جلسة 19 من يناير سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ جرجس عدلي "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ محمد منصور، صلاح المنسي، محمد السيد وأحمد موافي "نواب رئيس المحكمة".
---------------
(8)
الطعن رقم 2057 لسنة 72 القضائية
(1) خبرة " سلطة محكمة الموضوع في تقدير عمل الخبير : بطلان تقرير الخبير " .
الإجراءات . الأصل فيها أنها روعيت . عدم إلزام الخبير بإرفاق إيصالات الإخطارات بمباشرته للمأمورية للخصوم . مؤداه . خلو الأوراق مما يفيد وصولها للطاعن . لا ينفي واقعة الإخطار . النعي على تقرير الخبير بالبطلان . غير مقبول .
(3،2) جمارك " الإفراج المؤقت على السيارات " " شروط التصرف في السيارات المُفرج عنها ".
(2) الإفراج الجمركي المؤقت عن البضائع دون تحصيل الضرائب والرسوم المقررة بالشروط والأوضاع التي حددها وزير المالية . شرطه . إعادة تصدير تلك البضائع خلال المدة المصرح بها أو انتهاء الغرض منه أيهما أسبق حدوثًا . م 101 /1 ق الجمارك 66 لسنة 1963 وقرار وزير المالية رقم 316 لسنة 1983 . مخالفة ذلك . أثره . استحقاق الضرائب والرسوم فضلًا عن الغرامة المقررة بالمادة 118 ق 66 لسنة 1963 قبل استبدالها بق 160 لسنة 2000 . التصرف في السيارات المُفرج عنها جمركياً مؤقتًا . شرطه . الحصول على موافقة مصلحـــة الجمارك . م 8 من القرار المذكور .
(3) ثبوت انتهاء صلاحية تسيير سيارة التداعي المملوكة للطاعن والمُفرج عنها مؤقتًا جمركيًا داخل البلاد دون تقدمه بطلب إعادة تصديرها أو حصوله على الموافقة ببيعها من مصلحة الجمارك . أثره . إلزامه بسداد الضرائب والرسوم الجمركية المُستحقة عليها . التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه برفض طلب الطاعن بإلزام المطعون ضده الأخير المشترى بتلك الرسوم . صحيح . النعي عليه بمخالفة القانون . على غير أساس .
(4) دستور" عدم الدستورية : أثر الحكم بعدم الدستورية " .
الحكم بعدم دستورية نص غير ضريبي في قانون أو لائحة . مؤداه . عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية . انسحاب أثره على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره ولو أدرك الدعوى أمام محكمة النقض . علة ذلك . تعلقه بالنظام العام . لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها .
(5) قانون " دستورية القوانين : أثر الحكم بعدم دستورية قانون أو لائحة " .
الحكم بعدم دستورية م 119 ق الجمارك رقم 66 لسنة 1963 بما تضمنته من تخويل مدير مصلحة الجمارك بفرض الغرامات وبسقوط الأحكام الأخرى المرتبطة بها والمُقررة بالمواد 114 إلى 118 منه . أثره . عدم أحقية مصلحة الجمارك في فرض أو تحصيل أي مبالغ استنادًا إلى هذه النصوص . مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر وتأييده للحكم الابتدائي بإلزام الطاعن بمبلغ الغرامة المفروضة من قبل مدير مصلحة الجمارك . خطأ ومخالفة للقانون .
(6) نقض " أثر نقض الحكم " .
نقض الحكم الصادر في أحد الاستئنافين المنضمين . أثره . نقضه فيما قضى به الاستئناف الآخر . م 271 /1 مرافعات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– المقرر –في قضاء محكمة النقض– أنَّ الأصل في الإجراءات أنها روعيت. وإذ كان يبين من تقرير الخبير ومحاضر أعماله أنه أَخطَرَ الخصوم في الدعوى بتاريخ مباشرته للمأمورية، وكان المشرع لم يُوجب على الخبير إرفاق إيصالات الإخطارات الموصى عليها التي يُرسلها للخصوم أو ذكر أرقامها وتواريخها، وأنَّ إغفال إرفاق هذه الإيصالات لا ينفي واقعة الإخطار ذاتها، وكانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد عدم وصول الإخطار إلى الطاعن، ومن ثم يكون النعي على تقرير الخبير بالبطلان غير مقبول.
2- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أنَّ الفقرة الأولى من المادة 101 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 أجازت الإفراج المؤقت عن البضائع دون تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية المقررة، وذلك بالشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية الذي أوجب في قراره رقم 316 لسنة 1983 في شأن نظام الإفراج المؤقت عن سيارات الركوب الخاصة إعادة تصدير السيارة المُفرج عنها مؤقتًا فور انتهاء مدة الإفراج أو انتهاء الغرض منه أيهما أسبق حدوثًا، وعند الإخلال بهذا الالتزام تقع المخالفة الجمركية وتُستحق على السيارة الضرائبُ والرسومُ الجمركيةُ المقررةُ قانونًا بالإضافة إلى الغرامة المقررة بالفقرة الأخيرة من المادة 118 من القانون سالف الذكر -قبل استبدالها بالقانون رقم 160 لسنــة 2000- وهو يتحقق إذا ما أخل مستورد السيارة بالتزامه بإعادة تصديرها في الميعاد المقرر، وكانت المادة الثامنة من قرار وزير المالية المُشار إليه (رقم 316 لسنة 1983) قد حظرت التصرف في السيارة المُفرَج عنها مُؤقتًا بالبيع أو التنازل أو الهبة أو غير ذلك من التصرفات إلَّا بعد الحصول على موافقة مصلحة الجمارك على هذا التصرف.
3 – إذ كان البيّن من الأوراق أنَّ السيارة محل التداعي مملوكة للطاعن ومُفرج عنها مؤقتًا بتاريخ 12/8/1991 بموجب دفتر مرورٍ دوليٍّ سارٍ حتى 4/8/1992، ومن هذا التاريخ الأخير انتهت صلاحية تسييرها داخل البلاد، ولم يتقدم الطاعن بطلب تجديد التصريح أو إعادة تصديرها، وكانت الأوراق قد خلت من حصول موافقة مصلحة الجمارك على بيعها؛ فإنه وفقًا لأحكام قرار وزارة المالية في شأن نظام الإفراج المؤقت عن سيارات الركوب الخاصة يكون هو المُلزم بسداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض طلب الطاعن إلزام المطعون ضده الأخير بالرسوم المستحقة على تلك السيارة، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
4- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص غير ضريبي في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزمٌ لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها، حتى ولو كانت سابقةً على صدور الحكم بعدم الدستورية؛ باعتباره قضاءً كاشفًا عن عيبٍ لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أيِّ أثر من تاريخ نفاذ النص، بما لازمه أنَّ الحكم بعدم دستورية نص في القانون أو لائحة لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تُعمله المحكمة من تلقاء نفسها.
5- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بالحكم الصادر بجلسة 2/8/1997 في القضية رقم 72 لسنة 18 ق "دستورية" -والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 14/8/1997"العدد 33"- بعدم دستورية ما تضمنته المادة 119 من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963 -قبل استبدالها بالقانون رقم 160 لسنة 2000- من تخويل مدير مصلحة الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة المشار إليها فيها وبسقوط الأحكام الأخرى التي تضمنتها نصوص المواد المرتبطة بها وهي من 114 إلى 118 منه، بما مؤداه أنَّ النص في المادة 118 من ذات القانون على فرض غرامة على مُخالفة نظام الإفراج المؤقت يلحقُه هذا الحكم، ويستتبع ذلك عدم أحقية مصلحة الجمارك في فرض أو تحصيل أيِّ غراماتٍ استنادًا إلى النصوص سالفة البيان، وإذ أدرك هذا القضاء الدعوى أثناء نظر الطعن الحالي أمام هذه المحكمة، فإنه يتعين إعماله من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأيَّدَ الحكم الابتدائي القاضي بإلزام الطاعن بمبلغ الغرامة محل النزاع التي فرضها مدير مصلحة الجمارك استنادًا لنصوص المواد المشار إليها المقضي بعدم دستوريتها وذلك ضمن المبلغ المحكوم به وقَدَّرَهَا- بما لا خلاف عليه من الخصوم- بمبلغ 11439 جنيها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
6- يترتب على نقض الحكم المطعون فيه الصادر في الاستئناف رقم ... لسنة 33 ق طنطا "مأمورية بنها" المقام من الطاعن– جزئيًّا– على نحو ما سلف- نقضه -كذلك– في خصوص قضائه في الاستئناف رقم ... لسنة 33 ق طنطا "مأمورية بنها" المُقام من المطعون ضده الثاني بصفته عملًا بحكم المادة 271 /1 من قانون المرافعات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيثُ إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيثُ إنَّ الوقائع–على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أنَّ المطعون ضده الأول بصفته أقام على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته الدعوى رقم ... لسنة 1997 محكمة شبرا الخيمة" مأمورية قليوب" بطلب الحكم بإلزامهما مُتضامنينِ بأن يدفعا له مبلغ 57194 جنيهًا قيمة الرسوم الجمركية والضرائب بالإضافة إلى مبلغ الغرامة المستحقة على السيارة التي تم الإفراج عنها لصالح الطاعن تحت نظام الإفراج المؤقت بضمان المطعون ضده الثاني بصفته، والتي انتهت صلاحية تسييرها بالبلاد بتاريخ 4/8/1992، ولم يتقدم صاحبها لتجديد فترة ضمانها، كما لم يُعاد تصديرها عقب انتهاء مدة الإفراج، وإذ اُستحق عليها المبلغ المطالَب به كرسومٍ وغراماتٍ جمركية وامتنعا عن سداده أقام الدعوى. وجه الطاعن دعوى فرعية إلى المطعون ضده الأخير بطلب إلزامه بما عسى أن يُقضى به عليه، على سندٍ من أنه باع له السيارة موضوع الدعوى وتعهد بسداد كافة الجمارك عليها. ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريرًا انتهى فيه إلى أنَّ السيارة المُفرجَ عنها يُستحَق عنها مبلغ 45755 جنيهًا قيمة رسوم وخدمات جمركية، فضلًا عن مبلغ 11439 جنيهًا قيمة الغرامة الجمركية المُقررة عن مُخالفة نظام الإفراج المؤقت. حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفته مُتضامنينِ بأن يؤديا للمطعون ضده الأول مبلغ 57194 جنيهًا وبعدم قبول الدعوى الفرعية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 33 ق طنطا "مأمورية بنها"، كما استأنفه المطعون ضده الثاني بصفته أمام ذات المحكمة برقم ... لسنة 33 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط قضت في الاستئناف الأول برفضه، وفي الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزامه بالتضامن وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة له، والتأييد فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرةً أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرِضَ الطعنُ على هذه المحكمة، في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيثُ إنَّ الطعن أُقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مُخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع؛ إذ تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان تقرير الخبير لعدم توجِيهه للخصوم إخطارًا مُسجلًا بميعاد مباشرته للمأمورية، بما يستتبع بطلان الحكم المطعون فيه الذي اعتدَّ في قضائه بما انتهى إليه، ويستوجب نقضه.
حيثُ إنَّ هذا النعـي غير مقبول؛ ذلـك أنَّ الأصل في الإجراءات أنها روعيــت وإذ كان يبين من تقرير الخبير ومحاضر أعماله أنه أَخطَرَ الخصومَ في الدعوى بتاريخ مباشرته للمأمورية، وكان المشرعُ لم يُوجب على الخبير إرفاق إيصالات الإخطارات المُوصى عليها التي يُرسلها للخصوم أو ذكر أرقامها وتواريخها، وأنَّ إغفال إرفاق هذه الإيصالات لا ينفي واقعة الإخطار ذاتها، وكانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد عدم وصول الإخطار إلى الطاعن، ومن ثم يكون النعي على تقرير الخبير بالبطلان غير مقبول.
وحيثُ إنَّ الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه قام ببيع السيارة محل التداعي إلى المطعون ضده الأخير الذي لم يُنكر توقيعه على عقد البيع، وأقرَّ بتحمله دفع الرسوم الجمركية المستحقة عليها، وهو ما يُعد إقرارًا ضمنيًّا بطلبات الطاعن في دعواه الفرعية، وإذ ألزمه الحكم بتلك الرسوم والغرامات دون أن يَعرض لدفاعه هذا المؤيد بالمستندات، فإنه يكون معيبًا، بما يستوجب نقضه.
حيثُ إنَّ هذا النعي مردود؛ ذلك أنَّ -المقرر في قضاء هذه المحكمة- أنَّ الفقرة الأولى من المادة 101 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 أجازت الإفراج المؤقت عن البضائع دون تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية المقررة، وذلك بالشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية الذي أوجب في قراره رقم 316 لسنة 1983 في شأن نظام الإفراج المؤقت عن سيارات الركوب الخاصة إعادة تصدير السيارة المُفرج عنها مؤقتًا فور انتهاء مدة الإفراج أو انتهاء الغرض منه أيهما أسبق حدوثًا، وعند الإخلال بهذا الالتزام تقع المخالفة الجمركية، وتُستحق على السيارة الضرائبُ والرسومُ الجمركيةُ المقررةُ قانونًا، بالإضافة إلى الغرامة المقررة بالفقرة الأخيرة من المادة 118 من القانون سالف الذكر قبل استبدالها بالقانون رقم 160 لسنة 2000، وهو يتحقق إذا ما أخل مستوردُ السيارة بالتزامه بإعادة تصديرها في الميعاد المقرر، وكانت المادة الثامنة من قرار وزير المالية المُشار إليه قد حظرت التصرف في السيارة المُفرَج عنها مُؤقتًا بالبيع أو التنازل أو الهبة أو غير ذلك من التصرفات إلا بعد الحصول على موافقة مصلحة الجمارك على هذا التصرف. لمَّا كان ذلك، وكان البيّن من الأوراق أنَّ السيارة محل التداعي مملوكة للطاعن ومُفرج عنها مؤقتًا بتاريخ 12/8/1991 بموجب دفتر مرورٍ دوليٍّ سارٍ حتى 4/8/1992، ومن هذا التاريخ الأخير انتهت صلاحية تسييرها داخل البلاد، ولم يتقدم الطاعن بطلب تجديد التصريح أو إعادة تصديرها، وكانت الأوراق قد خلت من حصول موافقة مصلحة الجمارك على بيعها، فإنه وفقًا لأحكام قرار وزارة المالية في شأن نظام الإفراج المؤقت عن سيارات الركوب الخاصة يكون هو المُلزم بسداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض طلب الطاعن إلزام المطعون ضده الأخير بالرسوم المستحقة على تلك السيارة، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
وحيثُ إنَّه لمَّا كان من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص غير ضريبي في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارًا من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها، حتى ولو كانت سابقةً على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفًا عن عيبٍ لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أيِّ أثرٍ من تاريخ نفاذ النص، بما لازمه أنَّ الحكم بعدم دستورية نص في القانون أو لائحة لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تُعمله المحكمة من تلقاء نفسها. لمَّا كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بالحكم الصادر بجلسة 2/8/1997 في القضية رقم 72 لسنة 18 ق " دستورية "-والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 14/8/1997"العدد 33"- بعدم دستورية ما تضمنته المادة 119 من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963 -قبل استبدالها بالقانون رقم 160 لسنة 2000- من تخويل مدير مصلحة الجمارك الاختصاص بفرض الغرامة المشار إليها فيها وبسقوط الأحكام الأخرى التي تضمنتها نصوص المواد المرتبطة بها وهي من 114 إلى 118 منه، بما مؤداه أنَّ النص في المادة 118 من ذات القانون على فرض غرامة على مُخالفة نظام الإفراج المؤقت يلحقُه هذا الحكم، ويستتبع ذلك عدم أحقية مصلحة الجمارك في فرض أو تحصيل أيِّ غراماتٍ استنادًا إلى النصوص سالفة البيان، وإذ أدرك هذا القضاء الدعوى أثناء نظر الطعن الحالي أمام هذه المحكمة، فإنه يتعين إعماله من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأيدَّ الحكم الابتدائي القاضي بإلزام الطاعن بمبلغ الغرامة محل النزاع التي فرضها مدير مصلحة الجمارك استنادًا لنصوص المواد المشار إليها المقضي بعدم دستوريتها وذلك ضمن المبلغ المحكوم به وقَدَّرَهَا- بما لا خلاف عليه من الخصوم- بمبلغ 11439 جنيها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، مما يعيبه ويوجب نقضه جزئيًّا في هذا الخصوص.
وحيثُ إنَّه يترتب على نقض الحكم المطعون فيه الصادر في الاستئناف رقم ... لسنة 33 ق طنطا "مأمورية بنها" المقام من الطاعن –جزئيًّا– على نحو ما سلف- نقضه –كذلك– في خصوص قضائه في الاستئناف رقم ... لسنة 33 ق طنطا "مأمورية بنها" المُقام من المطعون ضده الثاني بصفته عملًا بحكم المادة 271/ 1 من قانون المرافعات.
وحيث إنَّ الموضوع –في حدود ما تم نقضه– صالحٌ للفصل فيه، ولِمَا تقدم يتعين تعديل الحُكم المُستأنَف بخصم مبلغ الغرامة المقضي بها والبالغ مقدارها ١١٤٣٩ جنيهًا "أحد عشر ألفًا وأربعمائة وتسعة وثلاثون جنيهًا" من إجمالي المبلغ المحكوم به على النحو الوارد بالمنطوق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق