جلسة 12 من يونية سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
---------------
(240)
القضية رقم 88 سنة 20 القضائية
غش اللبن.
انتزاع دسم من اللبن. تحقق جريمة الغش. لا يجدي المتهم في هذه الحالة ما يثيره عن الحد الأدنى للدسم أو تغير نسبته حتى في لبن الحيوان الواحد أو بسبب الغلي.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه عرض للبيع لبناً مغشوشاً بنزع 50% من الحد الأدنى للدسم مع علمه بذلك وطلبت عقابه بالمواد 3 و8 و9 من القانون رقم 48 لسنة 1941.
سمعت محكمة المنشية الجزئية الدعوى وقضت حضورياً عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات. فاستأنف، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية نظرت استئنافه وقضت حضورياً بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعن "بأنه عرض للبيع لبناً مغشوشاً بنزع 50% من الحد الأدنى للدسم مع علمه بذلك" - جاء قاصراً ومخالفاً للقانون إذ لم يصدر تشريع يعين الحد الأدنى للدسم، كما أن نسبة الدسم غير ثابتة بل تختلف حتى في نفس الحيوان الواحد وتتغير طبقاً لعوامل كثيرة، فلا تعد قلة مقدار الدسم في اللبن وحدها دليلا على الغش، ولكن المحكمة دانته دون أن تبين هذا الحد الأدنى الذي قالت عنه، ولا سندها فيه، أو تذكر نوع اللبن وما إذا كان ما به من نقص كان نتيجة النزع أو الإضافة، أو كان نتيجة طبيعية. ثم إن المحكمة قد آخذته بعبارة ذكرها بالتحقيقات مع أنه لم يقصد معنى ما ورد بعبارته من ألفاظ لأنه لا يعرف من اللغة العربية إلا القليل، كما أن ما استدلت به على علمه بالغش لا يؤدي إليه، كما لم يقم الدليل على أن العينة التي أخذت من محله هي بذاتها التي ورد عنها تقرير التحليل، مع أنه دافع بالجلسة بأن العينات التي تضبط كثيرة. ويضيف الطاعن أن العينات ترسل بأرقام سرية إلى المعمل وأن الرقم المبين بمحضر الفحص يخالف الرقم الموجود بمحضر أخذ العينة الموقع عليه منه، ولم ترد المحكمة على دفاعه من أنه يبيع اللبن مغلياً، فيطفو الدسم على سطحه فينزل مع اللبن عند البيع دون ضبط أو تحديد، وأنه قد يكون الدسم كثيراً في بعض الأحيان، ويقل في البعض الآخر، مما لا يمكن معه القول بنسبة معينة يؤاخذ بها، كما أن المحكمة استندت في ثبوت علمه بالغش إلى ما ذكرته من أنه قال إن اللبن كان مغلياً، وأن الدسم زال نتيجة الغلي، مع أنه لم يذكر ذلك لا بالتحقيق ولا بالجلسة، كما أنها أخلت بشفوية المرافعة، فلم تسمع شهوداً ودانته في حين أن الواقعة لا عقاب عليها، لأن اللبن المغلي لا يخضع للقانون الذي حكمت بمقتضاه، إذ أنه خاص باللبن الذي يباع بحالته الطبيعية أما المغلي الذي يباع بمحلات الألبان محلى بالسكر، فلا ينطبق عليه القانون المذكور.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة على ثبوتها، واستظهر علم الطاعن بالغش، ولما كان الأمر كذلك، وكان ما أوردته المحكمة له أصله بالتحقيقات ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتب عليه، فلا محل لما يثيره الطاعن من الجدل في موضوع الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها، أما ما يثيره عن الحد الأدنى للدسم، وتغير نسبته في الحيوان، أو تغيرها بسبب الغلي، أو عدم سريان القانون على هذه الحالة الأخيرة، فلا وجه له إذ أثبتت المحكمة أنه هو الذي انتزع الدسم من اللبن مما يكفي وحده لتوفر أركان الجريمة بغض النظر عن نسبة الدسم فيه. وأما ما يثيره عن عدم شفوية المرافعة، فلا يقبل منه، إذ لم يطلب إلى المحكمة الاستئنافية سماع شهود حتى يصح له النعي على الحكم لهذا السبب.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق