جلسة 3 من إبريل سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
--------------
(157)
القضية رقم 174 سنة 20 القضائية
أ - نقض.
التقرير بالطعن. ميعاده. الاحتجاج بقواعد المرافعات المدنية الجديد. في غير محله.
ب - إصابة خطأ.
بيان رابطة السببية بين خطأ المتهم وبين الإصابة. الإشارة في الحكم إلى مساهمة المجني عليه في الخطأ. لا تسقط مسؤولية المتهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه بدائرة قسم الوايلي تسبب في جرح فاطمة عيد حسان من غير قصد ولا تعمد بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد سيارة ولم يحتط فصدم المجني عليها وحدثت بها الإصابات المبينة بالكشف الطبي، وطلبت عقابه بالمادة 244 من قانون العقوبات.
وقد ادعت السيدة فاطمة عيد حسان بحق مدني قبل المتهم وطلبت القضاء لها عليه بمبلغ 25 جنيها بصفة تعويض مؤقت.
نظرت محكمة جنح الوايلي الجزئية هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم 200 قرش وإلزامه بأن يدفع للمدعية مدنياً مبلغ 25 جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية بلا مصروفات جنائية.
فاستأنف المتهم.
سمعت محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 16 نوفمبر سنة 1949 الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد لحقه البطلان بسبب عدم إيداع مسودته بالملف عقب النطق به. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المادة 346 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا نطق بالحكم عقب المرافعة وجب أن تودع مسودته المشتملة على أسبابه موقعاً عليها الرئيس والقضاة ومثبتاً بها تاريخ إيداعها وذلك في ظرف ثلاثة أيام في القضايا المستعجلة وسبعة أيام في القضايا التي يحكم فيها على وجه السرعة وخمسة عشر يوما في القضايا الأخرى وإلا كان الحكم باطلا. فإن كان النطق بالحكم في جلسة أخرى غير جلسة المرافعة وجب أن تودع مسودته عقب النطق به وإلا كان الحكم باطلا كذلك. وفي الحالات التي ينص القانون فيها على أن ميعاد الطعن في الحكم يبدأ من وقت صدوره يتعين إيداع المسودة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلا كذلك. وأنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يتخذ في شأنه ما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة السابقة وكان قانون تحقيق الجنايات قد جاء خاليا من نص خاص يتعلق بها فوجب الرجوع إلى أحكام قانون المرافعات والقضاء ببطلان الحكم، ويقول الطاعن إن هذا التطبيق يتمشى مع روح المشرع الذي وضع هذه القواعد وأراد بها أن تتاح للقاضي أسباب قضائه واضحة قبل أن ينطق به وأنه إذا كان قد رأى ذلك لازما في القضايا المدنية فإنه يكون ألزم من باب أولى في القضايا الجنائية وهي تتصل بأشخاص المتقاضين وحرماتهم.
وحيث إن المادة 231 من قانون تحقيق الجنايات قد حددت ميعاد التقرير بالطعن وتقديم أسبابه بثمانية عشر يوما كاملة وأوجبت في الوقت نفسه على قلم الكتاب أن يعطى صاحب الشأن بناء على طلبه صورة الحكم في ظرف ثمانية أيام من تاريخ صدوره، ومفاد ذلك أن الثمانية الأيام المذكورة إنما أعطيت للقاضي لمراجعة الحكم والتوقيع عليه على أن تكون العشرة الأيام الباقية لصاحب الشأن ليعد فيها أسباب طعنه إن أراد الطعن. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن عدم ختم الحكم في الثمانية الأيام المذكورة لا يستوجب وحده نقض الحكم وأن صاحب الشأن إذا لم يجده مودعا ملف الدعوى كان من حقه الحصول على شهادة مثبتة لذلك وكان له استنادا إليها أن يحصل من محكمة النقض على ميعاد جديد لإعداد طعنه وتقديم أسبابه. ولما كان القانون على ما فسرته به هذه المحكمة قد حدد حق كل من القاضي والمتقاضي على هذا النحو فلا محل للاحتجاج بقواعد قانون المرافعات المدنية والمطالبة باتباعها في المواد الجنائية، ذلك أن الأصل أن لا يرجع إلى تلك الأحكام إلا إذا كان لسد نقص أو للإعانة على تنفيذ القواعد المنصوص عليها في قانون تحقيق الجنايات. أما وقد نص هذا القانون على ما يتبع في هذا الشأن فإنه هو وحده الذي يجري حكمه ومن ثم يكون وجه الطعن غير سديد.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والثالث أن المحكمة لم ترد على ما تمسك به الطاعن من أنه لم يقع منه خطأ ولم تتعرض لما شهد به أحد الشهود بالجلسة مما يؤيد هذا الدفاع ثم إن المجني عليها هي التي اندفعت فجأة في الطريق فتسببت هي في وقوع الحادث أما هو فكان يسير ببطء، وشهد شهود الحادث بعدم مسئوليته كما أوردت المحكمة ما يفيد خطأ المجني عليها نفسها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة على ثبوتها واستظهر رابطة السببية بين ما وقع منه من الخطأ وبين إصابة المجني عليها وتعرض لدفاع الطاعن ثم قال "وبما أنه مما سبق يتبين أن التهمة ثابتة على المتهم إذ بدأت المجني عليها العبور وكان عليه عند انفتاح إشارة المرور أن يتنبه لها ويعمل على مفاداة الحادث فلم يفعل فتسبب عن ذلك وقوع الحادث وإصابة المجني عليها، ومما أثبته الكشف الطبي وهو كسر مضاعف بمفصل الساعد الأيمن. وبما أنه ظاهر أيضاً أن المجني عليها ساهمت بقسط يسير من الخطأ لأنها وهي سيدة مسنة كان عليها أن تتريث فلا تبدأ العبور إلا بعد استيثاقها من سلامة الطريق وعدم اقتراب سيارات منها خصوصا وأنها بطيئة الحركة كما يفهم ذلك من ظروف الحادث وأقوال الشهود الذين قرروا أنها بدأت فعلا عبور الطريق في أوله إلا أن ابنتها السيدة إكرام المرافقة لها فطنت إلى انفتاح إشارة المرور فحاولت منعها من الاستمرار في العبور فلم يتم لها ذلك وهو خطأ من جانبها يدخل في الحساب عند توقيع العقوبة، ولذا يتعين عقاب المتهم بالمادة 244 من قانون العقوبات" ولما كان الأمر كذلك وكان من شأن ما قالته المحكمة أن يؤدي إلى ما رتبته عليه وكانت مساهمة المجني عليها في الخطأ الذي أشارت إليه المحكمة لا تسقط مسئولية الطاعن عن الحادث الذي تسبب فيه بخطئه، فإن ما يثيره في هذين الوجهين لا يكون له أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق