الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 يناير 2025

الطعن 2581 لسنة 38 ق جلسة 27 / 2 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 97 ص 1003

جلسة 27 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ جودة فرحات، وعادل محمود فرغلي، والسيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز أو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(97)

الطعن رقم 2581 لسنة 38 القضائية

تراخيص - ترخيص بائع متجول - شروطه - شرط المكان - تحديده.
لائحة تنظيم الأسواق والباعة الجائلين بالأحياء الصادرة بقرار محافظ القاهرة رقم 12 لسنة 1984.
يشترط فيمن يرخص له بمباشرة نشاط الباعة الجائلين أن يكون له مكان ثابت بالسوق وأن يسدد مقابل الانتفاع - لا وجه للقول بأنه يتعين إلزام البائع المتجول بإثبات عمله بالسوق مدة طويلة - أساس ذلك: أن اللائحة المذكورة لم تحدد حداً أدنى لتلك المدة - أن تحديد المكان الثابت أمر تتولاه جهة الإدارة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 24 من يونيه سنة 1992 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل قيد بجدولها تحت رقم 2518 لسنة 38 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد" بجلسة 28/ 5/ 1992 في الدعوى رقم 1516 لسنة 46 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفاته.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض الطلب المستعجل والقضاء بوقف تنفيذ القرار السلبي المطعون فيه، ومنح الطاعن رخصة لمزاولة مهنة بائع متجول بسوق الجوهري بميدان العتبة، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقد أعلن الطاعن إلى المطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق. قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/ 9/ 1992، وبجلسة 18/ 1/ 1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى لنظره والتي نظرته بجلسة 14/ 2/ 1993 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 23/ 1/ 1993 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 27/ 2/ 1994 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2581 لسنة 38 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 28/ 11/ 1991 طلب في ختامها بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار حي عابدين السلبي بالامتناع عن صرف ترخيص للمدعي بمزاولة مهنة بائع متجول وما يترتب على ذلك من آثار قانونية وإلزام المدعى عليهم المصروفات. وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يمارس حرفة بائع متجول بسوق الجوهري ناصية ميدان العتبة قسم الموسكي منذ أكثر من خمسة عشر عاماً وأن هذا السوق ضمن أسواق حي عابدين وأن له ملف بإدارة الأسواق ثابت به مزاولته لمهنة بائع متجول، وقد تحرر عقد بيع المدعي وبين شركة كيرسرفيس لجمع القمامة في المكان الذي يباشر فيه حرفة بائع متجول، كما وافق محافظ القاهرة للطالب بممارسة حرفة بائع متجول بسوق الجوهري ناصية ميدان العتبة وتم منحه أكثر من ترخيص مؤقت لمزاولة حرفته لحين صدور ترخيص من محافظ القاهرة، وأنه بتاريخ 11/ 7/ 1990 حررت الرابطة العامة لجميع طوائف الباعة المتجولين شهادة للمدعي تفيد بأنه يزاول عمله المبين بالرخصة المنصرفة له بسوق الجوهري أمام محلات عبد المولى وأضاف المدعي أنه تقدم بطلب إلى الحي للترخيص له بمهنة بائع متجول في المكان الذي يمارس فيه مهنته، وأرفق بهذا الطلب الشهادة الصادرة من رابطة جميع طوائف الباعة المتجولين لحي عابدين، إلا أن حي عابدين لم يصدر قراراً بمنحه ذلك الترخيص وذلك بالرغم من أن المستندات الرسمية التي تقدم بها تثبت مزاولته لمهنة بائع متجول مما يعتبر معه تصرف جهة الإدارة تعسفاً يستوجب مخاصمته القضاة.
وبجلسة 28/ 5/ 1992 صدر الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفاته، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المستفاد من أحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن إشغال الطرق العامة، ومن أحكام لائحة الأسواق والباعة الجائلين بالأحياء الصادرة بقرار محافظ القاهرة رقم 12 لسنة 1984 أن المشرع نظم الأسواق بأحياء محافظة القاهرة ووضع شروطاً فيمن يمارس التجارة والبيع بهذه الأسواق ومن بين تلك الشروط أن يكون لطالب الترخيص مكان دائم وثابت بالسوق يزاول به مهنته وهذا لا يتأتى إلا إذا ثبت أنه يعمل بالسوق منذ مدة طويلة.
وأن البادي من ظاهر الأوراق أن المدعي وإن قدم ما يفيد ممارسته عمل بائع متجول بسوق الجوهري بحي عابدين إلا أنه لم يقدم المستندات التي تثبت مزاولته لهذه المهنة بالسوق مدداً طويلة بحيث يمكن القول معها بأن له مكان دائم وثابت بالسوق إذ أن عقد جمع القمامة الموقع بين المدعي وبين شركة كيرسرفيس تثبت بداية العمل بالسوق من 1/ 7/ 1990 والشهادة الصادرة من الرابطة تبين ممارسة العمل بالسوق من 26/ 11/ 1990 وهي مدد صغيرة لا تدل على أن المدعي يمارس مهنة بائع متجول بهذا السوق منذ فترة طويلة، وبالتالي بنتفي في حق المدعي شرط أن يكون له مكان دائم وثابت بالسوق، الأمر الذي يكون معه امتناع الحي عن التراخيص له بمهنة بائع متجول بحي عابدين يستند إلى أسباب صحيحة قانوناً وواقعاً مما ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ومن ثم رفض هذا الطلب دونما حاجة إلى بحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الطاعن يمارس مهنة بائع متجول أكثر من خمسة عشر عاماً طبقاً للمستندات المقدمة لمحكمة القضاء الإداري والتي لو اطلعت عليها المحكمة لتغير وجه الرأي في الدعوى ومن بين تلك المستندات صورة رسمية من الشهادة الصادرة من الرابطة العامة لجميع طوائف الباعة الجائلين والتي تثبت أن الطاعن مشترك تحت رقم 1579 في سجلات الرابطة ويقوم بسداد الاشتراكات سنوياً وهو مشترك منذ أكثر من عشر سنوات ومن ثم فهو يباشر مهنة بائع متجول بسوق الجوهري منذ أكثر من خمس عشرة سنة وهي مدة طويلة على خلاف ما ذهب إليه قضاء محكمة القضاء الإداري، المطعون عليه، ولما كان القرار السلبي المتمثل في عدم صرف ترخيص للطاعن لمزاولة مهنة بائع متجول قد أصابه بأضرار بالغة تتمثل في تشريده وأسرته ومن ثم خلص إلى طلباته في الطعن الماثل وقد أبدى في مذكرته المقدمة بجلسة 23/ 2/ 1994 أنه لا يطمع في أكثر من السماح له بمزاولة مهنته الوحيدة ومصدر رزقه ورزق أسرته بمنحه رخصة بائع متجول في أي سوق من الأسواق دون توقف على سوق معين.
ومن حيث إنه وفقاً لحكم المادة 49 من القانون رقم 47/ 1972 بشأن مجلس الدولة يشترط لوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين الأول ركن الجدية بأن يقوم طلب المدعي على أسباب يرجح معها إلغاء القرار المطعون فيه والثاني ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه في مقام ركن الجدية ولما كانت أحكام القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن الإشغال العامة تجعل من الترخيص في أشغال الطريق رخصة مؤقتة محددة المدة يجرى تجديدها وفقاً للضوابط وبالشروط التي حددها القانون وذلك باعتبار أن الترخيص بشغل الطريق العام إنما هو انتفاع غير عادي بالمال العام لأن الانتفاع لا يتفق مع الغرض الأصلي الذي خصص له المال العام وفي هذا الانتفاع غير العادي يكون الترخيص للأفراد باستعمال جزء من المال العام من قبيل الأعمال الإدارية المبينة على مجرد التسامح، وتتمتع الإدارة بالنسبة إلى هذا النوع من الانتفاع بسلطة تقديرية واسعة فيكون لها إلغاء الترخيص في أي وقت بحسب ما تراه متفقاً مع المصلحة العامة باعتبار أن المال العام لم يخصص في الأصل لمثل هذا النوع من الانتفاع وأن الترخيص باستعماله على خلاف الأصل عارض وموقوت بطبيعته ومن ثم قابلاً للإلغاء أو التعديل في أي وقت لداعي المصلحة العامة إلا أن سلطة جهة الإدارة في إلغاء الترخيص أو في إنقاص مدته مشروطة بتوخي المصلحة العامة والمتمثلة في مقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة (طبقاً لنص المادة 9 من القانون السابق) ويخضع قرارها الصادر بإلغاء الترخيص أو بعدم تجديده لرقابة القضاء الإداري رقابة مشروعية تستهدف وزن القرارات الإدارية بميزان القانون، فإذا ثبت صدور القرار الإداري مخالفاً لحكم القانون أو منحرفاً عن تحقيق الصالح العام فإنه يقضي بإلغائه، وأنه ولئن كان صحيحاً أنه لا محل لرقابة القضاء الإداري على الملائمات التقديرية التي تباشرها السلطة الإدارية المختصة عند إصدار قرارها إلا أن مناط ذلك هو أن يصدر القرار مستهدفاً الصالح العام.
ومن حيث إنه لائحة تنظيم الأسواق والباعة الجائلين بالأحياء والمعمول بها طبقاً لقرار محافظ القاهرة رقم 12 لسنة 1984 والتي تحكم النزاع الماثل - تنص في مادتها الخامسة على أن: "تتولى إدارة الأسواق الحالية بالأحياء وما يتم إنشاؤه من أسواق جديدة إدارة متخصصة تسمى إدارة شئون الأسواق تنشأ بكل حي ويصدر بهيكلها التنظيمي واختصاصاتها قرار من السيد المحافظ وذلك حتى يكون للأسواق ذاتيتها المستقلة". وتنص المادة السادسة على أن "تختص إدارة شئون الأسواق بالحي بالحصر والمسح الميداني وتسكين الباعة الجائلين بالمواقع وصرف الترخيص بمزاولة المهنة مع إعطائهم العلامات المميزة وتحصيل الرسوم المقررة من البائعين لإنشاء واستكمال المرافق الضرورية وأعمال الصيانة الطارئة الدورية وأعمال النظافة وبحث وتنفيذ المشروعات المطلوبة بالأسواق وتنظيم وإقامة وإنشاء أسواق جديدة..."
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم تورد سبباً لقرارها المطعون فيه سوى ما حوته حافظة مستنداتها المودعة بجلسة 23/ 1/ 1994 من مذكرة الشئون القانونية بحي عابدين إلى الشئون القانونية بمحافظة القاهرة بأن الطاعن تقدم بتاريخ 16/ 12/ 1987 بطلب ترخيص، وبتاريخ 29/ 3/ 1989 قررت اللجنة المختصة بالأسواق حفظ الطلب لسقوطه بمضي المدة القانونية، وأن الوضع الحالي في أسواق الحي مثل منطقة العتبة والموسكي وشارع بورسعيد يشهد زحام لباعة بما يعوق المرور ويجعل مباشرة النشاط التجاري في غاية الصعوبة مما أدى إلى وقف قبول طلبات ترخيص جديدة، ومما نتج عنه قيام المحافظة بإخلاء هذه المناطق من الباعة وتوفير أماكن بديلة لهم بمنطقة الدويقة والبادي من هذا الكتاب أنه لا يفيد عدم منح الترخيص للطاعن أو لغيره وأن المسألة تتعلق بإطار تنظيم مباشرة الباعة الجائلين لنشاطهم في أماكن ممارسة عملهم السابقة أو في الأماكن الجديدة التي نقلوا إليها، كما يبين من ذات الكتاب أن سبب عدم الترخيص للطاعن يرجع إلى أن الشروط الواجب توافرها في المرخص له بمباشرة مهنة بائع متجول غير متوافرة في حق الطاعن، وما سبق بأن ثمة سويقات مقامة تعوق المرور وأن المنطقة مكتظة بالباعة الجائلين لا تنهض - كقول مرسل - سبباً مشروعاً يبرر الامتناع عن إصدار الترخيص للطاعن.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة الثانية من اللائحة السابقة تشترط فيمن يرخص لهم بمباشرة نشاط الباعة الجائلين أن يكون له مكان ثابت بالسوق ويسدد مقابل الانتفاع - وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من هذا الشرط أنه يتعين أن يثبت أن البائع المتجول يعمل بالسوق منذ مدة طويلة وهو استخلاص غير سائغ - إذ يكفي للترخيص لمن يريد امتهان نشاط البيع أن يكون له مكان ثابت بالسوق ويسدد مقابل الانتفاع ولو لمدة يسيرة متى توافرت فيه الشروط المتطلبة لمزاولة مهنة بائع متجول باللائحة المشار إليها والتي استلزمت أن يكون له مكان ثابت بالسوق وهو ما تتولاه جهة الإدارة، ولم تحدد تلك اللائحة حد أدنى لتلك المدة وبالرغم من ذلك فإن البين من ظاهر الأوراق أن الطاعن سبق أن تقدم بتاريخ 16/ 12/ 1987 بطلب ترخيص حفظ دون بيان سبب الحفظ والأساس القانوني الذي يستند إليه، كما أنه وبتاريخ 26/ 11/ 1990 صرح له مؤقتاً بالعمل لمدة ستة أشهر، وقدم عقد جمع القمامة بينه وبين شركة كيرسرفيس يثبت بداية عمله بالسوق من 1/ 7/ 1990 وشهادة صادرة من رابطة الباعة الجائلين تثبت ممارسته العمل بالسوق - ولما كانت لائحة الأسواق التي صدر بها قرار المحافظ تضمنت أحكاماً بإجراء حصر شامل لمن يعملون بالأسواق الحالية ومنحهم التراخيص اللازمة بعد توافر الشروط المتطلبة قانوناً في حقهم وفي إطار تنظيم عام متكامل لتلك الترخيص في ضوء الأماكن المتاحة وترتيباً على ذلك فإن قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن منح الطاعن الترخيص المطلوب يكون غير قائم على سبب صحيح، ويكون طلب وقف تنفيذه متوافراً على ركن الجدية فضلاً عن ركن الاستعجال المتمثل في حرمان الطاعن من كسب عيشه وأسرته من هذا العمل ومن ثم يتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر ومن ثم يتعين إلغائه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق