جلسة 2 من مايو سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
---------------
(190)
القضية رقم 399 سنة 20 القضائية
أ - وصف التهمة.
رفع الدعوى على المتهم بالقتل الخطأ. إدانة محكمة الدرجة الأولى إياه بهذه الجريمة بوصفها المرفوعة به الدعوى. ذكرها في أسباب حكمها أن إهماله وعدم مراعاته اللوائح كان أيضاً بقيادته السيارة بسرعة وهو ما لم يذكر بالوصف اعتماداً على المعاينة التي أجريت في الدعوى. مرافعة المتهم على هذا الأساس دون أن يعترض على هذه الإضافة. لا يجوز له أن يثير ذلك أمام محكمة النقض.
ب - حكم. تسبيبه.
النعي عليه بأنه لم يذكر النص الذي اعتمد عليه في قوله إن السير في المدن لا يصح أن يزيد على كذا كيلوا مترا ومع صدور قرار من المديرية بتحديد السرعة في البندر الذي وقعت فيه الحادثة نشر بالجريدة الرسمية. لا يصح.
جـ - حكم. تسبيبه.
أقوال اعتمد عليها الحكم لها أصلها في التحقيقات. عدم تحديد المحاضر التي أدلى فيها بهذه الأقوال. لا يلزم.
د - حكم. تسبيبه.
دفع موضوعي. يكفي للرد عليه أن يكون مستفاداً من الحكم بإدانته اعتماداً على الأدلة التي أوردها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه: (أولا) تسبب بإهماله وعدم مراعاته اللوائح في قتل رجاء مينا تادرس وذلك بأن قاد سيارة بدون مراعاته اللوائح بأن سار في الطريق ولم يطلق آلة التنبيه وقاد السيارة وفرملتها غير صالحة للاستعمال فصدم المجني عليها وأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأ عنها وفاتها. (ثانياً): خالف شروط الأمن والمتانة للسيارات بأن قاد سيارته وفرملتها غير صالحة للاستعمال. وطلبت عقابه بالمواد 238 من قانون العقوبات و4/53 من لائحة السيارات.
وادعى بحق مدني والدا المجني عليها: 1- مينا تادرس أفندي. 2- الست بياتريس يعقوب، وطلبا الحكم لهما بمبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض قبل التهم و1- ممدوح بك مرسي مدير شركة الشرق للتأمين. 2- حسنين أحمد الأطمس صاحب السيارة "بصفتهما مسئولين عن الحقوق المدنية".
سمعت محكمة بندر دمنهور الجزئية الدعوى. وأمامها دفع الحاضر عن المسئولة مدنيا الأولى (الشركة) بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها، وبعد أن أتمت سماعها قضت عملا بمواد الاتهام حضوريا للمتهم والمسئول عن الحقوق المدنية الأول وغيابياً للمسئول عن الحقوق المدنية الثاني. (أولا): بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ وبإلزامه مع المسئول الثاني بالتضامن بينهما بأن يدفعا للمدعيين بالحق المدني مائتي جنيه والمصاريف المدنية المناسبة وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفض الدعوى المدنية فيما زاد على ذلك. (ثانياً): بعدم قبول الدعوى المدنية قبل المسئولة الأولى. فاستأنف المدعي بالحق المدني الأول هذا الحكم وطلب القضاء له قبل المتهم والشركة وحسنين الأطمس بمبلغ الخمسمائة جنيه على سبيل التعويض، كما استأنفه المحكوم عليه وطلب إلغاءه والحكم ببراءته مما أسند إليه وبرفض الدعوى المدنية قبله وقبل المسئولين مدنيا، ومحكمة دمنهور الابتدائية نظرت هذين الاستئنافين وقضت بقبولهما شكلا وفي الموضوع برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المتهم والمدعي مدنياً كل منهما بالمصاريف المدنية الاستئنافية الخاصة به.
فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن حاصل أوجه الطعن هو القول: (أولا): بأن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً في بيان واقعة الدعوى بياناً كافياً يتسنى معه لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة الثابتة فيه. (ثانياً): بأن المحكمة أضافت عنصراً من عناصر الخطأ وهو قيادة الطاعن السيارة بسرعة، مع أن النيابة العمومية لم تضمن الوصف الذي رفعت به الدعوى هذا العنصر، وهذا يشوب الحكم بالبطلان. (ثالثاً): بأن الحكم ذكر أن السرعة في المدن لا يسوغ أن تزيد عن عشرين كيلو مترا في الساعة ولم يذكر اللائحة أو النص القانوني الذي استند إليه في ذلك. (رابعاً): بأن أسباب الحكم قد تناقضت إذ أنه بينما يبني الإدانة على فساد الفرامل قبل وقوع الحادث، فإنه يقول في موضع آخر منه إن الطاعن هو الذي قطع خرطوم الفرملة لكي يدبر لنفسه دفاعا مما مقتضاه أن يكون هذا الفساد لاحقا لوقوع الحادث. (خامساً) بأن المحكمة لم تعن بالرد على دفاع الطاعن بصدد خطأ المجني عليها ومسئولية ذويها في تركها في الطريق مع صغر سنها، وبصدد التجربة التي أجرتها المحكمة لتحديد السرعة. (سادساً): بأن الحكم لم يبين رابطة السببية بين خطأ الطاعن وبين قتل المجني عليها بياناً كافياً. (سابعاً): بأن المحكمة اطرحت أقوال الشهود بالجلسة واعتمدت على ما سمته "أقوالهم الأولى" دون أن تبين في أي تحقيق قالوها أهو محاضر البوليس أو تحقيق النيابة أو بجلسة سابقة من جلسات المحاكمة.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة بما يتوافر فيه جميع العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان بها الطاعن وذكر الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوعها منه، وهي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، فإن ما يثيره في الوجه الأول لا يكون له أساس. أما ما جاء في الوجه الثاني فمردود بأنه وإن كانت النيابة العمومية رفعت الدعوى على الطاعن بأنه "تسبب بإهماله وعدم مراعاته اللوائح في قتل المجني عليها وذلك بأن قاد سيارة بدون مراعاته اللوائح بأن سار في الطريق ولم يطلق آلة التنبيه وقاد السيارة وفرملتها غير صالحة للاستعمال فصدم المجني عليها وأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي نشأ عنها وفاتها"، ومحكمة أول درجة دانته بهذه الجريمة بوصفها المرفوع به الدعوى، وذكرت في أسباب حكمها أن خطأه عن طريق الإهمال وعدم مراعاته اللوائح لم يكونا فقط بعدم التنبيه بالزمارة وبقيادته سيارة تالفا جهاز فراملها، بل إنه كذلك قاد تلك السيارة بسرعة تزيد عن الحد المقرر في اللوائح مستندة في ذلك إلى المعاينة وإلى تجربة أجرتها في مواجهة الطاعن والخصوم في الدعوى إلا أنه لما كان الطاعن قد تناول في مرافعته هذا الدليل أمام محكمة ثاني درجة دون أن يعترض على هذه الإضافة، فلا يكون له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. وأما ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في الوجه الثالث فلا جدوى له منه لأن قرار مديرية البحيرة بشأن قيادة السيارات ومواقعها وأجورها ببندر دمنهور وخارجه المنشور بالوقائع المصرية في 17 من سبتمبر سنة 1925 يقضي بوجوب قيادة السيارات في هذا البندر بسرعة لا تزيد عن ثمانية كيلومترات في الساعة، فإذا قال الحكم "إن المعاينة التي أجرتها المحكمة تؤكد إسراع السيارة مع ملاحظة أن السير في المدن لا يصح أن يزيد بحال من الأحوال عن عشرين كيلو مترا في الساعة" فإنه لا يكون مخطئا. أما التناقض المشار إليه في الوجه الرابع فلا وجود له إذ استند الحكم في فساد الفرملتين كلتيهما إلى تقرير المهندس الفني، ثم ناقش واقعة قطع الخرطوم المؤثر على فرملة الرجل فقط مستدلا على ذلك بالأدلة التي أوردها.
وحيث إنه لا وجه لما يثيره الطاعن في باقي أوجه الطعن، فالحكم المطعون فيه قد بين الصلة بين الخطأ المرتكب وبين الضرر الحاصل وهو قتل المجني عليها بما يقيم رابطة السببية بينهما بحيث لا يتصور وقوع هذا الضرر لولا وجود ذلك الخطأ. ثم إنه إذ اعتمد على أقوال شهود لها أصلها في التحقيقات التي أجريت في الدعوى، فلا يطلب من المحكمة أن تحدد المحاضر التي أدلوا فيها بتلك الأقوال. والطاعن لا يدعي أنها أخطأت في الإسناد. كما أن دفاعه المشار إليه في الوجه الخامس ليس مما يستوجب من المحكمة رداً صريحاً، بل يكفي لتعلقه بوقائع الدعوى وتقدير الأدلة فيها أن يكون الرد عليه مستفادا من الحكم بإدانته للأدلة التي أوردها الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق