الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 8 أغسطس 2025

الطعن 141 لسنة 2025 تمييز دبي تجاري جلسة 21 / 7 / 2025

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 21-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 141 لسنة 2025 طعن تجاري

طاعن:
ا. ل. ا.

مطعون ضده:
م. ع. ا. ا.
ا. س. س. ا. ل. ا. ف. م. ا. ل. ا. ذ. د.

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1928 استئناف تجاري بتاريخ 08-01-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع على ملف الدعوى الرقمي ومرفقاته وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه القاضي المقرر/ سعيد هلال الزعابي وبعد المداولة:- 
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن الطاعنة ? المدعية - ( الدانة للإستشارات الهندسية ) أقامت الدعوى رقم 363 لسنة 2024 تجاري أمام المحكمة الابتدائية على المطعون ضدهما - المدعى عليهما - ( 1- محمد عبدالكريم أبو الحسن الزرعوني ،2- اي سي سي ايجل لمقاولات البناء - فرع من ايجل لمقاولات البناء - ذ.م.م- فرع دبي ) ، بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا لها مبلغ ( 1,718,606 ) درهم قيمة غرامة التأخير الإتفاقية والفوائد القانونية بواقع 9% من تاريخ الإستحقاق الحاصل في 24/1/2022 حتى تمام السداد ، على سند من أنه بموجب عقد إستشارات هندسية أسند المدعى عليه الأول للمدعية تصميم العقار السكنى التجاري المملوك له والإشراف على تنفيذه خلال مدة إجمالية لا تجاوز 25 أسبوع من تاريخ إعتماده للتصميم ، ومدة الإشراف 43 أسبوع ، مقابل مبلغ 1,700,000 درهم ، وقام المدعى عليه الأول بالإتفاق مع المدعى عليها الثانية للقيام بتنفيذ أعمال الإنشاء ، ونص فيه على إلتزام المقاول بغرامة تأخير لصالح المالك قدرها 65 ألف درهم عن كل يوم تأخير ، ومبلغ 65 ألف درهم غرامة تأخير لصالح المدعية عن كل شهر تأخير دون حد أقصى ، وحيث إن المدعى عليها الثانية تأخرت في الإنجاز مدة 26 شهر و24 يوم ، فإنها تكون ملزمة بأن تؤدى للمدعية المبلغ محل المطالبة ، الأمر الذى حدا بالمدعية إلى إقامة دعواها للحكم لها بالطلبات سالفة البيان ، حكمت المحكمة ? بعد أن ندبت خبيرا في الدعوى وأودع الخبير تقريره - بإلزام المدعى عليه الأول بأن يؤدي للمدعية مبلغا وقدره (888,439) درهم مع الفائدة ، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت المدعية ( المحكوم لها ) هذا الحكم بالإستئناف رقم 1928 لسنة 2024 تجاري ، كما أستأنف المدعى عليه الأول ( المحكوم عليه ) الحكم أيضا بالإستئناف رقم 1995 لسنة 2024 تجاري ، وبجلسة 8-1-2025 قضت المحكمة في موضوع الإستئناف رقم 1995 لسنة 2024 تجاري بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنف بأداء قيمة الغرامات المستحقة عن مدة التأخير ، وبإلزام المستأنف ضدها الثانية بأن تؤدى للمستأنف ضدها الأولى مبلغ ( 857,533,33 ) درهم مضافا إليه ضريبة القيمة المضافة ، وتأييده فيما قضى به من إلزام المستأنف بأن يؤدى لها مبلغ ( 27,930 ) درهم قيمة مقابل الإشراف عن الفترة من 11/12/2019 حتى 31/12/2019 شامل ضريبة القيمة المضافة ، والفوائد القانونية ، وبرفض الإستئناف الأخر. طعنت المدعية ( المحكوم لها ) في هذا الحكم بالتمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونيا بتاريخ 6-2-2025 بطلب نقض الحكم المطعون فيه ، قدم محامي المطعون ضده الثاني ( المدعى عليه الأول ) مذكرة بجوابه طلب فيها رفضه ، ولم تقدم المطعون ضدها الأولى أية مذكرة بدفاعها ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره. 
وحيث أن حاصل ما تنعي به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الإستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع و التناقض ، إذ قضى في الدعوى تعويلا على تقرير الخبرة المنتدبة رغم اعتراضات الطاعنة عليه ، رغم أن المحكمة مصدرته أعادت المأمورية للخبير السابق ندبه لعدم اقتناعها بتقريره الأول ولجدية الاعتراضات الموجهة إليه ، ومع ذلك اعتدت بالنتيجة التي انتهي إليها الخبير بتقريره التكميلي الذي لم يغير من التقرير الأول شيء ، إذ قدر غرامات التأخير المستحقة لها بواقع مبلغ ?????? درهم شهريًا استنادًا لقيمتها الواردة بعقد الاستشارات الهندسية المبرم بينها وبين المطعون ضده الثاني -مالك المشروع -، في حين أنه كان يتعين عليه احتسابها بواقع مبلغ ?????? درهم شهريًا وفقًا لبنود عقد المقاولة المبرم بتاريخ لاحق بين مالك المشروع والشركة المطعون ضدها الأولى -المقاول-، حيث ورد بالبند (?) من المادة الرابعة من هذا العقد الأخير ما هو نصه "إذا تأخر الطرف الثاني في تسليم جميع الأعمال موضوع التعاقد كاملة ومستوفية لكافة الاشتراطات في الموعد المحدد أعلاه شاملة أعمال التوصيل الدائم للخدمات مع أعمال الاختبارات والانتهاء منها وتسليم المبنى تسليمًا ابتدائيًا للطرف الأول وأن يكون المبنى صالحًا للاستخدام، فأنه يلتزم بدفع تعويض عن المدة التي يتأخر فيها التسليم بواقع مبلغ ????? درهم عن كل يوم من أيام التأخير للطرف الأول كغرامة تأخير وبحد أقصى ??? من قيمة التعاقد، ومبلغ ????? درهم عن كل شهر من شهور التأخير كأتعاب إشراف للاستشاري عن أيام التأخير بدون حد أقصى ..."، إلا أن الحكم اعتد بالقيمة الواردة بعقد الاستشارات الهندسية استنادًا للنتيجة التي انتهى إليها خبير الدعوى بتقريريه ، وبقالة إن المبلغ الوارد بعقد المقاولة لصالح الاستشاري لا يتعلق بغرامة التأخير في التنفيذ، وإنما هو مقابل الإشراف على الأعمال، وأن بنود عقد الاستشارات الهندسية هي الواجبة التطبيق على النزاع، وفات الحكم أن العقد اللاحق الخاص بالمقاولة قد تضمن تعديلًا لقيمة الغرامة المستحقة لصالحها كاستشاري للمشروع في حالة التأخير عن المواعيد المقرر لإنجازه ، وأنه لا يجوز حرمانها من هذا التعديل الذي قرره عقد المقاولة ولو لم تكن طرفًا فيه استنادًا إلى أنه قد تضمن اشتراطًا لصالحها ، ولا ينال من ذلك تضمن النص المشار إليه سلفًا عبارة "أتعاب للاستشاري" إذ ليس المقصود من ذلك الأتعاب أو مقابل الأشراف بالمعنى المتعارف عليه، وإنما هي مقابل قيامه بأعماله خلال فترة التأخير التي كان مرجعها إلى المقاول، كما أن تقريري الخبرة اللذين عول عليهما الحكم أفادا بأن تفسير العقود من سلطة محكمة الموضوع ويخرج عن نطاق عمل الخبرة ، ومع ذلك انتهيا إلى تقدير غرامات التأخير على أساس عقد الاستشارات الهندسية فقط دون عقد المقاولة ، مع أنه كان يتعين على الخبير أن يحتسب فيهما الغرامات المستحقة على أساس القيمة الواردة بكل عقد ويترك لمحكمة الموضوع الخيار بينهما، كما أنهما احتسبا خطًأ المبلغ الذي انتهيا إليه وقضى به الحكم على أساس أنها ظلت -أي الطاعنة- تمارس عملها الاستشاري في المشروع حتى تاريخ ?? نوفمبر ????، في حين أنه كان يتعين احتسابه حتى تاريخ صدور شهادة الإنجاز الحاصل في ?? يناير ????، ، كما إنها أقامت دعواها بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بالمبلغ محل المطالبة ، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يلزم مالك المشروع إلا بمبلغ (??????) درهمًا يمثل قيمة مقابل الإشراف خلال الفترة من ?? ديسمبر ???? وحتى ?? ديسمبر ???? فقط ، مع أن الثابت من عقد المقاولة الذي تخضع لبنوده المطالبة موضوع النزاع أنه يلزم مالك المشروع بسداد ما يستحق لها من مبالغ عن مدة التأخير المتسبب فيه المقاول خصمًا من مستحقاته لديه ، كما إن الحكم الطعين اعتد في تحديده للمبلغ المستحق لصالحها بالنتيجة التي انتهى إليها خبير الدعوى بتقريريه في شأن عدم إعتماد الاستشاري للدفعة رقم (22) ، رغم أنها أوردت أن عدم اعتمادها لهذه الدفعات كان بسبب تعامل المالك مباشرة مع مقاولي الباطن والسداد لهم دون إخطارها كاستشاري للمشروع أو الحصول على موافقة منها ، كما أن الحكم لم يقض لها بأتعاب الاستشاري عن المدة الخاصة بإجراء الاختبارات التالية لإصدار شهادة الإنجاز ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للطاعنة بالمبلغ المقضي به وتغاضى عن دفاعها واعتراضاتها فهو مما يعيبه ويوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أن النص في المادة (889) من قانون المعاملات المدنية الإتحادي على أنه ((1- إذا لم يتفق المهندس الذي قام بتصميم البناء والإشراف على تنفيذه على الأجر استحق أجر المثل طبقا لما جرى عليه العرف)) ، وفي المادة (42) من الأمر المحلي رقم (89) لسنة 1994 بشأن تنظيم مزاولة مهنة الإستشارات الهندسية في إمارة دبي على أنه ((على المكتب الهندسي قبل القيام بأي عمل من الأعمال الهندسية أن يوقع مع صاحب العمل عقدا مستوفيا للشروط الضرورية للحفاظ على حقوق الأطراف المتعاقدة مسترشدا بنموذج العقد المعد من تلك اللجنة لهذا الغرض ، وتحفظ نسخة من العقد وأية تعديلات تطرأ عليه لدى الدائرة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إبرامه أو تعديله)) ، والنص في البند أولا من نموذج عقد خدمات استشارية هندسية المرفق مع ذات الأمر المحلي ولائحته التنفيذية - والمعنون بعبارة ( الخدمات الهندسية ) - على أن (( يقوم الطرف الثاني بتقديم خدمات الإستشارات الهندسية المتمثلة بأعمال الدراسات والتصميم والإشراف على تنفيذ المشروع وفقا لما يلي (1) خدمات الدراسة والتصميم: (أ) مرحلة التقرير والتصميم الأولى وتشمل (أ/1) دراسة متطلبات المالك وتقديم المشورة بشأنها ، (أ/2) دراسة خريطة الموقع والحصول على أنظمة البناء السارية من الجهة المختصة و إجراء المطابقة بين متطلبات المالك وبين هذه الانظمة ، (أ/3) إعداد المخططات الأولية للمشروع يوضح فيها المساقط الأفقية للطوابق المختلفة وواجهات المشروع الرئيسية ، (أ/4) إعداد اقتراحات أولية بشأن المواصفات الفنية الرئيسية للمشروع ، (أ/5) إعداد دراسات الجدوى وتقدير الكلفة الأولية للمشروع ، (أ/6) القيام بتعديل و تطوير المخططات الأولية و التقرير الفني بما يتناسب مع الملاحظات الخطية المقدمة من المالك إن وجدت ، (ب) مرحلة التصميم الإبتدائي و تشمل: (ب/1) إعداد وتقديم المخططات الابتدائية وفقا لمتطلبات وأنظمة الجهة الرسمية المختصة ، (ب/2) الحصول على الموافقة الأولية على تلك المخططات من الجهة الرسمية المختصة ، (ب/3) إعداد جداول تشطيبات عناصر المشروع الرئيسية ، (ب/4) دعوة المختصين في فحص التربة لتقديم عروضهم و تكليف أحدهم بإجراء الدراسات الفنية المناسبة اللازمة و إعداد تقرير بذلك ، (ج) مرحلة التصميم النهائي وتشمل: (ج/1) إجراء المسح اللازم وإعداد الميزانية الشيكية ، (ج/2) إعداد المخططات والتصاميم النهائية للمشروع متضمنة تفاصيل الدراسات المعمارية والانشائية والكهربائية والصحية ، (ج/3) إعداد المواصفات الخاصة والقيام كذلك بإعداد جداول الكميات على ضوء المخططات النهائية ، (ج/4) إعداد بيان التكاليف التقديرية للمشروع على ضوء ما سلف بيانه ، (ج/5) تزويد المالك بنسخة واحدة من المجموعة الكاملة للمخططات النهائية و أخذ توقيعه بالموافقة عليها ، (ج/6) مباشرة إجراءات استصدار رخصة البناء من الجهة الرسمية المختصة وفقا لأحكام التشريع الساري في هذا الشأن بالإمارة ، (د) مرحلة إعداد المناقصة و تشتمل ......)) ، مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عقد الخدمات الإستشارية - المعمارية والمدنية - من العقود الرضائية يتعهد المكتب الهندسي بمقتضاها بتقديم الخدمات الإستشارية الهندسية المتمثلة في أعمال الدراسات و التصميم والإشراف على تنفيذ مشروع مبان أو منشآت ثابتة - أو بعض من تلك الأعمال - نظير أتعاب يتعهد مالك المشروع بها ، وفي حالة عدم تحرير هذا العقد ووقوع نزاعات بين الطرفين يمكن الوقوف على شروطه بالإسترشاد بنموذج عقد الخدمات الإستشارية الهندسية الموحد المعد من قبل لجنة قيد و ترخيص مزاولة مهنة الإستشارات الهندسية في إمارة دبي والمرفق مع الأمر المحلي رقم (89) لسنة 1994 و لائحته التنفيذية ، وأن تقديم المكتب الهندسي خدمات التصميم تمر بمراحل أربعة:- أولها: التصميم الأولى وهي مرحلة تسبق الحصول على الموافقة على ذلك التصميم وعلى الموافقة الأولية للمشروع من الجهة الرسمية المختصة ، وثانيها: التصميم الإبتدائي وهي مرحلة مباشرة إجراءات استصدار رخصة البناء من الجهة الرسمية المختصة ، وثالثها: التصميم النهائي وهي المرحلة التي تشمل مباشرة تلك الإجراءات ، ورابعها: هي مرحلة إعداد وثائق المناقصة ، وأن المكتب الهندسي الذي يضع تصميما متفقا عليه بينه و بين مالك المشروع يكون له الحق في أتعابه المتفق عليها - إن كان هناك اتفاق على مقدارها - أو أتعاب المثل طبقا لما جرى عليه العرف ، فإذا لم يوجد عرف تولى القاضي تقديرها وفقا لمقتضيات العدالة مع الإسترشاد في ذلك بقواعد تحديد وحساب الأتعاب الواردة بالبند الثالث من نموذج عقد الخدمات الإستشارية الهندسية الموحد ، وأن المشرع و لئن فرض على المكتب الهندسي - قبل القيام بأي عمل من الأعمال الهندسية - أن يوقع مع مالك المشروع عقدا إلا أن هذه القاعدة ليست من النظام العام ، فيجوز للطرفين عند النزاع إثبات العقد وجميع شروطه بوسيلة أخرى مقبولة ، وأن شرط استحقاق المكتب الهندسي لكافة أتعابه المتفق عليها بينه وبين مالك المشروع أن يكون قد نفذ جميع الأعمال التي تعهد بالقيام بها طبقاً لشروط العقد ، وتقدير مدى قيامه بإعداد كافة أو بعض الدراسات والمخططات والتصاميم للمشروع والإشراف عليه وفقاً لشروط العقد والأنظمة الواجبة التطبيق على العمل المكلف به والأصول الفنية والمهنية وتحديد أتعابه عن الأعمال التي نفذها هو من مسائل الواقع التي تخضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة التمييز طالما كان تقديرها سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ، كما أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوي وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والأخذ بما تطمئن إليه منها و إطراح ما عداه ، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفي بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها ، واستخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية والضرر الناجم عنه وعلاقة السببية بينهما و مدي أحقية المضرور في التعويض ، وتقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين التقارير المختلفة للخبراء باعتبارها من عناصر الإثبات في الدعوى و تخضع لمطلق سلطتها في الأخذ بما تطمئن إليه منها وترى فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت إنه وجه الحق في الدعوى دون سواه ، وإنه إذا رأت المحكمة الأخذ بأحدها - محمولا على أسبابه - وأحالت إليه اعتبر جزء من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالا علي الطعون الموجهة إليه أو إعادة المأمورية للخبير ، كما أنها لا تكون ملزمة - من بعد - بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم و لا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام المطعون ضدهما بالمبالغ المقضي بها عليهما كلا على حدا لصالح الطاعنة ، على ما أورده بمدوناته ((...، وكانت المستأنف ضدها الأولى قد أقامت الدعوى بطلب إلزام المستأنف والمستأنف ضدها الثانية متضامنين بأن يؤديا لها مبلغ 1,718,606 درهم قيمة غرامات التأخير في تنفيذ إنشاء العقار المملوك للمستأنف ومقابل الإشراف عن الفترة من 11/12/2019 حتى 31/12/2019 ، وكان الثابت من الأوراق أن الفقرة - ب - من البند ثالثا من عقد الإستشارات الهندسية المبرم بين المستأنف والمستأنف ضدها الأولى نصت على أن مدة تنفيذ البناء 18 شهر تبدأ من تاريخ صدور أمر من المستأنفة للمقاول ببدء الأعمال ، وفى حالة تجاوز هذه المدة يلتزم المتسبب في التأخير بدفع غرامة تقدر بمبلغ 38 ألف درهم عن كل شهر تأخير ، وأن الفقرة الثانية من البند رابعا من عقد المقاولة المبرم بين المستأنف والمستأنف ضدها الثانية قد نصت على أنه " إذا تأخر المقاول في تسليم المشروع كاملا في الميعاد المحدد - خلال 18 شهر من تاريخ استلام شهادة علائم البناء وعدم الممانعة - يلتزم بدفع غرامة تقدر بمبلغ 65 ألف درهم عن كل يوم تأخير لصالح المالك بحد أقصى 10% من قيمة العقد ، ومبلغ 65 ألف درهم عن كل شهر من شهور التأخير كأتعاب للإستشارى دون حد أقصى ، وللمالك الحق في خصم قيمة التعويض اللازم من المبالغ المستحقة للمقاول " ، وكان مفاد ما سلف ووفقا لصريح عبارة النص ، أن عقد الإستشارات الهندسية ألزم المتسبب في التأخير في إنجاز المشروع بدفع غرامة تأخير تقدر بمبلغ 38 ألف درهم عن كل شهر تأخير لصالح المستأنف ضدها الأولى ، بينما ألزم عقد المقاولة المقاول - إن كان هو المتسبب في التأخير - بدفع مبلغ 65 ألف درهم شهريا مقابل إشراف المستأنفة على أعمال المشروع دون حد أقصى ، ومن ثم يكون عقد المقاولة قد نقل عبء الإلتزام بأداء مقابل إشراف الإستشارى على الأعمال من على عاتق المالك إلى المقاول في حالة تأخر الأخير عن إنجاز المشروع في الميعاد المحدد ، ويكون المبلغ المنصوص عليه في عقد المقاولة لصالح الإستشارى لا يتعلق بغرامة التأخير في التنفيذ ، وإنما هو مقابل الإشراف على الأعمال ، وإذ أقيمت الدعوى للمطالبة بقيمة غرامات التأخير في الإنجاز ، ومقابل الإشراف عن مدة التمديد سالفة الذكر، فإن بنود عقد الإستشارات الهندسية تكون هي الواجبة التطبيق على النزاع في خصوص مقدار الغرامة المستحقة ، ولما كانت محكمة أول درجة وهى بصدد إستظهار وجه الحق في الدعوى قد ندبت خبيرا ، باشر مأموريته ، وأودع تقريرين إنتهى فيهما إلى أن ميعاد إنجاز المشروع المتفق عليه مضافا إليه مدة التمديد الاتفاقي هو 31/12/2019 ، وأن المستأنف ضدها الأولى تستحق مبلغ 27,930 درهم قيمة مقابل الإشراف عن الفترة من 11/12/2019 حتى 31/12/2019 شامل ضريبة القيمة المضافة ، وأنه بتاريخ 9/11/2021 قدم المالك طلبا إلى الجهة المختصة لإستصدار شهادة إنجاز المشروع ، وأن المستأنف ضدها الأولى باشرت عملها حتى تاريخ 17/11/2021 ، وأن المقاول هو المتسبب في تأخير إنجاز المشروع ، وأن مدة التأخير لصالح الإستشارى من تاريخ إنقضاء ميعاد الإنجاز الإتفاقي حتى تاريخ إنتهاء مباشرة الإستشارى لعمله في 17/11/2019 بلغت 22 شهر و17 يوم ، وكانت المحكمة تطمئن لما إنتهى إليه تقريري الخبرة في خصوص ما سلف ، فإنها تأخذ بهما وتعول عليهما في قضائها لإبتنائهما على أسس سليمة لها أصل ثابت بالأوراق ، ولا ينال من ذلك تطابق التقريريين في نتيجتهما ، إذ أن إعادة المحكمة الدعوى للخبير لبحث إعتراضات الخصوم لا يعنى غل يدها عن الأخذ بالنتيجة التي إنتهى إليها التقرير الأول متى اطمأنت إليه ، وتلتفت عما تضمناه من خلط بين الغرامة المنصوص عليها في عقد الإستشارات الهندسية ومقابل الإشراف المنصوص عليه في عقد المقاولة ، واحتساب وخصم مبالغ خارجة عن نطاق الدعوى ، الأمر الذى تستخلص منه المحكمة أن ذمة المستأنف مشغولة بمبلغ 27,930 الشركة المستأنف ضدها الثانية هي المتسببة في التأخير في إنجاز المشروع في الميعاد المحدد مضافا إليه مدة التمديد الإتفاقى بتاريخ 31/12/2019 ، وأن الشركة المستأنف ضدها الأولى باشرت عملها في الإشراف على الأعمال حتى تاريخ 17/11/2021 ، ومن ثم تكون المستأنف ضدها الثانية " المقاول " ملزمة بأن تؤدى للمستأنف ضدها الأولى " الإستشارى " غرامة التأخير عن مدة 22 شهر و17 يوم بواقع 38 ألف درهم عن كل شهر ، بإجمالى مبلغ 857,533,33 درهم مضافا إليه ضريبة القيمة المضافة ، وتكون ذمة المستأنف " المالك " مشغولة لصالح المستأنف ضدها الأولى بمبلغ 27,930 درهم قيمة مقابل الإشراف عن الفترة من 11/12/2019 حتى 31/12/2019 شامل ضريبة القيمة المضافة ، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وقضى بإلزام المستأنف بأن يؤدى للمستأنف ضدها الأولى مبلغ 888,439 درهم قيمة الغرامات ومقابل الإشراف ، فإن المحكمة تقضى بإلغائه فيما قضى به من إلزام المستأنف بأداء قيمة الغرامات المستحقة عن مدة التأخير ، وبإلزام المستأنف ضدها الثانية بأن تؤدى للمستأنف ضدها الأولى مبلغ 857,533,33 درهم مضافا إليه ضريبة القيمة المضافة ، وبتأييده فيما قضى به من إلزام المستأنف بأن يؤدى لها مبلغ 27,930 درهم قيمة مقابل الإشراف عن الفترة من 11/12/2019 حتى 31/12/2019 شامل ضريبة القيمة المضافة....)) ، وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضائه سائغاً وصحيحاً وله أصل ثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة ، وإذ يدور النعي بأسباب الطعن حول تعييب هذا الإستخلاص فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها ومنها تقارير الخبرة المنتدبة وترجيح الرأي الذي تطمئن إليه منها وتأخذ به متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وسلامة الأسس التي بنى عليها تقريره وطرح ما عداه إذ هي لا تقضي إلا على أساس اطمئنانها إلى صحة ما تأخذ به في قضائها وتحديد الطرف المخل والمقصر في تنفيذ التزاماته العقدية والزامه بأداء ما يترب على هذا الإخلال من حقوق للطرف الأخر ، وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ، ولا ينال من ذلك ما أثارته الطاعنة بشأن أنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه إلزام مالك المشروع بالتضامن مع المقاول بسداد ما يستحق لها من مبالغ عن مدة التأخير والرجوع بعد ذلك على المقاول بما سدده خصمًا من مستحقاته لديه ، ذلك أن بنود عقد الاستشارات الهندسية نص على أن الطرف المتسبب في التأخير هو الملزم بسداد الغرامة المقررة لذلك لصالح الاستشاري طالما لم يكن هناك إخلال مشترك من المالك والمقاول ، وقد انتهى الحكم المطعون فيه سائغًا أخذًا من تقريري الخبرة المودعين في الدعوى إلى أن المقاول هو المتسبب دون سواه في تأخير تنفيذ المشروع ، كما أنه لا محل لما أثارته الطاعنة أيضا بشأن خطأ الحكم في في إثبات إخلالها بالعقد هو عدم اعتمادها للدفعات رقم (??) وما بعدها ، مع أن سبب عدم إعتمادها لها ، كان بسبب تعامل المالك مع مقاولي الباطن مباشرة والسداد لهم دون علمها أو إخطارها والحصول على موافقة منها ، ذلك أن تقريري الخبرة الذي عول عليهما الحكم في قضائه - في حدود سلطته التقديرية - قد انتهيا إلى ثبوت علمها وموافقتها على ذلك تأسيسًا على صدور خطاب منها بتاريخ ?? يونيو ???? تخطر فيه المقاول بأن المالك سيقوم بسداد دفعات لمقاولين الباطن مباشرة دون ممانعة منها مما تكون معه على علم بها ، ومن ثم فإن النعي بما سلف يكون برمته على غير أساس. 
وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن . 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الطعن ، وإلزام الطاعنة بمصروفاته وبمبلغ إلفي درهم مقابل اتعاب المحاماة للمطعون ضده الثاني ، وأمرت بمصادرة التأمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق