بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 20-03-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 198 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ف. ا.
مطعون ضده:
ل. ل. ذ.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2309 استئناف تجاري بتاريخ 12-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر / سامح إبراهيم محمد وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في ان المطعون ضدها أقامت الدعوى 5289 لسنة 2023 تجاري علي -انار ماداتلى- غير مختصم في الطعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليها مبلغ وقدرة 3,000,000 درهم عبارة عن قيمة عمولة بيع العقار ومبلغ 3,000,000 درهم كتعويض عما اصابها من اضرار و خسائر وفائدة قانونية 5% من تاريخ الاستحقاق وحتي السداد التام. وقالت بيانا لذلك أنها شركة مصرح لها بالعمل في الدولة في مجال الوساطة العقارية، وأنه بتاريخ 06/11/2023 تم توقيع اتفاقية بينها وبين -المدعي عليه- بصفته ممثلا عن الطاعنة بموجب وكالة قانونية منها نص فيها علي موافقته على سداد رسوم الوكالة -عمولة- مبلغ وقدره 3,000,000 عند اتمام التنازل عن العقار - الكائن في هيلز فيو 68 دبي ? إلا أنه استطاع مقابلة مالك العقار مباشرة والكذب عليها بأخبارها بأن الصفقة قد ألغيت ولا يريدون شراء العقار لتغيير رأيهم وذلك لإدخال وكالة مختلفة للحصول على العمولة المدفوعة من المشتري الاخر. وتمكن المدعي عليه من ابرام العقد مع وسيط عقاري اخر عن ذات العقار ونقل ملكيته إلى الطاعنة ومن ثم فقد أقامت الدعوى. أدخلت المطعون ضدها الطاعنة خصما في الدعوى لإلزامها بالمبلغ المطالب به بالتضامن والتضامم مع المدعي عليه، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2309 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 12-2- 2025 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض التعويض والقضاء مجددا بإلزام المستأنف ضدها الثانية بأن تؤدى للمستأنفة مبلغ مليون درهم والفوائد القانونية 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الراهن بموجب صحيفة الكترونية أودع مكتب إدارة الدعوى لدى هذه المحكمة في تاريخ 19-2-2025 بطلب نقض الحكم المطعون فيه، وقدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعها طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استند في قضائه علي تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، وقضي باستحقاق المطعون ضدها لمبلغ تعويض قدره مليون درهم رغم أنه غير مرخص لها القيام بأعمال الوساطة المطالبة وخلت أوراق الدعوى ومستنداتها من عقد وساطة عقارية مؤشر عليه بسجلات الوحدة العقارية موضوع الدعوي الماثلة لدي دائرة الأراضي والأملاك، وكما التفت عن دفاعها الذي تمسكت به من انكارها من وجود عقد وساطة عقارية فيما بينها وبين المطعون ضدها مؤشر عليه بسجلات الوحدة العقارية موضوع الدعوي الماثلة لدي دائرة الأراضي والأملاك يعود للمطعون ضدها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن عقد السمسرة عقدا يلتزم السمسار بمقتضاه- في نظير عمولة معينة يتقاضاها من عميله- إما بالعثور على شخص يرتضي التعاقد مع هذا العميل، وإما بإقناع شخص معين عن طريق التفاوض بالتعاقد مع هذا العميل، وكان مؤدى ذلك أن السمسار لا يستحق- في الأصل- أجراً عن عمله إلا إذا تم العقد الذي يتوسط فيه، ولكن قد يحدث أن يؤدي السمسار كل ما يجب عليه لكي يتم هذا العقد فيقدم إلى عميله متعاقدا مناسبا يقبل الشروط التي يعرضها العميل ومع ذلك لا يتم العقد إما لخطأ العميل أو تعنته أو لأنه قد عدل عن إبرام الصفقة لسبب أخر وعندئذ لا يستحق السمسار أجراً أو عمولة- إذ أن الأجر أو العمولة مشروط بإتمام العقد بين المتعاقدين- والفرض انه لم يتم، ولكن ذلك لا يمنع من أن يستحق السمسار تعويضا من العميل الذي فوضه في ذلك عن جهود الوساطة التي بذلها، وهذا التعويض أساسه المسئولية العقدية المستندة إلى عقد السمسرة، ذلك إن السمسار قد قام بأداء التزامه كاملا ونجح فيما كلفه به عميله وكان يجب أن يستحق أجراً أو عمولة بتمام العقد المنشود، ولذا فان خطأ العميل أو تعنته أو عدوله الاختياري عن إبرام العقد أو إتمام الصفقة يعتبر إخلالا منه بالتزام تعاقدي- وهو الالتزام بتنفيذ عقد السمسرة طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع حسن النية، فيترتب على ذلك آن يستحق السمسار تعويضا يحكم به القضاء. ومن المقرر أيضا أن تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة في تحديد مبلغ التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام أن القانون لم يوجب اتباع معايير معينة للتقدير ولا معقب عليها في ذلك من محكمة التمييز مادام أنها قد أبانت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض عنها من واقع ما هو مطروح عليها في الأوراق. وكذلك من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة عليه ومنها تقرير الخبير المنتدب باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، وأنها متى رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءاً من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه وأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير متى كان استخلاصها سائغاً، وهي غير ملزمة من بعد بتتبع كل الحجج التي يسوقها الخصوم طالما كان في أخذها بالأدلة التي أسست عليها حكمها ما يتضمن الرد الضمني المسقط لتلك الحجج وكان حكمها يقوم على أسباب تكفي لحمله وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون قد انتهى إلى عدم أحقية المطعون ضدها لمبلغ السمسرة تأسيسا على أنه رغم قيام المطعون ضدها بتنفيذ التزاماتها المتفق عليها بالتوسط بين البائع والمشتري إلا أن العقد لم يتم إبرامه وتسجيله بدائرة الأراضي، وقضي باستحقاقها لمبلغ التعويض المقضي به على ما أورده بمدوناته "... وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وجود علاقة وكالة عقارية سببها رغبة المستأنف ضدها الثانية في شراء العقار محل العمولة موضوع الدعوى الكائن في إمارة دبي عن طريق وكيلها المستأنف ضده الأول وبوساطة المستأنفة المرخص لها بمزاولة النشاط وأحد الوسطاء العقاريين المروجين للعقار موضوع الدعوى وسند العلاقة بين الأطراف اتفاقية الوكالة العقارية المبرمة بين المستأنفة والمستأنف ضده الأول بصفته وكيل المستأنف ضدها الثانية والمؤرخة في تاريخ 06/11/2023 وأن التزامات المستأنفة بصفتها وسيط عقاري تتمثل في التوسط للتفاوض بين بائع العقار والمستأنف ضدها الثانية المشتري عن العقار الكائن في إمارة دبي مجمع حدائق الشيخ محمد بن زايد هيلز ارض رقم 104، والتزامات المستأنف ضده الأول بصفته وكيل المستأنف ضدها الثانية تتمثل في دفع رسوم وكالة (عمولة) قدرها 3,000,000 درهم في تاريخ إتمام التنازل عن العقار وأن المستأنفة نفذت التزاماتها المتفق عليها بالتوسط بين البائع والمشتري عن العقار محل العمولة موضوع الدعوى وأن المستأنف ضدهما أخلا بالتزامهما المتفق عليه مع المستأنفة وبدون سبب وصورة ذلك قيام المستأنف ضده الأول بالتواصل مباشرة مع المالك في التاريخ المتفق عليه بين الأطراف على استكمال إجراءات البيع مما ترتب عليه أن قام المستأنف ضده الأول بإلغاء تنفيذ الصفقة عن طريق المستأنفة بدون سبب وإدخال وسيط جديد لتنفيذها في اليوم التالي على الغاء التنفيذ وهو ما تعتبره المحكمة إخلالا منه بالتزام تعاقدي- وهو الالتزام بتنفيذ عقد السمسرة طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع حسن النية فيترتب على ذلك آن يستحق السمسار تعويضا وتقضى لها المحكمة بمبلغ مليون درهم تعويضا عن الجهد الذى بذلته لإبرام الصفقة شاملا الضرر الذى تمثل في حرمانها من العمولة التي كانت سوف تتحصل عليها ....... تلزم به المستأنف ضدها الثانية بوصفها المشترية وتنصرف تصرفات وكيلها إليها باعتبارها الأصيلة..." ولما كانت المطعون ضدها مرخص لها بمزاولة أعمال الوساطة العقارية بمقتضي الرخصة رقم (994378) الصادرة عن إدارة الاقتصاد والسياحة فإن نعي الطاعنة من أن المطعون ضدها غير مرخص لها بمزاولة أعمال الوساطة العقارية يكون ظاهر الفساد، وكما لا يجدي الطاعنة ما أوردته بوجه النعي من عدم وجود عقد وساطة مؤشر عليه بسجلات الوحدة العقارية موضوع الدعوي الماثلة لدي دائرة الأراضي والأملاك إذ أن القضاء بالتعويض لا يتطلب إتمام التعاقد فيكون هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ومما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بما يكفي لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون.
ومن ثم يضحى النعي برمته على الحكم على غير أساس. مما يتعين معه رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: - برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق