الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 13 فبراير 2023

الطعن 269 لسنة 21 ق جلسة 9 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 341 ص 923

جلسة 9 من إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وفهيم إبراهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.

------------------
(341)
القضية رقم 269 سنة 21 القضائية
سبق الإصرار. 

مناط قيامه. ارتكاب الجريمة في هدوء البال وبعد إعمال الفكر والروية. التدليل على قيامه بعبارات دالة على أن ثورة الغضب كانت ما تزال تتملك المتهم. ذلك خطأ.

--------------
إن مناط قيام سبق الإصرار هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكر وروية. فإذا كان الحكم في تحدثه عن توافر هذا الظرف قد خلا من الاستدلال على هذا بل على العكس من ذلك ورد به من العبارات ما يدل على أن الطاعن حين شرع في قتل المجني عليه كانت ثورة الغضب لا زالت تتملكه وتسد عليه سبيل التفكير الهادئ المطمئن, فإنه يكون قد أخطأ في اعتباره هذا الظرف قائماً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بناحية الديابات مركز أخميم شرع في قتل محمود عبد النعيم أحمد عمداً ومع سبق الإصرار بأن انتوى قتله وصمم على ذلك وذهب إلى محل الحادث بعد أن تسلح بسلاح من شأنه القتل "بندقية" وأطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. وطلبت من قاضي الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات فقرر بذلك ومحكمة جنايات سوهاج قضت عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم فؤاد عبد الرحمن عبد الموجود بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.


المحكمة

... حيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه قد استند في تشديد العقوبة على الطاعن إلى غير ما هو ثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن نائب العمدة كان قد شهد في التحقيقات الأولية بأنه (أي الطاعن) مجرم خطير ولكنه لما سئل أمام المحكمة أجاب بما يدل على انه لا ينزع بطبعه إلى الإجرام وفسر ما قاله في التحقيقات الأولية بأنه إذا وجد مشاجرة أقحم نفسه فيها ولكن الحكم المطعون فيه أسند لنائب العمدة القول بأنه من أكبر المجرمين ولم يلقِ بالاً لما فسر به قوله هذا بالجلسة.
وحيث إنه لا محل لما يثيره الطاعن من ذلك ما دام أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على قول للشاهد في التحقيقات الأولية المطروحة عليها وأن تطرح قولاً آخر له ولو ذكره أمام المحكمة. ومتى كان الأمر كذلك وكان الطاعن مسلماً في طعنه بأن ما استندت إليه المحكمة من أقوال الشاهد له أصله في التحقيقات الأولية فلا يقبل منه القول بأن الحكم استند إلى ما لا أصل له في أوراق الدعوى.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الحكم المطعون فيه جاء قاصر البيان في الاستدلال على القصد الجنائي الخاص وهو توافر ثبوت نية القتل في حق الطاعن.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن الحكم المطعون فيه قد عنى باستظهار ثبوت القصد الجنائي الخاص الواجب توافره في جريمة القتل واستدل بما يبين منه أن الطاعن قصد إزهاق روح المجني عليه بالأدلة السائغة التي أوردها في هذا الخصوص وإذن فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون سديداً.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من الطعن هو أن ما استدل به الحكم المطعون فيه على توافر سبق الإصرار لا يؤدي بذاته لثبوت توافر هذا الظرف في حق الطاعن بل على العكس من ذلك فإن ما أورده الحكم ينفي قيامه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تحدث عن ظرف سبق الإصرار في قوله "إن سبق الإصرار ثابت من حصول مشاجرة النهار ومن تهديد المتهم للمجني عليه بالضرب بالنار ومن استحضار الآلة القاتلة والذهاب بها إلى محل وجود المجني عليه ومفاجأته بإطلاق النار عليه بعد ابتعاد الشاهد عنه دون أن يحدث بينهما شيء جديد خلاف الضغينة السابقة فأحدث إصابته" ويبين من ذلك أن الحكم لم يتحدث بما يفيد أن الطاعن حين قارف جريمته كانت قد زالت عنه ثورة الغضب الناشئة عن المشاجرة السابقة والتي ثبت من الحكم أنها تقدمت جريمة الشروع في القتل ببضع ساعات ولما كان مقرراً أن مناط وجود سبق الإصرار هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكر وروية وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من الاستدلال على كل هذا بل على العكس من ذلك فقد ورد به من العبارات ما يدل على أن الطاعن حين شرع في قتل المجني عليه كانت ثورة الغضب لا زالت تتملكه وتسد عليه سبل التفكير الهادئ المطمئن إذ قال: "فقد توجه (أي الطاعن) إلى المجني عليه رغم القرابة التي بينهما وحاول منعه من استعمال المسقى المشتركة بينهما حتى إذا أصر المجني عليه على استعمالها سبه بألفاظ تدل على القحة وسوء الخلق فلما تجرأ المجني عليه ورد عليه هذا السب بمثله توعده بالقتل فلما تدخل الوسطاء وحجزوا بينهم انصرف غاضباً وعاقداً النية على تنفيذ وعيده فذهب بعد منتصف الليل يحمل البندقية الموزر ثم لا يطلقها من داخل الأذرة بل يظهر للمجني عليه وزميله ويأخذ في مناقشتهما ويطلب من عبد العال أن يبتعد عن المجني عليه فإذا لم يطاوعه يطلق العيار الأول للإرهاب حتى إذا ابتعد عن المجني عليه طلب من هذا أن يحضر إليه فإذا ما تقدم نحوه وهو أعزل من كل سلاح يطلق النار عليه فيصيبه تلك الإصابة الجسيمة التي تركته بين الحياة والموت والمتهم في ذلك كله يملأه الغرور ويحدوه الزهو فيتصور أنه قادر إذا قال فعل وإذا أوعد لم يخلف وتلك الثورة العصبية أو العقدة النفسية تنسيه بطبيعة الحال أنه يقدم الدليل على نفسه ولو كان عاقلاً ما أقدم على إجرامه ولتجنب مواضع الزلل". ومتى كان الأمر كذلك فإن الحكم إذ وقع على الطاعن أقصى العقوبة على اعتبار توافر ظرف سبق الإصرار في حقه يكون قد أخطأ ويكون الوصف الصحيح للواقعة كما صار إثباتها في الحكم هو أن الطاعن شرع في قتل المجني عليه عمداً وعقابه ينطبق على المواد 45 و46 و234 فقرة أولى من قانون العقوبات.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول هذا الوجه ونقض الحكم المطعون فيه وتطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة الثابتة فيه وتوقيع العقوبة في نطاق المواد السالفة الذكر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق