جلسة 25 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، ومحمود سامي الجوادي، ومحمد عبد الحميد مسعود، ومحمود إسماعيل رسلان - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(43)
الطعن رقم 2318 لسنة 30 القضائية
سلك دبلوماسي - وظيفة مستشار بوزارة الخارجية - تقييم الأداء.
وظيفة مستشار بوزارة الخارجية لا تخضع لنظام تقارير الكفاية السنوية عملاً بالمادة (13) من القانون رقم 166 لسنة 1954 بشأن نظام السلكيين الدبلوماسي والقنصلي - ليس مؤدى ذلك أن عمل مستشار بوزارة الخارجية يعلو على أن يكون محلاً للتقييم - لجهة الإدارة أن تستقي عناصر التقدير ومقوماته من ملف الخدمة وأراء الرؤساء وغيرها من المصادر التي تطمئن إليها - لا تثريب على جهة الإدارة إن هي تخطت الطاعن في الترقية استناداً إلى ما أبداه سفراء مصريون عنه فيما يتعلق بكفايته ومدى اهتمامه بعمله فضلاً عن التقارير التي وضعت عنه من رؤساء مختلفين عن السنوات الثلاث السابقة على الترقية والتي لم يحصل في واحد منها على تقدير ممتاز - هذه التقارير لا تعدو أن تكون تسجيلاً لآراء الرؤساء المباشرين وإن أفرغت في نموذج تحددت فيه عناصر تقرير الكفاية عنصراً عنصراً - ليس في إبداء آرائهم بهذه الصيغة ما يخالف القانون بل هو أكثر ضمانة حتى لا يكون التقدير جزافاً ويضحى بمنأى عن الهوى والغرض ويكون أقرب إلى الدقة والضبط - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 16/ 6/ 1984 أودع الأستاذ/ .... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2318 لسنة 30 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة الترقيات بجلسة 19/ 4/ 1984 في الدعوى رقم 2277 لسنة 35 ق المرفوعة من الطاعن ضد رئيس الجمهورية ووزير الخارجية بصفتهما، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات
وطلب الطاعن لما أورده من أسباب بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار رقم 129 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصاريف والأتعاب.
وبعد إعلان التقرير بالطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت في خاتمته الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قررت بجلسة 10/ 2/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 14/ 3/ 1992، وقد نظر الطعن بالجلسة المحددة وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة 27/ 11/ 1993 المسائية وفيها قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي "الطاعن" أقام الدعوى رقم 2277 لسنة 35 القضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري دائرة الترقيات بتاريخ 7/ 7/ 1981 طالباًً الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 129 لسنة 1981 الصادر بتاريخ 1/ 3/ 1981 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض مع ما يترتب على ذلك من آثار وقال شارحاً للدعوى أنه عين مستشاراً بوزارة الخارجية بموجب قرار رقم 396 لسنة 1978 ثم ندب رئيساً لمكتب الإعلام ببون ومستشاراً صحفياً بفيينا بالقرارين رقمي 1137 و1138 الصادرين في 10/ 5/ 1978 وبتاريخ 28/ 3/ 1981 علم بصدور حركة ترقيات بالقرار الجمهوري رقم 129 سالف الذكر رقى بمقتضاها ثلاثون مستشاراً إلى درجة وزير مفوض دون أن تشمله بالترقية رغم أن ترتيبه العشرون، فتظلم من هذا القرار في 29/ 4/ 1981 وأجابت الوزارة برفض تظلمه في 26/ 5/ 1981 ومضى المدعي فأشار إلى أنه علم بأن سبب تخطيه في الترقية أن سفير مصر ببون قدر مرتبة نشاطه بدرجة متوسط في أول تقرير وبدرجة فوق المتوسط في القرير الثاني وذكر السفير أنه غير متمرن وأن اللجنة رأت أنه لا بد أن يعمل بالوزارة بالقاهرة لمدة سنتين قبل ترقيته إلى وظيفة وزير مفوض وأضاف المدعي قوله أن المستشارين لا يخضعون لنظام التقارير السنوية وليس ثمة قاعدة تقضي بوجوب قضاء المستشار سنتين على الأقل حتى يرقى إلى الدرجة الأعلى فضلاً عن بطلان التقريرين اللذين أعدهما عنه السفير لاستنادهما إلى أسباب شخصية لا تمت للمصلحة العامة بصلة، وخلص المدعي إلى طلب الحكم بمطلوبه.
ورداً على الدعوى أجابت الجهة الإدارية مقررة أن وظيفة وزير مفوض هي من الوظائف العليا بالسلك الدبلوماسي وتتم الترقية إليها بالاختيار للصلاحية تطبيقاً للمادة 15 من القانون رقم 166 لسنة 1954 بشأن نظام السلكيين الدبلوماسي والقنصلي، وأضافت أن المدعي يفتقد شروط تقارير الكفاية الممتازة عن السنوات الثلاث السابقة على الترقية، ففي عام 1978 قدرت كفايته بدرجة متوسط وفي عام 1979 قدرت كفايته بدرجة فوق المتوسط وقام مجلس شئون السلكيين الدبلوماسي والقنصلي بتخفيضها إلى درجة ضعيف بناء على تقرير السفير المصري ببون وحصل عام 1980 على تقدير جيد، واستطردت الجهة الإدارية فأشارت إلى ما ورد بتقرير السفير المؤرخ 11/ 7/ 1979 من أن أداء المدعي للعمل دون المستوى وأنه يتصف بالكسل الواضح وعدم الاكتراث بالعمل أو التعمق في الأداء والملل في العمل وعدم شعوره بالانتماء أو التبعية لجهة محددة بالذات نتيجة لعمله بالجامعة العربية ثم ندبه منها للاستعلامات ثم تعيينه بعد ذلك بالخارجية مع استمرار ندبه للاستعلامات وأنه غير مندمج في الأوساط الإعلامية الألمانية وبالتالي فإنه لا يستجمع العناصر التي تؤهله للترقية لوظيفة وزير مفوض لذا قامت الوزارة بترقية من يفوقون المدعي كفاية وصلاحية لتولي مهام الوظيفة.
وبجلسة 19/ 4/ 1984 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن الترقية إلى وظيفة مستشار وما يعلوها من وظائف تتم بالاختيار للصلاحية دون التقيد بالأقدمية عملاً بالمادة 15 من القانون رقم 166 لسنة 1954 بشأن نظام السلكيين الدبلوماسي والقنصلي وأنه ولئن كان المدعي بصفته شاغلاً وظيفة مستشار لا يخضع لنظام التقارير السنوية إلا أنه في مجال استعمال الإدارة لسلطتها في إجراء الترقية بالاختيار لوظيفة وزير مفوض يجوز لها إجراء مفاضلة بين المرشحين للترقية على أساس ما لديها من معلومات عن كفايتهم في العمل مستمدة من آراء الرؤساء عنهم ولما كان المدعي لا يقوم بعمله على الوجه الأكمل كما أنه دون المستوى المطلوب وشابت أعماله العديد من الأخطاء وفقاً لما ورد بتقرير سفير مصر ببون رئيس المدعي فإن القرار الصادر بتخطيه في الترقية إلى وظيفة وزير مفوض يكون قد أصاب الحق وتكون دعوى المدعي بطلب إلغائه غير قائمة على سند سليم متعينة الرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه صدر مخالفاً للقانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأنه اعتد بتقرير السفير عن الطاعن وأنه دون المستوى اللازم للترقية ولم يناقش الحكم التقارير والمستندات العديدة المقدمة من الطاعن ضمن حوافظ مستنداته والتي تشهد على نشاطه ودقته في عمله والتفاني في خدمة بلده وهي جميعاً تدحض ما جاء بتقرير السفير، كذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بتقرير الكفاية سنداً لتبرير تخطي الطاعن في الترقية بالقرار المطعون فيه يكون قد أخضعه لنظام التقارير السنوية بالمخالفة للتطبيق السليم للقانون، هذا بالإضافة إلى أن تقرير كفاية المدعي بمرتبة ضعيف مخالف للقانون حيث لم يتم إخطار المدعي به وبالأسباب التي قام عليها حتى يتسنى له التظلم منه وفقاً للقانون.
ومن حيث إن المقرر أن أعضاء السلك الدبلوماسي باعتبارهم ممثلي الدولة في المحيط الدولي وفي علاقاتها بالدول الأخرى يجب أن يتوافر فيهم من الصفات ما لا يتطلب فيمن عداهم، الأمر الذي يستوجب التدقيق في اختيارهم على الوجه الذي يؤهلهم بحق لتولي مهام وظائفهم حتى يكون أداؤهم على خير وجه وأكمله وتمثيلهم لبلادهم أصدق تمثيل.
ومن حيث إنه ولئن كان الطاعن يشغل وظيفة مستشار بوزارة الخارجية ولا يخضع تبعاً لذلك لنظام تقارير الكفاية السنوية عملاً بالمادة 13 من القانون رقم 166 لسنة 1954 بشأن نظام السلكيين الدبلوماسي والقنصلي إلا أنه ليس مؤدى ذلك أن عمله يعلو على أن يكون محلاً للتقييم، وذلك بأن لجهة الإدارة أن تستقي عناصر التقدير ومقوماته من ملف الخدمة وآراء الرؤساء وغيرها من المصادر التي تطمئن إليها وترتيباً على ذلك فلا تثريب عليها إن هي تخطت الطاعن بالقرار المطعون فيه استناداً إلى ما أبداه سفير مصر ببون عنه خاصاً بكفايته ومدى الاهتمام بعمله والتفاني في أدائه فضلاً عن تقارير الكفاية التي وضعت عنه من رؤساء مختلفين عن السنوات الثلاث السابقة على الترقية والتي لم يحصل في واحد منها على تقدير ممتاز، وجدير بالذكر أن هذه التقارير لا تعدو أن تكون تسجيلاً لآراء الرؤساء المباشرين وإنما أفرغت في نموذج تحددت فيه عناصر تقرير الكفاية عنصراً عنصراً، وليس في إبداء آرائهم في هذه الصيغة ما يخالف القانون بل هو أكثر ضمانة للعامل حتى لا يكون التقدير جزافاً ويضحى بمنأى عن الهوى والغرض وأقرب إلى الدقة والضبط في التقرير.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قام على أساس من التعويل على هذه التقارير بعد الموازنة بين ما قدمه الطاعن من مستندات بغية التدليل على ثبوت كفايته وما تقدمت به الإدارة توصلاً إلى انتفائها وقامت المحكمة بالترجيح بين أدلة لها وزنها واعتبارها ودلائل قصرت عن دحضها فقضت بما استقر في عقيدتها ووقر في وجدانها من أن كفاية الطاعن شابها ما يهون منها خاصة وقد خلت الأوراق من دليل على إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها فلا تثريب عليها فيما خلصت إليه في قضائها طالما أنه قام على أسباب سائغة تحمله لها أصلها الثابت في الأوراق دون ما إلزام عليها في أن تناقش الدفاع حجة وتعقب على المستندات واحداً تلو الآخر، وبالتالي فلا وجه للنعي على قضائها من هذا الوجه أو الزعم بمشوبة الحكم بقصور في التسبيب.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه ويغدو الطعن عليه بهذه المثابة على غير سند من القانون مكين مما يتعين معه القضاء برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق