الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 19 أغسطس 2025

الطعن 1079 لسنة 2023 جلسة 14 / 12 / 2023 نقض أبو ظبي مدني مكتب فني 17 تجاري ق 129 ص 917

جلسة 14/12/2023
برئاسة السيد المستشار/ عبد الله علي عبد الله - رئيس الدائرة وعضوية المستشارين: محمد حسن، إدريس بن شقرون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 1079 لسنة 2023 تجاري)
استثمار. بيع. تسجيل. تنفيذ. حجز. حق. دعوى "أنواع من الدعاوى. دعوى صحة ونفاذ العقد". عقد "أثر العقد" "فسخ العقد وانفساخه". محكمة الموضوع "سلطتها". مزاد علني.
- لمحكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى وتفسير الأدلة والمستندات وتقارير الخبراء والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه وإطراح ما عداها. لها تفسير العقود والاتفاقات والمحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها. متى كان قضائها سائغاً.
- دعوى صحة ونفاذ العقد. ماهيتها.
- المادة السادسة من القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن التسجيل العقاري بإمارة أبو ظبي. مفادها.
- المادة 292/2 من قانون الإجراءات المدنية. مفادها والغاية منها.
- قضاء الحكم المطعون فيه باعتبار اتفاقية الاستثمار المبرمة بين الطاعنة والمطعون ضده الأول غير نافذة في حق المطعون ضده الرابع بصفته الراسي عليه المزاد. مادامت لم يتم تسجيلها قبل إجراء الحجز على قطعة الأرض من قبل قاضي التنفيذ. صحيح. مثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الأدلة والمستندات ومنها تقارير الخبراء والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه وإطراح ما عداها وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأقامت قضاءها عليها، وكذلك في تفسير العقود والاتفاقات والمشاركات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها وذلك كله دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان فهمها وتقديرها وتفسيرها سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون. ومن المقرر أن دعوى صحة ونفاذ العقد هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد وصحته والتحقق من استيفائه كافة الشروط اللازمة لانعقاده وبحث مداه ونفاذه ذلك أن المقصود بتلك الدعوى هو تنفيذ العقد تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد وأن يكون التنفيذ العيني ممكناً، فإذا تبين للقاضي من وقائع ومستندات الدعوى أن التنفيذ العيني غير ممكن تعين عليه القضاء بعدم قبول الدعوى، ومن المقرر وفقاً لنص المادة السادسة من القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن التسجيل العقاري بإمارة أبوظبي - الواجب التطبيق - تسجيل جميع التصرفات التي ترد على العقارات المشمولة بحكم المادة العاشرة من هذا القانون التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية الأصلية أو التبعية أو نقله أو زواله وكذلك الأحكام الباتة المثبتة لشيء من ذلك في السجل المخصص لذلك في الجهة المختصة التي يقع العقار في دائرتها ويترتب على عدم التسجيل أن كافة الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تزول بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير ويسري هذا الحكم على عقود الإيجار التي تكون مدتها أكثر من أربع سنوات ولا يعتد بالتصرفات غير المسجلة ولا يكون لها أثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن، ومن المقرر بنص المادة 292/2 من قانون الإجراءات المدنية من أنه (لا ينفذ تصرف المدين أو الحائز أو الكفيل العيني في العقار، ولا ينفذ كذلك ما يترتب عليه من رهن أو امتياز في حق الحاجزين ولو كانوا دائنين عاديين، ولا في حق الراسي عليه المزاد، إذا كان التصرف أو الرهن أو الامتياز قد حصل تسجيله بعد تسجيل قرار الحجز)، وأن الهدف والغاية من ذلك هي أن بيع العقار بالمزاد العلني هو بيع منظم بنصوص قانونية إجرائية وموضوعية خاصة يراد منها الوصول بثمن العقار القابل للبيع إلى أزيد حق ممكن بطريق المزايدة العلنية بين المتزايدين ممن لهم أهلية الشراء قانوناً والذي ينعقد برسو المزاد، بعد استنفاذ مختلف المراحل الأولية من صدور قرار بحجزه تمهيداً لبيعه بالمزاد العلني وتبليغ هذا القرار إلى الدائرة المختصة بتسجيل العقارات للتأشير به في السجلات الخاصة بهذا العقار ووجوب أن تُطلع الدائرة المختصة المحجوز لديها العقار قاضي التنفيذ من واقع السجل العقاري، بالدائنين أصحاب الحقوق المقيدة وموطن كل منهم ومحل عمله وفيما إذا كانت توجد أية موانع تعيق التصرف بالعقار، وفقاً لنص المادة 286 (إجراءات مدنية) واستنفاذ كافة الاعتراضات المقدمة وفق ما تنص عليه المادة 294 (إجراءات مدنية). باعتبار أن البيع القضائي للعقار بالمزاد العلني يعد من العقود التنظيمية التي حلت فيها إرادة المشرع محل إرادة البائع، أما المشتري فإن إرادته قد اقتصرت على الانضمام لإرادة المشرع، ويكون من ثم مركزه القانوني محدداً بنصوص آمرة. لما كان ذلك، وكان الثابت من اتفاقية الاستثمار المنصبة على العقار محل النزاع أنها تتضمن تصرفاً في منفعة العقار من مالكه السابق (المطعون ضده الأول) قبل رسو المزاد بشأن بيعه على المطعون ضده الرابع دون أن يتم تسجيل اتفاقية التصرف في المنفعة قبل صدور قرار الحجز العقاري ودون ثبوت أن الجهة المختصة بقيد الحجز والتأشير به بالسجل الخاص بالعقار قد أطلعت قاضي التنفيذ بوجود هذه الاتفاقية حسب اشتراطات المادة 286 آنفة البيان بما لا تسري معه في مواجهة المطعون ضده الرابع الذي رسا عليه مزاد بيع تلك الأرض، وكان الحكم المطعون فيه قد تقيد بذلك فيما أورده بأسبابه من كون الثابت من أوراق الدعوى أن قاضي التنفيذ أصدر بتاريخ 3/4/2023 قراراً بترسية مزايدة علنية لبيع قطعة الأرض موضوع الدعوى في التنفيذ رقم 129 لسنة 2022 تنفيذ تجاري على المطعون ضده الرابع، ومن ثم آلت ملكيتها إلى هذا الأخير بالشراء بالمزاد العلني وبقيد الأرض في السجل العقاري باسمه مطهراً من أية حقوق للغير، واعتبر الحكم المطعون فيه نتيجة ذلك أن اتفاقية الاستثمار سند الدعوى المبرمة بين الطاعنة والمطعون ضده الأول - المالك السابق لقطعة الأرض - تضحى غير نافذة في حق المطعون ضده الرابع بصفته الراسي عليه المزاد طالما لم يرد في أوراق الدعوى ما يفيد تسجيل هذه الاتفاقية قبل إجراء الحجز على قطعة الأرض من قبل قاضي التنفيذ، وبناء عليه فإن بيع القطعة محل عقد الاستثمار بالمزاد العلني وصدور الحكم برسو المزاد على المطعون ضده الرابع وتسجيلها باسمه ينقل حيازة قطعة الأرض إليه غير مثقلة بأي حق تجاه الطاعنة لكون المقرر أن انتقال ملكية عقار إلى الغير عن طريق بيعه بالمزاد العلني يؤدي إلى انفساخ العقد إذ أن المالك الجديد لا شأن له بالعقود الواقعة على العقار الذي آل إليه بالمزاد العلني عن طريق دائرة التنفيذ مطهراً من حقوق مالكه السابق وأثر ذلك استحالة تنفيذ اتفاقية الاستثمار المطالب بصحتها ونفاذها ومن ثم فإن اختصام استشاري المشروع في الدعوى غير منتج ولا يغير من حقيقة استحالة تنفيذ اتفاقية الاستثمار سند الدعوى، ويكون من ثم ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من رفض للدعوى قائماً على أسباب سائغة وكافية لحمله ولها سندها ومعينها من أوراق الدعوى المؤدية إلى هذه النتيجة المنسجمة مع صحيح القانون ومع ما هو مستقر عليه قضاء في هذا الشأن، ويبقى النعي عليه بما سلف غير سديد وترفضه المحكمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة اختصمت المطعون ضدهما الأول والرابع أمام محكمة أول درجة في الدعوى رقم 364/2023 تجاري ابتدائي أبوظبي بطلب القضاء بصفة مستعجلة بتمكينها من قطعة الأرض السكنية الكائنة ....، والحكم في مواجهة المطعون ضدهما الأول والرابع وخلفهما الخاص والعام بصحة ونفاذ عقد الاستثمار المؤرخ 1/3/2020، وإلزام المطعون ضده الأول بمبلغ 10,000,000.00 درهم كتعويض عما فاتها من كسب وما لحقتها من خسارة، على سند من أنها شركة تمارس خدمات تأجير وإدارة العقارات، وأن المطعون ضده الأول هو المالك لقطعة الأرض السكنية رقم ..، وبموجب العقد المؤرخ 21/4/2019 أسند المطعون ضده الأول للشركة المطعون ضدها الثانية إنشاء وإنجاز وصيانة عدد .. فيلات سكنية على الأرض المملوكة له بإشراف المؤسسة المطعون ضدها الثالثة، وبتاريخ 1/3/2020 وبموجب عقد استثمار فيما بين الطاعنة والمطعون ضدهم الثلاثة الأوائل (المالك والمقاول والاستشاري) بغرض قيام الطاعنة بإدارة واستثمار الأرض السكنية المملوكة للمطعون ضده الأول لمدة 25 عاماً تبدأ من تاريخ انتهاء المشروع وقد تم الاتفاق بالعقد على حوالة كافة الحقوق والالتزامات الخاصة بالمطعون ضده الأول بعقد المقاولة إلى الطاعنة وبذلك فقد حلت محله في جميع الحقوق والالتزامات المتعلقة بعقد المقاولة، ولاحقاً نما إلى علمها بأنه قد تم بيع قطعة الأرض محل عقد الاستثمار بالمزاد العلني وصدر حكم بتاريخ 13/3/2023 في التنفيذ رقم 2131 لسنة 2015 برسو المزاد على المطعون ضده الرابع، والذي دخل إلى الموقع وقام بطرد العمال والموظفين وأوقف الأعمال وكانت نسبة الإنجاز قد بلغت 17.70% وهو ما ترتب عليه المساس بحقوق الطاعنة، فكانت الدعوى بما تقدم من طلبات. وقدم وكيل المطعون ضده الأول مذكرة جوابية أقر فيها بطلب الطاعنة بشأن القضاء لها بصحة ونفاذ عقد الاستثمار سند الدعوى، وطلب رفض طلبها بتمكينها من العين محل عقد الاستثمار في مواجهته لا سيما وأنه قد تم صدور حكم بترسية المزاد على المطعون ضده الرابع، كما تدخلت المطعون ضدها الثانية - مقاول المشروع - هجومياً ضد كل من المطعون ضدهما الأول والرابع وطلبت إدخال المطعون ضدها الثالثة - استشاري المشروع - وطلبت ندب خبرة لإثبات حالة المشروع، والحكم بصفة مستعجلة بأحقيتها في حبس الأرض محل عقد المقاولة إلى حين استيفاء كافة حقوقها المالية الناشئة عن تنفيذ عقد المقاولة والامتناع عن تسليمها لحين صيرورة الحكم في الدعوى الراهنة نهائياً، وبإلزام المطعون ضده الأول (مالك المشروع) بأن يؤدي لها مبلغ 13,263.390.00 درهم عن باقي قيمة عقد المقاولة، تأسيسا على أنها المقاول القائم على تنفيذ المشروع بالأرض المملوكة للمطعون ضده الأول وقد بدأت في تنفيذ المشروع حتى تم إبرام عقد الاستثمار فيما بين المالك - المطعون ضده الأول - والطاعنة بتاريخ 1/3/2020 وتم إصدار خطابي تمديد لتنفيذ الأعمال بتاريخ 21/8/2022 بحيث يكون تاريخ الانتهاء في 21/12/2023 إلا أنه لم يتم سداد باقي قيمة الأعمال وقد فوجئت بقيد الدعوى الراهنة بعد قيام المطعون ضده الرابع بدخول الموقع وطرد العمال والموظفين التابعين لها وللطاعنة من موقع المشروع مما ترتب عليه وقف الأعمال بالموقع بما يسبب الخسارة لها لا سيما وأن نسبة الإنجاز في المشروع قد بلغت 17.70% من النسبة الإجمالية لتنفيذ المشروع وأن صدور حكم برسو المزاد ببيع قطعة الأرض محل المشروع لصالح المطعون ضده الرابع مس بحقوقها كما أن لديها مستندات لدى استشاري المشروع (المطعون ضدها الثالثة) وهو الأمر الذي حدا بها إلى التدخل هجومياً في الدعوى، مع طلب إدخال المطعون ضدها الثالثة لإلزامها بتقديم ما تحت يدها من مستندات تخص المشروع محل عقد المقاولة. وبجلسة 29/8/2023 قضي في الدعوى الأصلية: بعدم قبولها وبإلزام المدعية أصلياً بمصاريفها، وفي طلب التدخل وطلب الإدخال: بعدم قبولهما وبإلزام المتدخلة بمصاريفهما.
استأنفت الطاعنة (المدعية) هذا الحكم بموجب الاستئناف رقم 2182/2023 استئناف تجاري أبو ظبي، وبجلسة 25/10/2023 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالمصاريف.
طعنت المستأنفة على هذا الحكم بالنقض بموجب الطعن الماثل، وأودع وكيل المطعون ضده الرابع مذكرة بطلب رفض الطعن، وإذ عُرِض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره.
حيث إن حاصل ما تنعي به الطاعنة بأسباب نعيها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع فيما قضى به استناداً على ما أورده من أسباب مفادها أن (ترسية المزاد العلني لقطعة الأرض على المطعون ضده الرابع وأيلولة الملكية إليه بقيدها في السجل العقاري باسمه يجعل العقار مطهراً من أي حقوق للغير ويجعل اتفاقية الاستثمار المبرمة بين الطاعنة والمطعون ضده الأول - المالك السابق للأرض - غير نافذة في حق المطعون ضده الرابع الذي رسا عليه المزاد طالما لم يرد في أوراق الدعوى ما يفيد تسجيلها قبل إجراء الحجز على قطعة الأرض من قبل قاضي التنفيذ) والحال أن طلب الطاعنة هو الحكم بصحة ونفاذ عقد الاستثمار الذي يعتبر صدور الحكم به حائزاً للحجية في مواجهة الكافة، كما لم يتعرض الحكم المطعون فيه إلى مدى تنفيذ المطعون ضدها الثانية (المقاول) من عدمه ولم يبحث الطلبات الموضوعية سواء في الدعوى الأصلية أو طلب التدخل الهجومي خاصة وأن من ضمن مستندات الدعوى شهادة الاستشاري - المطعون ضدها الثالثة تفيد أن نسبة الإنجاز بلغت 17.70% من المشروع وهو ما يثبت مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالمستندات، وأن القول بوجوب اختصام الاستشاري في دعوى الصحة والنفاذ لا يتفق وصحيح القانون إذ أن وجوده في عقد الاستثمار لا يعدو أن يكون لمجرد الشهادة على واقعة تحرير عقد الاستثمار بين الطاعنة والمطعون ضده الأول دون أن يتضمن أية حقوق للاستشاري أو التزامات عليه، وكذا لجهة ما قرره الحكم المطعون فيه من تكييف خاطئ للعقد سند الدعوى بأنه من قبيل التصرفات العينية في حين أنه مجرد عقد من عقود الإدارة لا لزوم لتسجيله بالسجل العقاري، كما أن ما قال به حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه من عدم وجود ما يفيد تنفيذ المشروع ينافي ويخالف الثابت بشهادة الإنجاز الصادرة عن استشاري المشروع - المطعون ضدها الثالثة - بكون هذه النسبة هي بواقع 17.70% من القيمة الفعلية للمقاولة والتي لم تطعن عليها الطاعنة الثانية - المتدخلة هجومياً - وأن عقد الاستثمار تضمن بنداً يفيد حوالة الحق إليها من المالك بما مفاده أن ما تم تنفيذه بالمشروع يمثل أموالاً أنفقتها الطاعنة في هذه الإنشاءات على الأرض محل عقد الاستثمار ويتخذ شكل المطالبة المالية يتعين على المطعون ضده الأول (المالك السابق) الوفاء بها فضلاً عن كون الطاعنة ملزمة بسداد قيمتها للمطعون ضدها الثانية (المقاول) وهو ما خالفه الحكم المطعون فيه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الأدلة والمستندات ومنها تقارير الخبراء والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه وإطراح ما عداها وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأقامت قضاءها عليها، وكذلك في تفسير العقود والاتفاقات والمشاركات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها وذلك كله دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان فهمها وتقديرها وتفسيرها سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون. ومن المقرر أن دعوى صحة ونفاذ العقد هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد وصحته والتحقق من استيفائه كافة الشروط اللازمة لانعقاده وبحث مداه ونفاذه ذلك أن المقصود بتلك الدعوى هو تنفيذ العقد تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد وأن يكون التنفيذ العيني ممكناً، فإذا تبين للقاضي من وقائع ومستندات الدعوى أن التنفيذ العيني غير ممكن تعين عليه القضاء بعدم قبول الدعوى، ومن المقرر وفقاً لنص المادة السادسة من القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن التسجيل العقاري بإمارة أبوظبي - الواجب التطبيق - تسجيل جميع التصرفات التي ترد على العقارات المشمولة بحكم المادة العاشرة من هذا القانون التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية الأصلية أو التبعية أو نقله أو زواله وكذلك الأحكام الباتة المثبتة لشيء من ذلك في السجل المخصص لذلك في الجهة المختصة التي يقع العقار في دائرتها ويترتب على عدم التسجيل أن كافة الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تزول بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير ويسري هذا الحكم على عقود الإيجار التي تكون مدتها أكثر من أربع سنوات ولا يعتد بالتصرفات غير المسجلة ولا يكون لها أثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن، ومن المقرر بنص المادة 292/2 من قانون الإجراءات المدنية من أنه (لا ينفذ تصرف المدين أو الحائز أو الكفيل العيني في العقار، ولا ينفذ كذلك ما يترتب عليه من رهن أو امتياز في حق الحاجزين ولو كانوا دائنين عاديين، ولا في حق الراسي عليه المزاد، إذا كان التصرف أو الرهن أو الامتياز قد حصل تسجيله بعد تسجيل قرار الحجز)، وأن الهدف والغاية من ذلك هي أن بيع العقار بالمزاد العلني هو بيع منظم بنصوص قانونية إجرائية وموضوعية خاصة يراد منها الوصول بثمن العقار القابل للبيع إلى أزيد حق ممكن بطريق المزايدة العلنية بين المتزايدين ممن لهم أهلية الشراء قانوناً والذي ينعقد برسو المزاد، بعد استنفاذ مختلف المراحل الأولية من صدور قرار بحجزه تمهيداً لبيعه بالمزاد العلني وتبليغ هذا القرار إلى الدائرة المختصة بتسجيل العقارات للتأشير به في السجلات الخاصة بهذا العقار ووجوب أن تُطلع الدائرة المختصة المحجوز لديها العقار قاضي التنفيذ من واقع السجل العقاري، بالدائنين أصحاب الحقوق المقيدة وموطن كل منهم ومحل عمله وفيما إذا كانت توجد أية موانع تعيق التصرف بالعقار، وفقاً لنص المادة 286 (إجراءات مدنية) واستنفاذ كافة الاعتراضات المقدمة وفق ما تنص عليه المادة 294 (إجراءات مدنية). باعتبار أن البيع القضائي للعقار بالمزاد العلني يعد من العقود التنظيمية التي حلت فيها إرادة المشرع محل إرادة البائع، أما المشتري فإن إرادته قد اقتصرت على الانضمام لإرادة المشرع، ويكون من ثم مركزه القانوني محدداً بنصوص آمرة. لما كان ذلك، وكان الثابت من اتفاقية الاستثمار المنصبة على العقار محل النزاع أنها تتضمن تصرفاً في منفعة العقار من مالكه السابق (المطعون ضده الأول) قبل رسو المزاد بشأن بيعه على المطعون ضده الرابع دون أن يتم تسجيل اتفاقية التصرف في المنفعة قبل صدور قرار الحجز العقاري ودون ثبوت أن الجهة المختصة بقيد الحجز والتأشير به بالسجل الخاص بالعقار قد أطلعت قاضي التنفيذ بوجود هذه الاتفاقية حسب اشتراطات المادة 286 آنفة البيان بما لا تسري معه في مواجهة المطعون ضده الرابع الذي رسا عليه مزاد بيع تلك الأرض، وكان الحكم المطعون فيه قد تقيد بذلك فيما أورده بأسبابه من كون الثابت من أوراق الدعوى أن قاضي التنفيذ أصدر بتاريخ 3/4/2023 قراراً بترسية مزايدة علنية لبيع قطعة الأرض موضوع الدعوى في التنفيذ رقم 129 لسنة 2022 تنفيذ تجاري على المطعون ضده الرابع، ومن ثم آلت ملكيتها إلى هذا الأخير بالشراء بالمزاد العلني وبقيد الأرض في السجل العقاري باسمه مطهراً من أية حقوق للغير، واعتبر الحكم المطعون فيه نتيجة ذلك أن اتفاقية الاستثمار سند الدعوى المبرمة بين الطاعنة والمطعون ضده الأول - المالك السابق لقطعة الأرض - تضحى غير نافذة في حق المطعون ضده الرابع بصفته الراسي عليه المزاد طالما لم يرد في أوراق الدعوى ما يفيد تسجيل هذه الاتفاقية قبل إجراء الحجز على قطعة الأرض من قبل قاضي التنفيذ، وبناء عليه فإن بيع القطعة محل عقد الاستثمار بالمزاد العلني وصدور الحكم برسو المزاد على المطعون ضده الرابع وتسجيلها باسمه ينقل حيازة قطعة الأرض إليه غير مثقلة بأي حق تجاه الطاعنة لكون المقرر أن انتقال ملكية عقار إلى الغير عن طريق بيعه بالمزاد العلني يؤدي إلى انفساخ العقد إذ أن المالك الجديد لا شأن له بالعقود الواقعة على العقار الذي آل إليه بالمزاد العلني عن طريق دائرة التنفيذ مطهراً من حقوق مالكه السابق وأثر ذلك استحالة تنفيذ اتفاقية الاستثمار المطالب بصحتها ونفاذها ومن ثم فإن اختصام استشاري المشروع في الدعوى غير منتج ولا يغير من حقيقة استحالة تنفيذ اتفاقية الاستثمار سند الدعوى، ويكون من ثم ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من رفض للدعوى قائماً على أسباب سائغة وكافية لحمله ولها سندها ومعينها من أوراق الدعوى المؤدية إلى هذه النتيجة المنسجمة مع صحيح القانون ومع ما هو مستقر عليه قضاء في هذا الشأن، ويبقى النعي عليه بما سلف غير سديد وترفضه المحكمة. وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق