جلسة 16 من فبراير سنة 1985
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.
----------------
(90)
الطعن رقم 377 لسنة 27 القضائية
تأميم - تعريفه - تحديد نطاقه.
التأميم إجراء يراد به نقل ملكية مشروع أو مجموعة من المشروعات الخاصة من ملكية الأفراد أو الشركات إلى ملكية الأمة ممثلة في الدولة بقصد تحقيق صالح الجماعة - التأميم يرد على مشروع قائم بكيانه القانوني وينصب على جميع العناصر القانونية التي يتكون منها - ويقصد بالمشروع مجموعة الأموال التي خصصت للقيام بنشاط إنتاجي معين وتتمتع بذاتية تجعل منها وحدة قائمة استقلالاً فيشمل التأميم العناصر المستخدمة في تسيير العملية الإنتاجية سواء كانت عقارات أو منقولات مادية أو معنوية - يشمل التأميم الأرض والمباني التي كانت مخصصة للمخبز المؤمم لمزاولة نشاطه الإنتاجي فيها وتدخل بذلك ضمن العناصر المكونة لأصوله الخاضعة للتقييم - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 21/ 2/ 1971 أودع الأستاذ/ فؤاد علي فهمي المحامي بصفته وكيلاً عن نصيف أحمد عليش، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 377 لسنة 27 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 30/ 12/ 1980 في الدعوى رقم 660 لسنة 33 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم، والقاضي بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في تقرير طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار الصادر عن لجنة تقييم مخابز المجموعة الثالثة الصادر بها قرار وزير الاقتصاد رقم 792 لسنة 1969 التي تولت تقييم مخبز الطاعن فيما تضمنه من إدخال أرض ومباني المخبز ضمن أصوله، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 1/ 11/ 1982، وبجلسة 21/ 2/ 1983 قرر الحاضر عن وكيل الطاعن أن الطاعن توفي إلى رحمة الله، وقدم حافظة مستندات بها إعلام وراثة صادر من محكمة الجمالية للأحوال الشخصية للولاية على النفس في 26/ 12/ 1983 يثبت وفاة الطاعن في 20/ 9/ 1982، وفي ذات الجلسة حكمت الدائرة بانقطاع سير الخصومة في الطعن، وفي 27/ 11/ 1983 تقدم ورثة الطاعن بطلب إلى رئيس الدائرة لاستئناف سير الطعن، فحددت لنظره جلسة 16/ 1/ 1984 وتدوول بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها.
وبجلسة 16/ 4/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 26/ 5/ 1984، وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن، وبجلسة 13/ 10/ 1984 قررت المحكمة إصدار حكمها فيه بجلسة 8/ 12/ 1984، وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة 12/ 1/ 1985 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم حيث صدر الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 20/ 3/ 1978 أقام نصيف أحمد عليش الدعوى رقم 2219 لسنة 1978 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ضد وزير المالية بصفته الممثل القانوني للمؤسسة العامة للمطاحن والمخابز، ورئيس مجلس إدارة الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى بصفته، طالباً الحكم بتسليمه العقار رقم 11 شارع قصر الشوق مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهما المصروفات والأتعاب.
وقال المدعي - شرحاً لدعواه - أنه في 31/ 1/ 1962 استولت المؤسسة المصرية العامة للمطاحن والمخابز على مخبز إنتاج الخبز البلدي المملوك له بكامل أرضه وبنائه وجميع مقوماته المادية والمعنوية، والكائن برقم 11 شارع قصر الشوق قسم الجمالية بالقاهرة، تنفيذاً للقرار بقانون رقم 42 لسنة 1962 الذي تضمن إلحاق المخبز المذكور بالمنشآت التي يسري عليها القانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت، ومنذ استيلاء المؤسسة على المخبز أصبحت شريكة للمدعي بحصة قدرها النصف، وقامت بتقييم المخبز - مع مخابز أخرى - لجنة تقييم شكلت طبقاً للقرار الوزاري رقم 576 لسنة 1962، ولم تدخل عنصري الأرض والمباني ضمن عناصر الأصول، متمشية في ذلك مع فتوى لمجلس الدولة، ونظراً إلى أن اللجنة أدخلت الأرض والمباني ضمن عناصر التقييم بالنسبة إلى بعض المخابز الأخرى، فقد انتهى الأمر إلى تشكيل لجنة تقييم أخرى، إلا أن هذه اللجنة أدخلت عنصري الأرض والمباني بمخبز المدعي ضمن عناصر أصوله استناداً إلى أن العقار مملوك له. وأضاف المدعي أن المؤسسة المذكورة أساءت استعمال المخبز حتى تخرب تماماً سنة 1966، وكانت تدفع له مبالغ تحت الحساب من الإيجار ثم امتنعت عن الدفع، وعندما أنشئت الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى خلفت المؤسسة في قطاع المخابز وتسلمت مخبز المدعي سنة 1969 وكان مخرباً تخريباً تاماً، وطالب المدعي بتسليمه مخبزه بعد أن أصبح غير صالح للعمل، وكان الاتجاه السائد هو إخراج أرض ومباني المخبز من عناصر تقييمه وتسليمه إلى المدعي بعد أن توقف إنتاجه وطالت المطالبات دون جدوى، مما اضطر معه المدعي إلى إقامة هذه الدعوى بطلب تسليمه المخبز موضوع النزاع.
وقدمت الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى مذكرة بدفاعها دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن التأميم عمل من أعمال السيادة يخرج عن ولاية القضاء، كما دفعت بعدم قبول الدعوى باعتبار أن قرار لجنة التقييم قرار نهائي غير قابل للطعن بأي طريقة من طرق الطعن، وكذلك بتقادم الحق في المطالبة بالمخبز الذي تم الاستيلاء عليه في 31/ 1/ 1962 وأخيراً وعلى سبيل الاحتياط برفض الدعوى.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة - نائبة عن وزير المالية - مذكرة دفعت فيها بعدم سماع الدعوى استناداً إلى أن قرارات لجنة التقييم قرارات نهائية غير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن وباعتبار أن قوانين التأميم من أعمال السيادة، كما دفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى وزير المالية لرفعها على غير ذي صفة إذ أنه لا يمثل الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى وإنما يمثلها رئيس مجلس إدارتها، ودفعت أخيراً بسقوط الحق بالتقادم لمضي أكثر من 16 عاماً من تاريخ الاستيلاء على المخبز، وانتهت إلى طلب رفض الدعوى.
وبجلسة 28/ 12/ 1978 حكمت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة لنظرها وأبقت الفصل في المصروفات وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري، وقيدت بجدولها في 7/ 2/ 1979 برقم 660 لسنة 33 ق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم:
أولاً: وبصفة أصلية بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لتعلقها بقرار لجنة التقييم الصادر صحيحاً في حدود اختصاصها.
ثانياً: وبصفة احتياطية برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها وبرفض الدفع بسقوط الحق المتنازع عليه بالتقادم، وقبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى المدعى عليه الثاني (رئيس مجلس إدارة الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى) وإخراج المدعى عليه الأول (وزير المالية) من الدعوى بدون مصروفات، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من اشتمال التقييم على قيمة الأرض والمباني ضمن عناصر تقييم المخبز المؤمم، وإلزام المدعى عليه الثاني المصروفات.
وقام المدعي بتصحيح شكل الدعوى وتعديل طلباته فيها، فاختصم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وحدد طلباته بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة التقييم لمخابز المجموعة الثالثة الصادر بها قرار وزير الاقتصاد رقم 792 لسنة 1969 فيما تضمنه من إدخال أرض ومباني المخبز موضوع الدعوى ضمن أصول المنشأة المؤممة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وفي 4/ 6/ 1980 قامت الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى بإعلان كل من وزير المالية ووزير الاقتصاد بصفتيهما بموضوع الدعوى ووجهت إليهما دعوى ضمان، حيث طلبت إلزامهما بأن يدفعا لها قيمة أرض ومباني المخبز موضوع النزاع طبقاً لسعرهما الحالي في حالة الحكم للمدعي بطلباته.
وقدمت كل من إدارة قضايا الحكومة والشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى مذكرات تمسكت فيها بما تضمنته مذكراتهما السابقة من دفاع ودفوع.
وبجلسة 30/ 12/ 1980 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن التأميم يشمل المشروع المؤمم بأكمله، وينصب على موجوداته من عقارات ومنقولات مادية كالآلات والمخازن وغير مادية كالشهرة والعلامات التجارية، وعلى ذلك فإن نطاق التأميم يتحدد بالكيان القانوني للمنشأة المؤممة بحالتها وقت التأميم ومن الطبيعي ألا ينتقل إلى الدولة من العناصر المستخدمة في تسيير المنشأة إلا تلك المملوكة لصاحب المنشأة، وبناء على ذلك فإن الأموال المملوكة للغير تخرج عن نطاق التأميم حتى ولو كانت تستخدم في تسيير المنشأة، وأنه إذا كان المشرع قد أسبغ على قرارات لجان التقييم صفة النهائية، إلا أن هذه الصفة لا تلازم قرارات اللجنة إلا إذا تصرفت في حدود اختصاصها، وأن الثابت في خصوص قرار لجنة التقييم المطعون فيه أن اللجنة أدخلت عنصري الأرض والمباني ضمن أصول المخبز المؤمم باعتبار أن تأميم هذا المخبز ينصب على جميع عناصره القانونية ويشمل العقارات والمنقولات المملوكة لصاحبه والمستخدمة في تسييره، ومن ثم فإن لجنة التقييم تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً والتزمت بالحدود المرسومة لها دون أن تجاوزها، ويكون قرارها صحيحاً لا يقبل الطعن فيه بالإلغاء.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على أساس أن هذا الحكم قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، فقد ارتكن في قضائه على تفسير خاطئ لتعريف التأميم، وهو أن التأميم يشمل المشروع المؤمم بأكمله وينصب على موجوداته من عقارات ومنقولات، والصحيح في هذا الخصوص - وفقاً لما ارتأته الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع - أن التأميم لا ينصرف إلى الذمة المالية لصاحب المنشأة المؤممة، بل ينصرف إلى العناصر المادية والمعنوية للمنشأة المؤممة كمحل تجاري وهذا العناصر لا تشمل العقار المملوك لصاحب المنشأة. كما أن الحكم أخطأ في استناده في عدم قبول الدعوى إلى أن لجنة التقييم طبقت القانون تطبيقاً سليماً، بإدخال عنصري الأرض والمباني ضمن أصول المخبز، باعتبار أن تأميم المخبز ينصب على جميع عناصره القانونية التي تشمل العقارات والمنقولات المملوكة لصاحبه، وهذا يخالف ما استقرت عليه أحكام وفتاوى مجلس الدولة في تحديد اختصاصات لجان التقييم المنصوص عليها في المادة (3) من القانون رقم 118 لسنة 1961، إذ تختص هذه اللجان بتقييم رأس مال المنشأة فقط، أي أن التأميم ينصب على رأس مال المنشأة أي على أصولها، والثابت من أوراق الدعوى أن أرض ومباني المخبز لم تكن من أصوله وقت التأميم فقد اشتراها الطاعن بموجب حكم مرسى مزاد في ديسمبر سنة 1961 قام بتسجيله في 24/ 4/ 1966 وقد انتهى رأي إدارة الفتوى والتشريع لوزارة الاقتصاد إلى أن قيمة الأرض والمباني التي تشغلها مخابز المجموعة الثالثة - ومنها مخبز الطاعن - لا تدخل في تقدير قيمة تلك المخابز ولا تنتقل ملكيتها إلى الدولة، هذا بالإضافة إلى أن تأميم المخابز ينصرف إلى صناعة الخبز نفسها، وينصب على المخبز باعتباره أداة من أدوات الإنتاج كنشاط اقتصادي، لا على عقارات بذاتها كما هو الشأن في نزع الملكية للمنفعة العامة. وأخيراً فإن قرار لجنة التقييم المطعون فيه - إذ أدخل عنصري الأرض والمباني ضمن عناصر تقييم المخبز المؤمم - استند إلى قاعدة تفسيرية خرجت بها اللجنة عن مفهوم التأميم، وأعطت لنفسها سلطة المشرع في إصدار التفسير التشريعي دون سند من القانون، مما يجعل قرارها معدوماً لا يرتب أثراً ولا يكتسب أية حصانة.
ومن حيث إن الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى تقدمت بمذكرة رداً على الطعن قالت فيها أن المشرع لم يحدد نطاق المشروع المؤمم بعناصر المحل التجاري، وأن كافة المشروعات الفردية المؤممة شملت من بين عناصرها الأراضي والمباني، والقول بغير ذلك يهدر التأميم ويجعله لغواً لا فائدة منه، وأن التأميم ينقل ملكية المشروع المؤمم مباشرة دون حاجة إلى تسجيل، وأنه بتأميم المخبز انتقلت ملكيته إلى الدولة مباشرة، ويعتبر تسجيل الطاعن حكم مرسى المزاد تحصيل حاصل إذ أن التأميم يرد على العين في أي يد تكون بغض النظر عن حائزها وأن اختصاص لجان التقييم يتحدد بنطاق المشروع المؤمم، فلا تدخل في التقييم عنصراً لم يقصد المشرع تأميمه ولا تخرج عنصراً قصد المشرع تأميمه، ولما كانت الأرض والمباني تعتبر من أصول المشروع المؤمم فإن قرار لجنة التقييم يكون قد جاء وفق صحيح حكم القانون وفي حدود اختصاصها وانتهت الشركة إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
ومن حيث إن ورثة الطاعن تقدموا بمذكرة أحالوا فيها إلى ما ورد بتقرير الطعن من وقائع وأسباب وطلبات، وأضافوا أن لجنة التقييم الأولى أخرجت عنصري الأرض والمباني من أصول المخبز، وهو ما يتفق مع أحكام القانون وقصد المشرع، وأن لجنة التقييم الثانية خرجت عن اختصاصها وأدخلت أرض ومباني المخبز ضمن أصوله بمقولة أن العقار مملوك للطاعن، واستندت في ذلك إلى قواعد وضعتها تفسيراً لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1961 بالمخالفة لأحكام هذا القانون، الأمر الذي ينطوي على غصب لسلطة المشرع، ينحدر به إلى درجة الفعل المادي المنعدم الوجود قانوناً الذي لا تلحقه أية حصانة. وصمموا - في نهاية المذكرة - على طلباتهم.
ومن حيث إن القانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت ينص في المادة (1) منه على أنه "يجب أن تتخذ كل من الشركات والمنشآت المبينة في الجدول المرفق لهذا القانون شكل شركة مساهمة عربية وأن تساهم فيها إحدى المؤسسات العامة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بحصة لا تقل عن 50% من رأس المال"، وينص في المادة (3) على أن "تحدد قيمة رأس المال على أساس سعر السهم حسب آخر إقفال ببورصة الأوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون. وإذا لم تكن الأسهم متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، فيتولى تحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الاقتصاد التنفيذي، على أن يرأس كل لجنة مستشار بمحكمة الاستئناف، وتصدر كل لجنة قراراتها في مدة لا تجاوز شهرين من تاريخ صدور قرار تشكيلها، وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن. كما تتولى هذه اللجان تقويم رأس مال المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة". ثم صدر القانون رقم 42 لسنة 1962 بإضافة بعض الشركات والمنشآت إلى الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961 المشار إليه، وتضمن من بين المنشآت المضافة المخبز المملوك للطاعن.
ومن حيث إن المستقر أن التأميم إجراء يراد به نقل مشروع أو مجموعة من المشروعات الخاصة من ملكية الأفراد أو الشركات إلى ملكية الأمة ممثلة في الدولة، بصد تحقيق صالح الجماعة، ويرد التأميم على مشروع قائم بكيانه القانوني، ويتحدد نطاقه بهذا الكيان، وهو يتناول المشروع المؤمم بحالته وقت التأميم، وينصب على جميع العناصر القانونية التي يتكون منها، والقابلة لأن تنتقل ملكيتها إلى الدولة. ويقصد بالمشروع - في مجال التأميم - مجموعة الأموال التي خصصت للقيام بنشاط إنتاجي معين، وتتمتع بذاتية تجعل منها وحدة قائمة استقلالاً، بغض النظر عن مكوناتها التي تدخل في الاعتبار على نحو غير مباشر من خلال الإطار العام للمشروع باعتباره أداة من أدوات الإنتاج، ولذلك فإن التأميم يصيب المشروع المؤمم بكليته، أي بما يشتمل عليه من العناصر المستخدمة في تسيير عملية الإنتاج، سواء كانت عقارات أو منقولات مادية أو معنوية.
ومن حيث إن المخبز موضوع النزاع كان منشأة قائمة بذاتها بمكوناتها من المخبز والمبنى المقام عليه، فهو مشروع قائم بذاته شامل لهما، وقد تلقى الطاعن ملكيته له على هذه الأساس بحكم مرسى المزاد، وخضع لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1961 بموجب القانون رقم 42 لسنة 1962 المشار إليهما، باعتباره مشروعاً ذا نشاط إنتاجي، فإن التأميم ينصب على جميع مكوناته المستخدمة في تسييره والقابلة لأن تنتقل ملكيتها إلى الدولة، ومن ثم يشمل جميع العناصر التي كانت مخصصة - وقت التأمين - للقيام بالنشاط الإنتاجي له، سواء كانت هذه العناصر عقارات أو منقولات مادية أو معنوية، وبالتالي يشمل التأميم الأرض والمباني التي كانت مخصصة للمخبز المؤمم لمزاولة نشاطه الإنتاجي فيها، وتدخل بذلك ضمن العناصر المكونة لأصوله الخاضعة للتقييم.
ومن حيث إن لجنة التقييم المشكلة وفقاً لقرار وزير الاقتصاد رقم 792 لسنة 1969 لإعادة تقييم مخابز المجموعة الثالثة، أدخلت ضمن عناصر تقييم رأس مال مخبز الطاعن المؤمم عنصري الأرض والمباني، فإنها تكون قد طبقت حكم القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون قرارها الصادر في هذا الخصوص والمطعون فيه - قائماً على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه استند - فيما انتهى إليه قضاؤه - إلى أن القرار المطعون فيه صحيح، فإنه لا يكون ثمة جدوى من الطعن عليه، ومن ثم يتعين رفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق