جلسة 24 من أبريل سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
-----------------
(171)
القضية رقم 281 سنة 20 القضائية
أ - توقيع الأحكام الجنائية.
تنظيمه. لا يلجأ فيه إلى قانون المرافعات. المرجع في ذلك إلى المادتين 231 تحقيق و51 تشكيل وما استقر عليه قضاء محكمة النقض في هذا الخصوص.
ب - قتل.
الإصرار عليه لتسهيل السرقة. لا مانع. اعتبار المتهم شريكا مع مجهول في قتل مقترن بسبق الإصرار وتطبيق المادة 234/3 عليه في ذات الوقت. لا مانع.
جـ - إخفاء أشياء مسروقة
متحصلة عن قتل مع سبق الإصرار. عقاب المتهم بالأشغال الشاقة عشر سنوات مع تطبيق المادة 17 ع عليه. الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. لا يقبل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1- حسان محمد أحمد عمارة الشهير بحامد. 2- حسن إبراهيم مدكور. 3- حسين علي إمام. 4- محمود محمد مرسي الشهير بالريس 5- أحمد محمد فرج بأنهم: الأول والثاني والثالث قتلوا ستيتة يوسف عمدا بأن أمسكوا بها وشدوا قطعة قماش حول عنقها قاصدين قتلها فأحدثوا بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وقد أدت إلى وفاتها، وكان ذلك مع سبق الإصرار، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهي أنهم في الزمان والمكان السالفي الذكر سرقوا بطريق الإكراه المصوغات المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة للمجني عليها سالفة الذكر بأن خنقوها على النحو سالف الذكر لتعطيل مقاومتها، وقد ترك بها هذا الإكراه أثر الإصابات التي أودت بحياتها، الأمر المنطبق على المادة 314/2 من قانون العقوبات. والرابع والخامس أخفيا نقودا متحصلة من ثمن المصوغات المسروقة سالفة الذكر مع علمهما بذلك وبظروف الجريمة المشددة.
وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 234/2 و230 و231 من قانون العقوبات للثلاثة الأول و314/2 و44 مكررة للرابع والخامس.
فقرر بتاريخ 29/2/1948 إحالتهم إليها لمحاكمتهم بالمواد المذكورة.
ومحكمة جنايات مصر بعد أن نظرت هذه الدعوى قضت فيها حضوريا عملا بالمواد 40 /2 -3 و41 و230 و231 و235 و234/ 3 من قانون العقوبات بالنسبة للثلاثة الأول وبالمواد 44 /1-2 و234/ 3 من قانون العقوبات للرابع، وبالمواد 44 /1 و317 /5 و17 من قانون العقوبات للخامس: (أولا) بمعاقبة كل من حسان محمد أحمد عمارة الشهير بحامد وحسن إبراهيم مدكور بالإعدام. (ثانيا) بمعاقبة حسين علي إمام بالأشغال الشاقة المؤبدة. (ثالثا) بمعاقبة محمود محمد مرسي الشهير بالريس بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات. (رابعا) بمعاقبة أحمد فرج بالحبس مع الشغل لمدة سنة.
فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن أوجه الطعن المقدم من الطاعن الأول تتحصل في القول بأنه لما كان يتبين من الحكم المطعون فيه أن المتهمين الأربعة المحكوم عليهم كانوا قد اتفقوا معا على سرقة مصوغ المجني عليها بالإكراه عن طريق تخديرها، وظلوا على هذا التصميم السابق إلى أن وصلوا قرب منزل المجني عليها حيث حاولوا شراء المادة المخدرة ولكنهم أخفقوا، ويقول الحكم أنهم وقتئذ فقط صمموا على مقارفة جريمة السرقة بطريق قتل المجني عليها، ولما كانت الفترة التي انقضت بين إخفاقهم في الحصول على المخدر وبين وقت مقارفة القتل ليس من شأنها أن تكفي للقول بتصميم الطاعن وزملائه على القتل والإصرار عليه، خصوصا وقد يكون فعل القتل قد طرأ أثناء وجودهم في بيت المجني عليها دون أن يتفقوا جميعا عليه، فإن الحكم يكون قاصرا لعدم إيراد الدليل الذي استنبط منه قيام هذا التصميم أو سبق الإصرار بين المتهمين جميعا على القتل قبل وقوعه. هذا إلى أن المحكمة بعد أن ذكرت ما يدل على أن الطاعنين الثلاثة الأول قد ساهموا في فعل القتل عادت في تخاذل إلى القول بأنه إزاء دفاع كل منهم من أنه لم يباشر بنفسه فعل القتل الذي ارتكب على غير علم منه فإنها اعتبرت أن كلا منهم قد اشترك مع مجهول من بينهم في القتل، ثم استدلت على ثبوت نية القتل بالفعل المادي الذي وقع على جسم المجني عليها في حين أنه لا يصح الاستدلال بذلك إلا على من باشر فعل القتل بنفسه، ولما كان مجهولا فإن الاستدلال على النحو السابق إيراده لا يصح قبلهم جميعا إلا إذا أقيم الدليل على اتفاقهم السابق على القتل وهو ما لم تذكر المحكمة الدليل عليه. ويبين من ذلك أن الحكم لاسيما من ناحية بيان قصد القتل قاصر البيان واجب النقض.
وحيث إنه لا وجه لما يثيره هذا الطاعن في طعنه. فالحكم المطعون فيه حين دانه بالجريمة التي آخذه عليها قد بين واقعة الدعوى بما يتوافر فيه جميع العناصر القانونية لتلك الجريمة بما في ذلك ظرف سبق الإصرار، وتعرض لاتفاق الطاعن مع زميليه على قتل المجني عليها بعد أن أخفقوا في الحصول على المادة المخدرة، فأورد الأدلة والاعتبارات التي استخلصت المحكمة منها في منطق سليم ثبوت قيام هذا الاتفاق بينهم، ومتى كان الأمر كذلك، وكانت هذه الأدلة والاعتبارات من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ولها أصلها فيما جرى من تحقيقات في الدعوى، فإن الجدل على الصورة الواردة في الطعن لا يكون له من مبرر خصوصا وأن للمحكمة أن تقضي بعقوبة الإعدام على الفاعل الأصلي، كما لها أن تقضي بها على الشريك أيضا في خصوص هذه الجريمة.
وحيث إن الوجه الأول من الطعن المقدم من الطاعن الثاني هو أن الحكم المطعون فيه قد لحقه البطلان بسبب عدم إيداع مسودته بالملف عقب النطق به، وذلك على خلاف ما تقضي به الفقرة الأخيرة من المادة 346 من قانون المرافعات وهي التي يجب تطبيقها لخلو قانون تحقيق الجنايات من نص في هذا الخصوص.
وحيث إنه لا محل لما يثيره الطاعن من ذلك لأن تنظيم التوقيع على الأحكام الصادرة في المواد الجنائية وبيان واجب القضاة وحقوق المتقاضين في هذا الخصوص مبين في المادتين 231 من قانون تحقيق الجنايات و51 من قانون تشكيل محاكم الجنايات، وفي غيرهما من المواد وهو (أي ذلك التنظيم) مفصل فيما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في هذا الشأن مما لا محل معه للرجوع إلى قانون المرافعات الذي لا يرجع إليه إلا لسد نقص أو للإعانة على تنفيذ القواعد المنصوص عليها في قانوني تحقيق الجنايات وتشكيل محاكم الجنايات.
وحيث إن مؤدى باقي أوجه الطعن المقدم من هذا الطاعن هو أن المحكمة حين دانته بالجريمة التي آخذته بها قد اعتمدت على أدلة لا تؤدي عقلا إلى النتيجة التي وصلت إليها، ولم ترد على دفاع الطاعن بصدد عدم كفاية الأدلة المقدمة في الدعوى قبله، هذا إلى خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون. ذلك لأن المحكمة قد انتهت إلى اعتبار الطاعن شريكا مع مجهول في ارتكاب جريمة القتل المقترن بسبق الإصرار ثم طبقت في الوقت نفسه الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات على أساس أن الطاعن وباقي من دانتهم قارفوا جريمة القتل لتسهيل السرقة مع أن الوصفين يتعارضان، ثم إنها لم تبين الأدلة على سبق الإصرار ونية القتل لدى الطاعن بالذات حتى تبرر الحكم عليه بالإعدام، مع أن القانون كان يخول لها الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة وفق المادتين 234/3، 235 من قانون العقوبات التي طبقتهما في حقه.
وحيث إن ما يثيره الطاعن مردود بأن الحكم المطعون فيه حين دانه بالجريمة التي عاقبه عليها قد بين الواقعة بما يتوافر فيه جميع العناصر القانونية لتلك الجريمة، وذكر الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت هذه الواقعة منه، وهي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، ولها أصلها في التحقيقات التي أجريت في الدعوى. ومتى كان الأمر كذلك، وكان دفاع الطاعن المشار إليه لتعلقه بوقائع الدعوى وتقدير الأدلة فيها لا يلزم له رد صريح خاص، بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من إدانته للأدلة التي أوردها الحكم، أما ما يثيره بصدد التطبيق القانوني فليس له من مبرر. إذ ليس في القانون ما ينفي أن يكون القتل المرتكب قد حصل الإصرار عليه لتسهيل السرقة، وإذن فإن ما طبقته المحكمة من مواد على واقعة الدعوى صحيح في القانون. ولما كانت المحكمة قد قدرت أن عقوبة الإعدام هي الواجبة التطبيق في واقعة الدعوى على الطاعن وكانت عقوبة الإعدام جائزا توقيعها على الشريك سواء في جريمة القتل العمد المقترن بسبق الإصرار أو في جريمة القتل المرتكب لتسهيل السرقة - فلا معقب على المحكمة فيما قضت به من عقوبة في حدود سلطتها التقديرية.
وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن المقدم من الطاعن الرابع هو أن الحكم المطعون فيه لم يختم في الثمانية الأيام التالية على صدوره ولم تحرر أسبابه قبل النطق به.
وحيث إنه سبق الرد على ما جاء في هذين الوجهين بصدد التحدث عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني فلا حاجة إلى تكراره.
وحيث إن حاصل باقي أوجه الطعن المقدم من هذا الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه وقد اعتبر السرقة التي وقعت ممن قارفها من باقي المتهمين جنحة فما كان يجب تغليظ العقاب على الطاعن بمقولة إنه عالم بظرف الإكراه الذي وقع، لأن هذا الظرف إن هو إلا جريمة القتل التي لا يجب اعتبارها ركن إكراه في مثل هذه الجريمة، ذلك لأنه يكون بذاته الجريمة الأساسية التي عوقب عليها المتهمون، ومن ثم كان يجب اعتبار ما وقع من الطاعن جنحة إخفاء أشياء مسروقة غير مقترنة بظروف مشددة، خصوصا وأن جريمة إخفاء الأشياء المسروقة هي جريمة قائمة بذاتها مستقلة عن الجريمة الأصلية ولا يعتبر مرتكبها مشتركا مع الفاعل الأصلي في جريمته حتى كان يسوغ القضاء على الطاعن بعقوبة الأشغال الشاقة. هذا إلى أن جريمة الإخفاء ليست ثابتة قبل الطاعن ما دام قد عدل عن اعترافه الذي أدلى به في التحقيقات وأمام قاضي الإحالة، إذ أن الاعتراف المعول عليه هو ذلك الذي يدلي به المتهم أمام قاضيه الذي يحاكمه دون غيره من السلطات. وفضلا عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يدلل على علم الطاعن بأن المال الذي استولى عليه كان من متحصلات السرقة أو أنه كان يعلم بالظروف المشددة التي ارتكبت فيها حتى يساءل بالفقرة الثانية من المادة 322 من قانون العقوبات ولم تطبق المحكمة لمصلحة الطاعن المادة 17 من قانون العقوبات مع أن في ظروف الدعوى وصغر سن الطاعن ما يقتضي تطبيقها.
وحيث إنه لما كانت الدعوى العمومية قد رفعت على الطاعن بأنه أخفى نقوداً متحصلة من ثمن المصوغات المسروقة مع علمه بذلك وبظروف الجريمة المشددة وكان الحكم المطعون فيه إذ دانه بهذه الجريمة قد بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت وقوعها منه وهي من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبها عليها، تعرض لعلم الطاعن بالسرقة وبالظروف المشددة التي اقترنت بها في قوله إن المتهم الرابع محمود محمد مرسي الشهير بالريس (الطاعن) لا ينازع طبقاً لأقواله في التحقيقات في أنه كان يعلم أن المصوغات المباعة والتي خصه من ثمنها كانت مسروقة ويعلم أنها مسروقة من المجني عليها خالة المتهم الأول ولا أدل على علمه هذا من تصرفه في المبلغ الذي اختص به إذ كان يشتري ملابس ونظارة بقيم مرتفعة شأن من يتصرف في مال يعلم أنه لن يرده، غير أن هذا المتهم دفع بأنه لم يكن يعلم الظروف التي ارتكبت فيها السرقة وهذا الدفع مردود عليه بأنه كما قال أحمد محمد فرج المتهم الخامس كان مع المتهمين الثاني والثالث يسمعون أن المتهم الأول كان سيسرق بطريق القتل، هذا إلى ما ثبت من أقوال هذا المتهم نفسه من أنه كان يعلم علم اليقين أن المتهمين كانوا يبحثون على المخدر في طريقهم إلى منزل المجني عليها للاستعانة به في إتمام السرقة، يدل على ذلك ما قاله رداً على سؤال وجه إليه بشأن ما يعلمه عن سبب البحث عن البنج (اللي فاهمه أنه عايز الحاجات دي علشان السرقة والفلوس واحنا امبارح قلنا خلاص أهه رايح يسرق عايز الدواء ليه). وحيث إنه يستخلص حتما من هذا أن المتهم الرابع قد أخفى متحصلات الجريمة وهو يعلم بظروف ارتكابها إذ أن الوسيلة الباقية بعد الفشل في الحصول على المخدر هي إعدام حساسية المجني عليها بقتلها ثم طبق في حقه المادة 44/1-2 مكررة من قانون العقوبات الصادر بها القانون رقم 63 لسنة 1947 والمادة 234/3 من قانون العقوبات. وكل هذا صحيح في القانون ولم يطبق الفقرة الثانية من المادة 322 من قانون العقوبات كما يقول الطاعن حيث قد نص القانون رقم 63 لسنة 1947 على إلغائها.
وحيث إنه لما كان نص المادة 44 مكررة المذكورة يجري بأن "كل من أخفى أشياء مسروقة أو متحصلة من جناية أو جنحة مع علمه بذلك يعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تزيد عن سنتين. وإذا كان الجاني يعلم أن الأشياء التي يخفيها متحصلة من جريمة عقوبتها أشد حكم عليه بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة" وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بإخفاء أشياء متحصلة من جناية القتل بالظروف الوارد بيانها فيه مستندا إلى الأدلة والاعتبارات السائغة التي أوردها، ثم أخذه بالرأفة وطبق لمصلحته المادة 17 من قانون العقوبات ونزل بالعقوبة إلى الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات، وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة التقدير أن تعتمد في الإدانة على اعتراف المتهم في التحقيقات الأولية ما دامت قد اطمأنت إليه - ما دام ذلك كله، فإن الجدل على الصورة الواردة في الطعن لا يكون مقبولا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق