الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 27 فبراير 2023

الطعن 1908 لسنة 19 ق جلسة 21/ 3/ 1950 مكتب فني 1 ق 149 ص 452

جلسة 21 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

-----------------

(149)
القضية رقم 1908 سنة 19 القضائية

نصب. 

قوام هذه الجريمة الاحتيال. يشترط في الطرق الاحتيالية أن تكون موجهة لخدع المجني عليه. اضطراب الحكم في بيان هذا الركن. قصور يعيبه. مثال.

---------------
إنه لما كانت جريمة النصب لا تقوم إلا على الاحتيال، وكان يشترط أن تكون طرق الاحتيال التي بينها القانون في المادة 336 من قانون العقوبات موجهة لخدع المجني عليه وغشه بقصد سلب ماله، فإن اضطراب الحكم في بيان هذا الركن يكون قصوراً مستوجباً نقضه. وإذن فإذا كانت المحكمة قد أسست إدانة المتهم في النصب على أنه استعمل طرقاً احتيالية من شأنها إيهام المجني عليه بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أخرج من جيبه خطاباً يخبره فيه مرسله بأن يرسل إليه مبلغاً معيناً من المال ليرسل إليه سمناً وكلف شخصاً بقراءته في حضور المجني عليه وعلى مسمع منه، ثم طلب إلى المجني عليه أن يقدم له المبلغ المذكور ليرسله إلى مرسل الخطاب على أن يقاسمه الربح، ثم ذكرت المحكمة في حكمها أن المتهم يتجر حقيقة في السمن وأن المجني عليه يعرف ذلك، ومع هذا لم تعرض للخطاب المشار إليه والذي قالت إنه ترتب عليه الحصول على مال المجني عليه هل كان صحيحاً أو مزوراً وهل رمى المتهم من تلاوته إلى سلب مال المجني عليه أو لا، فهذا منها قصور في بيان الواقعة يعيب حكمها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على مبلغ مائة وعشرين جنيهاً، وذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام صالح إبراهيم بوجود واقعة مزورة بأن أخرج من جيبه خطاباً يخبره فيه مرسله أن يرسل له مبلغ مائة وعشرين جنيهاً ليرسل له خمسة وعشرين وعاء من أوعية المسلي وكلف حسن محمد عبد المجيد بقراءته في حضور المجني عليه وعلى مسمع منه ثم طلب منه المبلغ المذكور ليرسله لبائع المسلي ويقاسمه في الربح وتمكن بذلك وبهذه الوسيلة من الحصول على المبلغ المذكور.
وطلبت عقابه بالمادة 336 من قانون العقوبات.
وقد ادعى صالح إبراهيم خليل بحق مدني قدره عشرة مليمات على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم.
سمعت محكمة كرموز الجزئية هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملا بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه وبعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية وإلزام رافعها بمصاريفها ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة مع الإعفاء من المصاريف الجنائية.
فاستأنفت النيابة هذا الحكم
ومحكمة إسكندرية الابتدائية "بهيئة استئنافية" بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضوريا عملا بمادة الاتهام بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم شهرين مع الشغل بلا مصاريف.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بجريمة النصب جاء باطلا لقصوره. فقد تمسك بأنه يتجر بالمسلي فعلا وأن المجني عليه يعلم بحقيقة هذا الاتجار وأنه قد قام الدليل على صحة ذلك، فلم تكن الواقعة مزورة بل كانت صحيحة مما لا يمكن معه القول بحصول احتيال، أما عن المبلغ الذي تسلمه فأمره لا يعدو كونه دينا مدنيا تنظمه طبيعته.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن "بأنه في يوم 3/6/1948 بدائرة قسم المحمودية توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على مبلغ مائة وعشرين جنيهاً وذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام صالح إبراهيم بوجود واقعة مزورة بأن أخرج من جيبه خطاباً يخبره فيه مرسله أن يرسل له مبلغ مائة وعشرين جنيهاً ليرسل له خمسة وعشرين وعاء من أوعية المسلي وكلف حسن محمد عبد المجيد بقراءته في حضور المجني عليه وعلى مسمع منه، ثم طلب منه المبلغ المذكور ليرسله لبائع المسلي ويقاسمه في الربح وتمكن بذلك وبهذه الوسيلة من الحصول على المبلغ المذكور". فقضت محكمة أول درجة ببراءته استناداً إلى أن "المتهم يتجر في المسلي وأن للمجني عليه معرفة به وبتجارته ومن ثم ينهار ركن الاحتيال وتكون الواقعة على فرض صحتها لا تعدو المعاملة المدنية". فاستأنفت النيابة، والمحكمة الاستئنافية أصدرت الحكم المطعون فيه بإدانة الطاعن، وقالت في بيان الواقعة التي عاقبته من أجلها "وحيث إن وقائع الدعوى تجمل فيما أبلغ وشهد به صالح إبراهيم خليل من أنه في يوم الحادث كان جالساً على مقهى المتهم مع حسين محمد عبد الحميد ومحمد ربيع عبد العال حين حضر إليهم صاحب المقهى المتهم وأخرج خطاباً كان معه وطلب من حسين محمد عبد الحميد قراءته فتلاه على مسمع منهم جميعاً وفهموا منه أن مرسله يطلب من المتهم مبلغ مائة وعشرين جنيهاً بقية ثمن بضع صفائح من المسلي فعرض المتهم على المجني عليه أن يدفع له ذلك لقاء أن يشاركه في الأرباح وفعلا سلمه المبلغ المطلوب بدون إيصال بعد أن اقترض عشرة جنيهات من حسين محمد عبد الحميد وظل يطالب المتهم بعد ذلك بالمبلغ دون جدوى إذ ظل يماطله ويسوفه حتى علم أنه سافر إلى بور سعيد فتقدم من ثم ببلاغه إلى البوليس. وزاد المبلغ على ذلك أن المتهم كان يعلم نظراً لصلة القرابة البعيدة التي تربطهما بأنه كان يملك في ذلك الوقت نقوداً إذ لم تكن قد مضت سوى بضعة أيام قليلة على بيع مخبزه واقتضائه ثمنه. وحيث إنه من ناحية التكييف القانوني فليس ثمة شك في أن الواقعة التي نحن بصددها تقع تحت طائلة المادة 336 من قانون العقوبات بحسبان أن المتهم قد استعمل طرقاً احتيالية من شأنها إيهام المجني عليه بوجود واقعة مزورة ذلك أن المتفق عليه فقها وقضاء أن أول شرط لقيام الطرق الاحتيالية هو أن تدعم ادعاءات الجاني بأشياء خارجية سواء كانت أفعالا صادرة منه أو ظروفا أجنبية عنه. ولقد أيد المتهم أقواله بتدخل شخص آخر تدل الظواهر على أنه لا صالح له في الأمر مما جعل زعمه أدنى إلى التصديق وأبعث على الثقة. وليس من الضروري أن تكون هذه الرسالة صادرة من شخص موجود فعلا، فيكفي أن تنسب إليه الرسالة بأن يزور الجاني خطابا ينسبه إلى شخص مزعوم لا وجود له (شرح قانون العقوبات في جرائم الأموال للدكتور محمد مصطفى القللي بك ص162 وما بعدها) ومن ثم يبدو أن ما بدر من المتهم إنما هو نصب قد استوفى جميع أركانه. وليس بعذر للمتهم أن المجني عليه يعرف أنه يتجر في المسلي، وذلك أنه ثابت أن العمل الأصلي للمتهم هو فتح مقهاه وأنه يزاول مهنة الاتجار بالمسلي علاوة على عمله وفي فترات متقطعة. وحيث إنه من ناحية الموضوع فإن التهمة ثابتة قبل المتهم من أقوال الشاهدين حسين محمد عبد الحميد ومحمد ربيع عبد العال ولم يستطع المتهم تجريح شهادتهما وسبب تأييدهما للمجني عليه في تفاصيل بلاغه. يؤيد ذلك ما جاء في شهادة حسين محمد عبد الحميد في الجلسة أمام محكمة أول درجة من أنه استرد مبلغ الجنيهات العشرة التي دفعها من المتهم على الرغم من أنه كان قد دفعها إلى المجني عليه وبضمانته مما يوحى إلى الذهن أن المتهم قد دفعها له ليثنيه عن شهادته. أما ما جاء على لسان المتهم في الجلسة من اتخاذه من عدم استئناف المدعي المدني قرينة وحجة له ففضلا من أن هذا الأمر لا صلة له بالدعوى الجنائية فإن محكمة أول درجة قد حكمت بعدم اختصاصها، فثابت من الأوراق أن المجني عليه قد سار في الإجراءات المدنية التي توصله إلى نيل حقه". ولما كانت جريمة النصب لا تقوم إلا على الاحتيال، وكان يجب أن تكون طرق الاحتيال التي بينها القانون في المادة 336 من قانون العقوبات موجهة لخدع المجني عليه وغشه بقصد سلب كل ثروته أو بعضها، وكان الحكم المطعون فيه على ما يتضح مما تقدم، قد أسس إدانة الطاعن على أنه استعمل طرقاً احتيالية من شأنها إيهام المجني عليه بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة ... ولكنه اضطرب في بيان هذه الواقعة فذكر أن الطاعن يتجر حقيقة في المسلي وأن المجني عليه يعرف ذلك ولم يعرض لما إذا كان الخطاب المشار إليه والذي قيل إنه ترتب عليه الحصول على مال المجني عليه صحيحاً أو مزوراً وما إذا كان الطاعن قد رمى من تلاوته إلى سلب مال المجني عليه فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق