جلسة 6 من يوليو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ علي عبد الرحمن بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سعيد سعد عبد الرحمن، بدوي إبراهيم عبد الوهاب، مصطفى عز الدين صفوت نواب رئيس المحكمة ومصطفى حسين مصطفى.
-------------
(132)
الطعن 1065 لسنة 83 القضائية
(1 ، 2) تعويض "صور التعويض: التعويض عن إساءة استعمال الحق". مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال الحق".
(1) المسئولية عن إساءة استعمال الحق. مناطها. وقوع الخطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة التي يتيحها له هذا الحق وخروج الاستعمال عن دائرة المشروعية. ورود حالاته على سبيل الحصر. المادتان 4، 5 مدني. ضابطها. نية الإضرار سواء على نحو إيجابي أو على نحو سلبي. علة ذلك.
(2) معيار الموازنة بين مصلحة صاحب الحق التي يرمي إلى تحقيقها من استعماله وبين الضرر الواقع على الغير جراء ذلك الاستعمال. معيار مادي دون النظر للظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور. علة ذلك.
(3) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية: الخطأ التقصيري الموجب للمسئولية".
تكييف الفعل بأنه خطأ من عدمه. خضوع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.
(4 ، 5) تعويض "صور التعويض: التعويض عن إساءة استعمال الحق". مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال الحق".
(4) حق المحافظة على النظام والأمن العام والآداب المقرر لهيئة الشرطة. حق أصيل. هدفه. منع الجرائم وضبطها وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات. م 3 ق 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة. مؤداه. عدم قيام المسئولية المدنية على تلك الهيئة بمجرد استعمالها هذا الحق. وجوب أن يقيم المطعون ضده الدليل على انحرافها في استعماله.
(5) استناد الحكم المطعون فيه في قضائه بإلزام الطاعن بصفته وزيرا للداخلية بتعويض المطعون ضده عن إصابته أثناء اشتراكه في إحدى المظاهرات داخل الحرم الجامعي إلى أقوال شاهدي الأخير وأن الجهات الأمنية لم تقدم الأدلة القاطعة ضد أي شخص يقوم بارتكاب أعمال الشغب أو التخريب. عدم بحثه مدى توفر إحدى صور التعسف في استعمال تابعي الطاعن بصفته لحقهم القانوني في المحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال وتنفيذ ما تفرضه القوانين واللوائح من واجبات. خطأ وقصور.
-----------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل حسبما تقضي به المادة 4 من القانون المدني أن "من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر" باعتبار أن مناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع الخطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة المشروعة التي يتيحها له هذا الحق، وكان خروج هذا الاستعمال عن دائرة المشروعية إنما هو استثناء من ذلك الأصل، وحددت المادة 5 من ذلك القانون حالاته على سبيل الحصر بقولها "يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية: (أ) إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير. (ب) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية، بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها. (ج) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة" وذلك درءا لاتخاذ ظاهر القواعد القانونية شعارا غير أخلاقي لإلحاق الضرر بالغير، وكان البين من استقراء تلك الصور أنه يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء على نحو إيجابي بتعمد السير إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر من استعمال صاحب الحق لحقه استعمالا هو إلى الترف أقرب مما سواه مما يكاد يبلغ قصد الإضرار العمدي.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة في هذه الصورة الأخيرة (إذا كانت المصالح التي يرمي صاحب الحق إلى تحقيقها غير مشروعة) وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسرا أو عسرا إذ لا تنبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.
4 - إن مفاد النص في المادة الثالثة من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة يدل على أن حق المحافظة على النظام والأمن العام والآداب المقرر لهيئة الشرطة هو حق أصيل يهدف إلى منع الجرائم وضبطها وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات، ومن ثم فلا تقوم المسئولية المدنية على تلك الهيئة بمجرد استعمالها هذا الحق بل يتعين أن يقيم المطعون ضده الدليل على انحرافها في استعماله.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالتعويض (بإلزام الطاعن بصفته وزيرا للداخلية بتعويض المطعون ضده عن إصابته أثناء اشتراكه في إحدى المظاهرات داخل الحرم الجامعي) إلى "أقوال المطعون ضده وأقوال شاهديه، وأن الجهات الأمنية لم تقدم الأدلة القاطعة ضد أي شخص يقوم بارتكاب أعمال الشغب أو التخريب "دون أن يعن ببحث مدى توفر إحدى صور التعسف في استعمال تابعي الطاعن بصفته لحقهم القانوني في المحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات، وبتنفيذ ما تفرضه عليهم القوانين واللوائح من واجبات، فإنه يكون مشوبا بالقصور الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته ووزير المالية بصفته - غير مختصم في الطعن - الدعوى رقم .... لسنة 2011 م. ك الإسكندرية طالبا الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 800000 جنيه، وفي بيان ذلك يقول إنه بتاريخ 9/ 4/ 2002 وأثناء اشتراكه في إحدى المظاهرات السلمية داخل الحرم الجامعي قامت قوات الأمن المركزي بالتعدي علي الطلاب وهو منهم دون تمييز مما أدى إلى إصابته بعاهة مستديمة بالعين اليسرى وهو ما ضبط عنه المحضر رقم ... لسنة 2002 إداري باب شرق، وإذ أصيب بأضرار مادية وأدبية قدرها بالمبلغ المطالب به فقد أقام دعواه، وبتاريخ 25/ 3/ 2012 حكمت المحكمة بالتعويض الذي قدرته. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 68ق الإسكندرية، كما استأنفه الطاعن بصفته بالاستئناف رقم ... لسنة 68 ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول للارتباط، وبتاريخ 21/ 11/ 2012 قضت في الاستئناف الأول بزيادة مبلغ التعويض على نحو ما قدرته وفي موضوع الاستئناف الثاني برفضه.
طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بصفته بالوجه الأول من السبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضده "من أن إصابته كانت نتيجة لقيام تابعيه بإطلاق طلقات الغاز والخرطوش وهو ما يمثل خطأ من جانبهم يستتبع مساءلته - كمتبوع - بالتعويض" رغم أن ما قام به تابعوه كان تنفيذا لواجبهم القانوني في المحافظة على النظام العام وحماية الأرواح والمنشآت والأعراض وكفالة الأمن والطمأنينة للمواطنين، وهو ما ينفي وقوع أي خطأ من جانب هؤلاء التابعين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الأصل حسبما تقضي به المادة 4 من القانون المدني أن "من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر" باعتبار أن مناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع الخطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة المشروعة التي يتيحها له هذا الحق، وكان خروج هذا الاستعمال عن دائرة المشروعية إنما هو استثناء من ذلك الأصل، وحددت المادة 5 من ذلك القانون حالاته على سبيل الحصر بقولها "يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية: (أ) إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير. (ب) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها. (ج) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة" وذلك درءا لاتخاذ ظاهر القواعد القانونية شعارا غير أخلاقي لإلحاق الضرر بالغير، وكان البين من استقراء تلك الصور أنه يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء على نحو إيجابي بتعمد السير إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر من استعمال صاحب الحق لحقه استعمالا هو إلى الترف أقرب مما سواه مما يكاد يبلغ قصد الإضرار العمدي، وكان من المقرر أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة في هذه الصورة الأخيرة وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسرا أو عسرا إذ لا تنبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الثالثة من القانون رقم 109 لسنة 1971 - بشأن هيئة الشرطة - على أن "تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام والآداب، وبحماية الأرواح والأعراض والأموال، وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها، كما تختص بكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات، وبتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات ..." يدل على أن حق المحافظة على النظام والأمن العام والآداب المقرر لهيئة الشرطة هو حق أصيل يهدف إلى منع الجرائم وضبطها وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات، ومن ثم فلا تقوم المسئولية المدنية على تلك الهيئة بمجرد استعمالها هذا الحق بل يتعين أن يقيم المطعون ضده الدليل على انحرافها في استعماله، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالتعويض إلى "أقوال المطعون ضده وأقوال شاهديه، وأن الجهات الأمنية لم تقدم الأدلة القاطعة ضد أي شخص يقوم بارتكاب أعمال الشغب أو التخريب" دون أن يعن ببحث مدى توافر إحدى صور التعسف في استعمال تابعي الطاعن بصفته لحقهم القانوني في المحافظة على النظام والأمن العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات، وبتنفيذ ما تفرضه عليهم القوانين واللوائح من واجبات، فإنه يكون مشوبا بالقصور الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق