جلسة 24 من أبريل سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
--------------
(172)
القضية رقم 282 سنة 20 القضائية
أ - تموين.
صنع خبز أقل وزنا مما هو مقرر. القرار رقم 47 لسنة 1949. الغرض منه. لا يمكن أن يقصد به تقييد القاضي بدليل معين في ثبوت هذه المخالفة.
ب - تموين.
صاحب مخبز. عدم تمسكه أمام المحكمة بوجوب معاملته بالمادة 58 من القانون رقم 95 لسنة 1945. لا يجوز له أن يتمسك بذلك أمام محكمة النقض.
جـ - دفاع.
صاحب مخبز ومتهم آخر معه. محاكمتهما عن جريمة صنع خبز أقل من الوزن المقرر. محام واحد عنهما. قصر المحامي دفاعه عن صاحب المخبز. ذلك ينفي التعارض بين مصلحتيهما.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من (1) أحمد عزت سلامة (الطاعن) و(2) أحمد متولي أحمد و(3) محمود الغمراوي حسين بأنهم استخرجوا خبزا يقل وزنه عن الوزن المقرر قانونا.
وطلبت عقابهم بالمواد 1، 2 ،4 ، 7/ 2 من القرار رقم 516 لسنة 44 المعدل بالقرار رقم 215 لسنة 1947 و2 ،4، 47 ،49، 56، 57 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945.
ومحكمة الجنح المستعجلة بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها عملا بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات حضوريا للمتهمين الأول والثاني وغيابيا للثالث ببراءة المتهمين بلا مصروفات جنائية.
فاستأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة مصر الابتدائية "بهيئة استئنافية" بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها عملا بمواد الاتهام حضوريا للمتهمين الأول والثاني وغيابيا للمتهم الثالث بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل وتغريمه مائة جنيه والمصادرة وشهر ملخص الحكم بحروف كبيرة على واجهة المحل لمدة تعادل مدة الحبس، وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة خمس سنين تبدأ من اليوم بلا مصاريف عملا بالمادتين 55،56 من قانون العقوبات، فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 29/12/1949 الخ.
المحكمة
وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون: ذلك (أولا) لأنه لم يبين عناصر الجريمة التي دان بها الطاعن، وثانيا لأن الواقعة كما أثبتها الحكم لا عقاب عليها، وفوق ذلك فإن الطاعن وهو صاحب المخبز وكل إدارته آخر ولم يكن في وسعه أن يراقب كل ما يدور به، وبالتالي لم يكن في مكنته أن يمنع ما يظهر في الخبز من عجز في الوزن، الأمر الذي كان يقتضي معاملته بالمادة 58 من القانون رقم 95 لسنة 1945. (ثالثا) أن القانون يحتم أن يكون إثبات العجز في وزن الخبز بواسطة وزن مائتي رغيف، فإذا استبعد 35 رغيفا وهي التي قدمها المتهم الثالث عند التبليغ عن الواقعة كان الباقي يقل عن مائتي رغيف وهو لا يكفي في إقامة الدليل القانوني لإثبات العجز.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن. إذ أثبت أن الخبز وجد ينقص عن الوزن المقرر قانونا في حالتي وزنه بالرغيف الواحد وبالجملة، كما تحدث الحكم بعد بيان الواقعة عن الأدلة التي استخلص منها ثبوت التهمة في حق الطاعن وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، ومنها إقرار أحد المتهمين بأن الطاعن، هو الذي أمر العامل بإنقاص الوزن. أما ما يثيره الطاعن بشأن العدد الذي يجب أن يوزن من الأرغفة لإثبات العجز فإن القرار رقم 47 لسنة 1949 إنما أريد به تنظيم العمل الإداري لمن يتولون تفتيش المخابز ولم يخول القانون لوزير التموين سوى إصدار القرارات اللازمة لوزن الرغيف ولم يمنحه سلطة قصر الدليل على إجراء بعينه، فالقول بأن الجريمة لا تنشأ ولا يكون لها وجود إلا إذا تناول الوزن عددا معينا من الأرغفة قول لا يتفق والقانون، إذ الأصل في المواد الجنائية أن القاضي يكون عقيدته من جميع العناصر المطروحة أمامه في الدعوى، فمتى اطمأن إلى ثبوت المخالفة وقع العقوبة وأما ما يثيره بشأن تطبيق المادة 58 من القانون المذكور فلا محل له، إذ لم يتمسك به أمام محكمة الموضوع فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا فضلا عن أن الواقعة كما أثبتها الحكم استنادا إلى الأدلة التي أوردها هي أن الطاعن هو الذي يقوم بإدارة المخبز.
وحيث إن الوجه الثاني يتحصل في القول بأن المحكمة وقد قبلت مدافعين عن الطاعن وآخر كان متهما معه قد أخلت بحقه في الدفاع لقيام التعارض بين مصلحتهما.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأنه وإن كان الثابت من محضر الجلسة أن محاميا واحدا حضر عن الطاعن وآخر إلا أنه ظاهر من هذا المحضر أيضا أن هذا المحامي قصر دفاعه على الطاعن دون الآخر مما ينتفي معه قيام التعارض في المصلحة.
وحيث إن الوجه الأخير يتحصل في القول بوجود تناقض بين أسباب الحكم إذ قال الحكم عندما تعرض لدفاع الطاعن أنه أنكر التهمة ودفعها بأن المتهم الثالث قد لفق له هذا الاتهام بمعونة المتهم الثاني. ومفاد هذه العبارة أن الطاعن يقول بوجود تواطؤ بين المتهمين الثاني والثالث، إلا أن الحكم قال في موضع آخر إن أحدا لم يقل ولا المتهم الأول نفسه (الطاعن) إن الخراط (المتهم الثاني) يضمر له شرا لسبب من الأسباب مما يحمله على الإيقاع به، وهذا تناقض يعيب الحكم.
وحيث إن هذا الوجه مردود بالا تناقض مما أشار إليه الطاعن. ذلك لأن معاونة المتهم الثاني للثالث في تلفيق الاتهام على فرض صحتها لا تستلزم حتما قيام الضغينة الحافزة على ذلك التلفيق.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق