جلسة 30 من يناير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة
المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.
-----------------
(24)
الطعن
رقم 11 لسنة 38 القضائية
(1)تزوير. حكم. "بطلان الحكم".
إيراد الحكم في أسبابه ما
يفيد اطلاع المحكمة على العقد المطعون عليه بالتزوير. النعي عليه بالبطلان لعدم
الأمر بضم المظروف المحتوي على ذلك العقد والاطلاع عليه. غير صحيح.
(2)استئناف. "الأحكام
الغير جائز استئنافها". قوة الأمر المقضي. تزوير. دعوى. "ترك
الخصومة". حكم.
عدم جواز الطعن
بالاستئناف استقلالاً في الحكم الصادر برفض الادعاء بالتزوير. ترك الخصومة في
استئناف ذلك الحكم. قضاء محكمة الاستئناف برد وبطلان العقد المطعون فيه لدى نظر
استئناف الحكم الصادر من بعد في الموضوع. النعي عليه بأنه خالف حجية الحكم الصادر
من محكمة أول درجة برفض الادعاء بالتزوير. لا محل له.
(3)، (4) ،(5) محكمة
الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "التسبيب الكافي".
إثبات. "قرائن قضائية".
(3)تقدير أقوال الشهود من
إطلاقات قاضي الموضوع. الاطمئنان إلى أقوال شاهد آخر مرجعه وجدان القاضي.
(4) استقلال
قاضي الموضوع بتقدير القرائن القضائية.
(5)عدم التزام قاضي الموضوع
بإبداء أسباب ترجيحه دليلاً على آخر. حسب الحكم بيان أسباب قضائه.
---------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه الذي قضى برد وبطلان عقد
البيع المدعي بتزويره قد
أورد في أسبابه "أن العقد المطعون عليه ألزم المستأنف عليها بكافة الأموال
الأميرية المفروضة على الأطيان المبيعة ابتداء من تاريخ البيع" مما مفاده أن
محكمة الاستئناف قد اطلعت على العقد المدعي بتزويره قبل إصدار حكمها المطعون عليه،
ومن ثم يكون النعي عليه - بوقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم إذ لم تأمر
المحكمة بضم المظروف المحتوي على العقد المطعون فيه وتطلع عليه - على غير أساس.
2 - ما نصت عليه المادة 378 من قانون المرافعات السابق من أن
الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها
لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، قصد به - وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة(1) - إلى أن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها وفقاً لهذا النص هي الخصومة
الأصلية المنعقدة بين الطرفين لا تلك التي تثار عرضاً في خصوص دفع شكلي في الدعوى
أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات فيها. وإذ كان حكم محكمة أول درجة قد اقتصر على
الفصل في الادعاء بتزوير العقد دون النظر في موضوع الخصومة الأصلية المرددة بين
الطرفين كلها أو بعضها، وهي طلب الحكم بصحة ونفاذ العقد، بل استمرت تلك المحكمة
بعد ذلك في نظر الموضوع، فإن الحكم الابتدائي المشار إليه ما كان يجوز الطعن فيه
بالاستئناف استقلالاً، ومن ثم فلا يترتب على ترك الخصومة في استئناف ذلك الحكم
صيرورته نهائياً. ويكون النعي على حكم محكمة الاستئناف برد وبطلان عقد البيع
المدعي بتزويره في الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر في الموضوع بأنه جاء على
خلاف الحكم السابق من محكمة أول درجة برفض الادعاء بالتزوير الحائز قوة الأمر
المقضي في غير محله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى
رقم 684 لسنة 1961 مدني كلي سوهاج على المطعون ضدها الأولى ومورث باقي المطعون
ضدهم، وطلبت الحكم بصحة عقد البيع المؤرخ 8/ 12/ 1955 الصادر إليها من ابنها
المرحوم....... مورثها ومورث المطعون ضدهم ببيعه لها 3 ف و22 ط و16 س مبينة بصحيفة
الدعوى لقاء ثمن قدره 946 ج و665 م. ادعى المدعى عليهما بتزوير هذا العقد، وبتاريخ
22/ 3/ 1962 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليهما بشهادة
الشهود أن العقد مزور، ولتنفي المدعية الطاعنة ذلك، وبعد أن سمعت المحكمة شهود
الطرفين، وجهت اليمين المتممة إلى الطاعنة واستجوبتها في شأن ظروف وفاة البائع، ثم
ندبت قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لبيان عمر الورقة المحرر
عليها عقد البيع المدعي بتزويره وعمر المداد الذي حرر به، وبتاريخ 28/ 1/ 1964 قضت
المحكمة برفض الادعاء بالتزوير وتحديد جلسة 3/ 3/ 1964، لنظر الموضوع. استأنف المحكوم
ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 62 لسنة 36 ق سوهاج وبتاريخ 19/ 5/ 1964 حكمت
المحكمة الابتدائية بإثبات صحة التعاقد عن عقد البيع سالف الذكر. استأنف المحكوم
عليهما هذا الحكم الأخير بالاستئناف رقم 131 لسنة 39 ق سوهاج وقضت محكمة الاستئناف
في الاستئناف الأول بإثبات ترك الخصومة وفي الثاني بانقطاع سير الخصومة لوفاة
المستأنف الثاني. وبعد أن عجلت الطاعنة هذا الاستئناف حكمت المحكمة بتاريخ 5/ 6/
1967 برد وبطلان عقد البيع موضوع الدعوى وبتحديد جلسة 7/ 11/ 1967 لنظر الموضوع،
ثم قضت بتاريخ 8/ 11/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة في
هذين الحكمين بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن، وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب، حاصل أولها وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم المطعون فيه، وفي بيان
ذلك تقول الطاعنة إن محكمة الاستئناف نظرت الدعوى بجلسة 9/ 4/ 1967 وقررت حجزها
للحكم لجلسة 5/ 6/ 1967 وفيها قضت برد وبطلان عقد البيع المدعي بتزويره دون أن
تأمر بضم المظروف المحتوي على ذلك العقد من خزانة المحكمة وتطلع عليه وأنه يترتب
على إغفال هذا الإجراء الجوهري بطلان الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 5/ 6/ 1967 والذي قضى برد وبطلان عقد البيع
المدعي بتزويره قد أورد في أسبابه "أن العقد المطعون عليه ألزم المستأنف
عليها بكافة الأموال الأميرية المفروضة على الأطيان المبيعة ابتداء من تاريخ
البيع" مما مفاده أن محكمة الاستئناف قد اطلعت على العقد المدعي بتزويره قبل
إصدار حكمها المطعون فيه، ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس. وحيث
إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 5/ 6/ 1967 مخالفته
القانون لصدوره على خلاف حكم سابق حاز قوة الأمر المقضي، وتقول الطاعنة في بيان
ذلك إن محكمة أول درجة قضت بتاريخ 28/ 1/ 1964 برفض الادعاء بتزوير عقد البيع
وحددت جلسة لنظر الموضوع، وقد استأنف المدعى عليهما هذا الحكم استقلالاً
بالاستئناف رقم 62/ 39 ق سوهاج، ثم تركا الخصومة فيه، وحكمت محكمة الاستئناف بقبول
ترك الخصومة وبذلك أصبح الحكم الابتدائي برفض الادعاء بالتزوير نهائياً وحائزاً
قوة الشيء المحكوم فيه وبعد أن حكمت محكمة أول درجة بتاريخ 19/ 5/ 1964 بإثبات صحة
التعاقد استأنف المدعى عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 131 لسنة 39 ق سوهاج
وبتاريخ 5/ 6/ 1967 حكمت محكمة الاستئناف برد وبطلان عقد البيع المدعي بتزويره
وبتحديد جلسة لنظر الموضوع، ثم قضت بتاريخ 8/ 11/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض
الدعوى، وبهذا يكون الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 5/ 6/ 1967 برد وبطلان عقد
البيع قد جاء على خلاف الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 28/ 1/ 1964 والقاضي
برفض الادعاء بالتزوير الذي أصبح نهائياً بعد أن قضى فيه استئنافياً بإثبات ترك
الخصومة وحاز قوة الأمر المقضي، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المشرع إذ نص في المادة 378 من قانون
المرافعات السابق - الذي أقيم الاستئناف رقم 62 لسنة 39 ق سوهاج في ظله - على أن
الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها
لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع قد قصد - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - إلى أن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها وفقاً لهذا النص هي
الخصومة الأصلية المنعقدة بين الطرفين لا تلك التي تثار عرضاً في خصوص دفع شكلي في
الدعوى أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات فيها، وكان حكم محكمة أول درجة الصادر في
28/ 1/ 1964 قد اقتصر على الفصل في الادعاء بتزوير العقد دون النظر في موضوع
الخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها، وهي طلب الحكم بصحة ونفاذ
العقد بل استمرت تلك المحكمة بعد ذلك في نظر الموضوع، إذ كان ما تقدم فإن الحكم الابتدائي
المشار إليه ما كان يجوز الطعن فيه بالاستئناف استقلالاً، ومن ثم فلا يترتب على
ترك الخصومة في استئناف ذلك الحكم صيرورته نهائياً ويكون النعي على الحكم الصادر
في 5/ 6/ 1967 بأنه جاء على خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الصادر في 5/ 6/ 1967 القصور في التسبيب من
وجهين: الأول: أنه استند في قضائه إلى أقوال شهود المطعون ضدهم وإلى دفاع مورث
الطرفين في القضية رقم 117 لسنة 1961 مدني أولاد طوق، وإلى عدم ظهور عقد البيع في
حياة المورث، هذا في حين أن أقوال الشهود جاءت على سبيل الظن لا اليقين علاوة على
تناقضهم في واقعة الاحتفاظ بختم المورث، وأن دفاع هذا المورث في الدعوى المشار
إليها لا ينفي تصرفه بالبيع إلى والدته بالعقد مثار النزاع، كما أن عدم ظهور العقد
إلى حيز الوجود إبان حياته لا ينهض دليلاً على تزويره. والوجه الثاني: أن الحكم
المطعون فيه قد أغفل ما ورد بتقرير أبحاث التزييف والتزوير من أن العقد المدعي
بتزويره قد حرر في التاريخ الثابت عليه أي في سنة 1955 ولم يحرر في تاريخ لاحق وهو
ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في
وجهه الأول مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد دلل على تزوير العقد موضوع الدعوى
بقوله "إن المحكمة تطمئن إلى أقوال شهود المستأنفين إذ يغلب عليها طابع الصدق
ولا تعول على أقوال شهود المستأنف عليها خصوصاً وأن الشاهد الثاني من شهود
المستأنف عليها..... قرر أنه سمع بواقعة البيع سنة 1959 وأن المستأنف عليها لم تضع
اليد على الأرض إلا منذ ثلاث أو أربع سنوات، وإذ كان التحقيق في 23/ 5/ 1962 فمعنى
ذلك أن المستأنف عليها وضعت اليد على الأرض في سنة 1958 على الأكثر الأمر الذي لا
يتفق مع ما ذكره هو بعد ذلك من أن البائع كان هو الواضع اليد على الأرض وكان هو
المتولي إيجارها وزراعتها، وهذا القول الأخير من الشاهد هو ما ترى المحكمة أنه
يتفق وواقع الحال، إذ أن المستأنف عليها طلبت في الدعوى الحالية تسليمها الأطيان
موضوع الدعوى فلو كانت واضعة اليد بالفعل ما كانت طلبت هذا الطلب، ويؤيد ذلك أن المستأنفة
قالت في مذكرة إعلان شواهد التزوير إن المورث كان هو الواضع اليد على الأطيان حتى
وفاته، ولم تنف المستأنف عليها هذا القول، ومما يؤيد هذا النظر ما ثبت من الاطلاع
على القضية رقم 117 لسنة 1961 أولاد طوق على النحو السالف بيانه، إذ لا يتأتى أن
المورث يتمسك في نوفمبر سنة 1959 وطوال نظر الدعوى حتى الحكم فيها بجلسة 6/ 5/
1961 بملكيته للمساحة موضوع الدعوى في الوقت الذي يكون هو قد تصرف فيها بالبيع منذ
8/ 12/ 1955، وهو تاريخ عقد البيع الابتدائي موضوع النزاع. وأنه إذا أضيف إلى ذلك
كله أن العقد المطعون عليه لم يظهر حال حياة المورث ولم تتخذ المستأنف ضدها أي
إجراء نحو شهره حتى توفى المورث في يوليو سنة 1961 بعد مضي ما يزيد على الخمس
السنوات من التاريخ المنسوب بالعقد أنه حرر فيه، ولم يكن هناك ما يمنع ذلك البتة
خصوصاً وأن العقد المطعون عليه ألزم المستأنف عليها بكافة الأموال الأميرية
المفروضة على الأطيان المبيعة ابتداء من تاريخ البيع فإن واجب الحرص يقتضي في أقل
القليل اتخاذ اللازم نحو شهر هذا العقد خصوصاً وأن المستأنف عليها تعلم أن هناك
زوجة سوف ترثه في تركته من بعده - كان كل ذلك مطمئناً هذه المحكمة أن عقد البيع
المؤرخ 8/ 12/ 1955 مزور على صاحبه ولم يصدر منه، ويتعين تبعاً لذلك الحكم برد
وبطلان العقد المشار إليه" ولما كان يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد
استند في قضائه برد وبطلان العقد المدعي بتزويره إلى ما استخلصه من أقوال شهود
المطعون ضدهم بما لا يخرج عما يؤدي إليه مدلولها وإلى القرائن الأخرى المستمدة من
أوراق الدعوى والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان تقدير أقوال
الشهود واستخلاص الواقع منها هو من إطلاقات قاضي الموضوع ما دام لم يخرج في ذلك
عما يؤدي إليه مدلولها وأن اطمئنانه إلى أقوال شاهد دون آخر مرجعه إلى وجدانه، كما
أن تقدير القرائن القضائية هو مما يستقل به هذا القاضي ولا رقابة لمحكمة النقض
عليه في تقديره لقرينة من شأنها أن تؤدي إلى الدلالة التي استخلصها هو منها. لما
كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه لا يعدو وأن يكون مجادلة موضوعية في تقدير
محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة،
وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض. والنعي في وجهه الثاني مردود أيضاً بأن لقاضي
الموضوع أن يأخذ في قضائه بما يرتاح إليه من أدلة الدعوى ويطرح ما لا يقتنع بصحته
منها دون أن يكون ملزماً بإبداء أسباب ترجيحه دليلاً على آخر، ويكفيه أن يبين
الأسباب التي اعتمد عليها في قضائه ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما
تضمنه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن في غير محله ويتعين رفضه.
(1) نقض 3/ 4/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 566.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق