جلسة 7 من ديسمبر سنة 2016
(108)
الطعن رقم 31278 لسنة 85 القضائية
(1) ضرب " ضرب أفضى
إلى موت " . أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير قيام حالة
الدفاع الشرعي " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب
الطعن . ما يقبل منها " .
إيراد الحكم المطعون
فيه لدى تحصيله واقعة الدعوى أن الطاعن كان في حالة رد للعدوان الحاصل من المجني عليه ونفيه نية إزهاق الروح . مفاده : أن قصده
الضرب فقط . انتهاء الحكم إلى رفض الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي لتجاوز
الطاعن له ومعاقبته بالسجن ثلاث سنوات . تناقض . يوجب نقضه والإعادة . علة ذلك ؟
تقدير
قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي . لمحكمة النقض رقابتها . شرط ذلك ؟
مثال .
(2) غرامة . سلاح . ضرب " ضرب أفضى إلى موت
" . عقوبة " تطبيقها " " عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط
. محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق
القانون " .
توقيع الحكم المطعون
فيه الغرامة المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن ذات العقوبة الأخف
بعد قضائه بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت إعمالاً للمادة
32 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأثر ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن الواقعة بما مفاده - حدوث مشادة كلامية بين المتهم والمجني عليه تطورت إلى مشاجرة فقام الثاني بالتوجه
ناحية الأول حاملاً سلاحاً أبيض - سكين - فأراد المتهم درء الاعتداء عنه ، فقام بإخراج سلاح ناري – فرد – وأطلق منه
عياراً نارياً باتجاه المجني عليه فأحدث به إصابته الموصوفة بتقرير الطب
الشرعي ، ولم يقصد من ذلك قتله ، ولكن الضرب أفضى لموته ، واعترف المتهم بارتكاب
الواقعة بالسلاح المضبوط .... " ، وفي معرض حديثه عن نية القتل لدى الطاعن
فقد اطرحها قائلاً : " ومن كل ذلك يتوافر لدى المحكمة قناعة كاملة بانتفاء
نية إزهاق الروح لدى المتهم وأنه قصد فقط الاعتداء عليه وإيذائه بقصد إبعاده عنه
دون قتله ... " ، مما مفاده أنه لم ينتو قتلاً ، بل مجرد الضرب لدفع الأذى ، ثم
عرض الحكم للدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي فاطرحه في قوله : " وحيث إنه عن
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم استناداً إلى قوله بأن الــمـجـني علـيه
هـو من بادر بالــتعـدي ، فمردود عليه بأن حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلَّا لرد
الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه وشرطه تناسب
الدفاع مع الاعتداء بأن يبذل المدافع قدراً من القوة لرد الاعتداء يكون متناسباً
مع الاعتداء ذاته . ولما كان ذلك ، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المجني عليه
توجه ناحية المتهم حاملاً سكيناً بقصد الاعتداء عليه فما كان من المتهم إلَّا أن
أخرج سلاحه الناري ، وأطلق منه طلقة استقرت برأس المجني عليه ، وأحدثت إصابته التي
أودت بحياته ، وكانت المسافة بين المتهم والمجني عليه ليست ببعيده ، وذلك من أقوال
الشهود ، فإن المحكمة ترى من ذلك أن المتهم كان في مكنته تصويب سلاحه الناري إلى
أجزاء من جسد المجني عليه غير المنطقة العليا من الجسد لكي يتناسب الدفاع مع
الاعتداء بقصد منع المجني عليه من مباشرة الاعتداء عليه ، أما وقد صوب سلاحه
الناري إلى الأجزاء العليا من جسد المجني عليه ، فإنه بذلك يكون تجاوز حق الدفاع
الشرعي لأنها أجزاء قاتلة بطبيعتها حتى مع خوفه من تعديه عليه بالسلاح الأبيض ،
فإن المحكمة لا ترى مبرراً للتعدي على المجني عليه بهذه الصورة ، ويكون معه الدفع
في غير محله تلتفت عنه المحكمة ، كما تتجاوز عن حقها الجوازي المنصوص عليه بالمادة
251 من قانون العقوبات بالنزول بالعقوبة إلى حد الحبس وتكتفي بعقابه بالقدر الوارد
بمنطوق هذا الحكم " . لما كان ذلك ، وكان يبين من سياق مدونات الحكم على النحو
السالف أنه بينما يثبت في تحصيله لواقعة الدعوى أن الطاعن كان في حالة رد للعدوان
الحاصل من المجني عليه ، وفي موضع آخر ينفي عنه نية إزهاق الروح بما مفاده أنه لم
يقصد حسبما أفصح الحكم سوى الضرب فقط ، ثم يخلص إلى رفض الدفع بتوافر حالة الدفاع
الشرعي لتجاوز الطاعن له – الذي يفيد توافرها بداءة – ثم انتهى في منطوقه إلى
معاقبته بالسجن ثلاث سنوات ، وهو ما يكون معه
الحكم المطعون فيه قد جاء مضطرباً ومتناقضاً في أسبابه ولم يستقر على رأي ثابت
يمكن معه لهذه المحكمة – محكمة النقض- مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما أثبتها ، ولا يغير من ذلك ما هو مقرر
في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع الشرعي هو حالة تقوم في الواقع على أمور موضوعية
بحتة لقاضي الموضوع وحده سلطة بحثها ، وتقدير ما يقوم عليها من الأدلة فيثبتها أو
ينفيها بدون أن يكون لقضائه معقب من رقابة محكمة النقض ، إلَّا أنه في حالة وجود
غموض وتناقض ظــاهــر بين موجب الوقائع والظروف المادية التي يثبتها وبين النتيجة
القانونية التي يستخلصها منها - كالحال في الدعوى – فإن محكمة النقض لا يكون في
وسعها أن تتعرف على حقيقة الأساس القانوني الذي بنت عليه محكمة الموضوع معتقدها في
الدعوى وأساس تقديرها مسئولية الطاعن ، وما أنزلته به من عقاب ، وهو ما يوجب نقض
الحكم المطعون فيه والإعادة .
2- لما كان ما تردى فيه الحكم من خطأ إذ قضى بتوقيع الغرامة
المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن ، وهي الجريمة ذات العقوبة الأخف
، رغم أنه قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت – وهي الأشد
– عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، ويكون قد خالف القانون ، مما كان يؤذن
لهذه المحكمة أن تصحح هذا الخطأ إلَّا أنه إزاء ما انتهت إليه فيما تقدم من نقض
الحكم لما شابه من غموض وتناقض لهما الصدارة على أوجه الطعن المتعلقة بمخالفة
القانون ، فإنه لا يكون للتصحيح محل ، بل إن على محكمة الإعادة – إن رأت إدانة
الطاعن – أن تطبق صحيح القانون ، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنـه :
1- قتل المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية ، وعقد العزم على قتله
، وأعد لذلك سلاحاً نارياً " فرد خرطوش " وتوجه إليه بالمكان
الذي أيقن سلفاً تواجده فيه ، وما أن ظفر به حتى أطلق صوبه عياراً من السلاح
الناري إحرازه استقرت برأسه ، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية
المرفق ، والتي أودت بحياته قاصداً قتله .
2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخنٍ " فرد خرطوش " .
3- أحرز ذخائر مما تستخدم على السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون
مرخصاً له بحيازته أو إحرازه .
وأحالتـه إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين
بأمر الإحـالة .
والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/1 من قانون
العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1-4
، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ، والجدول رقم 2 الملحق بالقانون
الأول ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث
سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه عما نسب إليه للارتباط ، وألزمته بأن يؤدي للمدعي
بالحق المدني مبلغ خمسة آلاف جنيه وواحد تعويضاً مدنياً مؤقتاً ، وألزمته بمصاريف
الدعويين الجنائية والمدنية في الدعوى الأخيرة ، ومصادرة السلاح الناري المضبوط ،
بعد أن عدلت وصف التهمة الأولى بجعلها ضرب أفضي إلي موت .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض
.... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت ، وإحراز
سلاح ناري غير مششخن ، وذخائره بدون ترخيص قد شاب القصور ، والتناقض في التسبيب ؛
ذلك أن المحكمة في مقام تحصيل الواقعة وفي الرد على دفاعه بانتفاء ظرف سبق الإصرار
وتوافر حالة الدفاع الشرعي ، قد استقر في عقيدتها أن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي
، وهو ما ترشح له ظروف الواقعة وملابساتها بيد أنها انتهت إلى أن الطاعن تجاوز حق
الدفاع الشرعي ودون أن تطبق المادة 251 من قانون العقوبات ، مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بيّن الواقعة بما مفاده - حدوث مشادة كلامية بين المتهم والمجني عليه تطورت إلى مشاجرة فقام الثاني بالتوجه
ناحية الأول حاملاً سلاحاً أبيض - سكين - فأراد المتهم درء الاعتداء عنه ، فقام
بإخراج سلاح ناري – فرد – وأطلق منه عياراً نارياً باتجاه المجني عليه فأحدث به
إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، ولم يقصد من ذلك قتله ، ولكن الضرب أفضى
لموته ، واعترف المتهم بارتكاب الواقعة بالسلاح المضبوط .... " ، وفي معرض
حديثه عن نية القتل لدى الطاعن فقد اطرحها قائلاً : " ومن كل ذلك يتوافر لدى
المحكمة قناعة كاملة بانتفاء نية إزهاق الروح لدى المتهم وأنه قصد فقط الاعتداء
عليه وإيذائه بقصد إبعاده عنه دون قتله ...
" ، مما مفاده أنه لم ينتو قتلاً ، بل مجرد الضرب لدفع الأذى ، ثم عرض
الحكم للدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي فاطرحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع
بقيام حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم استناداً إلى قوله بـــأن الــمـجــنـي عــلــيــه
هـــو مـــن بــادر بــالــتــعـدي ، فمردود عليه بأن حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلَّا
لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه وشرطه
تناسب الدفاع مع الاعتداء بأن يبذل المدافع قدراً من القوة لرد الاعتداء يكون
متناسباً مع الاعتداء ذاته . ولما كان ذلك ، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن
المجني عليه توجه ناحية المتهم حاملاً سكيناً بقصد الاعتداء عليه فما كان من
المتهم إلَّا أن أخرج سلاحه الناري ، وأطلق منه طلقة استقرت برأس المجني عليه ، وأحدثت
إصابته التي أودت بحياته ، وكانت المسافة بين المتهم والمجني عليه ليست ببعيده ، وذلك
من أقوال الشهود ، فإن المحكمة ترى من ذلك أن المتهم كان في مكنته تصويب سلاحه
الناري إلى أجزاء من جسد المجني عليه غير المنطقة العليا من الجسد لكي يتناسب
الدفاع مع الاعتداء بقصد منع المجني عليه من مباشرة الاعتداء عليه ، أما وقد صوب
سلاحه الناري إلى الأجزاء العليا من جسد المجني عليه ، فإنه بذلك يكون تجاوز حق
الدفاع الشرعي لأنها أجزاء قاتلة بطبيعتها حتى مع خوفه من تعديه عليه بالسلاح
الأبيض ، فإن المحكمة لا ترى مبرراً للتعدي على المجني عليه بهذه الصورة ، ويكون
معه الدفع في غير محله تلتفت عنه المحكمة ، كما تتجاوز عن حقها الجوازي المنصوص
عليه بالمادة 251 من قانون العقوبات بالنزول بالعقوبة إلى حد الحبس وتكتفي بعقابه
بالقدر الوارد بمنطوق هذا الحكم " . لما كان ذلك ، وكان يبين من سياق مدونات
الحكم على النحو السالف أنه بينما يثبت في تحصيله لواقعة الدعوى أن الطاعن كان في
حالة رد للعدوان الحاصل من المجني عليه ، وفي موضع آخر ينفي عنه نية إزهاق الروح
بما مفاده أنه لم يقصد حسبما أفصح الحكم سوى الضرب فقط ، ثم يخلص إلى رفض الدفع
بتوافر حالة الدفاع الشرعي لتجاوز الطاعن له – الذي يفيد توافرها بداءة – ثم انتهى
في منطوقه إلى معاقبته بالسجن ثلاث سنوات وهو ما يكون معه الحكم المطعون فيه قد
جاء مضطرباً ومتناقضاً في أسبابه ولم يستقر على رأي ثابت يمكن معه لهذه المحكمة –
محكمة النقض- مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما أثبتها ، ولا يغير من ذلك
ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع الشرعي هو حالة تقوم في الواقع على أمور
موضوعية بحتة لقاضي الموضوع وحده سلطة بحثها ، وتقدير ما يقوم عليها من
الأدلة فيثبتها أو ينفيها بدون أن يكون لقضائه معقب
من رقابة محكمة النقض ، إلَّا أنه في حالة وجود غموض وتناقض ظــاهــر بين موجب الوقائع والظروف المادية التي يثبتها وبين النتيجة
القانونية التي يستخلصها منها - كالحال في الدعوى – فإن محكمة النقض لا
يكون في وسعها أن تتعرف على حقيقة الأساس القانوني الذي بنت عليه محكمة الموضوع
معتقدها في الدعوى وأساس تقديرها مسئولية الطاعن ، وما أنزلته به من عقاب ، وهو ما
يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة ، هذا فضلاً عما تردى فيه الحكم من خطأ إذ
قضى بتوقيع الغرامة المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن ، وهي الجريمة
ذات العقوبة الأخف ، رغم أنه قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى
الموت – وهي الأشد – عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، ويكون قد خالف القانون
، مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح هذا الخطأ إلَّا أنه إزاء ما انتهت إليه فيما
تقدم من نقض الحكم لما شابه من غموض وتناقض لهما الصدارة على أوجه الطعن المتعلقة
بمخالفة القانون ، فإنه لا يكون للتصحيح محل ، بل إن على محكمة الإعادة – إن رأت
إدانة الطاعن – أن تطبق صحيح القانون ، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق