الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 فبراير 2023

الطعن 1582 لسنة 19 ق جلسة 2/ 5/ 1950 مكتب فني 1 ق 187 ص 570

جلسة 2 من مايو سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وحسن إسماعيل الهضيبي بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

---------------

(187)
القضية رقم 1582 سنة 19 القضائية

دفاع. 

الاعتماد على أقوال شهود سئلوا في محضر بعد إتمام التحقيق وتقديم القضية للإحالة دون لفت الدفاع إليه. إخلال بحق الدفاع.

--------------
إنه وإن كان لمحكمة الموضوع - في سبيل تأييد الأدلة المستمدة من التحقيق الذي تجريه هي بالجلسة - أن تتزود لحكمها بأي عنصر من عناصر الإثبات المستمدة من أوراق الدعوى، ولو كان ذلك أقوال شهود سئلوا في محاضر تحريات أجراها البوليس، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون تلك العناصر مما كان مطروحا للبحث أمامها بالجلسة أثناء المحاكمة. فإذا كانت المحكمة قد استندت - فيما استندت إليه في حكمها - إلى أقوال شهود في محضر أجراه ضابط البوليس بناء على أمر صادر إليه من المديرية بتقوية الأدلة، وقالت المحكمة عنهم إنهم ذكروا تلك الأقوال التي استندت إليها في تحقيقات البوليس مع أنهم لم يسألوا إلا في محضر عمل بعد أن أتمت النيابة التحقيق وقدمت القضية للإحالة، وذلك مع أنها سكتت عن ذلك المحضر ولم تشر إليه بالجلسة ولو توجه نظر محامي المتهم إليه، مما لا يمكن معه القول بأن هذا المحضر كان مطروحاً للبحث أثناء المحاكمة، فإنها تكون قد أخلت بحق المتهم في الدفاع ويكون حكمها معيبا واجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: 1- مصطفى بسيوني سيف (الطاعن). 2- عبد الفتاح طلحة سيف. 3- إبراهيم عفيفي سيف. 4- مصطفى علي الهنداوي بأنهم: الأول أحدث بمحمد محمود شرباس الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي بأن ضربه بقطعة حجر في عينه اليسرى وقد تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي فقد قوة إبصار هذه العين، وبأنه أيضاً ضرب محمد إبراهيم خليل فأحدث به الإصابات الموصوفة بالكشف الطبي والتي تحتاج لعلاج مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وبأن الأول والثاني والثالث ضربوا حسن إبراهيم خليل فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالكشف الطبي والتي تحتاج لعلاج مدة لا تزيد على عشرين يوماً. والرابع ضرب إبراهيم عفيفي سيف فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تحتاج لعلاج مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادتين 240/1 و242/1 من قانون العقوبات، فقرر بذلك في 8 فبراير سنة 1948.
وادعى محمد محمود شرباس بحق مدني وطلب الحكم له قبل المتهم الأول وحده بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض.
سمعت محكمة جنايات طنطا الدعوى وقضت حضوريا (أولا): بمعاقبة المتهم الأول بالسجن ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مائة جنيه والمصاريف المدنية وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وذلك عملا بالمواد 240/ 1 و242 /1 و32/ 2 من قانون العقوبات. (وثانياً): بمعاقبة كل من المتهمين الباقين بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد عملا بالمادة 242 /1 من القانون المذكور.
فطعن المحكوم عليه الأول وحده في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإدانته قد أسس ذلك على أقوال ثلاثة أشخاص سئلوا بناء على إشارة من المديرية بالعمل على تقوية الأدلة قبل المتهم بعد أن أمرت النيابة بتقديم القضية إلى قاضي الإحالة وبدون تكليف منها ودون أن تستند إلى أقوالهم في قائمة الشهود أو تسمعهم المحكمة كشهود في الدعوى، وهذا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه لبنائه على الخطأ في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع والعيب في التسبيب.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى قال "إن هذه الوقائع ثبتت مما قرره محمد محمود شرباس (المجني عليه) في كافة أدوار التحقيق وأمام المحكمة من أن المتهم الأول رماه بحجر في عينه اليسرى، وقد تأيدت أقواله بما ذكره كل من عبد الفتاح محمد عبده ومحمد سعيد الهيطل ومحمد عبد الحميد غنام في تحقيقات البوليس من أنهم نظروا المتهم الأول (الطاعن) يقذف المجني عليه بحجر فيصيبه في عينه..." ويبين من الاطلاع على أوراق الدعوى ومفرداتها التي أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقاً لأوجه الطعن أنه على أثر وقوع الحادث في 25 يونيه سنة 1947، افتتح رئيس نقطة الشين محضراً سأل فيه المجني عليه، ثم ظل يستوفي محضره إلى أن أتمه في 30 يونيه سنة 1947، وبعدئذ باشرت النيابة التحقيق الذي بدأ في أول يوليه وانتهى بقرار من رئيس النيابة في 18 نوفمبر سنة 1947 بتقديم القضية لقاضي الإحالة، ولم يسأل في محضر رئيس نقطة الشين ولا في تحقيقات النيابة واحد من الشهود الثلاثة المشار إليهم والذين عولت المحكمة على أقوالهم في تأييد شهادة المجني عليه وقالت إنهم ذكروها في "تحقيقات البوليس"، وأن هؤلاء الشهود الثلاثة إنما كان سؤالهم في محضر أجراه ضابط نقطة الشين في 25 نوفمبر سنة 1947 بناء على أمر صادر من المديرية "بتقوية الأدلة" وقد قال الضابط في صدر محضره هذا إنه شرع بناء على ذلك الأمر، في جمع التحريات السرية عن الحادث، فعلم أن أشخاصا شاهدوه، فسألهم وهم: عبد الفتاح محمد عبده ومحمد سعيد الهيطل، ومحمد عبد الحميد غنام، وبعدئذ أرسل هذا المحضر للنيابة الجزئية، فأحالته هذه إلى رئاسة نيابة طنطا في 11 ديسمبر سنة 1947، وليس في هذا المحضر ما يدل على أن رئيس النيابة قد اطلع عليه أو أمر بتقديمه لقاضي الإحالة، كما يبين أن أسماء هؤلاء الشهود الثلاثة لم يرد لها ذكر في قائمة الشهود ولا أمر قاضي الإحالة بإعلانهم كشهود إثبات.
وحيث إنه وإن كان لمحكمة الموضوع، في سبيل تأييد الأدلة المستمدة من التحقيق الذي تجريه هي بالجلسة، أن تتزود لحكمها بأي عنصر من عناصر الإثبات المستمدة من أوراق الدعوى، ولو كان ذلك هو أقوال شهود سئلوا في محاضر تحريات أجراها البوليس، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون تلك العناصر مما كان مطروحا للبحث أمامها بالجلسة أثناء المحاكمة، ولما كان الواضح مما سلف بيانه أن الحكم المطعون فيه قد استند فيما استند إليه إلى أقوال الشهود الثلاثة المشار إليهم، وقال عنها إنهم ذكروها في تحقيقات البوليس، مع أنهم لم يسألوا إلا في محضر عمل بعد أن أتمت النيابة التحقيق، وقدمت القضية للإحالة. ثم إنها قد سكتت عنه ولم تشر إليه بالجلسة، كما أن المحكمة لم توجه نظر الطاعن إليه، فإنه لا يمكن القول بأن هذا المحضر كان مطروحاً للبحث أثناء المحاكمة، ولذا فإن المحكمة إذ أقامت قضاءها بإدانة الطاعن على الدليل المستمد منه، تكون قد أخلت بحقه في الدفاع مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق