الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 فبراير 2023

الطعن 1994 لسنة 19 ق جلسة 14/ 3/ 1950 مكتب فني 1 ق 134 ص 400

جلسة 14 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

--------------

(134)
القضية رقم 1994 سنة 19 القضائية

جريمة وقتية. جريمة مستمرة. 

التمييز بينهما. وجهه. إقامة بناء خارج عن خط التنظيم بدون ترخيص. جريمة وقتية. سقوط حق رفع الدعوى بها بمضي ثلاث سنوات على تاريخ وقوعها.

-------------
الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو الفعل الذي يعاقب عليه القانون. فإذا كان الفعل مما تتم وتنتهي الجريمة بمجرد ارتكابه كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلا متتابعا متجددا. فإذا كانت الواقعة هي أن المتهم قد أقام بدون ترخيص بناء خارجا عن خط التنظيم، فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بإقامة هذا البناء، مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذا الفعل ذاته فتكون الجريمة التي تكونها هذه الواقعة وقتية، ولا يؤثر في هذا النظر ما قد تسفر عنه الجريمة من آثار تبقى وتستمر إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه قانونا. وإذن فإذا كان انقضى على تاريخ وقوع تلك الواقعة قبل رفع الدعوى بها ثلاث سنوات فيكون الحق في إقامة الدعوى قد سقط.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه (أولا) أقام بناء بدون ترخيص من الجهات المختصة (ثانيا) أقام بناء خارج خط التنظيم، وطلبت عقابه بالمواد 1و2و3و4و6 و7و12 من القانون رقم 93 لسنة 1948.
ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح امبابه الجزئية دفع المتهم بسقوط الدعوى لمضي أكثر من ثلاث سنوات اعتبارا من تاريخ آخر إجراء من إجراءات التحقيق واستند في دفعه إلى أن الحادث حصل بتاريخ 12 أكتوبر سنة 1945 وتحرر المحضر في 14 مايو سنة 1946 وتأشر بإحالة الدعوى إلى المحكمة بتاريخ أول مارس سنة 1947 واعتبر بدء التقادم تاريخ حصول الحادث الحاصل في 16 أكتوبر سنة 1945.
سمعت محكمة جنح إمبابة الجزئية هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام: (أولا) برفض الدفع بسقوط الدعوى العمومية بمضي أكثر من ثلاث سنوات. (ثانيا) بتغريم المتهم 100 قرش عن كل تهمة مع إزالة أسباب المخالفة على مصاريفه بلا مصاريف جنائية.
فاستأنف المتهم هذا الحكم.
سمعت محكمة الجيزة الابتدائية بهيئة استئنافية هذه الدعوى وقضت فيها بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن الحكم المطعون فيه حين دانه:
(أولا) "بأنه أقام بناء بدون ترخيص من الجهات المختصة (ثانياً) أقام بناء خارج خط التنظيم" قد أخطأ في تطبيق القانون فقد دفع بسقوط الحق في إقامة الدعوى بمضي مدة تزيد على الثلاث سنوات على ارتكاب الجريمة ولكن المحكمة رفضت هذا الدفع ودانته بمقولة إن الجريمة مستمرة لا يسقط الحق فيها إلا من تاريخ انقضاء الحالة الثابتة المكونة لها مع أن هذا النظر غير صحيح لأن التهمة المنسوبة للطاعن هي إقامة بناء وهي لهذا تعتبر جريمة وقتية تتم بمجرد ارتكاب الفعل ويكون الحكم إذا قضى بغير ذلك معيباً متعيناً نقضه والقضاء له بالبراءة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تعرض لدفاع الطاعن المشار إليه فاطرحه بمقولة إن الفقه لم يستقر على رأي بالنسبة لهذه الجريمة وإن المحاكم والشراح قد اختلفوا في تعيين ماهيتها وهل هي جريمة مستمرة أم وقتية. ويرى الحكم اعتبارها جريمة مستمرة لأن الحالة المكونة للجريمة تستمر قائمة ولذلك فلا يجوز القول بسقوط الجريمة ويكون الدفع في غير محله. ولما كان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو الفعل الذي يعاقب عليه القانون فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد ارتكاب الفعل كانت وقتية، أما إن استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلا متتابعاً متجدداً، وما دامت الواقعة كما أثبتها الحكم هي أن المتهم قد أقام البناء بدون ترخيص وخارجاً عن خط التنظيم فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بإجراء هذا البناء مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذا الفعل ذاته، ولا يؤثر في هذا النظر ما قد تسفر عنه الجريمة من آثار تبقى وتستمر إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه قانوناً - لما كان الأمر كذلك، وكانت المحكمة قد اعتبرت الجريمة مستمرة فإن الحكم يكون قد أخطأ القانون ويتعين لذلك نقضه.
وحيث إن الجريمة على ما أثبته الحكم المطعون فيه قد وقعت بتاريخ 16 أكتوبر سنة 1945 ولم ترفع الدعوى بها إلا في أول مارس سنة 1949 فيكون قد مضى بين ارتكاب الجريمة ورفع الدعوى مدة تزيد عن ثلاث سنين وهي المدة المقررة بسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والقضاء للطاعن بالبراءة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق