جلسة 18 من ديسمبر سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل هارون - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال ومحمود سامي الجوادي وعطية عماد الدين نجم - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(28)
الطعن رقم 1680 لسنة 39 قضائية عليا
عاملون مدنيون بالدولة - التعيين في الوظائف الخالية بالدولة - السلطة التقديرية للجهة الإدارية (قرار إداري سلبي).
المادة الأولى من القانون رقم 58 لسنة 1973 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالتعيين في الحكومة والهيئات العامة والقطاع العام.
المشرع جعل الترشيح للتعيين في الوظائف الخالية أو التي تخلو بالجهات التي عينها أمراً جوازياً لجهة الإدارة تترخص فيه بسلطة تقديرية في ضوء الاعتبارات التي تتكفل بوزنها وتقدير مناسباتها بحسب ما تراه أدنى إلى تحقيق الصالح العام ووفقاً لقواعد يصدر بها قرار من اللجنة الوزارية للخدمات بناء على اقتراح وزير القوى العاملة، ولم يجعل الترشيح للتعيين أمراً واجباً على الجهة الإدارية إجراؤه على سبيل الحتم والإلزام - أثر ذلك: امتناع أو تقاعس جهة الإدارة عن ترشيح الخريجين للتعيين لا يقيم قراراً سلبياً مما يجوز اختصامه بدعوى الإلغاء - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 4/ 3/ 1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير القوى العاملة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1680 لسنة 39 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة الترقيات بجلسة 14/ 1/ 1993 في الدعوى رقم 168 لسنة 40 ق المرفوعة من....... ضد الطاعن، والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء ذلك الحكم والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار واحتياطياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد ومن باب الاحتياط برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات والأتعاب في جميع الحالات وعن درجتي التقاضي.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 9/ 3/ 1998 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 18/ 4/ 1998 وفيها نظر الطعن وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم فصدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت دعواها ابتداء بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بأسيوط بتاريخ 21/ 11/ 1984 حيث قيدت بجدولها العام تحت رقم 198 لسنة 12 ق وطلبت في ختامها الحكم بإلزام الجهة الإدارية بترشيحها أسوة بزملائها من دفعة 1979 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقالت شرحاً لدعواها أنها تخرجت في كلية البنات الإسلامية بجامعة الأزهر دور مايو 1979 وحصلت على ليسانس الدراسات الإنسانية شعبة علم النفس، وأضافت أنها أرسلت الاستمارة الخاصة بالتعيين إلى إدارة الخريجين بوزارة القوى العاملة المدعى عليها وذلك بكتابين مسجلين في 21/ 7/ 1980 و9/ 9/ 1980 غير أنها لم يصلها خطاب ترشيح رغم تعيين عدد من زملائها في عام 1980 وترشيح خريجي كلية الآداب دور مايو 1979 حيث تسلموا عملهم بمديرية التربية والتعليم بأسيوط، ومضت قائلة أنها أرسلت شكوى بتاريخ 27/ 12/ 1983 بكتاب مسجل إلى الجهة المدعى عليها ولم تتلق رداً، وأشارت إلى أن عدم ترشيحها ألحق بها أضراراً أدبية ومادية إذ حرمت من مستحقاتها المالية فيما لو عينت منذ عام 1979 وخلصت إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة البيان.
وبجلسة 17/ 6/ 1985 قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة مع إبقاء الفصل في المصروفات، وتنفيذاً لذلك تمت الإحالة وقيدت الدعوى بالمحكمة المحالة إليها برقم 168 لسنة 40 ق وتداولت بجلساتها على الوجه المبين بمحاضرها حتى أصدرت حكمها - مثار الطعن الماثل - بجلسة 14/ 1/ 1993 بالمنطوق المبين آنفاً، وأقامت قضاءها على ما حاصله أن الدعوى في صحيح التكييف تنصب اختصاماً للقرار السلبي بالامتناع عن ترشيح المدعية للعمل بإحدى الجهات التي حددتها بطلبيها المؤرخين 21/ 7/ 1980 و9/ 9/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار، وبعد استعراض بعض أحكام القانون رقم 85 لسنة 1973 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالتعيين في الحكومة والهيئات العامة والقطاع العام ذهبت المحكمة إلى أن المستفاد من تلك الأحكام أن وزارة القوى العاملة تلتزم بتشريح خريجي الجامعات والمعاهد العالية والحاصلين على المؤهلات الدراسية الثانوية الفنية والمهنية للتعيين في الجهات المشار إليها بنص المادة الأولى من القانون المذكور طالما أنهم أبدوا رغبتهم في ذلك إلى الجهة المختصة حتى انتهاء الفترة الزمنية المحددة لتلقي تلك الرغبات سواء خلال تلك الفترة أو قبلها ما دام الطلب في حوزة الجهة الإدارية التي تلتزم بإدراجه مع الطلبات المقدمة في الميعاد بحسبانه ميعاداً تنظيمياً لا يترتب على مخالفته سقوط حق صاحب الشأن في الترشيح أسوة بأقرانه، وإذ كان الثابت أن المدعية تقدمت بطلبها في يوليو وسبتمبر 1980 قبل الفترة المحددة لتلقي طلبات دفعتها والمحدد لها شهر يناير 1982 فإن استبعادها من الترشيح يكون مخالفاً للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن ترشيحها للتعيين في إحدى الوظائف.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن تعيين الخريجين طبقاً للقانون رقم 85 لسنة 1973 المشار إليه هو أمر جوازي لجهة الإدارة ولم يلزمها المشرع بإجرائه، وترتيباً على ذلك فإن امتناعها عن تعيين الخريجين لا يشكل قراراً إدارياً سلبياً مما يجوز اختصامه بدعوى الإلغاء، وأنه على فرض أن ثمة قراراً من هذا القبيل فإنه كان يتعين التزام ميعاد رفع الدعوى إذ الثابت أن المدعية تقدمت بشكواها بتاريخ 27/ 12/ 1983 من عدم تعيينها غير أنها تقاعست في إقامة دعوى الإلغاء حتى 21/ 11/ 1984 الأمر الذي كان يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، أما عن الموضوع فالثابت أن المذكورة لم تتقدم بطلب الترشيح للتعيين في غضون الفترة المحددة لتلقي طلبات دفعة تخرجها وهو ما يفيد عزوفها عن الوظيفة والتعيين عن طريق وزارة القوى العاملة، وهو ما تغدو معه دعواها خليقة بالرفض.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 85 لسنة 1973 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالتعيين في الحكومة والهيئات العامة والقطاع العام تنص على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 113 لسنة 1958 في شأن التعيين في وظائف شركات المساهمة، أو المؤسسات العامة والقانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام يجوز تعيين خريجي الجامعات والأزهر والمعاهد العليا وكذلك الحاصلين على المؤهلات الثانوية الفنية أو المهنية التي تحدد بقرار من اللجنة الوزارية للخدمات بناء على اقتراح وزير القوى العاملة في الوظائف الخالية أو التي تخلو في الوزارات والمصالح العامة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها دون إجراء الامتحان أو الاختبار المنصوص عليهما في القوانين المشار إليها على أن يتلقوا في الجهات التي يعينون فيها التدريب اللازم.
ويكون الاختيار للتعيين في هذه الوظائف طبقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من اللجنة الوزارية للخدمات بناء على اقتراح وزير القوى العاملة.
ومن حيث إن المستفاد من صريح هذا النص أن المشرع جعل الترشيح للتعيين في الوظائف الخالية أو التي تخلو بالجهات التي عينها أمراً جوازياً لجهة الإدارة تترخص فيه بسلطة تقديرية في ضوء الاعتبارات التي تتكفل بوزنها وتقدير مناسباتها بحسب ما تراه أدنى إلى تحقيق الصالح العام ووفقاً لقواعد يصدر بها قرار من اللجنة الوزارية للخدمات بناء على اقتراح وزير القوى العاملة، ولم يجعل الترشيح للتعيين أمراً واجباً على جهة الإدارة إجراؤه على سبيل الحتم والإلزام، إذ لو أراد الأخذ بهذا الاتجاه لما صدر النص بعبارة "يجوز تعيين... الخ" وهي عبارة قاطعة في دلالتها على أن الإدارة لا إلزام عليها في الترشيح للتعيين ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان من المسلم به أن القرار الإداري السلبي في مفهوم حكم الفقرة الأخيرة من المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 لا يتحقق قيامه ما لم تكن جهة الإدارة ملزمة باتخاذ القرار وفقاً للقوانين أو اللوائح وامتنعت عن ذلك أو تقاعست، وإذ كان ترشيح الخريجين للتعيين على ما سلف البيان لا إلزام عليها فيه فإن قعودها عن اتخاذ القرار لا يقيم قراراً سلبياً مما يجوز اختصامه بدعوى الإلغاء، وعليه فإن الدعوى المطعون في حكمها تضحى منصبة على غير قرار إداري، ومن ثم تكون غير مقبولة لانتفاء القرار ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب مذهباً مخالفا قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وبعدم قبول الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري وألزمت المطعون ضدها المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق