برئاسة السيد القاضي / رفعت فهمى العزب نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة / طلبة مهنى محمد ، السيد الطنطاوي عادل عبد الحميد و أيمن عبد
القادر العدوى " نواب رئيس المحكمة "
بحضور رئيس النيابة السيد / إسلام شمس الدين .
وحضور السيد أمين السر / أحمد عبد المنجى .
----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر
/ طلبه مهنى محمد " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعنين بصفتيهما أقاما الدعوى رقم 2154 لسنة 2004 مدنى الجيزة
الابتدائية على المطعون ضدهما " وكالة ستب للإعلان " بطلب الحكم
بإلزامها بأن تؤدى لهما مبلغ 138315 جنيهاً ، وقالوا بياناً لها إن المطعون ضدها
حصلت على ترخيص بعمل إعلان على العقار المبين بالصحيفة لمدة عام يبدأ من 1 / 3 /
2000 وينتهى في 28 / 2 / 2001 وسددت الرسوم المقرر عن تلك المدة ، إلا أنها لم
تسدد الرسوم المستحقة عن المدة التالية وغرامة التأخير عنها فأقاما عليها الدعوى ،
ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت برفض الدعوى . استأنف الطاعنان هذا
الحكم بالاستئناف رقم 40328 لسنة 126 ق القاهرة " مأمورية شمال الجيزة "
والتي حكمت بتاريخ 20 / 3 / 2011 بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعنان في هذا
الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم للسبب المبدى
منها المتعلق بالنظام العام ، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت
جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى السبب المبدى من النيابة والمتعلق بالنظام العام أن
ترخيص جهة الإدارة بإقامة الإعلانات لا يمنح المرخص له حقاً من الحقوق التي ينظمها
القانون المدنى ويحكمها القانون العام وتكون المنازعة بشأنه أو ما يترتب عليه من
مطالبة مالية من اختصاص جهة القضاء الإدارى ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه وقضى
بتأييد الحكم الابتدائى الذى فصل في هذا النزاع رغم عدم اختصاص جهة القضاء العادى
بنظره فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد . ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن
لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة
بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى
توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع
ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم
سابق عليه لا يشمله الطعن ، وأن مسألة الاختصاص الولائى تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة
دائماً على المحكمة إذ الحكم في موضوع الدعوى يشتمل حتماً على قضاء ضمنى في الاختصاص
، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في
الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أم لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة
العامة أم لم تبدها فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها ، ومن
المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن للدولة على الأموال العامة حق استعمالها أو
استثمارها ويجرى ذلك وفقاً لأوضاع وإجراءات القانون العام ، وأن تصرف السلطة
الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص ،
وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتاً وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائماً لداعى
المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله ثم هو - عدا ذلك - خاضع
لحكم الشروط والقيود الواردة فيه أو إعطاء الترخيص ورفضه والرجوع فيه ، كل ذلك من
الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص وكون الترخيص
يصرف بمقابل رسم يدفع لا يخرجه من طبيعته تلك ولا يجعله عقد إيجار . لما كان ذلك ،
وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى المرددة بين الخصوم تدور حول
مطالبة جهة الإدارة برسوم الترخيص للإعلان الذى رخصت للمطعون ضدها بالقيام به
وغرامة التأخير عن سداد الرسم في موعده ، وكان القانون رقم 66 لسنة 1956 بشأن
تنظيم الإعلانات ولائحته التنفيذية قد بينا المقصود بالإعلان وشروطه وأوضاعه ورسوم
منحه وتجديده وحظر القيام به إلا بعد الحصول على ترخيص من السلطة المختصة ومن ثم
فإن كافة المنازعات التي تثور بشأن هذا الترخيص ومنها المطالبة بالرسوم المستحقة
على الإعلان أو غرامة التأخير عن سداد الرسم في موعده تعد منازعة إدارية يحكمها
القانون العام وينعقد الاختصاص بنظرها لجهة القضاء الإدارى وتخرج من ولاية المحاكم
العادية عملاً بالمادتين 15 ، 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972
والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائى الذى فصل في المنازعة سالفة البيان
فإنه يكون قد قضى ضمناً باختصاص المحاكم العادية بنظرها بالمخالفة لقاعدة من قواعد
الاختصاص الولائى ، وهى قاعدة آمرة متعلقة بالنظام العام مما يعيب الحكم بمخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه ويوجب نقضه لهذا السبب .
ولما تقدم ، يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 40328 لسنة 128 ق
القاهرة " مأمورية
شمال الجيزة " بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادى ولائياً
بنظر الدعوى ، وباختصاص محاكم مجلس الدولة منعقدة بهيئة قضاء إدارى بنظرها .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضدها المصروفات ،
وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 40328 لسنة 126 ق القاهرة " مأمورية شمال
الجيزة " بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادى ولائياً بنظر
الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى للاختصاص ، وأبقت الفصل في المصروفات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق