الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 يناير 2025

الطعن 6832 لسنة 43 ق جلسة 22/ 7 / 2000 إدارية عليا مكتب فني 45 ق 101 ص 953

جلسة 22 من يوليه سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان عزوز - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: إسماعيل صديق محمد راشد وفريد نزيه تناغو ومحمد عادل حسيب وعبد الفتاح عبد الحليم عبد البر - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(101)

الطعن رقم 6832 لسنة 43 قضائية عليا

تأديب - المخالفات التأديبية - ممارسة العامل لسلطته التقديرية - مناطه.
للموظف التحرك في حدود السلطة التقديرية المخولة له دون أن يترتب على ما ينتهي إليه اعتباره مرتكباً لخطأ تأديبي طالما أنه يمارس عمله بحسن نية متجرداً من سوء القصد أو الإهمال أو مخالفة القانون أو الإضرار بالمصلحة العامة لتحقيق مصلحة خاصة له أو لغيره - القول بغير ذلك مؤداه أن يحجم كل مختص عن ممارسة سلطته التقديرية بالمرونة الواجبة ومن ثم تسود البيروقراطية وتنمو روح التسيب والتسلب من ممارسة المسئولية تجنباً للمساءلة عن كل إجراء يتخذ الموظف في حدود سلطته التقديرية التي تفترض القدرة على التحرك في المجال المتاح له قانوناً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 23/ 9/ 1997 أودع الأستاذ/ ........ المحامي الوكيل عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها بجلسة 26/ 7/ 1997 في الطعن رقم 291/ 30 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده والقاضي أولاً: بالنسبة لطلب الطاعن إلغاء القرار رقم 40/ 1995 فيما تضمنه من مجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد. ثانياً: بالنسبة لطلب الطاعن إلغاء القرار رقم 40/ 1995 فيما تضمنه من تحميله مبلغ 11816 جنيه بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن للأسباب التي وردت بتقرير الطعن من قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بالطلبات الثانية بأصل صحيفة الطاعن أمام محكمة أول درجة مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي وبتاريخ 27/ 9/ 1997 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضده.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 13/ 10/ 1999 وبجلسة 26/ 1/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة موضوع لنظره بجلسة 19/ 2/ 2000 ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة وبجلسة 1/ 4/ 2000 قررت الحكم في الطعن بجلسة 8/ 7/ 2000 مع مذكرات في شهر ومد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد واستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام الطعن رقم 291/ 30 ق أمام المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها طالباً في ختامها إلغاء القرار رقم 40/ 1995 وإلغاء قرار تحميله مبلغ 11816 ج مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لطعنه أنه فوجئ يوم 30/ 12/ 1995 بخصم 52 ج شهرياً لتحميله مبلغ 11816 ج ومجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه بالقرار رقم 40/ 1995 ونعى على القرارين بمخالفة القانون للأسباب الآتية:
بالنسبة للقرار رقم 40/ 1995 فقد تظلم منه بتاريخ 9/ 4/ 1995 قد نسب إليه قيامه بإعداد المذكرة سند إحالته للتحقيق على الرغم من أن قيامه بإعدادها جاء تنفيذاً لتعليمات رؤسائه بالطلب المؤرخ 12/ 1/ 1991 ورغم عدم وجود مخالفة تأديبية فيما قام به من عمل كما أن إنشاء مبنى حي المطرية الجديد عمل ضخم تكلف ثلاثة ملايين جنيه وهي أعمال لا يمكن القيام بها إلا عن طريق المكاتب الاستشارية وأن المبلغ الذي صرف لقاء الرسومات ثم الاستفادة منه بقيام المقاول بالتنفيذ بموجبها كما أن تحقيق النيابة الإدارية في القضية رقم 264/ 1995 تبنى وجهة نظر الجهاز المركزي للمحاسبات رغم مخالفة ذلك للواقع والقانون.
وبالنسبة لقرار تحميله مبلغ 11816 ج فقد خلا القرار آنف الذكر من الإشارة إلى تحميله بذلك المبلغ وعليه فإن الجهة الإدارية تثري على حسابه وزميله ويكون ذلك الحكم دون سند من الواقع والقانون ونظرت المحكمة الطعن وبجلسة 26/ 7/ 1997 أصدرت حكمها المطعون فيه.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 40/ 1995 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من راتبه بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد استناداً إلى أن القرار المذكور صدر بتاريخ 30/ 3/ 1995 وتظلم منه الطاعن في 9/ 4/ 1995 وأقام طعنه بتاريخ 24/ 4/ 1996 فإن الطعن يكون قد أقيم بعد الميعاد ولا ينال من ذلك قيام الطاعن بتقديم تظلم آخر بتاريخ 6/ 2/ 1996 لأن العبرة بالتظلم الأول فقط في قطع الميعاد.
وبالنسبة لما أثاره الطاعن من سقوط الدعوى التأديبية قبله لأن ما نسب إليه كان بتاريخ 21/ 1/ 1991 بينما الجهة الإدارية لم تبدأ تحقيقها إلا بتاريخ 9/ 11/ 1994 بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات وفقاً لنص المادة 91 من القانون رقم 47/ 1978 فإن الثابت أن المنسوب إلى الطاعن بإعداد مذكرة بصفته مدير المشروعات بطلب تكليف المهندس الاستشاري بإعداد الرسومات التنفيذية لمشروع إنشاء مبنى حي المطرية دون القيام بإعداد تلك الرسوم وإعدادها بمعرفة المختصين بمحافظة القاهرة مما ترتب عليه ضياع مبلغ 11816 ج دون وجه حق ومن ثم فإن ما نسب إليه يشكل الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات وطبقاً لحكم المادة 91 من القانون رقم 47/ 1978 فإن مدة سقوط الدعوى التأديبية تستطيل لمدة سقوط الدعوى الجنائية وعملاً بحكم المادة (15) من قانون الإجراءات فإن المدة المسقطة للدعوى الجنائية من الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرر ( أ ) لا تبدأ إلا من تاريخ انتهاء خدمة الموظف العام أو زوال صنعته وقد خلت الأسواق مما يفيد انتهاء خدمة الطاعن أو زوال صنعته ومن ثم فإن الدعوى التأديبية قبله لم تسقط.
وأضافت المحكمة في أسباب حكمها أنه بشأن ما نسب للطاعن على النحو السابق ذكره فالثابت من الأوراق والتحقيقات ومن كتاب مهندس المشروعات بالحي المذكور والمؤرخ 31/ 5/ 1992 وجود تخصصات فنية وتوجد خبرة في مجال تنفيذ الرسومات الهندسية المذكورة داخل الحي كما أفاد مدير إسكان حي الساحل توافر هذه الخبرات بالحي وأن التصحيح لا يكلف أكثر من 2500 جنيه كما تبين أن الطاعن أعد مذكرة ومدير الإسكان مؤرخة 21/ 1/ 1991 بطلب تكليف المهندس الاستشاري المتعاقد مع الحي لإعداد الرسومات التنفيذية لمشروع إنشاء مبنى حي المطرية الجديد لعدم وجود المعدات والأدوات اللازمة وعليه يكون ما نسب إلى الطاعن ثابت في حقه ويعد خطأ شخصياً من جانبه يرجع إلى عدم تبصره وترتب على هذا الخطأ ضرر لحق بجهة الإدارة بمبلغ 11816 ج ومن ثم يسأل الطاعن عن ذلك في حالته الخاصة بالقدر الذي يخصه ويكون قرار تحميله قد جاء مطابق لحكم القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله عندما قضى بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد بالنسبة لقرار الجزاء لأن القرار صدر بعد انقضاء الدعوى التأديبية بمضي ثلاث سنين على وقوع الفعل والتحقيق بعد هذه المدة وبالتالي يكون القرار باطلاً بطلاناً مطلقاً كما أخطأ الحكم حين اعتبر الدعوى التأديبية لم تسقط بسبب أن الفعل يكون جريمة جنائية مع أن النيابة الإدارية انتهت إلى أن الفعل لا يشكل جريمة وصرفت النظر عن إبلاغ النيابة العامة بالإضافة إلى أن ما قام به الطاعن من إعداد المذكرة محل المخالفة هو تكليف من مدير الإسكان بالحي له شخصياً بإعداد الرسومات لمبنى حي المطرية أو تكليف مكتب استشاري بإعدادها على الرغم من أن مدير الإسكان يعلم بوجود استشاري متعاقد مع الحي ومما يؤكد أن ما نسب إلى الطاعن لا يعدو كونه عملاً إدارياً فنياً أن السلطة المختصة (مدير الإسكان ورئيس الحي) أيدت إسناد العمل إلى ذات المكتب الاستشاري المتعاقد مع الحي كما أنه لو كان هناك شبهة جنائية ما اكتفى بتوقيع الجزاء البسيط بخصم ثلاثة أيام من المرتب كما أن الإدارة كانت جادة في بحث التظلم بعدم ردها عليه وأخذ رأي إدارة الفتوى المختصة فضلاً عن عدم تحصين القرار الباطل بمضي المدة مما يجعل الطعن على القرار مقبولاً لبطلانه بطلاناً مطلقاً.
أما بالنسبة لقرار التحميل فإن ما قام به الطاعن ما هو إلا تنفيذ لتعليمات رؤسائه الذين يعلمون بوجود إدارة هندسية بالمحافظة ويعلمون أن هذا العمل أكبر من أن يقوم به مهندسو المحافظة كما أن المبلغ المدعي بخسارته على الحي تم تحديده عن طريق لجنة البت والإرساء والتعاقد التي لم يكن الطاعن طرفاً فيها ومن ثم ينتفي الخطأ في حق الطاعن ولا تتحقق رابطة السببية بينه وبين الضرر الذي لحق جهة الإدارة وعلى فرض حدوث خطأ من الطاعن فهو خطأ مرفقي لا يسأل عنه في ماله كما شاب الحكم القصور في التسبيب إذ لم يتطرق إلا إلى مسئولية الطاعن وترك آخرين بالإضافة إلى أن الحكم أخل بحق الدفاع المخول للطاعن حيث قدم نماذج لما تقوم به الأحياء في الأعمال الكبيرة وضرورة إسنادها إلى المكاتب الاستشارية وأن هذا الإسناد لا يشكل جريمة تأديبية أو مخالفة مالية أو إدارية وأن هذا يتم بعلم السيد المحافظ ورؤساء الأحياء والجميع يعلم بوجود إدارة هندسية بالمحافظة ولكنهم في مثل هذه الأعمال الهامة لا يلجأون إليها ومع ذلك التفتت المحكمة عن هذا الدفاع.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد تبنى قاعدة يجب مراعاتها في مجال التأديب وهي أن للموظف التحرك في حدود السلطة التقديرية المخولة دون أن يترتب على ما ينتهي إليه اعتباره مرتكباً لخطأ تأديبي طالما أنه يمارس عمله بحسن نية متجرداً من سوء القصد أو الإهمال أو مخالفة القانون أو الإضرار بالمصلحة العامة لتحقيق مصلحة خاصة له أو لغيره أن القول بغير ذلك مؤداه أن يحجم كل مختص عن ممارسة سلطته التقديرية بالمرونة الواجبة ومن ثم تسود البيروقراطية وتنمو روح التسيب والتسلب من ممارسة المسئولية تجنباً للمساءلة عن كل إجراء يتخذه الموظف في حدود سلطته التقديرية التي تفترض القدرة على التحرك في المجال المتاح له قانوناً (في الطعن رقم 1154 لسنة 33 ق جلسة 25/ 2/ 1989) كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن إبداء الرأي أو الأخذ به في مسألة خلافية تحتمل أكثر من وجهة نظر لا يعد مخالفة تستوجب توقيع الجزاء عنها (في الطعن رقم 201 لسنة 40 ق جلسة 26/ 9/ 1998).
ومن حيث إن البين من المستندات التي ضمتها الحافظة المقدمة من الطاعن بجلسة 1/ 4/ 2000 أن العمل جرى في أحياء محافظة القاهرة على التعاقد مع المكاتب الاستشارية للقيام بأعمال التصميمات منها على سبيل المثال التعاقد مع الدكتور/ ..... المهندس الاستشاري بالعقد رقم 27/ 89/ 1990 بتاريخ 14/ 2/ 1990 كما تم التعاقد مع المهندس الاستشاري د/ ..... ود./ ...... بالعقد رقم 3/ 91، 1992 بتاريخ 8/ 10/ 1991 للقيام بالأعمال الاستشارية والتصميمات بحي الوايلي.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان المنسوب إلى الطاعن أنه أعد مذكرة مؤرخة 21/ 1/ 1991 بطلب تكليف المهندس الاستشاري المتعاقد مع الحي، حي المطرية لإعداد الرسومات التنفيذية لمشروع إنشاء مبنى حي المطرية الجديد حسبما رأى ذلك مناسباً ووافقه عليه المسئولون في الحي فضلاً عما جرى عليه العمل في أحياء القاهرة بإسناد مثل تلك الأعمال لمهندسين استشاريين ومكاتب استشارية فإن ما قام به الطاعن في هذا النطاق لا ينطوي على مخالفة تأديبية تستوجب مجازاته عنها كما أنه لا يعد خطأ تقوم به مسئوليته المدنية.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون عندما قضى بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لقرار الجزاء لرفعه بعد الميعاد باعتبار أنه صدر بعد انقضاء الدعوى التأديبية وبالتالي يكون هذا الجزاء باطلاً بطلاناً مطلقاً.
فإن الثابت من الأوراق أن ما نسب إلى الطاعن كان بتاريخ 21/ 1/ 1991 بينما لم تبدأ الجهة الإدارية تحقيقاً إلا بتاريخ 9/ 11/ 1994 بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من وقوع الفعل وبعد انقضاء الدعوى التأديبية عنه بالتقادم وفقاً لنص المادة (91) من القانون رقم 47/ 1978 بنظام العاملين المدنيين في الدولة وتعديلاته ومن ثم فإن قرار الجزاء يكون قد شابه عيب جسيم ينحدر به إلى درجة الانعدام مما يجيز الطعن عليه دون التقيد بمواعيد الطعن في القرارات الإدارية غير المشروعة وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك وقضى بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لقرار الجزاء لرفعه بعد الميعاد فإنه يكون قد أخطأ في التطبيق ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وقبول الطعن شكلاً بالنسبة لهذا القرار.
ومن حيث إنه وقد سلف القول بأن ما قام به الطاعن لا يشكل مخالفة تأديبية تستوجب مجازاته عنها تأديبياً كما أنه لا يعد خطأ تقوم به مسئوليته المدنية فإن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 40/ 1995 فيما تضمنه من مجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه وما تضمنه من تحميله بالقدر الذي يخصه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 40/ 1995 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من راتبه وما تضمنه من تحميله بالقدر الذي يخصه وما يترتب على ذلك من آثار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق