بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 14-04-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 112 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
و. ف. ن.
مطعون ضده:
ر. ا. م.
م. ر. م.
م. و.
ت. م. و.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/911 استئناف عقاري بتاريخ 13-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق في ملف الطعن الإلكتروني وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ مصطفى محمود الشرقاوي وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثانية (1- مارتين ويلسون، 2- تانيا ميشيلي ويلسون) أقاما الدعوى رقم 1098/2024 عقاري ضد (1- وليد فؤاد نصر (الطاعن)، 2- محمد رشدي مسادي، 3- رنا المسدي مسادي (المطعون ضدهما الثالث، والرابعة بطلب الحكم أولًا: بإلزام المدعى عليهم بتسليم الفيلا المباعة رقم 31 الكائنة على الأرض رقم 1362 بمنطقة وادي الصفا 6 بالمرابع العربية في دبي إلى المدعيين خالية من الشواغل. ثانيًا: بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا للمدعيين بالتضامن فيما بينهم تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية بمبلغ مقداره 350,000 درهم مع الفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا وحتى تمام السداد، على سند أنهما اشتريا من المدعى عليه الأول الفيلا محل التداعي الذي أخطرهما بأن المدعى عليهما الثاني والثالثة يشغلانها دون سند إيجار وأنهما سيتركانها فور نقل ملكيتها للمدعيين، وأنه أثناء معاينة المدعيين للفيلا سند التداعي في 26 فبراير 2024 قابلا المدعى عليه الثاني الذي أكد لهما بأنه سيقوم بإخلاء الفيلا وتمكينهما من الانتقال إليها بعد استكمال إجراءات نقل الملكية، ولكنه طلب منهما أن يمنحاه بعض الوقت لمناسبة شهر رمضان الكريم. وعليه، قام المدعيان بتوقيع عقد البيع مع المدعى عليه الأول في 27 فبراير 2024 ثم تواصلا بتاريخ 19 مارس 2024 مع المدعى عليه الثاني (الأصل: الثانية) عبر تطبيق الواتساب وأخطراه بأنهما بصدد نقل ملكية الفيلا إلى اسميهما وعرضا عليه بأن يؤجراه الفيلا لفترة قصيرة حتى تاريخ 9 مارس 2024 بمبلغ شهري وقدره 15,000 درهم بشرط أن يقوم المدعى عليه الثاني بالتوقيع على اتفاقية بهذا الخصوص، وقد وافق المدعى عليه الثاني على عرض المدعيين برسالة أرسلها عبر تطبيق الواتساب في 19 مارس 2024 نصها: "بالطبع، بمجرد أن يكون لديك سند الملكية الجديد سوف نوقع الاتفاقية وفقًا لما ناقشناه". وإذ تم نقل ملكية الفيلا وإصدار شهادة ملكيتها رقم (88309/2024) على اسم المدعيين بتاريخ 6 أبريل 2024، إلا أن المدعى عليه الثاني ظل شاغلًا للفيلا وما زال دون سند ولم يقم بالتوقيع على عقد إيجار ولم يسدد للمدعيين أي مبلغ لقاء شغله لها، فمن ثم كانت الدعوى. وفيها دفع المدعى عليهما الثاني والثالثة بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر هذه الدعوى، وانعقاد الاختصاص بشأنها لمركز فض المنازعات الإيجارية في دبي، وبعدم صفتهما في الدعوى. وبجلسة 24 أكتوبر 2024 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه الأول بأن يسلم للمدعيين الفيلا رقم 31 الكائنة على الأرض رقم 1362 بمنطقة وادي الصفا 6 بالمرابع العربية في دبي وفق المتعاقد عليه وبحالة تمكنهما من الانتفاع بها، وألزمت المدعى عليه الأول وليد فؤاد نصر بأن يؤدي للمدعيين مبلغ مائة وخمسين ألف درهم تعويضًا عن عدم الاستلام من تاريخ 6 أبريل 2024 وحتى تاريخ الحكم 24 أكتوبر 2024، وفائدة 5% من تاريخ صيرورة الحكم بالتعويض نهائيًا وحتى تمام السداد. استأنف المدعى عليه الأول ذلك الحكم بالاستئناف رقم 911/2024 عقاري، واستأنفه المدعى عليهما الثاني والثالثة بالاستئناف رقم 967/2024 عقاري، كما استأنفه المدعيان بالاستئناف رقم 970/2024 عقاري. وبجلسة 13-02-2025 حكمت المحكمة في موضوع الاستئنافات الثلاثة بتعديل الحكم المستأنف بجعل مبلغ التعويض المقضي به مقداره 250 ألف درهم بدلًا من 150 ألف درهم وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن المدعى عليه الأول على ذلك الحكم بالتمييز بموجب الطعن الماثل بصحيفة أودعت إلكترونيًا بتاريخ 07-03-2025 بطلب نقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فقررت تحديد جلسة لتلاوة تقرير التلخيص وإصدار الحكم بجلسة اليوم بغير حاجة إلى مرافعة.
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، فيما قضى به من إلزامه بتعويض المطعون ضدهما الأول والثانية، على أساس مسؤوليته (كبائع)، مخالفًا بذلك أحكام نص المادة رقم 185 من قانون المعاملات المدنية، إذ لم يحدث أي تغرير منه تجاه المشتريين، ومخالفًا أيضًا لأحكام المواد 176، 177، 180، 181، 183 الخاصة بعيب الإكراه التعاقدي، الذي لم يتبين مخالفته من جانب الطاعن البائع، ورغم غياب هذه العيوب التعاقدية في حق الطاعن وعدم تحققها، فإن الحكم المطعون فيه بمخالفته هذا النظر يكون معيبًا، مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن المقرر أن العقد شريعة المتعاقدين، فإذا ما تم العقد صحيحًا غير مشوب بعيب من عيوب الرضا، وجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد من التزامات، وأنه وفقًا للمادة 246 من قانون المعاملات المدنية يجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد على كل منهما، وأنه يجب عليهما تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن تنفيذ العقد لا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يشمل أيضًا كل ما هو من مستلزماته وفقًا للقانون والعرف وطبيعة التصرف، ومن المقرر كذلك أن البائع يلتزم بتسليم المبيع بالحالة والأوصاف التي تم الاتفاق عليها، ذلك أن الالتزام بتسليم المبيع من الالتزامات الأصلية التي تقع على عاتق البائع ولو لم ينص عليه في العقد، ويتم التسليم إما بالفعل أو حكمًا، ويتحقق التسليم الفعلي بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به، ويتحقق التسليم الحكمي بأن يُخلي البائع بين المبيع والمشتري، مع الإذن له بالقبض، ودون وجود مانع قانوني أو مادي يحول دون حيازته، إلا إذا كان هذا المانع ناشئًا عن فعل المشتري أو تقصيره، أو إذا اتفق المتبايعان على اعتبار المشتري مستلمًا للمبيع في حالة معينة، أو إذا أوجب القانون اعتبار بعض الحالات تسليمًا، أو بتسجيل المبيع باسم المشتري إذا تطلب التسجيل لنقل الملكية، أو إذا أبقى البائع المبيع تحت يده بناءً على طلب المشتري، أو إذا أنذر البائع المشتري بدفع الثمن وتسليم المبيع خلال مدة معلومة وإلا اعتبر مسلمًا فلم يفعل. ولما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين على محكمة الموضوع عند تصديها للفصل في الدعوى المطروحة عليها أن يشتمل حكمها على ما يدل على أنها قامت بدراسة الأدلة المطروحة عليها، وكذلك سائر أوجه الدفاع الجوهري وتحقيقها والرد عليها، توصلًا لبيان وجه الرأي في الدعوى، بحيث يكون استدلالها بما تسوقه في مدوناتها مؤديًا بأسباب سائغة إلى النتيجة التي انتهت إليها. أما اكتفاؤها بالإشارة المجملة إلى هذه المستندات أو دفاع الخصم الجوهري بغير الإحاطة بحقيقتها أو الرد عليها، وتعويلها بدلًا من ذلك على أسباب مجملة في عبارات عامة، يجعل من حكمها معيبًا بالقصور في التسبيب، مما يبطله. ومؤدى ذلك أنه إذا طُرح على المحكمة دفاع، كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى، فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته، حتى إذا ما رأته متسمًا بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها، فإن هي لم تفعل، كان حكمها قاصرًا. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بأسبابه: ((فلا محل لتنصل المدعى عليه الأول من التزاماته المنصوص عليها بعقد البيع المبرم بينه وبين المدعيين والمشار إليها بالحكم المستأنف بمقولة إن المدعيين قبلا شراء الفيلا مع علمهما بشغلها من المدعى عليهما الثاني والثالث، إذ إن علمهما ورضائهما بذلك لا يعفي المدعى عليه الأول من التزامه بتسليمهما الفيلا خالية على نحو ما التزم به بعقد البيع المبرم بينهما))، فإن الحكم المطعون فيه بذلك لم يبحث دفاع الطاعن فيما تمسك به من عدم مسؤوليته بقوله إنه أوفى بالتزاماته، وإن بقاء المطعون ضدهما الثالث والرابعة في الوحدة المباعة كان بناءً على اتفاق بينهما وبين المطعون ضدهما الأول والثانية بأن يكون ذلك البقاء لمدة محددة مقابل مبلغ مالي اتفق عليه، فمن ثم فلا مسؤولية عليه بهذا الشأن إن لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق، وهو دفاع جوهري قد يتغير معه وجه الرأي في الدعوى -إذا صح-، بما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب، مما يوجب نقضه في هذا الشق، على أن يكون مع النقض الإحالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه جزئيًا فيما قضى به من تعديل الحكم المستأنف بجعل مبلغ التعويض المقضي به مبلغ مقداره 250 ألف درهم، وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد في حدود الشق المنقوض، وألزمت المطعون ضدهما الأول والثاني المصاريف شاملة الرسوم والفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع رد التأمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق