الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 فبراير 2023

الطعن 1892 لسنة 19 ق جلسة 27/ 2/ 1950 مكتب فني 1 ق 117 ص 350

جلسة 27 من فبراير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.

-----------------

(117)
القضية رقم 1892 سنة 19 القضائية

دفاع شرعي. 

بساطة الاعتداء الواقع على المتهم. لا تكفي لنفي حالة الدفاع الشرعي. المرجع في ذلك لتقدير المدافع نفسه في الظروف التي كان فيها. الاحتماء برجال السلطة. القول به يقتضى أن يكون لدى المتهم من الوقت ما يسمح له باتخاذ هذا الإجراء دون تعطيل لحقه في الدفاع.

--------------
إذا نفت المحكمة قيام حالة الدفاع الشرعي لبساطة الاعتداء الواقع على المتهم وأنه كان في استطاعته الالتجاء إلى رجال السلطة العمومية الذين كانوا على مقربة منه فإن حكمها يكون قاصرا، إذ أن بساطة الاعتداء لا تصلح على إطلاقها سببا لانتفاء تلك الحالة، بل يجب الرجوع في ذلك إلى تقدير المدافع نفسه في الظروف التي كان فيها، فإذا ما تبين أنه وقت العدوان قد قدر أن الفعل يستوجب الدفاع وكان تقديره مبنيا على أسباب جائزة ومقبولة قامت حالة الدفاع الشرعي. وكذلك لا يصلح سببا لانتفائها القول بإمكان احتماء المتهم برجال السلطة فإن ذلك يقتضى أن يكون لدى المتهم من الوقت ما يكفي لاتخاذ هذا الإجراء دون أن يترتب على ذلك تعطيل للحق ذاته المقرر في القانون، وما دامت المحكمة لم تستظهر كنه هذا الإمكان وكيفيته مع ما ذ كرته عن ظروف الحادث فهذا منها قصور يستوجب نقض حكمها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1- سيد محمد قنبير (الطاعن) و2- عبد المطلب محمد جلال قنبير بأنهما: (الأول) قتل عبد الله حسن محمد عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (والثاني) اشترك بطريق التحريض مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن طلب منه أن يطلق النار على المجني عليه فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض.
وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما الأول بالمادة 234 /1 من قانون العقوبات والثاني بالمواد 40/ 1, 41, 234 /1 من قانون العقوبات.
فقرر إحالتهما إليها لمحاكمتهما بالمواد سالفة الذكر.
و قد ادعى محمد حسن محمد موسى بصفتيه ووهيبة عبد المنعم بحق مدني قدره 1000 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين بالتضامن.
ومحكمة جنايات أسيوط بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضوريا عملا بمادة الاتهام بالنسبة للأول والمادة 50 /2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات بالنسبة للثاني. (أولا) بمعاقبة المتهم الأول سيد محمد قنبير بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة بلا مصاريف جنائية وبإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدني وهم محمد حسن محمد موسى بصفته الشخصية وبصفته وصيا على أخويه القاصرين سيد وقرنفله والست وهيبة عبد المنعم مبلغ 500 جنيه مع المصروفات المدنية المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (وثانيا) ببراءة المتهم الثاني عبد المطلب محمد جلال ورفض الدعوى المدنية قبله وألزمت المدعين بالحق المدني بباقي المصروفات المدنية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يعيب على الحكم فيما يعيبه أنه حين دانه بالقتل العمد قد خالف القانون وجاء قاصرا إذ قد تمسك المدافع عنه بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفس ابن عمه عندما اعتدى عليه المجني عليه بالضرب على رأسه بآلة راضة وأنه قد ترك للمحكمة تقدير ما إذا كان قد تجاوز حد هذا الدفاع ولكن المحكمة اطرحت دفاعه ودانته رغم تسليمها بحصول الاعتداء الذي وقع من المجني عليه مستندة إلى ما قالته عن بساطته واستطاعته الالتجاء لرجال السلطة العمومية الذين كانوا على مقربة منه مع أن هذا الذي استندت إليه لا يؤدي إلى انتفاء قيام حالة الدفاع الشرعي.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة على ثبوتها تعرض لدفاع الطاعن فقال "إنه دفع التهمة بلسان الدفاع عنه بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن (المتهم الثاني) الذي كان معه واعتدى عليه المجني عليه وأنه وإن كان الذي ثبت من أقوال شاهدي الإثبات نعمان حسنين وعلي أحمد أن المجني عليه قد اعتدى على المتهم الثاني على أثر المشادة الكلامية البسيطة التي قامت بينهما فضربه بعصا على رأسه وأن الكشف الطبي قد أثبت بالمتهم الثاني جرحا رضيا بفروة الرأس مستعرض الاتجاه طوله 5 سم وعرضه 2/1 سم قاطعا للجلد والأنسجة الرخوة والعضلات السطحية ويصح حصوله من جسم راض كشومة بصامولة, وأثبت الطبيب الكشاف أنه يحتاج لعلاج أقل من عشرين يوما. إلا أن المحكمة ترى من ظروف الحادث أن المتهم الأول (الطاعن) لا يصح اعتباره في حالة دفاع شرعي عن نفس زميله المتهم الثاني إذ أنه رغم كون الاعتداء الذي وقع من المجني عليه كان بسيطا ولم يكن من شأنه رده بالقتل فإنه كان من المستطاع أن يلجأ المعتدى عليه والمتهم الأول لرجال السلطة العمومية لدرء هذا الاعتداء وقد كانوا على مقربة من محل الحادث بما لا يزيد عن الثلاثين مترا كما ثبت ذلك من المعاينة ومن ثم فإن المتهم لم يكن في حالة دفاع ضروري لرد اعتداء المجني عليه مهما بلغت جسامته ما دام كان في مقدوره ومقدور زميله أن يلجأ لرجال البوليس الذين كانوا على مقربة منهم" ولما كان ما أوردته المحكمة من انتفاء قيام حالة الدفاع الشرعي لبساطة الإصابة لا يتفق وحكم القانون لأنه لا يصلح على إطلاقه سببا لانتفاء تلك الحالة بل يجب الرجوع في ذلك إلى تقدير المدافع نفسه في الظروف التي كان فيها, فإذا ما تبين أنه قدر وقت العدوان أن الفعل يستوجب الدفاع وكان تقديره مبنيا على أسباب جائزة ومقبولة قامت حالة الدفاع الشرعي - لما كان ذلك وكان ما أوردته المحكمة أيضا عن انتفاء وجود هذا الحق بسبب إمكان الاحتماء برجال السلطة لا يؤدي إلى ما انتهت إليه عنه إذ أن ذلك كان يقتضي أن يكون لدى المتهم من الوقت ما يكفي لاتخاذ هذا الإجراء دون أن يترتب على ذلك تعطيل للحق ذاته المقرر في القانون, وكانت المحكمة لم تستظهر كنه هذا الإمكان وكيفيته مع ما ذكرته عن ظروف الحادث واعتداء المجني عليه ووصف الآلة ومبلغ الإصابة, فإن الحكم المطعون فيه إذ قال بانتفاء حالة الدفاع الشرعي عن النفس للاعتبارات التي ذكرها يكون قاصرا متعين النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق