع كامل العقار بطريق المزايدة إذا ما أحجموا عن شراء تلك الحصة أو لم يتوافقوا مع ذلك الشريك على شرائها وفقاً لذلك التقدير، الأمر الذي يعيبه في هذا الخصوص ويوجب نقضه ، وإذ كان موضوع النزاع وهو يدور حول طلب قسمة مال شائع أمر غير قابل للتجزئة ، فإن نقض الحكم بالنسبة لما قضى به من قصر البيع على حصة الطاعن يستوجب نقضه بالنسبة لما قضى به من بيع حصة المطعون ضدها الأخيرة - ولو لم تطعن عليه - منعاً لتضارب الأحكام ، باعتبارها قاعدة آمرة تتعلق بالنظام العام ، يُقصد بها توحيد القضاء في الخصومة الواحدة ، وتُعْمِلُهَا الهيئة من تلقاء نفسِها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث والوجه الأول من السبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن المطعون ضدهم من الأول للخامس يستأثرون بالانتفاع بعقار النزاع دونه وأنه طلب إلزامهم بمقابل انتفاعهم بحصته باعتباره تعويضاً عن غصبهم لها غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الطلب تأسيساً على أسباب لا تؤدى إلى ما انتهى إليه وبالمخالفة لما أثبته تقرير الخبرة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك بأنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه ولئن كان للشريك على الشيوع أن يرجع بريع حصته على الشركاء الذين يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم كل بقدر نصيبه في هذه الزيادة ، إلا أن شرط ذلك أن يأتي هؤلاء الشركاء بما يحول بين ذلك الشريك وبين الانتفاع بحصته وعلى الأخير إثبات ذلك بكافة الطرق ، وأن محكمة الموضوع في هذا الخصوص إذا ما استخلصت الواقع الذي اقتنعت به أو أقامته على ما يكفي لحمله ، فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بمتابعة الخصوم فيما يدلون به من الحجج والرد على كل منها استقلالاً، إذ أن إقامتها للحقيقة التي اقتنعت بها ينطوي على الرد الضمني المسقط لما أغفلته من تلك الحجج . لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد واجه دفاع الطاعن المشار إليه بوجه النعي وانتهى إلى رفضه على سند مما أورده بمدوناته من أنه " لم يقدم الحاضر عن المدعي ما يبين أن المدعى عليهم اعترضوا على إقامة المدعي بالمسكن ولم يقدم ما يفيد أن المدعى عليهم قاموا بتأجير جزء أو كل العقار للغير أو أنه كان يدر دخلاً، ولذلك فإن مجرد إقامة المدعى عليهم في عقار القطعة رقم .... بصفتهم مالكين فيه على الشيوع وإقامتهم في المسكن الشعبي بصفتهم ملاكاً على الشيوع لا يرتب مسؤوليتهم قبل المدعي ما لم يكونوا قد قاموا بمنع أو حرمان المدعي من استغلال حصته في العقار السكني أو المسكن الشعبي وقد خلت الأوراق مما يفيد قيام المدعى عليهم بحرمان المدعي من استغلال نصيبه في القطعة السكنية والمسكن الشعبي سالفي الذكر أو طرده منه .. " وإذ أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه التي جاءت سائغة ومقبولة ولها معينها الصحيح من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بغير مخالفة للقانون وتكفي للرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد ، فإن ما يثيره الأخير في هذا الخصوص وحول مشاطرة الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف التي تقوم على ما تكشًّف لمحكمة أول درجة من ظروف الدعوى وملابساتها لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير موضوعي سائغ لمحكمة الموضوع بدرجتيها وفي سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأوجه غير مقبول.
ثانياً – الطعن رقم 143 لسنة 2023:
حيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول منها مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره وتأويله، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه اعتبر استئنافهم رقم 204 لسنة 2023 استئنافاً فرعياً رغم أنه مقام خلال مدة الثلاثين يوماً المقررة للطعن بالاستئناف بما لا يعد معه استئنافاً فرعياً الأمر الذي يصم الحكم المطعون فيه بالقصور في أسبابه وانعدامها وتناقضها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء محكمة النقض أنه إذا رفع المستأنف ضده استئنافاً فرعياً أو استئنافاً مقابلاً فإن النزاع الذي قضت فيه محكمة أول درجة ينتقل برمته إلى محكمة الاستئناف وفي حدود المطلوب بالاستئناف الأصلي والاستئناف الفرعي أو المقابل ويصبح لمحكمة الاستئناف سلطة الفصل في النزاع المعروض عليها من كافة وجوهه سواء لمصلحة المستأنف الأصلي أو رافع الاستئناف الفرعي أو المقابل ، وإذ كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه صدر في الاستئنافين رقمي 200 و 204 لسنة 2023 المُقام أولهما من المطعون ضده الأول ، وثانيهما من الطاعنين ، وذلك طعناً على الحكم الصادر في الدعوى رقم 105 لسنة 2022 مدني أبوظبي ، وأن محكمة الاستئناف قد أوردت مجملاً لوقائع الدعوى ، وطلبات الخصوم فيها ، وخلاصة موجزة لدفوعهم وأوجه دفاعهم ، ثم أوردت أسباب قضائها في الاستئنافين ، وخلُصت في منطوق حُكمها إلى القضاء برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون بشأن ما أورده الحكم المطعون فيه من وصف استئنافهم بأنه استئناف فرعي حال أنه استئناف مقابل يكون غير منتج ، كما أن ما يثيرونه بشأن قصور أسباب الحكم وانعدامها وتناقضها فضلاً عن أنه غير صحيح ، فإنه نعي قاصر البيان ومجهل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني والوجه الأول من السبب الثالث والسبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدها السابعة ببيع حصتها في عقار النزاع رغم عدم طلبها ذلك وفقاً لما يتطلبه قانون الإجراءات المدنية ودون سداد رسم عن هذا الطلب ، كما رفض الحكم استئنافهم رغم أن الحكم المستأنف قد أخطأ في تطبيق نص المادة 1166 من قانون المعاملات المدنية حين قضى بأن يكون البيع بالمزاد العلني إذا طلب الشركاء ذلك بالإجماع، رغم أن التعديل الذي أدخله المشرع على هذا النص بالمرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2020 قد قصر المزايدة على الشركاء إذا طلب أحدهم ذلك مما يكون معه الحكم قد أعمل حكم النص القديم الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الهيئة العامة قد انتهت سلفاً - وهي في معرض قضائها في الطعن الأول رقم 136 لسنة 2023 - إلى نقض الحكم المطعون فيه في خصوص قضائه ببيع حصة المطعون ضده الأول وحصة المطعون ضدها السابعة بمعزل عن باقي العقار الشائع، وهو ما يستتبع نقضه فيما ترتب عليه من قضاء بشأن ما أمرت به المحكمة من قصر المزايدة على الشركاء إذا طلبوا ذلك بالإجماع، ومن ثم فإن هذا النعي برمته يكون قد زال محله وبالتالي يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الثالث والسبب الخامس والوجه الثاني من السبب السابع الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم لم يستهل قضاءه ببحث الملكية ثم إثبات تعذر القسمة ثم إثبات حصول نقص كبير في العقار حال قسمته والجزم بحصول الضرر بالعقار لكثرة الشركاء وكان يجب الانتقال إلى البلدية لبيان الملاك الفعليين للعقار وتسلسل الملكية وعوائقها وبيان من له منحة ومن ليس له منحة وقت وفاة المورث وصولاً إلى تحقيق فعلي للملكية ، كما أن محكمة الموضوع بدرجتيها رفضت طلبهم إدخال البلدية وديوان شؤون الرئاسة لإثبات عدم أحقية المطعون ضدهما الأول والسابعة وأخرين في الحصة الميراثية من الأساس لكونهم يخفون ملكيات منازل لهم بالمنحة من الحكومة وكان القانون وقت وفاة المورث يُلزم كل من لديه منحة أن يتنازل عن الميراث أو يرد المنحة ، وإذ طعنوا بالتزوير على سند الملكية وشهادة القيد ولم تحقق المحكمة طعنهم مما ترتب عليه دخول سالفي الذكر في الميراث في عقار النزاع دون وجه حق في حين كان يتوجب على البلدية إلغاء إدراج أسمائهم بسند ملكية هذا العقار الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود ، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء محكمة النقض أن سند الملكية - Ownership Deed - الذي يُستخرج من إدارة تسجيل العقارات المختصة وفقاً لبيانات الصحيفة العقارية بالسجل العقاري يُعد هو الوسيلة الوحيدة لإثبات ملكية العقار لأن نظام التسجيل - وفقاً لقانون تنظيم التسجيل العقاري بإمارة أبو ظبي - لا يقوم على تسجيل الحجج والأدلة ، وإنما يقوم على تأمين وإثبات الملكية ذاتها لمن سُجلت في اسمه ، تكريساً لمبدأ مصداقية السجل العقاري الذي يُعد حجة قاطعة ومرآة صادقة فيما اشتمل عليه -Indefeasible register of title - وإذ كان من المقرر في قضاء محكمة النقض أيضاً أنَّ الادعاء بالتزوير لا يكون مقبولاً إذا وضِع بصيغة عامة مبهمة غير مقطوع فيها بشيء ، وكذلك إذا لم يكن مقروناً بالدليل عليه وإجراءات تحقيق الخطوط التي يطلب مُدعي التزوير إثبات التزوير بها ، وفي هذه الحالة يُعتبر إثارة تزوير المحرر دفاعاً غير جوهري لا تلتزم محكمة الموضوع بإثارته أو الرد عليه كونه مُرسلاً غير مؤيد بالدليل ، وكان مؤدى نص المادة 179 من قانون الإجراءات المدنية أنه يتعين لقبول سبب الطعن أن يكون واضحاً محدداً وعلى صورة يتيسر معها فهم موضوع الخطأ القانوني الذي وقع فيه الحكم المطعون فيه والقواعد القانونية التي خولفت وجرّت مخالفتها إلى هذا الخطأ ، فلا يُقبل من الطاعن إيراد سبب من أسباب الطعن في صياغة مبهمة مجهلة ، لما كان ذلك ، وكان الطاعنون قد اقتصروا في إيراد هذا النعي على الإشارة إلى أن هناك قانوناً يُلزم كل من لديه منحة من الورثة أن يتنازل عن الميراث أو يرد المنحة ، دون أن يبينوا ماهية هذا القانون وأحكامه التي خالفها الحكم المطعون فيه وموضع هذه المخالفة منه وأثرها في قضائه ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون قاصراً في بيانه ومجهلاً ومن ثم غير مقبول . ولما كان ذلك ، وكان مفاد نص المادة 1219 من قانون المعاملات المدنية أن الميراث يعد سبباً من أسباب كسب ملكية العقارات المخلفة عن المورث شرعاً ، وكون الملكية فيها على الشيوع لا ينال من حق الوارث كمالك يشتمل حقه على جميع عناصر الملكية التي تخوله الاستعمال والاستغلال والتصرف وأنه يملك ملكية فردية حصته في المال الشائع وينصب حقه مباشرة على هذه الحصة ، في أن يكون له الحق في طلب القسمة العينية أو القسمة بطريق التصفية إذا تعذرت القسمة عيناً ، وإذ كان ذلك ، وكان الطاعنون لا يمارون في ملكية مورث طرفي النزاع لعقار التداعي ، كما لم ينازعوا في تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم في الإرث ، فإن ما يثيرونه بشأن طعنهم بالتزوير على سند ملكية مورثهم المسجل لعقار النزاع وشهادة القيد ثم سند ملكية الورثة المسجل بعد تصرف بعضهم البعض في بعض الحصص ، دون بيان لشواهد التزوير وفي صورة مجملة معماة ومجهلة وطلبهم إدخال البلدية وديوان شؤون الرئاسة للوقوف على تسلسل الملكية يكون نعياً غير ذي جدوي وقاصر البيان ومن ثم لا أثر له في شأن ما خلصت إليه محكمة الموضوع - صحيحاً - من ملكية مورث طرفي النزاع لعقار التداعي ثم التنازل فيما بين بعض الورثة عن بعض الحصص واستقرار هذا التنازل بالتسجيل أيضاً بما تتوافر معه صفتهم في النزاع الراهن ، ثم خلصت مما له أصله الثابت بتقرير الخبرة إلى تعذر قسمة عقار النزاع عيناً ، وذهبت إلى إعمال أحكام القسمة بطريق التصفية عن طريق البيع بالمزاد ، والتي خلصت الهيئة العامة في الطعن الأول إلى نقض حكمها في خصوصه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب جميعها يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب السادس والوجهين الأولين من السببين السابع والثامن القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إنهم دفعوا بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون إذ رُفعت بالمخالفة للتعميم الإداري رقم 10 لسنة 2019 وقد تمسكوا بتزوير الشهادة المقدمة بعدم ممانعة البلدية من إقامة هذه الدعوى، وإذ لم يُقسط الحكم هذا الدفاع حقه من البحث وذهب إلى قبول الدعوى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك أن مؤدى نصوص المواد 1160 و 1162 و 1164 و 1166 من قانون المعاملات المدنية - مجتمعة - أن إرادة المشرع قد اتجهت إلى أن طلب أي من الشركاء - حال تعذر قسمة المال الشائع عيناً - إنهاء حالة الشيوع في المال الشائع بطريق التصفية أي بالبيع بالمزاد بالشروط والكيفية المشار إليها بالمادة 1166 سالف البيان يكون بدعوي موضوعية يقيمها هذا الشريك أمام القضاء صاحب الولاية العامة ، حتى إذا ما قُضي له فيها بطلباته بحكم قضائي صار نهائياً ، انعقد لقاضي التنفيذ اختصاصه ببيع هذا المال الشائع وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة بقانون الإجراءات المدنية للبيع الجبري ، وباعتباره مختصاً بتنفيذ السندات التنفيذية دون غيرها ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بعد أن تحددت المنازعة أمامه بطلب قسمة العقار الشائع قضاءً بطريق التصفية حسبما تقضي به المواد 1162 و 1164 و 1166 من قانون المعاملات المدنية ، كما قد ثبت له أنه سبق للخصوم وفقاً للثابت بالأوراق ولوج طريق لجنة التسوية العقارية بالبلدية حتى بلغ منتهاه ، بتعذُر الصلح على القسمة العينية بين الشركاء ، وتحصُلهم على كتاب بعدم ممانعة البلدية من لجوئهم إلى قاضيهم الطبيعي ، ومن ثم فإنه إذا كان الأصل أن للشركاء في المال الشائع أو لأيهم - عند الخلاف - اللجوء مباشرة إلى المحكمة المختصة بطلب إنهاء حالة الشيوع على نحو ما سلف بيانه ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تزوير الشهادة الصادرة من البلدية بعدم الممانعة من رفع الدعوى يكون - وأياً كان وجه الرأي في صحته - غير منتج ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الثامن مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بصحيفة استئنافهم بأن محكمة أول درجة أغفلت الفصل في الطلب العارض المقدم من الطاعنة الثانية بندب خبير لتقدير تكلفة الصيانة التي أجرتها بالعقار محل النزاع، وإذ أغفلت محكمة الاستئناف بدورها تناول هذا الطلب والرد عليه فإن حكمها المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك بأنه لما كان المقرر في قضاء محكمة النقض - وفقاً لمؤدى المادة 139 من قانون الإجراءات المدنية - أنه إذا أغفلت المحكمة الحكم في طلب موضوعي قُدم إليها ولم تعرض له في حكمها، فإن هذا الطلب يبقى على حاله معلقاً أمامها ، وعلاج هذا الإغفال يكون بالرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه ، ومن ثم فهو لا يصلح سببًا للطعن بالنقض ، وإذ كان من المقرر أنه لا يُطرح على محكمة الاستئناف من الطلبات التي عُرضت على محكمة أول درجة إلا ما فصلت فيه هذه المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن إغفال محكمة أول درجه الفصل في طلب الطاعنة الثانية المشار إليه بوجه النعي - وأياً كان وجه الرأي في صحة إبدائها له أمام محكمة أول درجة - لا يصلح سبباً للطعن بالنقض ، بل يكون سبيل تداركه إن صح هو الرجوع إلى محكمة أول درجة ، إذ لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، وبالتالي فإن النعي على حكمها المطعون فيه إغفاله الرد على هذا الطلب - الذي لا يجوز له الفصل فيه - يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول.
لذلك
حكمت الهيئة العامة:
- أولاً: بإقرار المبدأ الذي يقضي بأنه - حال تعذر قسمة العقار الشائع عيناً أو كان من شأنها إحداث ضرر أو نقص كبير في قيمته - فإنه سواء استعمل الشريك الذي يريد الخروج من الشيوع خياره فطلب بيع حصته الشائعة فقط أو طلب بيع كامل العقار الشائع بطريق المزايدة ، فإنه يكون لقاضي الموضوع في الحالتين اتخاذ ما يسَّره له القانون من سُبل في شأن إنهاء حالة الشيوع، وذلك بندب خبير لتقدير قيمة الحصة الشائعة لذلك الشريك في ضوء القيمة الإجمالية لكامل العقار الشائع ، وإعلان باقي الشركاء بذلك التقدير ودعوتهم للتعبير عن موقفهم بشأن مدى رغبتهم أو أحدهم في شراء الحصة الشائعة المملوكة لطالب القسمة أو تقديمهم مشتر غيرهم لشرائها ، وإذا ما تم الاتفاق على بيع هذه الحصة يقوم قاضي الموضوع بإقرار هذا البيع ، وفي حال تعذر بيعها لعدم رغبة الشركاء في ذلك أو عدم تقديمهم مشتر غيرهم لشرائها ، يحكم ببيع العقار كاملاً بطريق المزايدة متى انتفت موانعه الوارد بالمادة 1166 المذكورة، وذلك وفق القواعد المقررة في قانون الإجراءات المدنية في شأن البيع الجبري.
- ثانياً: في الطعن رقم 136 لسنة 2023 نقض مدني أبو ظبي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وألزمت المطعون ضدهم عدا الحادية عشرة نصف الرسم والمصروفات والطاعن النصف الأخر مع مصادرة نصف التأمين ورد نصفه الأخر للطاعن، وفي موضوع الاستئناف رقم 200 لسنة 2023 مدني أبو ظبي - وفي خصوص ما تم نقضه - بإعادته للدائرة الاستئنافية المختصة للفصل فيه وفقاً للمبدأ القضائي المتقدم وأبقت الفصل في المصروفات.
- ثالثاً: في الطعن رقم 143 لسنة 2023 نقض مدني أبو ظبي برفضه وألزمت الطاعنين الرسم والمصروفات مع مصادرة التأمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق