الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 19 أغسطس 2025

الطعنان 1047 ، 1061 لسنة 2023 جلسة 12 / 12 / 2023 نقض أبو ظبي مدني مكتب فني 17 تجاري ق 128 ص 911

جلسة 12/12/2023
برئاسة السيد المستشار/ عبد الله علي عبد الله - رئيس الدائرة وعضوية المستشارين: محمد حسن، إدريس بن شقرون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعنين رقمي 1047، 1061 لسنة 2023 تجاري)
إثبات "الخبرة" "أدلة الإثبات. الرسائل الإلكترونية". أوراق مالية. بيع. تداول. دين. سوق الأوراق المالية. عقد "أنواع من العقود. الوساطة المالية". عملة. نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". وساطة مالية.
- التزامات الوسيط في مواجهة العميل عند ممارسة نشاط شراء وبيع العملات والتوسط في صفقات المنتجات المالية. ماهيتها.
- لمحكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وتقارير الخبراء وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه. لها سلطة تفسير العقود والاتفاقات والمحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها وأصحاب الشأن فيها. متى أقمت قضائها على أسباب سائغة. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. مثال.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه عند ممارسة نشاط شراء وبيع العملات والتوسط في صفقات المنتجات المالية فإن على الوسيط إثبات موافقة العميل عن كل أمر تم تنفيذه بما في ذلك الحصول على توقيعات العملاء على نموذج الأمر الكتابي أو تسجيل وأرشفة الأوامر التي تلقاها عن طريق الهاتف أو عن طريق الإنترنت وفقاً للضوابط والمتطلبات الفنية التي تضعها هيئة الأوراق المالية والسلع والتأكد من صحة الأوامر الواردة عن طريق الفاكس أو البريد الإلكتروني أو غيرها من الوسائل الإلكترونية الأخرى والاحتفاظ بنسخ من هذه الأوامر مع إصدار تأكيد للعميل بشأن كل أمر تم تنفيذه. ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير أدلتها - ومنها تقارير الخبراء - والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه وحسبها أن تبيّن الحقيقة التي اقتنعت بها وأقامت قضاءها عليها، ولها سلطة تفسير العقود والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها وأصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها وذلك كله دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان فهمها وتقديرها وتفسيرها سائغاً ومقبولاً بما له أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون. لما كان ذلك وكان تقرير الخبرة المنتدبة في الدعوى قد أثبت أن طبيعة التعاملات بين طرفي التداعي تتمثل في التداول بالهامش في منتجات الأسواق المالية العالمية عبر منصات التداول الإلكترونية (منصة ....) بالدولار الأمريكي، وأن عدد الصفقات محل النزاع ثمانية وأن الطاعنة لم تقدم الأوامر المؤيدة لها والصادرة من المطعون ضدها، ولكنها قدمت خمسة رسائل إلكترونية بالبريد الإلكتروني وكشوفات حساب تصدر تلقائياً من نظام الطاعنة إلى المطعون ضدها. وانتهت الخبرة إلى أن ناتج تصفية الحساب بين الطرفين وفقاً للحالتين: الحالة الأولى: في حالة اعتماد المحكمة للصفقات الثلاثة الأخيرة فإن المترصد لصالح المستأنفة ضد المستأنف ضدها مبلغ وقدره 3,378,655,72 دولار أمريكي. الحالة الثانية: في حالة عدم اعتماد المحكمة للصفقات الثلاثة الأخيرة فإن المترصد لصالح المستأنفة ضد المستأنف ضدها مبلغ 516,479,18 دولار أمريكي. ونتيجة ملاحظات واعتراضات الخصوم على التقرير فقد أعادت محكمة الاستئناف المهمة للجنة الخبرة التي أعادت بحثها وأودعت تقريراً تكميلياً انتهت فيه إلى ذات النتيجة، وبجلسة 19/9/2023 قامت محكمة الاستئناف باستجواب لجنة الخبرة التي أكدت أن كشوف الحساب تتسق مع التعاملات السائدة بين الطرفين وفقاً لما جرى عليه التعامل بينهما ومن ثم فهي تغني عن الإيميلات، أما بشأن أل 1,200,000 دولار أكدت الخبرة أنه عبارة عن تسوية بين الطرفين تم إيداعه من طرف الطاعنة في الطعن الأول في حساب المطعون ضدها ثم قامت بحذفه ولم تقدم ما يثبت ذلك، وأن هناك اتفاق بينهما يضمن بأن الأصل في عمليات التداول وجود أوامر كتابية أو هاتفية أو عن طريق البريد الإلكتروني قبل التنفيذ، وأن الطاعنة لم تقدم ما يفيد ذلك وإنما قدمت إخطار المطعون ضده بعد التنفيذ للتأكيد لعدد (5) عمليات فقط من أصل (8) عمليات كما هو موضح بالتقرير، ومن ثم قامت الخبرة بتصفية الحساب بينهما وفقاً للمقترحين على النحو المبين باعلاه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتد في قضائه على ما انتهى إليه تقرير الخبرة في المقترح الثاني ومن ثم قضى بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلزام الطاعنة في الطعن الثاني بأن تؤدي للطاعنة في الطعن الأول مبلغ 516,479,18 دولار أمريكي وذلك على ما قال به في أسبابه من أنه (... لما كان الثابت من تقرير الخبرة أن المستأنف عليها تسلمت رسائل بالبريد الإلكتروني بالتأكيدات لعدد 5 صفقات وخلت الأوراق مما يفيد وجود أي اعتراض من المستأنف عليها على الصفقات الخمس ولم تنكر استلامها رسائل التأكيد المرسلة عبر البريد الإلكتروني الخاص بها، وكان الثابت وفقا لتقرير الخبرة أن الآلية التي تمت بها هذه الصفقات الخمسة هي الآلية التي جرى عليها التعامل ومن ثم تكون المستأنف عليها قد قامت بإجراء هذه الصفقات وقبولها، أما الثلاث صفقات الأخيرة فالثابت من تقرير الخبرة أنه لا توجد أوامر كتابية أو هاتفية أو عن طريق البريد الإلكتروني قبل التنفيذ، كما لا توجد رسائل عبر البريد الإلكتروني بالتأكيد عليها كما جرى العمل، ومن ثم ترى المحكمة استبعاد الصفقات الثلاثة الأخيرة باعتبار أن المستأنفة لم تقدم البينة على أنها تمت بطلب من المستأنف عليها أو أنها قبلتها بعد تنفيذها بموجب رسائل تأكيد، ولما كانت الخبرة قد انتهت إلى أن إجمالي خسائر صفقات التداول بلغ 4,595,103,09 دولار أمريكي وهي تخص المستأنف عليها بالحساب رقم .... وتم تحويلها إلى الحساب الداخلي للمستأنفة رقم .... وهي عبارة عن صفقات تم إبرامها بالاتساق مع الآلية المتبعة للتعاملات بين الطرفين، وكانت المحكمة قد خلصت إلى استبعاد الصفقات الثلاثة الأخيرة ومن ثم ترى المحكمة اعتماد الحالة التي خلصت إليها الخبرة بشأن تصفية حساب التداول بين الطرفين بأن المترصد في ذمة المستأنف عليها مبلغ وقدره 516,479,18 دولار أمريكي ...) وكان دلالة ما قال به الحكم المطعون فيه على هذا النحو أنه اعتد في قضائه على تقرير لجنة الخبرة مما مؤداه اعتبار الأسباب التي بني عليها التقرير أسباباً للحكم، وكانت هذه السباب سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيها للقانون وتكفي لحمل قضائه وتتضمن الرد المسقط لما ورد بأوجه النعي في كلا الطعنين، ومن ثم لا يعدو النعي بأسباب أي من الطعنين أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض يتعين معه رفضهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعية (....) أقامت في مواجهة المدعى عليها (....) الدعوى رقم 22/2023 تجاري أبوظبي بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 2,416,447,37 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي مبلغ 8,875,647,40 درهم والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ طلب الرد الصادر عن المدعية في 6/2/229 وحتى تمام السداد مع الرسوم والأتعاب، على سند من القول إن المدعية تمارس أعمالاً تجارية كوسيط شراء العملات وبيعها والتوسط في عمليات السوق النقدية وسبق أن قامت المدعى عليها بفتح عدد من حسابات التداول لدى الشركة المدعية ونتيجة لعمليات التداول التي أجرتها المدعية في حسابات المدعى عليها ترصد في ذمة الأخيرة مبلغ المطالبة، وقد أقرت المدعى عليها بالمديونية موضوع الدعوى إلا أنها امتنعت عن السداد مما حدا بها إلى إقامة الدعوى بالطلبات السالفة. في جوابها على الدعوى طلبت المدعى عليها رفض الدعوى الأصلية وقدمت دعوى متقابلة بطلب إلزام المدعى عليها تقابلاً بأن تؤدي لها مبلغ 4,215,698,47 درهم دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم مبلغ 15,598,084,39 درهم والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ 25/9/2018 وحتى تمام السداد واحتياطياً ندب لجنة خبرة. وبتاريخ 9/3/2023 حكمت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغ 2,416,447,37 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي وقت الصرف، والفائدة القانونية عن المبلغ المحكوم به بواقع 5% سنوياً من تاريخ إقامة الدعوى وحتى تمام السداد وبما لا يجوز أصل الدين مع المصاريف وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات، وفي الدعوى المتقابلة برفضها. قامت المدعى عليها بقيد طلب الإغفال رقم 17/2023 إغفال طلبات أبو ظبي في مواجهة المدعية على سند أن المحكمة أغفلت الطلب العارض بتعديل قيمة المطالبة في الدعوى المتقابلة لتصبح بمبلغ 5,415,698,47 دولار أو ما يقابله بالدرهم الإماراتي 20,038,082,60 درهم مع الفائدة بواقع 5% اعتباراً من تاريخ 25/9/2018 وحتى تمام السداد وقبول طلب الإدخال والحكم على الخصمين المدخلين بالتضامن والتضامم مع المدعى عليها تقابلاً في أداء مبلغ المطالبة، وبتاريخ 25/5/2023 قضت محكمة أول درجة بقبول طلب الإغفال شكلاً ورفضه موضوعاً.
استأنفت المدعى عليها الحكم الصادر في الدعوى بموجب الاستئناف رقم 770/2023 تجاري أبوظبي، واستأنفت الحكم الصادر في طلب الإغفال بموجب الاستئناف رقم 1237/2023، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط، ندبت لجنة خبرة ثلاثية قامت ببحث الدعوى وأودعت تقريرها، فأعادت المحكمة المهمة للخبرة لإعادة بحثها على ضوء ملاحظات واعتراضات الخصوم على التقرير فأودعت تقريراً تكميلياً بما انتهت إليه، وبجلسة 19/9/2023 قامت المحكمة باستدعاء لجنة الخبرة واستجوابها، ومن ثم قضت بتاريخ 18/10/2023 في موضوع الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً في الدعويين الأصلية والمتقابلة بإلزام المدعى عليها تقابلاً (المدعية أصلياً) بأن تؤدي للمدعية تقابلاً مبلغاً قدره 516,479,18 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي وقت الصرف والفائدة عن المبلغ المحكوم به بواقع 3% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 9/1/2023 وحتى تمام السداد وبرفض ما عدا ذلك من طلبات. طعنت شركة (....) بطريق النقض بالطعن رقم 1047/2023 تجاري، كما طعنت فيه شركة .... بالطعن رقم 1061/2023، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وأمرت بضم الطعن الثاني للأول ونظرهما معاً للارتباط.
وحيث إنه عن الطعنين فإنه ولتداخل أسبابهما وارتباطهما فإن المحكمة سوف تناقشها معاً، وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة في الطعن رقم 1047/2023 نقض تجاري بأسباب طعنها على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق. وذلك حينما قررت استبعاد الصفقات الثلاثة الأخيرة وقيمتها 2,862,176,54 دولار أمريكي باعتبار أن الطاعنة لم تقدم البينة على أنها تمت بطلب من المطعون ضدها أو أنها قبلتها بعد تنفيذها بموجب رسائل تأكيد ومن ثم قضى للطاعنة بمبلغ (516,479,10 دولار) على أساس وجود عدد (5) تداولات نفذتها المطعون ضدها مستنداً بذلك على الحالة الثانية من تقرير لجنة الخبراء، وعلى سند أن الطاعنة لم تقدم البينة على أن المطعون ضدها قبلتها بعد تنفيذها، رغم تقديم الطاعنة للبينة الخطية التي تثبت تنفيذ هذه الصفقات الثلاثة للمطعون ضدها بموجب كشوف الحسابات اليومية التي لم تعترض عليها المطعون ضدها، وقد أثبت تقرير الخبرة بأن الصفقات الثمانية موضوع النزاع مثبتة في كشوف الحساب رقم (....) بما يؤكد تنفيذها فعلياً لصالح ذلك الحساب، باعتبار أن كشوف الحساب قرينة ثابتة وحجة لاستحقاقها للمبلغ الوارد بهذه الكشوف، ومن ثم فقد كان يتعين الأخذ بالمقترح الأول للخبرة والحكم للطاعنة بمبلغ 3,378,655,72 درهم. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيكون معيباً ويستوجب نقضه. كما تنعى الطاعنة في الطعن رقم 1061/2023 بأسباب طعنها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حينما أهدر الحجية القانونية للكشوف الحسابية المنتظمة لحساب التداول المنتهي ب .... والصادرة عن المطعون ضدها على مدار 44 شهر من تاريخ 1/2/2019. كما أن الخبرة قد أثبتت بشكل صريح عدم تقديم الأوامر الصادرة بالتداول طبقاً للاتفاق والأصول المتعارف عليها بالتعامل في ذلك المجال، وقد أقرت المطعون ضدها بخطئها بإدراج هذه الصفقات الثمانية التي لا علاقة للطاعنة بها وقامت بتصحيح الحساب تأسيساً على ذلك، وأن لجنة الخبرة لم تقدم أي بحث لهذه المسائل الفنية والواقعية وآثارها القانونية، ومن ناحية أخرى فقد خالف الحكم المطعون فيه القانون وذلك حينما قلب عبء الإثبات بما أتاح للمطعون ضدها التنصل عن التزاماتها الثابتة في أوراقها التجارية ومستنداتها الإلكترونية الصادرة عن أنظمتها المحاسبية المنتظمة، وأغفل سكوت المطعون ضدها عن مزاعمها على مدار ثلاث سنوات حتى إقامة الدعوى المتقابلة في 19/1/2019، بما كان يتعين معه رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فيكون معيباً ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بمجمله في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه عند ممارسة نشاط شراء وبيع العملات والتوسط في صفقات المنتجات المالية فإن على الوسيط إثبات موافقة العميل عن كل أمر تم تنفيذه بما في ذلك الحصول على توقيعات العملاء على نموذج الأمر الكتابي أو تسجيل وأرشفة الأوامر التي تلقاها عن طريق الهاتف أو عن طريق الإنترنت وفقاً للضوابط والمتطلبات الفنية التي تضعها هيئة الأوراق المالية والسلع والتأكد من صحة الأوامر الواردة عن طريق الفاكس أو البريد الإلكتروني أو غيرها من الوسائل الإلكترونية الأخرى والاحتفاظ بنسخ من هذه الأوامر مع إصدار تأكيد للعميل بشأن كل أمر تم تنفيذه. ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير أدلتها - ومنها تقارير الخبراء - والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه وحسبها أن تبيّن الحقيقة التي اقتنعت بها وأقامت قضاءها عليها، ولها سلطة تفسير العقود والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها وأصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها وذلك كله دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان فهمها وتقديرها وتفسيرها سائغاً ومقبولاً بما له أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون. لما كان ذلك وكان تقرير الخبرة المنتدبة في الدعوى قد أثبت أن طبيعة التعاملات بين طرفي التداعي تتمثل في التداول بالهامش في منتجات الأسواق المالية العالمية عبر منصات التداول الإلكترونية (منصة ....) بالدولار الأمريكي، وأن عدد الصفقات محل النزاع ثمانية وأن الطاعنة لم تقدم الأوامر المؤيدة لها والصادرة من المطعون ضدها، ولكنها قدمت خمسة رسائل إلكترونية بالبريد الإلكتروني وكشوفات حساب تصدر تلقائياً من نظام الطاعنة إلى المطعون ضدها. وانتهت الخبرة إلى أن ناتج تصفية الحساب بين الطرفين وفقاً للحالتين: الحالة الأولى: في حالة اعتماد المحكمة للصفقات الثلاثة الأخيرة فإن المترصد لصالح المستأنفة ضد المستأنف ضدها مبلغ وقدره 3,378,655,72 دولار أمريكي. الحالة الثانية: في حالة عدم اعتماد المحكمة للصفقات الثلاثة الأخيرة فإن المترصد لصالح المستأنفة ضد المستأنف ضدها مبلغ 516,479,18 دولار أمريكي. ونتيجة ملاحظات واعتراضات الخصوم على التقرير فقد أعادت محكمة الاستئناف المهمة للجنة الخبرة التي أعادت بحثها وأودعت تقريراً تكميلياً انتهت فيه إلى ذات النتيجة، وبجلسة 19/9/2023 قامت محكمة الاستئناف باستجواب لجنة الخبرة التي أكدت أن كشوف الحساب تتسق مع التعاملات السائدة بين الطرفين وفقاً لما جرى عليه التعامل بينهما ومن ثم فهي تغني عن الإيميلات، أما بشأن أل 1,200,000 دولار أكدت الخبرة أنه عبارة عن تسوية بين الطرفين تم إيداعه من طرف الطاعنة في الطعن الأول في حساب المطعون ضدها ثم قامت بحذفه ولم تقدم ما يثبت ذلك، وأن هناك اتفاق بينهما يضمن بأن الأصل في عمليات التداول وجود أوامر كتابية أو هاتفية أو عن طريق البريد الإلكتروني قبل التنفيذ، وأن الطاعنة لم تقدم ما يفيد ذلك وإنما قدمت إخطار المطعون ضده بعد التنفيذ للتأكيد لعدد (5) عمليات فقط من أصل (8) عمليات كما هو موضح بالتقرير، ومن ثم قامت الخبرة بتصفية الحساب بينهما وفقاً للمقترحين على النحو المبين باعلاه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتد في قضائه على ما انتهى إليه تقرير الخبرة في المقترح الثاني ومن ثم قضى بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلزام الطاعنة في الطعن الثاني بأن تؤدي للطاعنة في الطعن الأول مبلغ 516,479,18 دولار أمريكي وذلك على ما قال به في أسبابه من أنه (... لما كان الثابت من تقرير الخبرة أن المستأنف عليها تسلمت رسائل بالبريد الإلكتروني بالتأكيدات لعدد 5 صفقات وخلت الأوراق مما يفيد وجود أي اعتراض من المستأنف عليها على الصفقات الخمس ولم تنكر استلامها رسائل التأكيد المرسلة عبر البريد الإلكتروني الخاص بها، وكان الثابت وفقا لتقرير الخبرة أن الآلية التي تمت بها هذه الصفقات الخمسة هي الآلية التي جرى عليها التعامل ومن ثم تكون المستأنف عليها قد قامت بإجراء هذه الصفقات وقبولها، أما الثلاث صفقات الأخيرة فالثابت من تقرير الخبرة أنه لا توجد أوامر كتابية أو هاتفية أو عن طريق البريد الإلكتروني قبل التنفيذ، كما لا توجد رسائل عبر البريد الإلكتروني بالتأكيد عليها كما جرى العمل، ومن ثم ترى المحكمة استبعاد الصفقات الثلاثة الأخيرة باعتبار أن المستأنفة لم تقدم البينة على أنها تمت بطلب من المستأنف عليها أو أنها قبلتها بعد تنفيذها بموجب رسائل تأكيد، ولما كانت الخبرة قد انتهت إلى أن إجمالي خسائر صفقات التداول بلغ 4,595,103,09 دولار أمريكي وهي تخص المستأنف عليها بالحساب رقم .... وتم تحويلها إلى الحساب الداخلي للمستأنفة رقم .... وهي عبارة عن صفقات تم إبرامها بالاتساق مع الآلية المتبعة للتعاملات بين الطرفين، وكانت المحكمة قد خلصت إلى استبعاد الصفقات الثلاثة الأخيرة ومن ثم ترى المحكمة اعتماد الحالة التي خلصت إليها الخبرة بشأن تصفية حساب التداول بين الطرفين بأن المترصد في ذمة المستأنف عليها مبلغ وقدره 516,479,18 دولار أمريكي ...) وكان دلالة ما قال به الحكم المطعون فيه على هذا النحو أنه اعتد في قضائه على تقرير لجنة الخبرة مما مؤداه اعتبار الأسباب التي بني عليها التقرير أسباباً للحكم، وكانت هذه السباب سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيها للقانون وتكفي لحمل قضائه وتتضمن الرد المسقط لما ورد بأوجه النعي في كلا الطعنين، ومن ثم لا يعدو النعي بأسباب أي من الطعنين أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض يتعين معه رفضهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق