الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 يناير 2025

الطعن 3207 لسنة 36 ق جلسة 21 / 11 / 1995 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 11 ص 81

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: علي فكري حسن صالح، ود. حمدي محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطه - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------

(11)

الطعن رقم 3207 لسنة 36 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - (الاستقالة الصريحة) - طبيعتها - شرط صحتها.
تقديم الاستقالة وقبولها ليس عملية تعاقدية بل هي عملية إرادية يثيرها الموظف ابتداءً بطلب الاستقالة وتنتهي الخدمة بالقرار الإداري الصادر بقبول هذا الطلب الذي يعد سبباً للقرار - طلب الاستقالة مظهر من مظاهر إرادة الموظف اعتزال الخدمة والقرار بقبوله وهو بدوره مظهر من مظاهر إرادة السلطة المختصة في قبول الطلب وإحداث أثره القانوني - فيجب أن يصدر طلب الاستقالة وقرار قبولها برضا صحيح غير مشوب بأي عيب يفسد هذا الرضا. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 4/ 8/ 1990 أودع الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3207 لسنة 36 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 4/ 6/ 1990 في الدعوى رقم 6248 لسنة 42 ق والذي قضى بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وبقبول طلب التعويض شكلا ورفضه موضوعاً، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن، للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى المطعون في حكمها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الوزاري رقم 386 الصادر في 6/ 9/ 1986 بإنهاء خدمة الطاعن وإعادته إلى عمله واعتبار قرار إنهاء خدمته كأن لم يكن مع كل ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وتعويضه الملائم عما أصابه من مرض نفسي أثر على حياته من جراء معاملة جهة الإدارة وقراراتها طوال مدة خدمته وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاًً، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات. كما تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة - موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 10/ 10/ 1995 وتدوول الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بالأوراق إلى أن قررت المحكمة الحكم فيه بجلسة اليوم وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص، حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 3/ 3/ 1988 أقام المدعي "الطاعن" الدعوى رقم 6248 لسنة 42 ق ابتداءً - أمام المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية طالباً الحكم:
أولاً: وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بإنهاء خدمته بناءً على الاستقالة المقدمة منه واستمرار صرف مرتبه من الجهة الإدارية التي كان يعمل بها.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثاً: تعويضه عما أصابه من مرض نفسي أثر على حياته من جراء معاملة جهة الإدارة وقراراتها طوال مدة خدمته وإلزام المدعى عليه المصروفات. وذكر المدعي شرحاً لدعواه أنه عين بوزارة الداخلية بتاريخ 4/ 3/ 1972 بعد حصوله على ليسانس الحقوق وظل يتدرج بالوظائف الإدارية المختلفة بالوزارة ثم نقل إلى مديرية أمن القاهرة بوظيفة باحث قانوني بالشئون القانونية بها، وكان طوال هذه المدة وحتى 30/ 9/ 1986 يقوم بعمله على خير وجه، إلا أنه ونظراً لتعنت جهة الإدارة معه في بعض الأحيان فقد أصيب المدعي بمرض نفسي، كان من أثره أن تقدم باستقالته من الخدمة وبالفعل قبلت استقالته وأخلى طرفه من عمله بتاريخ 30/ 9/ 1986 إلا أنه عاد خلال أشهر قليلة وتقدم لإعادته إلى الخدمة، إلا أن جهة الإدارة لم تستجب لمطلبه مما اضطر إلى إقامة دعواه بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 5/ 6/ 1988 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري "دائرة التسويات أ"حيث قيدت برقم 6248 لسنة 42 ق وتدوولت الدعوى أمام المحكمة - بعد تحضيرها - إلى أن قضت بجلسة 4/ 6/ 1990 بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبقبول طلب التعويض شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه لما كان الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 6/ 9/ 1986 وتظلم منه المدعي بتاريخ 23/ 2/ 1988 ثم أقام دعواه بتاريخ 3/ 3/ 1988 فمن ثم تكون دعواه قد رفعت بعد الميعاد المقرر قانوناً بالمادة (24) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ومن ثم تكون غير مقبولة شكلاً، بالنسبة لطلب التعويض فإن الثابت أن القرار المطعون فيه صدر بناءً على طلب المدعي بإنهاء خدمته بالاستقالة إعمالاً للمادة 97 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، ومن ثم فإن القرار المطعون قد صدر مطابقاً لأحكام القانون الأمر الذي ينتقى معه ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة وما تقوم به مسئوليتها الإدارية ويضحى طلب التعويض متعيناً رفضه، وأن ما قرره المدعي "الطاعن" من مرضه بمرض عقلي لم يسانده تقرير بذلك من إحدى اللجان التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي أو مجلس طبي تابع لوزارة أو أية لجنة طبية عامة تتبع جهة رسمية عملاً بقرار وزارة الصحة رقم 695 لسنة 1984 الأمر الذي يخرج به مرض المدعي عن نطاق الأمراض المزمنة التي يمنح عنها المريض إجازة استثنائية بأجر كامل أو يمنح عنها تعويضاً يعادل أجره طوال مدة مرضه إلى حين شفائه ومن ثم لا ينهض ما قدمه المدعي من شهادات دليلاً على استحقاقه تعويضاً لمرضه بمرض مزمن كما تقدم.
ومن حيث إن هذا القضاء لم يصادف قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه المائل بطلباته سالفة البيان طاعناً على هذا الحكم للأسباب الآتية:
1 - الخطأ في القانون: ذلك أن الحكم انتهى إلى عدم الأخذ بالمستندات المقدمة من المدعي "الطاعن" في دعواه أمامها للتدليل بها على أن إرادته وقت تقديمه الاستقالة كانت معيبة لمرضه، فكان يجب على المحكمة قبل أن تتعجل في إصدار حكمها أن تعطي فرصة للمدعي لاستكمال مستنداته أو أن تطالب الجهة الإدارية بتقديم ما لديها من مستندات كما أن الدعوى لم تتداول أمام المحكمة غير جلسة واحدة حجزت بعدها للحكم دون تمكين المدعي من إبداء دفاعه واستكمال مستنداته وعدم إعطاء المدعي فرصة للتعقيب على تقرير مفوض الدولة، الأمر الذي يعد إخلالاً بحق المدعي في الدفاع عن حقه في دعواه.
فقد أسست المحكمة عدم قبول الدعوى شكلاً على أن الطاعن "المدعي" قد تقدم بتظلمه من قرار قبول استقالته بعد رفع الدعوى وهذا خطأ حيث إن الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 6/ 9/ 1986 وتظلم منه الطاعن بتاريخ 23/ 2/ 1988 وأقام دعواه في 3/ 3/ 1988 بما يوضح أسبقية التظلم على رفع الدعوى.
كذلك فإن المدعي قد تقدم بكل المستندات التي تفيد مرضه النفسي الذي كان سبباً في عدم سلامة إرادته عند تقديم استقالته، وهذا يتضح من ملف إجازاته التي حصل عليها من قومسيون طبي عام الجيزة، إلا أن المحكمة لم تتحقق من هذا الأمر ولم تكلف الجهة الإدارية بتقديم بيان بهذه الإجازات، كما لم يصرح للمدعي باستخراج الشهادات المؤيدة لصحة دفاعه، ولما كان ذلك وكانت الحالة المرضية قد لازمت الطاعن قبل وأثناء وبعد تقديم استقالته فمن ثم تكون دعوى الطاعن واردة على سند صحيح من القانون شكلاً وموضوعاً نظراً لظروف الطاعن المرضية التي حالت دون تقديمه للتظلم في الميعاد القانوني.
ومن حيث إنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن قرار إنهاء خدمة الطاعن صدر في 6/ 9/ 1986، وأن الطاعن قد تظلم من هذا القرار بتاريخ 23/ 2/ 1988 وأقام الدعوى الصادر فيها الحكم محل الطعن الماثل بطلب إلغائه بتاريخ 3/ 3/ 1988 بما مفاده أن الدعوى قد رفعت بعد انقضاء الميعاد المقرر في المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، إلا أن الثابت من الاطلاع على حافظة المستندات المقدمة من الطاعن في 3/ 4/ 1988 أمام محكمة أول درجة وحافظتي المستندات المقدمتين منه أمام المحكمة الإدارية العليا في 9/ 1/ 1995، 7/ 6/ 1995 أنها طويت على تقارير وشهادات طيبة صادرة من القومسيون الطبي بمحافظة الجيزة، ومستشفى الصحة النفسية بحلوان، ومستشفى الدكتور جمال ماضي أبو العزائم للأمراض النفسية، وكل تلك التقارير لها أصول ثابتة في ملف خدمة الطاعن المودع ملف الطعن - وتفيد بأن الطاعن مصاب بمرض عقلي ألم به قبيل تقديم طلب الاستقالة وظل ملازماً له عند تقديمها ومازال يعاني من هذا المرض الذي يقطع بأن طلب الاستقالة الذي تقدم به الطاعن قد صدر عن إرادة معينة.
وكان هذا المرض - حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - يعد من الأعذار التي ترقى إلى مرتبة القوة القاهرة في مجال منعه من مباشرة دعوى الإلغاء في ميعادها القانون، الأمر الذي يجعل هذا الميعاد موقوفاً بالنسبة إليه إلى حين زوال تلك الحالة المرضية، والتي ثبت أنها ملازمة له حتى الآن، ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً.
ومن حيث متى استبان ما تقدم، وكان من المسلم به أن تقديم الاستقالة وقبولها ليس عملية تعاقدية تنتهي بها خدمة الموظف بل هي عملية إرادية يثيرها الموظف بطلب الاستقالة وتنتهي الخدمة بالقرار الإداري الصادر بقبول هذا الطلب الذي هو سبب هذا القرار، إلا أنه لما كان طلب الاستقالة هو مظهر من مظاهر إرادة الموظف اعتزال الخدمة والقرار بقبول هذا الطلب هو بدوره مظهر من مظاهر إرادة الرئيس الإداري في قبول هذا الطلب وإحداث الأثر القانوني المترتب على الاستقالة، كان لازماً أن يصدر طلب الاستقالة وقرار قبولها برضا صحيح يفسده الرضا من عيوب، ولما كان الثابت حسبما تقدم أن إرادة الطاعن لم تكن سليمة عند تقديم طلب الاستقالة لإصابته بمرض عقلي افقده القدرة على الإدراك السليم، فإنه بذلك تكون الاستقالة التي تقدم بها صادرة عن إرادة معيبة الأمر الذي يتعين معه عدم الاعتداد بطلب الاستقالة المقدم منه، ويكون القرار الصادر بقبول استقالته قد صدر مشوباً بعيب مخالفة القانون متعيناً الإلغاء. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تحصيل الواقع وتطبيق القانون، ويكون الطعن عليه - في هذا الشق منه - قائماً على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن الحكم له بتعويض عما أصابه من مرض نفسي أثر على حياته على سند من القول بأن ما أصابه من مرض كان نتيجة للمعاملة الجائزة من قبل جهة الإدارة وقراراتها حياله طوال مدة خدمته - فإنه لما كان من المقرر أن مسئولية الإدارة الموجبة للتعويض يجب لقيامها توافر أركان ثلاثة وهي خطأ من جانب الإدارة وضرر أصاب الطاعن وعلاقة سببية بين هذا الخطأ وذلك الضرر، فإذا انتفى أحد هذه الأركان فإنه ينتفي بالتبعية مسئولية الإدارة ولا يكون هناك موجب للحكم بالتعويض ولما كان الخطأ الذي نسبه الطاعن للإدارة ورد قولاً مرسلاً دون ثمة دليل يؤيد هذا الادعاء، كما أن ملف خدمته قد خلا مما يشير من قريب أو بعيد أن جهة الإدارة قد تنكبت القانون أو حادت عن السبيل في معاملته أو غمطت أي حق من حقوقه الوظيفية، الأمر الذي يتعين معه رفض طلب التعويض.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما ترتب عليه من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من أثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق