الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 يناير 2025

الطعن 914 لسنة 43 ق جلسة 8 / 4 / 2000 إدارية عليا مكتب فني 45 ق 72 ص 687

جلسة 8 من إبريل سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل هارون - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال ومحمود سامي الجوادي ومصطفى محمد عبد المنعم - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(72)

الطعن رقم 914 لسنة 43 قضائية عليا

نيابة إدارية - أعضاء - الأثر المترتب على تقديم الاستقالة - أثر العدول عنها.
المادتان 1، 38 مكرراً من القانون 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1981 والقانون رقم 12 لسنة 1989.
المادتان 70 و130 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
إن الأحكام التي تخضع لها استقالة أعضاء النيابة الإدارية هي ذات الأحكام التي تخضع لها استقالة أعضاء النيابة العامة وهي كما نظمها قانون السلطة القضائية تكون مقبولة من تاريخ تقديمها إلى وزير العدل إذا كانت غير مقترنة بقيد أو معلقة على شرط وبغير حاجة إلى قبولها - يترتب على تقديم الاستقالة انتهاء الخدمة فور تقديمها وغل يده عن ممارسة عمله وانقضاء الدعوى التأديبية المقامة ضده - العدول عن الاستقالة في هذه الحالة لا يكون مقبولاً قانوناً لأنه عدول غير وارد على محل - الأصل العام في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أن الاستقالة لا تكون مقبولة إلا بصدور قرار من السلطة المختصة بقبولها أو بمضي المدة التي عينها دون البت فيها - المشرع تقديراً منه لرجال القضاء لم يشأ تعليق قبول الاستقالة بإقرار تصدره أي سلطة بل جعل من إرادة عضو الهيئة القضائية اعتزال الخدمة - مناط هذا الاعتزال - القرار الصادر من وزير العدل بقبول الاستقالة هو قرار تنفيذي كاشف عن مركز قانوني تحقق سلفاً كنتاج لتقديم طلب الاستقالة، وهو ما لا يستقيم معه القول بأن صدور القرار بعد سابقة العدول عن الاستقالة يورد على غير محل أو ينال ركن بسبب منه أخذاً في الاعتبار ما لهذا القرار من طبيعة خاصة بحسبانه قراراً تنفيذياً لفقدانه سمات القرار الإداري ومقوماته - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 11/ 12/ 1996 أقام المدعي هذه الدعوى بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة طالباً في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير العدل رقم 4262 لسنة 1996 فيما تضمنه من إنهاء خدمته وقبول استقالته واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات والأتعاب.
وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل وكيل نيابة إدارية وأنه أمضى أحد عشر عاماً في العمل بها وكان طوال مدة خدمته مثال للكفاية والأمانة وقد أصدر شيكاً بدون رصيد لإنهاء نزاع عائلي، وقد قام بسداد قيمته بالكامل إلا أنه أحيل إلى مجلس التأديب وتم إخطاره بالكتاب رقم 298 في يوم 25/ 9/ 1996 بأنه تحدد يوم 4/ 9/ 1996 لنظر الادعاء المقام عليه وفي اليوم التالي 5/ 9/ 1996 الذي تأجل إليه نظر الادعاء طلب منه المستشار أمين عام الهيئة أن يقدم استقالته حيث إن الرأي متجه إلى فصله من الهيئة، وأنه أمام الضغط النفسي والأدبي الشديد حرر مكرهاً ودون إرادة واعية استقالته بتاريخ 5/ 9/ 1996 إلا أنه بعد أن راجع نفسه أسرع في 12/ 9/ 1996 بالعدول عن الاستقالة وذلك بكتاب إلى وزير العدل وكتاب إلى رئيس هيئة النيابة الإدارية ولكنه أخطر في 21/ 9/ 1996 بالكتاب رقم 3523 بصدور القرار الطعين رقم 4262 لسنة 1996 الصادر في 12/ 9/ 1996 بقبول استقالته اعتباراً من 5/ 9/ 1996، وقد تظلم من هذا القرار في 13/ 10/ 1996 تحت رقم 4680 إلى وزير العدل ثم أقام هذه الدعوى للحكم له بطلباته تأسيساً على الأسباب الآتية:
1 - أنه قد أُكره على تقديم الاستقالة وكانت إرادته معيبة لأنه كان تحت ضغط عصبي ونفسي شديد وكان في حالة خوف ورعب من أن قرار الفصل إذا صدر سيهدم مستقبله تماماً.
2 - أنه يحق للعامل الذي قدم استقالته أن يعدل عنها طالما أن هذا العدول سابق على قبولها وأن الثابت أنه تقدم بطلب العدول قبل صدور قرار قبول الاستقالة.
وبجلسات التحضير أمام هيئة مفوضي الدولة قدمت الجهة الإدارية صورة الاستقالة المقدمة من الطاعن وقرار وزير العدل بقبول استقالته وصورة من محضر مجلس التأديب ومذكرة بالرد على الدعوى تضمنت أن الطاعن لم يكره على تقديم استقالته وأنه قدمها بإرادة حرة واعية، كما أن استقالة أعضاء النيابة الإدارية تكون مقبولة من تاريخ تقديمها وليس من تاريخ الموافقة عليها.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن (الدعوى) شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير العدل الطعين رقم 4262/ 1996 وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تداولت الدعوى أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة بجلسة 25/ 12/ 1999 حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث الشكل فإن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 12/ 9/ 1996 وأخطر به المدعي بالكتاب رقم 3523 ق 21/ 9/ 1996 وقد تظلم منه في 13/ 10/ 1996 تحت رقم 4680 ثم أقام هذه الدعوى في 11/ 12/ 1996 وإذ استوفت سائر أوضاعها الشكلية الأخرى فإنه يتعين الحكم بقبولها شكلاً.
ومن حيث الموضوع فإن وقائع الدعوى تخلص - حسبما يبين من الأوراق - أن المدعي أقام هذه الدعوى لإلغاء القرار الصادر من وزير العدل رقم 4262 لسنة 1996 فيما تضمنه من قبول استقالته اعتباراً من 5/ 9/ 1996 ورفع اسمه من سجل أعضاء هيئة النيابة الإدارية من هذا التاريخ.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 117/ 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمعدلة بالقانون رقم 12/ 1981 والمستبدلة بالقانون رقم 12/ 1989 تنص على أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل.. وأعضاء النيابة الإدارية يتبعون رؤسائهم بترتيب درجاتهم وهم جميعاً يتبعون وزير العدل، وللوزير حق الرقابة والإشراف على النيابة وأعضائها. ولرئيس الهيئة حق الرقابة والإشراف على جميع أعضاء النيابة.
وتنص المادة 38 مكرراً من ذات القانون على أن (يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات وقواعد الترقية والندب والإعارة والإجازات والاستقالة والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة".
وتنص المادة 70/ 2 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46/ 1972 التي تسري على أعضاء النيابة العامة بموجب المادة 130 من قانون السلطة القضائية - على أن "..... تعتبر استقالة القاضي مقبولة من تاريخ تقديمها إلى وزير العدل إذا كانت غير مقترنة بقيد أو معلقة على شرط...".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الأحكام التي تخضع لها استقالة أعضاء النيابة الإدارية هي ذات الأحكام التي تخضع لها استقالة أعضاء النيابة العامة وهي كما نظمتها المادة 70/ 2 من قانون السلطة القضائية المشار إليها أن استقالة رجال القضاء تكون مقبولة من تاريخ تقديمها إلى وزير العدل إذا كانت غير مقترنة بقيد أو معلقة على شرط وبغير حاجة إلى قبولها إذ أن القبول يكون فورياً وبقوة القانون ولا يتوقف على إرادة الجهة الإدارية بحيث لا تملك جهة الإدارة رفضها أو إرجاء قبولها ولا عبرة بتاريخ القرار الصادر بقبول الاستقالة ويترتب على تقديم الاستقالة انتهاء الخدمة فور تقديمها وغل يده عن ممارسة عمله وانقضاء الدعوى التأديبية المقامة ضد أحد رجال القضاء أو النيابة العامة أو النيابة الإدارية فور تقديم استقالته ومن ثم فإن العدول عن الاستقالة في هذه الحالة لا يكون مقبولاً قانوناً لأنه عدول غير وارد على محل.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل العام في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وهو الشريعة العامة للتوظف أن الاستقالة لا تكون مقبولة إلا بصدور قرار من السلطة المختصة بقبولها أو بمضي المدة التي عينها دون البت فيها حيث تعتبر مقبولة بقوة القانون إلا أن المشرع تقديراً منه لرجال القضاء وجلال رسالتهم خرج على هذا الأصل فلم يشأ تعليق قبول الاستقالة بإقرار تصدره أية سلطة بل جعل من إرادة عضو الهيئة القضائية اعتزال الخدمة مناط هذا الاعتزال فمتى أفصح العضو عن إرادته ترك الخدمة بتقديم الاستقالة اعتبرت مقبولة بقوة القانون ونشأ عن مقتضاها المركز القانوني للمستقيل ولا يعدو القرار الصادر من وزير العدل بقبول الاستقالة أن يكون محض قرار تنفيذي كاشف عن مركز قانوني تحقق سلفاً كنتاج لتقديم طلب الاستقالة وهو ما لا يستقيم معه القول بأن صدور القرار بعد سابقة العدول عن الاستقالة يورده على غير محل أو ينال ركن السبب فيه أخذاً في الاعتبار ما لهذا القرار من طبيعة خاصة بحسبانه قراراً تنفيذياً على ما سلف البيان تنأى عن النظرية العامة للقرارات الإدارية لفقدانه سمات القرار الإداري ومقوماته.
ومن حيث إن الأوراق خلت من دليل على أن ثمة إكراهاً وقع على الطاعن بما من شأنه تعييب إرادته والنيل منها إذ تقدم حال اجتماع مجلس التأديب المنعقد لمحاكمته تأديبياً باستقالته من وظيفته وما كان لمثله كوكيل للنيابة من الفئة الممتازة محيط بما يكفله له القانون من ضمانات أن يزعم وقوعه تحت سلطان رهبة لم يجد معها مناصاً من الاستقالة ذلك أن ما يتفق وطبائع الأمور ويوافق الفهم السليم أنه وازن فآثر فتقدم بطلبه عن إرادة حرة هادفاً إلى اختيار أهون الضررين.
ومن حيث إنه متى كان حاصل ما تقدم أنه ليس ثمة خطأ في جانب الإدارة بإصدارها القرار التنفيذي بقبول استقالة الطاعن فإن طلبه التعويض يضحى منهار الأساس فاقداً صحيح سنده من القانون ويكون الطعن برمته متعيناً رفضه (يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 737 لسنة 43 ق. ع جلسة 11/ 10/ 1997).

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق