الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يناير 2025

الطعن 739 لسنة 37 ق جلسة 23 / 11 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 21 ص 247

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، وعبد السميع عبد الحميد بريك، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(21)

الطعن رقم 739 لسنة 37 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - القيمة القانونية لتحقيقات النيابة العامة:
ما تنتهي إليه النيابة العامة من ثبوت إدانة العامل لا يجوز حجية أمام المحاكم التأديبية. أساس ذلك: استقلال الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية - الحجية مقررة للحكم الجنائي وليست للتحقيقات الجنائية - مؤدى ذلك: أن ما تنتهي إليه النيابة العامة يخضع للفحص والتمحيص والتقييم أمام المحكمة التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 29/ 1/ 1991 أودع الأستاذ/ ..... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ....... المحامي والوكيل عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 739 لسنة 37 ق ضد النيابة الإدارية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمدينة طنطا في الدعوى رقم 672 لسنة 17 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والذي قضى بمجازاته بالوقف عن العمل مدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم ببراءته مما هو منسوب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وفي 5/ 2/ 1991 أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) - وهذه المحكمة نظرت الطعن على ما هو مبين بمحاضر جلساتها حيث استمعت إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وملاحظات الطرفين حيث صمم الطاعن على طلباته بينما طلبت المطعون ضدها رفض الطعن - وبجلسة 12/ 10/ 1993 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 21/ 6/ 1989 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 672 لسنة 17 ق بإيداع أورقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا متضمنة تقرير اتهام...... الطاعن أخصائي ثان تأمينات اجتماعية بمصنع المحلة الكبرى التابع لشركة طنطا للزيوت والصابون من الدرجة الثانية - لأنه خلال شهر أغسطس 1987 بمصنع المحلة الكبرى التابع للشركة المذكورة بدائرة محافظة الغربية لم يؤد عمله بأمانة وسلك في تصرفاته مسلكاً معيباً لا يتفق والاحترام الواجب بأن:
احتفظ لنفسه بغير حق بالمبالغ المحصلة، بمعرفته من العاملين بالمصنع المشار إليه كمقدمات حجز الثلاجات لدى بنك ناصر الاجتماعي بالمحلة الكبرى بما جملته 3221.400 مليجـ دون توريدها للبنك أو ردها لمستحقيها حتى وقت فحص هذا الموضوع بمعرفة اللجنة المشكلة من إدارة الشركة في شهر سبتمبر 1987 وعلى النحو المبين بالأوراق.
ورأت النيابة الإدارية أنه بذلك يكون المذكور قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص - عليها بالمادتين 78/ 1، و80/ 1 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - وطلبت لذلك محاكمته تأديبياً طبقاً للمواد الموضحة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 23/ 12/ 1990 حكمت المحكمة التأديبية بطنطا بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل مدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر تأسيساً على ثبوت المخالفة في حقه من واقع إقراره بالأوراق وبالمذكرة المقدمة منه إلى المحكمة في 30/ 7/ 1990 ومن واقع أقوال بعض العاملين بالمصنع في التحقيقات.
وإذ لم يلق الحكم المتقدم قبولاً لدى الطاعن فمن ثم أقام هذا الطعن تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: استحالة قيام المخالفة في الفترة من 1/ 8/ 87 حتى 15/ 8/ 1987 لأن الثابت أنه كان مفوضاً بجمع المبالغ لصالح شركة
ايديال من 1/ 8/ 1987 حتى ألغى التفويض في 15/ 8/ 1987 وأنه قام خلال الفترة المذكورة بجمع مبالغ التقسيط بمقتضى التفويض المذكور واحتفظ بها لحين توريدها لبنك ناصر الاجتماعي، وليس صحيحاً ما جاء بالحكم الطعين أن احتفاظه بها كان بصفة غير مشروعة.
ثانياً: تناقص أسباب الحكم مع منطوقه، فالثابت بأسباب الحكم أنه بدأ جمع المبالغ التي ثبت لدى النيابة العامة قيامه بردها لمستحقيها بعد توقف إجراءات حجز الثلاجات وإلغاء التفويض في 15/ 8/ 1987 وهو ما يعني براءة ذمته من أي مبالغ كان قد جمعها وبالتالي انتفاء الواقعة المؤثمة ومن ثم ينتفي سبب العقاب.
ثالثاً: عدم صحة الاتهامات المنسوبة إلى الطاعن، وإذ استند الحكم إلى شهادة شهود كاذبة في التحقيقات - أريد بها الكيد له والتخلص منه كعضو نقابي - فإنه يكون غير قائم على أساس صحيح.
رابعاً: استحالة ارتكابه (الطاعن) المخالفة المنسوبة إليه لأنه موظف بالعلاقات الصناعية دون أعمال الحسابات أو الصيارفة أي أن وظيفته ليست سبباً في احتفاظه بنقود، ولم يخالف أية تعليمات في عملية حجز الثلاجات كما قرر مدير عام الشركة فرع المحلة بالتحقيقات، لأنه ليست هناك أية تعليمات في هذا الشأن، كما أن مدير عام الشركة فرع المحلة قد أضاف بأن الطاعن كان يقوم بتقديم الخدمات للعاملين بصفة مستمرة دون أي شكوى، وانتهي الطاعن إلى طلباته سالفة البيان.
وقد قدمت النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن لقيام الحكم المطعون فيه على سند من الواقع والقانون، كما قدم الطاعن مذكرة بدفاعه جاء فيها أنه لم تقع منه أية مخالفة وانتهى إلى طلباته.
ومن حيث إنه متى كان ما سلف وكان الثابت أنه بتاريخ 9/ 9/ 1987 أبلغت شركة طنطا للزيوت والصابون النيابة العامة بأن الطاعن قد حصل على مبالغ نقدية من العاملين بمصنع المحلة بصفة مقدمات حجز ثلاجات وأن المبالغ تزيد عن قيمة المقدمات المحددة من قبل بنك ناصر الاجتماعي بالمحلة الكبرى، وأنه احتفظ بهذه المقدمات لنفسه دون إيداعها خزينة الشركة أو تسليمها للبنك، هذا وقد أجرت النيابة العامة تحقيقاتهم فيما أبلغت به، حيث قرر بعض الشهود بمضمون ما ورد بالبلاغ المشار إليه، وقرر........ مدير عام الشركة فرع المحلة بأن الطاعن قد قام بعملية حجز الثلاجات بصفته عضواً نقابياً وحصل قبل بدء إجراءات الحجز على تفويض من الشركة باتخاذ الإجراءات الخاصة بعملية حجز الثلاجات وأنه جمع مبالغ المقدمات وأودعها باسمه لدى بنك ناصر، وأنه سبق أن قام بمثل هذه العملية أكثر من مرة، كما قرر العاملون بمصنع المحلة الذين دفعوا مقدمات أنهم قد استردوها بعد توقف إجراءات الحجز وإن كان البعض قام بالاسترداد بعد شهرين والآخر بعد توقف الإجراءات وأكثرهم قام باسترداد المبالغ بعد أسبوع أو عشرة أيام أو أسبوعين من توقف الإجراءات.
ومن حيث إن النيابة العامة قد أجرت تحقيقاتها وخلصت إلى ثبوت ما هو منسوب إلى الطاعن في حقه إلا أنها ارتأت الاكتفاء بإرسال الأوراق إلى الجهة الإدارية التي يتبعها لمجازاته إدارياً مع التشديد وذلك على أساس أنه أعاد المبالغ المالية لمستحقيها وحفاظاً على مستقبله الوظيفي وأن ما وقع منه من جرم لا يتناسب مع العقوبة المقررة لذلك الجرم مع حفظ الأوراق إدارياً بعد ذلك. وقد أبلغت الشركة النيابة الإدارية بمضمون ما تقدم وارتأت النيابة الإدارية مجازاة المذكور إدارياً إلا أن الشركة طلبت إلى النيابة الإدارية تقديم الطاعن إلى المحكمة التأديبية، ومن ثم قدمته النيابة الإدارية إلى المحكمة التأديبية بطنطا التي أصدرت ضده الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه يتعين بداءة التنويه إلى أن ما تنتهي إليه النيابة العامة من ثبوت إدانة العامل لا يجوز حجية أمام المحاكم التأديبية وإنما يخضع للفحص والتمحيص والتقييم أمام المحكمة وذلك لما هو مستقر من استقلال الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية وأن الحجية مقررة للحكم الجنائي وليست للتحقيقات الجنائية.
ومن حيث إنه على ضوء ما سلف فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن وهو عضو نقابي عندما علم ببيع الثلاجات بنظام التقسيط عن طريق بنك ناصر بالمحلة الكبرى أراد أن يؤدي خدمة للعاملين بالمصنع فقام بالإعلان عن حجز ثلاجات وفقاً للنظام المشار إليه وقد فوضته الشركة لدى بنك ناصر بخطابها المؤرخ 1/ 8/ 1987 ليقوم باستلام الشيك الصادر منه لأمر شركة ايديال وتسليمه للشركة المذكورة. وأنه استناداً إلى هذا التفويض قام باستلام استمارات الحجز من البنك ووزعها على العاملين بالمصنع الراغبين في حجز ثلاجات، واستلم منهم مقدمات الحجز مع ثمن الاستمارة لضمان جدية الحجز، ولم تكن لديه أية تعليمات من أية جهة بشأن المبالغ المحصلة كمقدمات، فلم تكن هناك تعليمات بإيداعها خزينة الشركة أو بنك ناصر الاجتماعي أو غيره من البنوك، كما أنه لم يكن هناك حساب خاص بعملية حجز الثلاجات لدى أي بنك، وأنه من المقرر بعد انتهاء جمع المبالغ واعتماد الاستمارات من الشركة أن يقوم الطاعن بتوريد المبالغ المحصلة لبنك ناصر الاجتماعي ويتسلم منه الشيك الخاص بشركة ايديال لتقوم الأخيرة بتسليم الثلاجات للحاجزين، ولم يكن بوسعه إيداع المبالغ المحصلة كمقدمات خزينة الشركة لأنها ليست من أموال الشركة، وإذ قام بإيداعها في حساب باسمه لدى بنك ناصر الاجتماعي خوفاً عليها من الضياع أو السرقة وحتى تكتمل المبالغ وتعتمد الاستمارات وتتم الإجراءات فإن ذلك لا يعتبر بحال من الأحوال إخلالاً من الطاعن بواجبات وظيفته أو خروجاً على مقتضياتها كما أنه لا يعتبر سلوكاً معيباً يتنافى مع الاحترام الواجب للوظيفة، وأيضاً هذا المسلك ليس فيه خروج على مقتضى الأمانة أو الثقة الواجب توافرها فيه خاصة وأنه بمجرد إلغاء التفويض الصادر له وصدور الأمر إليه بوقف إجراءات حجز الثلاجات قام برد مبالغ المقدمات إلى أصحابها وفي آجال معقولة.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإنه وقد انعدم المآخذ على سلوك الطاعن ولم يقع منه أي إخلال بواجبات وظيفته أو خروج على مقتضياتها أو إخلال بالثقة أو الأمانة الواجب توافرها فيه فمن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه مستمداً من غير أصول موجودة - وغير مستخلص استخلاصاً سائغاً من الأوراق، ومن ثم يكون قد بني على غير أساس من الواقع أو القانون ويكون الطعن عليه في محله متعيناً قبوله والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما أسند إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما أسند إليه..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق