الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 18 يناير 2025

الطعن 2813 لسنة 41 ق جلسة 27 / 2 / 2000 إدارية عليا مكتب فني 45 ق 59 ص 557

جلسة 27 من فبراير سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: سعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(59)

الطعن رقم 2813 لسنة 41 قضائية عليا

تعليم - التعليم الثانوي - سلطة وزير التعليم في تحديد زي الطالبات - أثره على الحق في ارتداء الحجاب.
قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 233 لسنة 1988 - قرار رئيس الجمهورية رقم 523 لسنة 1981 - قرار وزير التعليم رقم 113 لسنة 1994 بتحديد مواصفات الزي المدرسي.
رسالة التعليم علاقة بالغة الأثر عظيمة الشأن بين الأجهزة التعليمية والتلاميذ الذين لم يبلغوا بعد مرحلة التعليم الجامعي - جميعهم من القصر بحسب الأصل وهم غير كاملي الأهلية يقعون عادة فريسة الإغراء والتهديد مما حدا بالمشرع إلى حمايتهم في كافة النظم القانونية - مرد ذلك كله إلى عدم الاعتراف للقاصر بالقدرة على الاختيار الحر في ظل إرادة لا تزال في دور التكوين - لا تثريب على وزير التعليم تنفيذاً لمقررات المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي - وهو القوام بنص القانون على تنظيم شئون التلاميذ وتكوين إرادتهم الحرة - أن يفرض الخطوط الرئيسية لزي موحد كمظهر للانضباط في المدارس الرسمية والخاصة، والقضاء على التفرقة بين الأغنياء والفقراء ليكون الجميع في دور العلم سواء - لا تمييز بين تلميذ وآخر إلا بتفوقه الدراسي - لا يسوغ الاحتجاج للقاصر بحرية ارتداء ما يراه من أزياء لا سيما إذا كان المقصود بالزي هو ارتداءه له لفترة تواجده بالمدرسة دون أن يشكل ذلك مصادرة لحريته في ارتداء ما يراه من أزياء خارجها - القرار الصادر من وزير التعليم هو صورة لممارسة الوزارة لتنظيم مرفق التعليم وهو حق لها يجد سنده في القوانين الصادرة في هذا الشأن ولا يتعارض مع حرية العقيدة التي كفلها الدستور ولا يخل بحق الفتاة المسلمة في ارتداء الحجاب إذا ما بلغت سن المحيض في التعليم قبل الجامعي بمراحله الثلاث التزاماً بأحكام دينها - ولما أمر به ربها - ستراً لما أمر الله بستره بما لا يحول دون كشف وجهها وكفيها على ما استقر عليه جمهور المسلمين - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 3/ 5/ 1995 أودعت هيئة قضايا الدولة - نيابة عن الطاعنين - قلم كتاب المحكمة تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 2813 لسنة 41 ق، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 14/ 3/ 1995 في الدعوى رقم 2401 لسنة 49 ق المقامة من المطعون ضده ضد الطاعنين - بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إدارة مدرسة السلام التجارية الثانوية للبنات بمنع ابنته من دخول المدرسة مرتدية النقاب - والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً، وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وتم إعلان تقرير الطعن.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت في الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/ 5/ 1999، وتدول بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، إلى أن قررت الدائرة إحالته للمحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى - موضوع" لنظره بجلسة 7/ 11/ 1999.
وتم نظر الطعن بالجلسة المحددة، وتدول بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة صممت فيها على الطلبات. وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى كافة أوضاعه الشكلية، فمن ثم يتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة للموضوع فإن وقائعه تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 2401 لسنة 49 ق، بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 26/ 12/ 1994، يطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إدارة مدرسة السلام الثانوية التجارية بمنع دخول ابنته/ ........ للمدرسة مرتدية النقاب.
وذكر المطعون ضده - شرحاً لدعواه - أنه فوجئ بمنع ابنته/ ........ الطالبة بمدرسة السلام الثانوية التجارية للبنات من دخول المدرسة لارتدائها النقاب، كما تم إنذارها بالفصل إذا لم تخلع النقاب، رغم أن الشريعة الإسلامية حضت على النقاب والإثابة على ارتدائه، فضلاً عن أن القرار المطعون فيه ينطوي على اعتداء على الحرية الشخصية وحرية العقيدة التي قررها الدستور.
وبجلسة 14/ 3/ 1995 قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً، وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية مصروفاته، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان. وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن النقاب واجب شرعاً عند بعض فقهاء الشريعة الإسلامية ومندوب عند الرأي الآخر، وأنه في أي الأحوال غير محظور شرعاً، وأن في حظر ارتداء النقاب اعتداء على الحرية الشخصية وعلى حرية العقيدة، المكفولتين بأحكام الدستور.
ونعى تقرير الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون على أساس أن إدارة المدرسة قد استندت في قرارها بمنع الطالبة نجلة المطعون ضده من دخول المدرسة، لمخالفتها للزي الرسمي المقرر بموجب قرار وزير التعليم رقم 113 لسنة 1994 المعدل بالقرار رقم 208 لسنة 1994، والذي تأكدت مشروعيته بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 4237 لسنة 40 ق بجلسة 15/ 9/ 1994، بما لا يجوز معه للمحكمة الأدنى أن تخالفه.
ومن حيث إنه طبقا للنصوص الدستورية والتشريعية لأنظمة التعليم قبل الجامعي، فإن الرسالة التعليمية هي علاقة بالغة الأثر، عظيمة الشأن بين الأجهزة التعليمية وبين التلاميذ الذين لم يبلغوا بعد مرحلة التعليم الجامعي، فجميعهم بحسب الأصل من القصر غير كاملي الأهلية، الذين يقعون عادة فريسة الإغراء والتهديد، مما حدا بالمشرع إلى حمايتهم في كافة النظم القانونية. ومرد ذلك كله إلى عدم الاعتراف للقاصر بقدرته على الاختيار الحر في ظل إرادة لا تزال في دور التكوين. لذا فإن قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 233 لسنة 1988 قد جعل مهمة تنظيم شئون التلاميذ أمانة في عنق الأجهزة التنفيذية بوزارة التعليم وحدد دور كل منها. وقد نصت المادة الثانية على أن "ينشأ مجلس أعلى للتعليم قبل الجامعي... ويضم ممثلين لقطاعات التعليم والجامعات والأزهر... ويصدر بتشكيل هذا المجلس وتحديد اختصاصاته قرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم".
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 523 لسنة 1981 ونص على تشكيل المجلس الأعلى كما نص على أنه "يختص المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي... 1 - ........ 7 - تنظيم شئون التلاميذ الثقافية والاجتماعية والرياضية والاتحادات. وبناء على موافقة المجلس الأعلى للتعليم بجلسته المعقودة في 20/ 4/ 1994 بشأن تحديد زي موحد لتلاميذ المدارس الرسمية والخاصة في مراحلها الثلاث، صدر قرار وزير التعليم رقم 113 لسنة 1994 في 17/ 5/ 1994 بتحديد المواصفات الخاصة بالزي المدرسي وتوحيدها من حيث اللون أو الشكل أو المكونات، ونص فيه على السماح للتلميذات بارتداء غطاء للرأس لا يحجب الوجه بناء على طلب مكتوب من ولي الأمر. كما صدر قرار وزير التعليم رقم 208 لسنة 1994 بتفسير بعض العبارات الواردة في القرار السابق، ونص فيه على أنه يقصد بعبارة بناء على طلب ولي الأمر" أن يكون ولي الأمر على علم باختيار التلميذة لارتداء غطاء الشعر، وأن اختيارها وليد رغبتها دون ضغط أو إجبار.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر إعمالاً لهذه النصوص أنه لا تثريب على وزير التعليم تنفيذاً لمقررات المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي - وهو القوام بنص القانون على تنظيم شئون التلاميذ وتكوين إرادتهم الحرة - أن يفرض الخطوط الرئيسية لزي موحد كمظهر للانضباط في المدارس الرسمية والخاصة، والقضاء على التفرقة المستفزة بين الأغنياء والفقراء، ليكون الجميع في دور العلم سواء، لا تمييز بين تلميذ وآخر إلا بتفوقه الدراسي، لا يسوغ الاحتجاج للقاصر بحرية ارتداء ما يراه من أزياء، لا سيما إذا كان المقصود بالزي هو ارتدائه له لفترة تواجده بالمدرسة، دون أن يشكل ذلك مصادرة لحريته في ارتداء ما يراه من أزياء خارجها، ولا يعدو القرار المذكور أن يكون صورة من ممارسة الوزارة لتنظيم مرفق التعليم، وهو حق لها لا مراء فيه، يجد سنده في قانون التعليم وقرار رئيس الجمهورية بإنشاء المجلس الأعلى للتعليم، ولا يتعارض هذا القرار مع حرية العقيدة التي كفلها الدستور، ولا يخل بحق الفتاة المسلمة في ارتداء الحجات إذا ما بلغت سن المحيض في التعليم قبل الجامعي بمراحله الثلاث، التزاماً بأحكام دينها والامتثال لما أمر به ربها، ستراً لما أمر الله بستره، بما لا يحول دون كشف وجهها وكفيها على ما استقر عليه جمهور المسلمين.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب خلافاً لما تقدم، فإنه يكون قد جانب صحيح حكم القانون، بما يتعين معه القضاء بإلغائه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق