جلسة 27 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / صلاح محمد أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / توفيق سليم ، أيمن شعيب ، محمد ثابت ووائل صلاح الدين الأيوبي نواب رئيس المحكمة .
----------------
(18)
الطعن رقم 6236 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان كل من الحكمين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تَفَهُم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إقامة المحكمة قضاءها على أدلة لها أصل صحيح في الأوراق وعقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمة الجنائية باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه . تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج وترتيب النتائج على المقدمات .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي بإقامة الحكم قضاءه على رأي لسواه . غير مقبول . متى أسسه على أقوال شاهدي الإثبات وما أسفرت عنه التحريات .
(5) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . نيابة عامة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
دفع الطاعنين ببطلان أمر الضبط والإحضار لابتنائه على تحريات غير جدية . غير مقبول . علة وأساس ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
مثال .
(6) إثبات " إقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إقرار الطاعنين بارتكابهما الجريمة . قول للضابط . تقديره . موضوعي . رد المحكمة على الدفع المبدى في عبارة مرسلة ببطلانه . غير لازم . علة ذلك ؟
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها .
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها . حسبها إيراد ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه .
للمحكمة التعويل على قول الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى . حد ذلك ؟
تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
اطراح الحكم سائغاً الدفع بتناقض أقوال شاهدي الإثبات . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(8) نيابة عامة . دعوى جنائية " قيود تحريكها " .
القيد على حرية النيابة في تحريك الدعوى الجنائية . استثناء . اقتصاره على الجريمة التي حددها القانون دون سواها ولو ارتبطت بها .
جريمتا السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض . ليستا من الجرائم التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص . أساس ذلك ؟
(9) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(10) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
لمحكمة الموضوع التعويل على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
اطراح الحكم سائغاً الدفع بعدم جدية التحريات . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(12) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(13) جريمة " جرائم الجلسات ". دعوى جنائية " تحريكها " " نظرها والحكم فيها ".
للمحكمة الجنائية تحريك الدعوى عن الجنح والمخالفات الواقعة بجلساتها والحكم فيها . شرط وأساس ذلك ؟
مثال .
(14) تقرير التلخيص . محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها " .
عدم التزام محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص . اقتصار ذلك على المحكمة الاستئنافية . أساس ذلك ؟
(15) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في مادة العقاب . لا يُرتب بطلان الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
(16) إهانة محكمة قضائية . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
عقوبة جريمة سب وإهانة محكمة قضائية الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري . قضاء الحكم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات . خطأ في تطبيق القانون يوجب تصحيحه . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكمين المطعون فيهما قد بيّن كل منهما واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع مـا أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، فمن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور غير سديد .
2- لما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ، ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعنان ، فإن ما يثيرانه في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات - كالحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنان بشأن الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في إدانتهم عن الجرائم المسندة إليهما وعن عدم بيانه أسباب اطمئنانه لأقوال شاهدي الإثبات لا يعدو جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض .
4- لما كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهدي الإثبات وما أسفرت عنه تحريات الشاهد الأول فإنه لم يبن حكمه على رأي لسواه ، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد.
5- لما كان ما أثاره دفاع الطاعنين من بطلان أمر الضبط والإحضار لابتنائه على تحريات غير جدية لا محل له لأنه دفع ظاهر البطلان ، ذلك أن المادة 126 من قانون الإجراءات الجنائية التي يسري حكمها بالنسبة لما تباشره النيابة العامة من تحقيق طبقاً لنص المادة ۱۹۹ من نفس القانون - تجيز لسلطة التحقيق أن تصدر بحسب الأحوال أمراً لحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره ، كما أجازت المادة ۱۳۰ من القانون السالف إصدار مثل هذا الأمر في أحوال محددة من بينها إذا كانت الجريمة محل الاتهام يجوز فيها الحبس الاحتياطي بغير حاجة إلى تحريات متى قامت بالطبع الدلائل الكافية على ذلك الاتهام . لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لا يماريان في سابقة صدور أمر ضبط وإحضار وأنه ساري في مواجهتهما فمن ثم يضحى النعي على التحريات في غير محله . هذا فضلاً عن أن المحكمة قد ردت على هذا الدفع بما يدحضه فمن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لم يدفعا أمام محكمة الموضوع ببطلان أمر الضبط والإحضار على الأساس الذي يتحدثان عنه في وجه طعنهما من أن القضية سند الأمر قد قضي فيها ببراءتهما ، فإنه ليس لهما من بعد أن ينعى أي منهما على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منهما إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين قد اقتصر على القول ببطلان الإقرار بعبارات عامة مرسلة لا تستند إلى وقائع محددة ، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه ، إذ يلزم لذلك أن يبدى الدفع المذكور في عبارة تشتمل على بيان المراد منه ، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إقرار الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعنين المدعى ببطلانه ، وإنما أقام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الإقرار ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابط الواقعة - حسبما حصلها الحكم - من أنه واجه الطاعنين فأقرا بارتكابهما لواقعة السرقة إذ هو لا يعدو إقراراً من الطاعنين بما أسند إليهما ، وإنما مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن .
7- من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها أن تعول على أقول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليه ، وكان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلا عن أن الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بتناقض أقوال شاهدي الإثبات برد كاف وسائغ ، فمن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون لا محل له .
8- لما كان الأصل أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة بها ، وكانت جريمتي السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مقتضى المعاقب عليها بالمادة 315/أولاً ، ثالثاً من قانون العقوبات والمواد ۱/۱ ، 25 مكرراً/1 ، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ۲۰۰۷ ليست من الجرائم التي عدت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون .
9- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئا بشأن عدم الاستعلام عن المجني عليها ولسؤالها وللتعرف على المتهمين ، ولم يطلبا إلى المحكمة تدارك هذه الأمور ، ومن ثم فلا يحل لهما - من بعد - أن يثيرا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون لا محل له .
10- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، والتي لها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وإذ كانت المحكمة قد عرضت للدفع بعدم جدية التحريات وردت عليه بما يسوغ وانتهت إلى الاطمئنان إلى جديتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض .
11- من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فمن ثم فلا وجه لما يثيره الطاعنان في هذا الصدد.
12- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة النقض بالتصدي له والرد عليه ، وكان الطاعنان لم يبينا في أسباب طعنهما المقصد أو ماهية دفاعهما بانعدام الاسناد الذي أغفلته المحكمة وكذا أوجه خطأ الحكم في تطبيق القانون بشأن المواد التي عددها بأسباب طعنهما بل جاء قولهما في كل ذلك مرسلاً مجهلاً ، فإن ما ينعياه في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
13- لما كانت المادة 244/1 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه : ( إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم عليه بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم ) فقد دل الشارع بذلك على أن من حق المحكمة الجنائية أن تحرك الدعوى وتحكم في جميع الجنح والمخالفات التي تقع في جلساتها بشرط أن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بما قضى به من إدانة الطاعنين عن جنحة وقعت منهما أثناء انعقاد الجلسة يكون قد أصاب صحيح القانون .
14- لما كانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن : ( يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه ، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي وقعت والإجراءات التي تمت .... ) مما مفاده أن كتابة تقرير التلخيص عنصر جوهري في إجراءات نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية ولم تطلب ذات الإجراء أمام محكمة الجنايات التي خصها القانون بإجراءات أخرى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
15- من المقرر أن الخطأ في مادة العقاب لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الدعوى موضوع الإدانة بيانا كافياً ، فإن خطأ الحكم بعدم تخصيص المادة ۱۳۳ بفقرتها الثانية من قانون العقوبات، وإيراده المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية بدلاً من المادة 32 من ذات القانون لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
16- لما كانت عقوبة جريمة سب وإهانة محكمة قضائية كنص المادة 133/2 من قانون العقوبات هي الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وهي عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة سنة فضلاً عن المصاريف الجنائية المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
- سرقا المنقولات المبينة وصفاً بالأوراق والمملوكة للمجني عليها / .... ( .... الجنسية ) وكان ذلك بالطريق العام ليلاً حال كونهما شخصين أحدهما حاملاً سلاحاً أبيض مخبأ وهو المتهم الثاني على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهم الثاني :
- أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض ( مطواة قرن غزال ) بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
وإذ إنه حال تداول الدعوى بالجلسات أقامت محكمة الجنايات المذكورة الدعوى الجنائية ضد الطاعنين بأنهما أهانا هيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة على النحو المبين بالأوراق.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315/أولاً ، ثالثاً من قانون العقوبات ، والمواد 1/۱ ، 25 مكرراً/1 ، ۳۰/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ۲۰۰۷ مع إعمال مقتضى نص المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثاني ، أولاً : بمعاقبة كل من .... ، .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة السلاح الأبيض المضبوط ، ثانياً : وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعية بالحق المدني مبلغاً وقدره خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وإلزامهما بالمصاريف ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وبمعاقبتهما عن جريمة إهانة هيئة المحكمة عملاً بالمادتين ۱۳۳ ، ۱۸۹ من قانون العقوبات بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم السرقة بطريق الإكراه ليلاً في الطريق العام وإحراز الثاني سلاحاً أبيض ( مطواة ) بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية وإهانة محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وران عليه البطلان ، ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى عن بصر وبصيرة ودون أن يورد مؤدى أدلة الإدانة التي عول عليها في إدانتهما فضلاً عن أنه أقام قضاءه على الظن والفروض معولاً في ذلك على أدلة لا تكفي لإدانتهما وعلى أقوال شاهدي الإثبات دون أن يكشف عن سبب اطمئنانه لشهادتهما ، كما أسست المحكمة اقتناعها على رأي لسواها بأن اتخذت من التحريات وأقوال مجريها دليلاً أساسياً في الدعوى ، كما دفع ببطلان أمر الضبط والإحضار الصادر ضد الطاعنين لابتنائه على تحريات غير جدية ولحصوله على براءة في القضية سند الأمر ، وببطلان الإقرار المنسوب صدوره للمتهمين بمحضر جمع الاستدلالات ، وبعدم معقولية الواقعة واستحالة تصورها وبتناقض أقوال شاهدي الإثبات بمحضر الشرطة بما جاء بالتحقيقات وبانفراد ضابط الواقعة بالشهادة ، وبعدم وجود شكوى أو بلاغ من المجني عليهما بالواقعة سيما وأن النيابة العامة قد قعدت عن الاستعلام عنها لسؤالها وللتعرف على المتهمين ، كما دفع بعدم جدية التحريات وبطلانها وبكيدية الاتهام وتلفيقه وبانعدام ركن الإسناد في الأوراق بيد أن المحكمة اطرحت بعض تلك الدفوع برد قاصر والتفتت عن البعض الآخر إيراداً ورداً ، كما أخطأ الحكم حين خالف المواد 11 ، 13 ، 300 ، 304 ، 310 ، 335 ، 336 من قانون الإجراءات الجنائية فضلاً عن خطئه حين عاقبهما بنص المادتين 133 ، 184 من قانون العقوبات دون أن تحيل المحكمة الأوراق إلى النيابة العامة بموجب مذكرة مكتوبة منها للتحقيق فيها ولاتخاذ شئونها نحوهما ، وأخيراً أن أوراق الدعوى قد خلت من تقرير تلخيص لوقائع الدعوى وظروفها ، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
من حيث إن الحكمين المطعون فيهما قد بين كل منهما واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع مـا أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، فمن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ، ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعنان ، فإن ما يثيرانه في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات - كالحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنان بشأن الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في إدانتهم عن الجرائم المسندة إليهما وعن عدم بيانه أسباب اطمئنانه لأقوال شاهدي الإثبات لا يعدو جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل إثارته لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أقام قضاؤه على ما استخلصه من أقوال شاهدي الإثبات وما استقرت عنه تحريات الشاهد الأول فإنه لم يبين حكمه على رأى لسواه ويكون ما يثيره الطاعنان في هذاالصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره دفاع الطاعنين من بطلان أمر الضبط والإحضار لابتنائه على تحريات غير جدية لا محل له لأنه دفع ظاهر البطلان ذلك أن المادة 126 من قانون الإجراءات الجنائية - التي يسري حكمها بالنسبة لما تباشره النيابة العامة من تحقيق طبقاً لنص المادة ۱۹۹ من نفس القانون - تجيز لسلطة التحقيق أن تصدر بحسب الأحوال أمراً لحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره ، كما أجازت المادة ۱۳۰ من القانون السالف إصدار مثل هذا الأمر في أحوال محددة من بينها إذا كانت الجريمة محل الاتهام يجوز فيها الحبس الاحتياطي بغير حاجة إلى تحريات متى قامت بالطبع الدلائل الكافية على ذلك الاتهام . لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لا يماريان في سابقة صدور أمر ضبط وإحضار وأنه ساري في مواجهتهما فمن ثم يضحى النعي على التحريات في غير محله ، هذا فضلاً عن أن المحكمة قد ردت على هذا الدفع بما يدحضه ، فمن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعنان لم يدفعا أمام محكمة الموضوع ببطلان أمر الضبط والإحضار على الأساس الذي يتحدثان عنه في وجه طعنهما من أن القضية سند الأمر قد قضى فيها ببراءتهما ، فإنه ليس لهما من بعد أن ينعى أي منهما على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبدأ أمامها ولا يقبل منهما إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين قد اقتصر على القول ببطلان الإقرار بعبارات عامة مرسلة لا تستند إلى وقائع محددة ، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه إذ يلزم لذلك أن يبدى الدفع المذكور في عبارة تشتمل على بيان المراد منه ، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إقرار الطاعنين بمحضر جمع الاستدلالات ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعنين المدعى ببطلانه ، وإنما أقام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الإقرار ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابط الواقعة - حسبما حصلها الحكم - من أنه واجه الطاعنين فأقرا بارتكابهما لواقعة السرقة إذ هو لا يعدو إقراراً من الطاعنين بما أسند إليهما ، وإنما مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها أن تعول على أقول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليه ، وكان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بتناقض أقوال شاهدي الإثبات برد كاف وسائغ ، فمن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة بها ، وكانت جريمتي السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مقتضى المعاقب عليها بالمادة 315/أولاً ، ثالثاً من قانون العقوبات والمواد ۱/۱ ، 25 مكرراً/1 ، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ۲۰۰۷ ، ليست من الجرائم التي عدت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئاً بشأن عدم الاستعلام عن المجني عليها ولسؤالها وللتعرف على المتهمين ، ولم يطلبا إلى المحكمة تدارك هذه الأمور ، ومن ثم فلا يحل لهما - من بعد - أن يثير شيئا من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، والتي لها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وإذ كانت المحكمة قد عرضت للدفع بعدم جدية التحريات وردت عليه بما يسوغ وانتهت إلى الاطمئنان إلى جديتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فمن ثم فلا وجه لما يثيره الطاعنان في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة النقض بالتصدي له والرد عليه ، وكان الطاعنان لم يبينا في أسباب طعنهما المقصد أو ماهية دفاعهما بانعدام الاسناد الذي أغفلته المحكمة وكذا أوجه خطأ الحكم في تطبيق القانون بشأن المواد التي عددها بأسباب طعنهما بل جاء قولهما في كل ذلك مرسلاً مجهلاً ، فإن ما ينعياه في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت المادة 244/1 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه : ( إذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم عليه بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم ) فقد دل الشارع بذلك على أن من حق المحكمة الجنائية أن تحرك الدعوى وتحكم في جميع الجنح والمخالفات التي تقع في جلساتها بشرط أن تبادر المحكمة إلى إقامة الدعوى في الحال فور اكتشافها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بما قضى به من إدانة الطاعنين عن جنحة وقعت منهما أثناء انعقاد الجلسة يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن : ( يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه ، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي وقعت والإجراءات التي تمت .... ) مما مفاده أن كتابة تقرير التلخيص عنصر جوهري في إجراءات نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية ولم تطلب ذات الإجراء أمام محكمة الجنايات التي خصها القانون بإجراءات أخرى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول . وتشير هذه المحكمة - محكمة النقض - إلى أنه ، وكان من المقرر أن الخطأ في مادة العقاب لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً ، فإن خطأ الحكم بعدم تخصيص المادة ۱۳۳ بفقرتها الثانية من قانون العقوبات ، وإيراده المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية بدلاً من المادة 32 من ذات القانون لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، كما تشير هذه المحكمة إلى أنه لما كان ذلك ، وكانت عقوبة جريمة سب وإهانة محكمة قضائية كنص المادة 133 /2 من قانون العقوبات هي الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وهي عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة سنة فضلاً عن المصاريف الجنائية المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق