الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 18 يناير 2025

الطعنان 1129 ، 1320 لسنة 37 ق جلسة 15 / 2 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 86 ص 881

جلسة 15 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعبد السميع عبد الحميد بريك، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطه - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(86)

الطعنين رقمي 1129، 1320 لسنة 37 القضائية

(أ) هيئة الشرطة - انتهاء الخدمة - سن إحالة الضباط المعاش.
المادة (71) من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة.
تنتهي خدمة ضابط الشرطة ببلوغه سن الستين أو إذا أمضى في رتبة اللواء سنتين من تاريخ الترقية إليها - أجاز المشرع لوزير الداخلية في الحالة الثانية مد خدمة اللواء لمدة ثلاث سنوات ثم سنتين بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة - هذا الاستثناء يدخل في نطاق السلطة التقديرية للإدارة - لا يحدها في ذلك سوى إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها - الهدف من ذلك: اختيار أفضل العناصر للمناصب القيادية - تطبيق.
(ب) قرار إداري - عيوبه - الانحراف بالسلطة - إثباته.
عيب الانحراف بالسلطة من العيوب القصدية التي تشوب ركن الغاية في القرار الإداري - على من يدعي الانحراف بالسلطة أن يثبته - يكون ذلك بإثبات أن القرار تغيا غايات أخرى بعيدة عن الصالح العام - تطبيق.
(جـ) قرار إداري - تسبيب القرار - الرقابة على التسبيب.
إذا لم يلزم المشرع جهة الإدارة بتسبيب قراراتها فإنه يفترض أن للقرار أسباباً مشروعة إلى أن يقوم الدليل على عكس ذلك - إذا ذكرت الإدارة أسباباً لقرارها فإن هذه الأسباب تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مطابقتها للقانون وأثر ذلك على النتيجة التي انتهى إليها قرارها - ليس القضاء الإداري أن يحل نفسه محل جهة الإدارة فيما هو متروك لتقديرها ووزنها للأمور فيتدخل في الموازنة والترجيح فيما قام لدى جهة الإدارة من دلائل وبيانات بخصوص قيام أو عدم قيام الواقعية التي تكون ركن السبب أو يتدخل في تقدير خطورة هذا السبب وما يمكن أن يترتب عليه من آثار - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 25/ 2/ 1991 أودع الدكتور/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1129 لسنة 37 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة الجزاءات" بجلسة 7/ 1/ 1991 في الدعوى رقم 796 لسنة 42 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بصحيفة الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء قرار إحالة الطاعن إلى المعاش وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة المصروفات.
وقد أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضده بتاريخ 27/ 2/ 1991.
وفي يوم السبت الموافق 9/ 3/ 1991 أودع الدكتور/ ....... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1320 لسنة 37 ق في الحكم المشار إليه، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء القرار المطعون فيه بدعوى الإلغاء المرفوعة من الطاعن مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب.
وقد أعلنت صحيفة الطعن المطعون ضده بتاريخ 10/ 3/ 1991.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعنين اقترحت فيه الحكم بقبولهما شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 1/ 7/ 1992 ضم الطعن رقم 1320 لسنة 37 ق إلى الطعن رقم 1129 لسنة 37 ق ليصدر عنهما حكم واحد، وبجلسة 17/ 11/ 1993 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظرهما أمامها جلسة 30/ 11/ 1993 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة 1/ 2/ 1994 وفي هذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 14/ 11/ 1987 أقام الطاعن الدعوى رقم 796 لسنة 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم:
أولاً: بصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار وزير الداخلية رقم 571 لسنة 1977 فيما تضمنه من إحالة المدعي إلى المعاش اعتباراً من 2/ 8/ 1987 مع حصوله على كافة حقوقه التي حرم منها نتيجة لهذا القرار وبإعادة الحال إلى ما كان عليه.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه أن القرار المطعون فيه صدر دون ذكر الأسباب التي تبرر صدوره، وأنه كان أمام المجلس الأعلى للشرطة الذي وافق على إحالته للمعاش رأى خمس جهات للحكم على المدعي وتقرير صلاحيته لمد خدمته وهي الأمن العام وأمن الدولة، والتفتيش وشئون الضباط، وجهة العمل، وقد جاءت آراء هذه الجهات بالموافقة فيما عدا التفتيش الذي كان من رأيه أن المدعي متوسط الصلاحية للمد، وقال المدعي أنه كان يجب طرح رأي هذه الجهة جانباً لأن دور الإدارة العامة للتفتيش والرقابة ينحصر في التفتيش على عمل الضابط أما ما عدا ذلك من سلوك شخصي فهو يدخل في اختصاص جهات أخرى وبالتالي فإن رأي التفتيش في بعض المسائل الشخصية مثل أن الطاعن غير متمسك بالقيم أو التقاليد وأنه يجهر بالإفطار في شهر رمضان، وذلك بالإضافة إلى أنه لم ينسب للطاعن واقعة مادية تدل على عدم صلاحية الطاعن للمد لفترة أخرى، بل أنه صدر قرار وزير الداخلية رقم 477 لسنة 1987 بتعيين المدعي مشرفاً عاماً على بعثة العلاقات الإنسانية للحج بالوزارة كما نعى المدعي على القرار المطعون فيه قصد الإضرار به وعدم تحقيق مصلحة عامة إذ تم إقصاء الطالب عن عمله بمباحث أمن الدولة بغير الطريق المعتاد وفي غير موعد حركة التنقلات، كما نعى على القرار المطعون فيه الإخلال بقاعدة المساواة بين الأكفاء وذلك بمد خدمة غيره ممن يلونه في التاريخ الوظيفي ويمتاز عنهم الطاعن بنوعية وأهمية القيادات التي تولاها والتأهيل العلمي والفني، ولم يوقع عليه أي جزاء وكل تقاريره بدرجة ممتاز ووكل بمهام عديدة في دول أجنبية وقد عقبت الجهة الإدارية على الدعوى بالقول بأن خدمة الضابط تنتهي كأصل عام بعد سنتين من ترقيته لرتبة اللواء طبقاً للمادة 71/ 2 من قانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971 وإعمالاً لقاعدة اختيار الأكفاء تقرر إنهاء خدمة المدعي وآخرين طبقاً لنص المادة المشار إليها، علاوة على أن مذكرة تقييم صلاحية المدعي عند انتهاء فترة السنتين التي شغلها في رتبة لواء للنظر في مد خدمته لمدة ثلاث سنوات أخرى ورد بها أنه متحرر أكثر من اللازم ولا يتمسك بالقيم ولا بالتقاليد الدينية مثل الجهر بالإفطار في شهر رمضان، ولا تتوافر فيه مقومات القيادة والقدوة مما حدا بالمجلس الأعلى للشرطة إلى الموافقة على إنهاء خدمته اعتباراً من تاريخ تمضيته سنتين في رتبة لواء.
وبجلسة 7/ 1/ 1991 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً على أن مفاد نص المادة 71 من قانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971 أن خدمة الضابط تنتهي أساساً ببلوغه السن المقررة لترك الخدمة وهي ستون سنة ميلادية، أو إذا أمضى في رتبة لواء سنتين من تاريخ الترقية إليها، فبتحقق أي من هذين الشرطين تنتهي خدمة ضابط الشرطة، وأجاز المشرع في الحالة الثانية، لوزير الداخلية بعد أخذ رأي مجلس الأعلى للشرطة مد الخدمة لمدة ثلاثة سنوات ثم لمدة سنتين، ومن ثم فإن الأصل هو انتهاء الخدمة في الحالتين السابقتين والاستثناء هو جواز مد الخدمة والاستبقاء فيها لمدة أخرى، وهذا الاستثناء يدخل في مطلق تقدير جهة الإدارة بما يسمح لها باختيار أحسن العناصر التي تشرف على جهاز الأمن العام التي تتمتع بالكفاية والصلاحية وقوة الشخصية فيمن يختارون لشغل المناصب الرئيسية ولا وجه للقول بأنه كان على جهة الإدارة أن تستبقي الطاعن لأن التقارير المقدمة عنه خلال حياته الوظيفية وتفوقه على أقرانه لأن مثل تلك التقارير قدمت عنه وهو يشغل أدنى الوظائف القيادية بالإضافة إلى أنها ليست وحدها عنصر التقدير بل يعتمد التقدير على معلومات وعناصر أخرى تستقي من الأجهزة الرسمية المختصة لاستجماع مثل تلك المعلومات، ولم يبين من الأوراق ما يفيد انحراف جهة الإدارة أو أنها أساءت استعمال سلطتها بقصد الإضرار بالمدعي.
وينعى الطاعن في الطعن رقم 1129 لسنة 37 ق على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وذلك للأسباب التالية:
أولاً: لم تراقب المحكمة الأسباب التي أفصحت عنها الجهة الإدارية والتي استندت إليها في قرار إحالة الطاعن إلى المعاش، ولو تمت هذه المراقبة لاتضح أن الجهة الإدارية لم تقدم أي دليل على صحة تلك الأسباب ويؤيد ذلك خلو ملف خدمة الطاعن من أي اتهامات في هذا الشأن بل الثابت شغله لمناصب هامة طيلة حياته الوظيفية مما يجعل النتيجة التي انتهى إليها القرار غير مستخلصة استخلاصاً سائغاً.
ثانياً: أخطأ الحكم المطعون فيه في إقرار الجهة الإدارية بالاختصاص بسلطة تقديرية مطلقة ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استخدم في أكثر من موقع تعبير السلطة التقديرية المطلقة وأن استبقاء الطاعن في الخدمة يعد من اطلاقات الإدارة، وأنه يبين من الأوراق ما يفيد انحراف جهة الإدارة أو أنها قد أساءت استعمال سلطتها، والعبارة الأخيرة تؤكد مدى التناقض في أسباب الحكم حيث إن عبارة من اطلاقات الإدارة لا تتفق مع العبارة الأخيرة.
ثالثاً: أن الحكم المطعون فيه رغم إقراره لرقابة القضاء للانحراف في استعمال السلطة لم يلتزم منطقة وإنما أطلق العنان للسلطة التقديرية دون التزام أي ضابط، كما أن ما استند إليه الحكم المطعون فيه خاطئ لأن المطروح على المحكمة ليس منازعة في عدم ترقيته إلى وظيفة قيادية أعلى، وإنما منازعة في عدم امتداد في وظيفة اعتيادية وذلك بالإضافة إلى أن الطاعن كان في رتبة العميد يتولى قيادة النشاط المحلي بمباحث أمن الدولة، ومما يدل على الانحراف الشديد بالسلطة أن بعض من مدت خدمتهم قد شاب سلوكهم شوائب مشينه، كما أن المجلس الأعلى للشرطة الذي قرر بجلسة 21/ 7/ 1987 إحالة الطاعن إلى المعاش حضره الوزير مما يبطل قرار المجلس، كما لم يحضر هذه الجلسة المستشار رئيس إدارة الفتوى لوزارة الداخلية بالرغم من كونه عضواً بالمجلس لإيمانه بأن الوزير كان يفرض رأيه على المجلس وما سبق يدل على الانحراف الشديد بالسلطة.
ومقدم الطعن رقم 1320 لسنة 37 ق على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لإقراره بالسلطة المطلقة للإدارة في هذا الصدد الأمر الذي تنعدم فيه المراقبة وأن محكمة الموضوع قد حجبت عن نفسها ممارسة سلطتها في رقابة الوجود القانوني والواقعي لسبب القرار المطعون فيه بعد أن أفصحت الإدارة عن هذه الأسباب وثبوت عدم صحتها.
ومن حيث إنه نظراً لطبيعة الوظائف العليا بوزارة الداخلية من رتبة لواء وما يعلوها وتأثيرها المباشر على الأمن العام وبالتالي مصالح البلاد العليا مما تقتضي التدقيق في اختيار أفضل العناصر لشغل هذه الوظائف، فقد نصت المادة "71" من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 على أن "تنتهي خدمة الضابط لأحد الأسباب التالية:
1 - بلوغ السن المقررة لترك الخدمة وهي ستون سنة ميلادية.
2 - إذا أمضى في رتبة لواء سنتين من تاريخ الترقية إليها، ويجوز مد خدمته ثلاث سنوات ثم لمدة سنتين آخريين كل بقرار من الوزير بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة، وتنتهي خدمته بانقضاء هذه المدة حتى إذا رقى خلالها إلى درجة مالية أعلى.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن مدة الخدمة تنتهي ببلوغ الضابط السن المقررة لترك الخدمة وهي ستون سنة ميلادية، أو إذا أمضى في رتبة لواء سنتين من تاريخ الترقية إليها، فتحقق أي من هاتين الواقعتين تنتهي خدمة ضابط الشرطة، وأجاز المشرع في الحالة الثانية، لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة مد الخدمة لمدة ثلاث سنوات ثم لمدة سنتين، ولكن الأصل هو انتهاء الخدمة في الحالتين السابقتين الاستثناء هو جواز مد الخدمة والاستبقاء فيها لمدة أخرى، وهذا الاستثناء يدخل في نطاق السلطة التقديرية للإدارة ولا يحدها في استعمال تلك السلطة إلا إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، ولا ريب أن الهدف من وراء هذه السلطة ترك الحرية للجهة الإدارية في اختيار من يستبقى من الضباط لتلك المناصب الرئيسية بحسب ما تقدره وتطمئن إليه توافر عناصر الكفاية والصلاحية وقوة الشخصية حتى يكون زمام الأمن في يد أفضل العناصر بحسب تقديرها، والأصل أن عيب الانحراف بالسلطة من العيوب القصدية التي تشوب ركن الغاية في القرار وعلى من يدعي الانحراف بالسلطة من العيوب القصدية التي تشوب ركن الغاية في القرار وعلى من يدعي الانحراف بالسلطة أن يثبته، وذلك بأن يثبت أن القرار قد تغيا غايات أخرى بعيدة عن الصالح العام، وغني عن البيان أن القانون إذا لم يلزم الإدارة بتسبيب قراراتها فإنه يفترض أن للقرار أسباباً مشروعه إلى أن يقوم الدليل على عكسه، إلا أنه إذا ذكرت الإدارة أسباباً لقرارها، فإن هذه الأسباب تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مطابقتها للقانون أو عدم مطابقتها له وأثر ذلك على النتيجة التي انتهى إليها قرارها دون أن يكون للقضاء الإداري أن يحل نفسه محل جهة الإدارة فيما هو متروك لتقديرها ووزنها للأمور، فيتدخل في الموازنة والترجيح فيما قام لدى الإدارة من دلائل أو بيانات بخصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب أو تتدخل في تقدير خطورة هذا السبب وما يمكن أن يترتب عليه من آثار.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة (4) من قانون هيئة الشرطة المشار إليه تنص على أن تكون قرارات المجلس الأعلى للشرطة مسببة، وكانت المادة (71) سالفة الذكر تتطلب أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة في حالة ما إذا رأى الوزير مد خدمة الضابط لمدد أخرى لاحقة على انقضاء مدة السنتين في رتبة لواء، إلا أن هذا التسبيب لا يكون إلا بالقدر الذي تحتمله طبيعة القرار أو تتسع له لأن القانون وقد أطلق الاختيار في المد فإن القرار والحالة هذه لا يحتمل من التسبيب إلا أنه لم يقع عليه الاختيار لمدد أخرى.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المجلس الأعلى للشرطة وافق بجلسته المنعقدة في 21/ 7/ 1987 على إنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من 2/ 8/ 1987 وبناء على ذلك أصدر السيد وزير الداخلية القرار رقم 571 لسنة 1987 متضمناً إنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من ذلك التاريخ وقد أوضحت مذكرة الإدارة العامة لشئون الضباط المودعة ملف الطعن أن سبب إنهاء خدمة الطاعن وأقرانه هو ما استبان للمجلس الأعلى للشرطة من أن قدراتهم الوظيفية وكفاءتهم القيادية ومستوى أدائهم للعمل خلال فترة شغل الرتبة "اللواء" لا تنتج من خدمتهم أكثر من ذلك، كما أشير إلى أنه بتقييم صلاحية الطاعن عند انتهاء فترة السنتين التي شغلها في رتبة اللواء للنظر في مد خدمته ثلاث سنوات أخرى طبقاً للقانون ورد عنه أنه متحرر أكثر من اللازم ولا يتمسك بالقيم والتقاليد الرئيسية مثل الجهر بالإفطار في شهر رمضان ولا تتوافر فيه مقومات القيادة والقدوة، مما حدا بالمجلس الأعلى للشرطة إلى الموافقة على إنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من تاريخ تمضيته سنتين في رتبة لواء.
ومن حيث إنه ولئن كان الثابت من ملف خدمة الطاعن أن الوزارة ناطت به الإشراف على بعثة الحج لوزارة الداخلية في عام 1987، ومن ثم فإن ما ألصق به من أنه غير متمسك بالتقاليد والقيم الدينية، لا يستقيم مع إسناد هذه المهمة المقدمة إليه، بيد أنه وإن كان هذا السبب غير قائم في حق الطاعن، إلا أن الثابت من الأوراق حسبما تقدم أن ثمة أسباباً عديدة وقوية استندت إليها الوزارة في إنهاء خدمة الطاعن وهذه الأسباب كافية تماماً لحمل النتيجة التي انتهى إليها القرار المطعون فيه، ويكون القرار المطعون فيه قد صدر من سلطة مختصة بإصداره وقائماً على أسباب صحيحة ومنتجة وخلت الأوراق مما يشير من قريب أو بعيد أن ثمة انحراف أو إساءة لاستعمال السلطة في إصداره. ولا وجه للتحدي فإنه كان على الإدارة أن تستبقيه في الخدمة لمدة أخرى، كما لا وجه للتحدي بالتقارير المقدمة عن الطاعن خلال فترة حياته الوظيفية وتفوقه على إقرانه لأن مثل هذه التقارير قدمت حين كان يشغل أدنى الوظائف القيادية، كما أن مثل هذه التقارير ليست وحدها عنصر التقدير بل تعتمد إلى جانب ذلك على بيانات ومعلومات وعناصر أخرى ذات أثر كبير في التقدير والتي قد تغيب عن التقارير المودعة ملف الخدمة، ولكنها لا تغيب عن ذوي الشأن عند النظر في أمر مد الخدمة في المناصب الرئيسية في وزارة الداخلية والتي تقتضي أن يكون زمام جهاز الأمن في يد أفضل العناصر حرصاً على الصالح العام وتحقيقاً للحكمة من القانون.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم فلا وجه لما أثاره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه لم يراقب الأسباب التي أبدتها الإدارة للقرار المطعون فيه، ومرد ذلك أن هذا القرار قد قام على عدة أسباب وحسب القرار من الصحة والسلامة أن يكون على بعض تلك الأسباب القدر الكافي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، كما أنه لا وجه لما ذكره الطاعن للاستدلال على الانحراف بالسلطة من وجود خلافات بين الطاعن ووزير الداخلية لوروده قولاً مرسلاً خلت الأوراق من أي دليل أو قرينة تظاهره، كما أن عدم حضور السيد المستشار رئيس إدارة الفتوى لوزارة الداخلية اجتماع المجلس الأعلى للشرطة - الذي وافق فيه المجلس على إنهاء خدمة الطاعن، حتى لو صحت هذه الواقعة - لا يسبب بطلان قرار المجلس ولا يفيد في معنى الانحراف على النحو الذي صوره الطاعن.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون قرار إنهاء خدمة الطاعن متفقاً وأحكام القانون، وإذا خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد قام على أساس سليم من الواقع والقانون، ومن ثم يغدو الطعن عليه في غير محله خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق