جلسة 14 من مايو سنة 2000
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: ممدوح حسن يوسف راضي وسمير إبراهيم البسيوني وأحمد عبد الحليم صقر وأحمد محمد حامد محمد حامد - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(87)
الطعن رقم 3558 لسنة 42 قضائية عليا
توجيه وتنظيم أعمال البناء - تراخيص البناء - سلطة الجهة الإدارية في إصدارها - طبيعتها.
المادتان 6 و7 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
اختصاص الجهة الإدارية المنوط بها شئون التنظيم في منح تراخيص إنشاء المباني أو إقامة الأعمال هو في حقيقته اختصاص مقيد ومخصص الأهداف فإذا ما ثبت لها أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له وجب عليها إصدار الترخيص المطلوب بعد مراجعة واعتماد أصول الرسومات وصورها وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص أما إذا رأت تلك الجهة الإدارية لزوم استيفاء بعض البيانات أو الرسومات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصميمات في الرسومات فقد أوجب عليها المشرع إعلان صاحب الشأن بذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص واعتبر المشرع مجرد انقضاء المدد المحددة للبت في طلب الترخيص دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو إدخال تعديلات على الرسومات بمثابة موافقة على طلب الترخيص - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 24/ 4/ 1996 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3558 لسنة 42 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة - أ) بجلسة 25/ 3/ 1996 في الدعوى رقم 1658 لسنة 45 ق والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت للأسباب الواردة فيه - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتدول نظر الطعن أمام الدائرة الخامسة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث حضر وكيل المطعون ضده بجلسة 23/ 11/ 1999 وقدم مذكرة طلب في ختامها الحكم برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات والأتعاب. وبجلسة 14/ 12/ 1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة عليا موضوع لنظره بجلسة 2/ 2/ 2000 وبالجلسة المذكورة أودعت الجهة الإدارية الطاعنة مذكرة صممت من ختامها على الطلبات الواردة بتقرير الطعن الماثل والتمست حجز الطعن للحكم وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 14/ 5/ 2000 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم في خلال الميعاد المقرر له قانوناً وإذ استوفى أوضاعه الشكلية الأخرى الأمر الذي يتعين معه القضاء بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 1658 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 28/ 1/ 1991 طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار حي شرق الإسكندرية برفض الترخيص له بالبناء على الأرض الفضاء الملحقة بالعقار رقم 6 شارع عبد العاطي باشا بلوران قسم الرمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي "المطعون ضده بالطعن الماثل" شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 13/ 1/ 1990 تقدم بطلب لحي شرق الإسكندرية قيد برقم 5 لسنة 1990 للترخيص له ببناء عمارة سكنية على الأرض الفضاء الملحقة بالعقار المشار إليه، وبتاريخ 8/ 8/ 1990 أحيل هذا الطلب إلى الجهاز الاستشاري لمتابعة التخطيط الشامل لدراسة مدى انطباق قراري محافظ الإسكندرية رقمي 41، 137 لسنة 1987 بشأن عدم تناول الفيلات بالتعديل أو الإضافة أو الهدم وقد انتهى الجهاز المذكور إلى خضوع الأرض المراد البناء عليها لقراري المحافظ سالفي الذكر وبناء على ذلك رفض طلب الترخيص المقدم منه، وقد نعى المدعي على هذا القرار مخالفته القانون لأن الأرض المطلوب البناء عليها أرض فضاء وليست فيلا، كما أن الفيلا المجاورة لهذه الأرض ليست لها طبيعة أثرية أو فنية أو معمارية فضلاً عن أنه لم يتعرض لبناء الفيلا وإنما يرغب في إقامة بناء على الأرض المجاورة، بالإضافة إلى أن الإدارة انحرفت عن المصلحة العامة في إصدار قرارها المطعون فيه وهو ما حدا به إلى طلب الحكم له بالطلبات سالفة الذكر.
وبجلسة 20/ 2/ 1990 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد فطعن المدعي على هذا الحكم بتقرير الطعن رقم 1315 لسنة 38 ق، وبجلسة 2/ 1/ 1994 قضت المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وأمرت بإعادة الدعوى لمحكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى. وحدد لنظر الدعوى أمام المحكمة جلسة 7/ 4/ 1994 حيث قدم بها المدعي - المطعون ضده بالطعن الماثل - مذكرتين حدد فيهما طلباته بوقف تنفيذ وإلغاء امتناع الجهة الإدارية عن منحه الترخيص بناء على الطلب رقم 5 لسنة 1990 المقدم منه بتاريخ 3/ 1/ 1990 والذي لم ترد عليه خلال المدة المحددة بالقانون رقم 106 لسنة 1976.
وبجلسة 30/ 6/ 1994 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطلب المستعجل.
وتدول نظر الموضوع على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 25/ 3/ 1996 صدر الحكم المطعون فيه قاضياً بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها المطعون فيه بالطعن الماثل استناداً إلى تحقق مناط الترخيص الضمني للمدعي بشأن طلب الترخيص المقدم منه بتاريخ 3/ 1/ 1990 حيث لم تتخذ الجهة الإدارية بشأنه أي إجراء إلا في غضون شهر أغسطس 1990 مما يضحى معه القرار السلبي بالامتناع عن منح ترخيص البناء غير قائم على سبب يبرره جديراً بالإلغاء.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله لأن قطعة الأرض التي يطلب المطعون ضده الترخيص له ببناء عمارة سكنية عليها هي جزء لا يتجزأ من الفيلا الكائنة برقم 6 شارع عبد العاطي باشا بلوران قسم الرمل ومن ملحقات هذه الفيلا، وإعمالاً لقراري محافظ الإسكندرية رقمي 41، 137 لسنة 1987 يحظر مطلقاً الترخيص للمطعون ضده بالبناء على هذه الأرض لأن من شأن الترخيص له بالبناء إجراء تعديل وإضافة لهذه الفيلا وهو ما حدا بالجهة الإدارية إلى رفض الترخيص له بالبناء على قطعة الأرض محل النزاع. وبذلك يكون القرار المطعون فيه قائماً على سببه متفقاً وصحيح حكم القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن المادة 6 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء تنص على أنه "تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه.. وإذا ثبت للجهة المذكورة أن الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة لأحكام هذا القانون ولائحته والقرارات المنفذة له قامت بإصدار الترخيص.. أما إذا رأت تلك الجهة وجوب استيفاء بعض البيانات والمستندات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصميمات في الرسومات أعلنت الطالب بذلك بكتاب موصى عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب ويتم البت في هذه الحالة في طلب الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء البيانات أو المستندات أو الموافقات المطلوبة أو تقديم الرسومات المعدلة.
كما تنص المادة السابعة من القانون المشار إليه على أنه "يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص انقضاء المدد المحددة للبت فيه دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات اللازمة أو إدخال تعديلات أو تصحيحات على الرسومات، ويلتزم طالب الترخيص في هذه الحالة بمراعاة جميع الأوضاع والشروط والضمانات المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له.....".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن اختصاص الجهة الإدارية المنوط بها شئون التنظيم "وهي حي شرق الإسكندرية في النزاع المطروح" في منح تراخيص إنشاء المباني أو إقامة الأعمال المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 أو تعديلها وفقاً لما يتطلبه نص المادة الرابعة من القانون المشار إليه هو في حقيقته اختصاص مقيد ومخصص الأهداف فإذا ما ثبت لها أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له وجب عليها إصدار الترخيص المطلوب بعد مراجعة واعتماد أصول الرسومات وصورها وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص، أما إذا رأت تلك الجهة لزوم استيفاء بعض البيانات أو الرسومات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصميمات في الرسومات فقد أوجب عليها المشرع إعلان صاحب الشأن بذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص واعتبر المشرع مجرد انقضاء المدد المحددة للبت في طلب الترخيص دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو إدخال تعديلات على الرسومات بمثابة موافقة على طلب الترخيص وإن كل ذلك يقطع بأن سلطة جهة الإدارة المختصة بشئون التنظيم في إصدار التراخيص المشار إليها هي سلطة مقيدة ومخصصة الأهداف. "حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 176 لسنة 27 ق جلسة 19/ 1/ 1985".
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم بتاريخ 3/ 1/ 1990 إلى الإدارة المختصة بشئون التنظيم بحي شرق الإسكندرية بطلب الترخيص له ببناء عمارة سكنية مكونة من بدروم ودور أرضي وتسعة أدوار علوية على قطعة الأرض الفضاء الملحقة بالعقار رقم 6 شارع عبد العاطي باشا بلوران قسم الرمل وقيد هذا الطلب برقم 5 لسنة 1990 ولم تتخذ الجهة الإدارية بشأنه أي إجراء إلا في غضون شهر أغسطس سنة 1990 حيث أحالته إلى الجهاز الاستشاري لمتابعة التخطيط الشامل لدراسة مدة انطباق قراري محافظ الإسكندرية رقمي 41 و137 لسنة 1987 بشأن عدم هدم الفيلات أو تعديلها أو الإضافة إليها، وعلى ذلك يكون قد تحقق للمطعون ضده مناط الترخيص الضمني بشأن طلب الترخيص المقدم منه، مما يضحى معه القرار السلبي بالامتناع عن منحه ترخيص بناء مشوباً بعيب مخالفة القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بما تقدم فإنه يكون قد صدر مطابقاً لصحيح حكم القانون جديراً بالتأييد.
ولا ينال مما تقدم ما ورد بأسباب الطعن على ذلك الحكم، إذ إن ذلك مردود عليه بأن الثابت من حافظة المستندات المقدمة من المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ولم تجحده الجهة الإدارية أن الإدارة المحلية أفادت بتاريخ 4/ 6/ 1990 أنه لا يوجد طلب تصريح بالهدم وأن الفيلا ليس بها نقوش أو زخارف معمارية متميزة، الأمر الذي يخرج عن اختصاص قراري محافظ الإسكندرية سالفي الذكر فضلاً عن وجود لوحة مساحية للمنطقة ثابت منها أن المطعون ضده لم يتناول الفيلا بالتعديل أو الإضافة وإنما انحصر طلبه في الترخيص له بالبناء على قطعة الأرض الفضاء موضوع العقد المسجل رقم 1501 لسنة 1989 توثيق الرمل والمخصصة للأغراض السكنية وبالتالي فإن ما أورده الطاعن من أسباب للطعن على الحكم المشار إليه لا تكون قد قامت على أساس سليم من القانون خليقة بالرفض لافتقادها للسند القانوني القائمة عليه مما يتعين معه القضاء برفض الطعن.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق