جلسة 13 من مايو سنة 2000
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل هارون - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس ومحمود سامي الجوادي وعطية عماد الدين نجم وعبد المنعم أحمد عامر - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(86)
الطعن رقم 742 لسنة 43 قضائية عليا
نيابة إدارية - أعضاؤها - مقابل نقدي للإجازات الاعتيادية - مدلول الأجر الكامل والأجر الأساسي.
المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 1991.
إن المشرع غاير بين وصف الأجر الذي يستحقه العامل خلال إجازته الاعتيادية أثناء خدمته وبين وصف الأجر الذي يستحقه عن رصيد إجازاته الاعتيادية بعد انتهاء خدمته فبينما أطلق على الأجر في الحالة الأولى وصف الأجر الكامل ووصفه في الحالة الثانية بالأجر الأساسي مضافاً إليه العلاوات الخاصة - تلك المغايرة التي أوردها المشرع بين مدلول الأجر الكامل والأجر الأساسي إنما تقتضي المغايرة في الفهم القانوني المستخلص منهما - الإجازات الاعتيادية السنوية هي جزء من علاقة العمل ومن حقوق العامل المقننة في هذه العلاقة ومن ثم وجب استحقاق الأجر الكامل عنها بينما إن ما يقابل رصيد الإجازات ليست إجازة تستحق ولكن نوع من التعويض الذي قدره المشرع للعامل عما لم يحصل عليه من إجازات اعتيادية وقرر له المشرع عناصره من حيث عنصر تقديره وحده الأقصى - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 11/ 11/ 1996 أودع المستشار/ ........ عن نفسه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 742 لسنة 43 ق. ع ضد كل من المستشار/ وزير العدل والمستشار/ رئيس هيئة النيابة الإدارية بصفتهما طالباً في ختامه الحكم بأحقيته في صرف بدل الأربعة شهور الإجازات باعتبار المرتب الشامل وليس المرتب الأساسي وصرف الفروق المستحقة.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً.
وعينت جلسة 22/ 11/ 1999 لنظر الطعن أمام هذه المحكمة وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم فصدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام طعنه الماثل بطلب الحكم بأحقيته في صرف بدل الأربعة شهور الإجازات باعتبار المرتب الشامل وليس المرتب الأساسي وصرف الفروق المستحقة.
وقال شرحاً لذلك أنه بتاريخ 18/ 4/ 1992 صدر القرار رقم 1818 لسنة 1992 متضمناً تسوية معاشه كنائب رئيس هيئة النيابة الإدارية اعتباراً من 1/ 5/ 1992 لبلوغه سن الإحالة إلى المعاش مع بقائه في الخدمة حتى 30/ 6/ 1992، وقد قامت هيئة النيابة الإدارية بصرف مرتب الأربعة شهور (بدل إجازته) محسوبة على أساس المرتب الأساسي في حين أنه يستحق صرف هذا المبلغ محسوباً على المرتب شاملاً الحوافز والبدلات وهو ما اتبع في الحالات المماثلة بالنسبة لسائر الهيئات القضائية وفقاً لما تبنته مذكرة المكتب الفني لمحكمة النقض وصدرت لبعض الأعضاء بهيئة قضايا الدولة أحكام نهائية بأحقيتهم في المرتب على النحو المذكور، وتم تنفيذ هذه الأحكام وقامت وزارة العدل من جانبها بإصدار التراخيص المالية لحالات الصرف التي تتطلب ذلك لصدورها عن سنوات مالية سابقة.
وبجلسة 1/ 4/ 1997 قدم الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة إدارة التفتيش بالرد على تقرير الطعن وحافظة مستندات طويت على صورة من فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلسة 2/ 10/ 1996 ملف رقم 86/ 6/ 4504.
ومن حيث إن المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدلة بالقانون رقم 219 لسنة 1991 تنص على أن "يستحق العامل إجازة اعتيادية سنوية بأجر كامل لا يدخل في حسابها أيام عطلات الأعياد والمناسبات.
فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاذ رصيده من الإجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي مضافاً إليه العلاوات الخاصة التي كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر..".
وتنص المادة الثانية من القانون رقم 219 لسنة 1991 المشار إليه على أن "تسري أحكام هذا القانون على العاملين بكادرات خاصة، ويلغى كل حكم ورد على خلاف ذلك في القواعد المنظمة لشئونهم".
ومن حيث إن مقطع الفصل في النزاع الماثل يدور حول تحديد مفهوم عبارة ".. أجره عن أربعة أشهر..." الواردة بنص المادة 65 السابق.
ومن حيث إنه يبين إن المشرع غاير بين وصف الأجر الذي يستحقه العامل خلال إجازته الاعتيادية أثناء خدمته وبين وصف الأجر الذي يستحقه عن رصيد إجازته الاعتيادية بعد انتهاء خدمته فبينما أطلق على الأجر في الحالة الأولى وصف (الأجر الكامل) ووصفه في الحالة الثانية (بالأجر الأساسي مضافاً إليه العلاوات الخاصة) وأن تلك المغايرة التي أوردها المشرع بين مدلول الأجر الكامل والأجر الأساسي إنما تقتضي المغايرة في الفهم القانوني المستخلص منهما، واختلاف الوصف الدال إنما يفيد اختلاف المدلول عليه، وما دام القانون استخدم وصفين متميزين في ذات النص فقد دل ذلك صراحة على أنه قصد بالإفصاح تقرير حكم مغاير لكل من الوضعين المشار إليهما بالنص، وضع الإجازة الاعتيادية التي يستحق عليها أجر كامل ووضع رصيد الإجازات التي يستحق عليها الأجر الأساسي مضافاً إليه العلاوات الخاصة.
وحيث إنه مما يؤكد هذا النظر أن ثمة استقلالاً بين مفهوم الأجر الأساسي والأجر الكامل في نطاق تطبيق أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وإذا كان الأجر الأساسي هو ما ينصرف إلى الأجر المنصوص عليه في الجدول المرفق بقانون نظام العاملين والذي تكفل ببيان بداية ونهاية أجور الوظائف بكل درجة فإن الأجر الكامل إنما ينصرف إلى ما يحصل عليه العامل من أجر وتوابعه وملحقاته وهو الأمر الذي لا يجوز معه الخلط بين المفهومين أو استعارة أحدهما للعمل في غير مجاله، كما يمتنع الرجوع إلى قانون آخر حدد مدلولا ًمغايراً لما تغياه المشرع وذلك أياً ما كانت الأسانيد التي تحدو إلى ذلك، والمسائل التي أحكمت نصوص القانون تنظيمها يمتنع الرجوع في شأنها إلى قوانين أخرى ويقف الأمر بالنسبة إليها عن إعمال ما أوردته في هذا الخصوص أخذاً بدلالة منطوقها ومفهومها، ولو كان المشرع يقصد بالأجر الأساسي كل مشتملات الأجر الشامل لما نص على إضافة العلاوات الخاصة المنضمة بحكم اللزوم إلى مفهوم الأجر الشامل أو الكامل.
فضلاً عما تقدم فإن الإجازات الاعتيادية السنوية هي جزء من علاقة العمل ومن حقوق العامل المقننة في هذه العلاقة ومن ثم وجب استحقاق الأجر الكامل عنها بينما إن ما يقابل رصيد الإجازات ليست إجازة تستحق ولكنه نوع من التعويض الذي قدره المشرع للعامل عما لم يحصل عليه من إجازات اعتيادية وقرر له المشروع عناصره من حيث عنصر تقديره وحده الأقصى.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن نص المادة 65 من القانون سالف الذكر قد ورد واضح العبارة قاطع الدلالة في أن مقابل رصيد الإجازات الاعتيادية التي يصرف للعامل لدى بلوغه السن القانونية هو الأجر الأساسي مضافاً إليه العلاوات الخاصة فإنه لا اجتهاد مع صراحة النص ويقتضي الأمر إعمال حكمها حسبما ورد بالنص دون مجاوزة له أو خروج على مقتضاه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ولما كان الثابت أن الجهة الإدارية المطعون ضدها قدرت المقابل المستحق للطاعن عن رصيد إجازاته الاعتيادية (أربعة شهور) على أساس الأجر الأساسي وفقاً لحكم المادة 65 آنفة الذكر.
فإن قرارها الصادر في هذا الشأن يكون مطابقاً لأحكام القانون ويغدو الطعن عليه غير قائم على سند صحيح من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن المنازعات الخاصة بأعضاء هيئة النيابة الإدارية معفاة من الرسوم عملاً بحكم المادة 40 من قانون هيئة النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 58 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق