باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة المدنية
برئاسة السيد المستشار / محمد حمــــودة الشريــــــــف رئيس الدائرة
وعضوية السيد المستشار/ صلاح عبد العاطي أبو رابح
وعضوية السيد المستشار / محمــد عبدالعظيـــم عقبــــــــه
وبحضور السيد/ محمد حسانين سند أميناً للسر
في الجلســـــة العلنية المنعقـدة بمقر المحكمة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الاثنين 8 ذي القعدة سنة 1438 ه الموافق 31 يوليو من العام 2017 م
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمــة بـرقـم 43 لسنـــة 12 ق 2017 – مدنى
الطاعنة / شركة ..... الوطنية للتأمين بوكالة المحامي / ..........
ضــــــــــد
المطعون ضدهما / 1) .......... بوكالة المحامي / .......... 2) ..... عن نفسه وبصفته ولي طبيعي على نجله / .... بوكالة المحاميان / ......
الوقائـــــع
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / صلاح أبو رابح والمرافعة وبعد المداولة :
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني عن نفسه أقام على الشركة الطاعنة والمطعون ضده الأول الدعوى رقم 106 لسنة 2016 رأس الخيمة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن والتضامم بأن يؤديا له مبلغ خمسة ملايين درهم تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والدية الشرعية من جراء إصابة نجله بسبب حادث السيارة المؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة ودين قائدها المطعون ضده الأول بحكم جنائي بات ، ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام الشـركة الطاعنة والمطعون ضده الأول بالتضامم بأن يؤديا للمطعون ضده الثاني بصفته ولي طبيعي عن نجله 250 ألف درهم دية وتعويض عما لحق نجله من أضرار مادية وبأن يؤديا له عن نفسه وبصفته مبلغ 100 ألف درهم تعويضاً عن الأضرار الأدبية استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 575 لسنة 2016 أمام محكمة استئناف رأس الخيمة ، كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم 580 لسنة 2016 أما ذات المحكمة ، ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 28/02/2017 قضت بالتأييد . طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز ،
وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم .
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالوجه الأول والثاني والرابع من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن دفاعها قد جرى بانتفاء مسئوليتها عن التعويض المقضي به تأسيساً على أن المتسبب في الحادث هو المطعون ضده الثاني لمخالفته القانون وقد قضى بإدانته بحكم جزائي نهائي وبات ويكون لازم ذلك ومقتضاه إلزامه وحده بأداء التعويض وفقاً لما هو ثابت بوثيقة التأمين التي لا تغطي هذا الحادث تحديداً كونه نتج عن عمد وتعريض حياة المجني عليهم للخطر واذ لم يأبه الحكم المطعون فيه لدفاعها الجوهري سالف الذكر وقضى بإلزامها بالتضامم مع المطعون ضده الثاني بالدية والتعويض بالمبلغ الوارد بالمنطوق والمغاير للوارد بالحيثيات وعلى الرغم من سبق القضاء بالدية أمام المحكمة الجزئية مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وفقاً لنص المادتين 26/1 من القانون رقم 21 لسنة 1995 في شأن السير والمرور ، والمادة 148 من القرار الوزاري رقم 130 لسنة 1997 باللائحة التنفيذية لذلك القانون ، أن المشـرع أخذ بنظام التأمين الإجباري على المركبات الميكانيكية لمصلحة الغير والمضرور من استعمال تلك المركبات أياً كان نوع الضرر سواء أكان جسمانياً أو ناجماً عن إتلاف الممتلكات وأعطاه حقاً ذاتياً مباشراً للمطالبة بالتعويض عما لحقه من أضرار ، إذ يعتبر المضرور من الغير بالنسبة لوثيقة التأمين فلا يحاج بما ورد فيها من شروط تقلل أو تحول دون مسئولية شركة التأمين عن تعويضه إذ هي وشأنها في الرجوع على المؤمن له أو قائد السيارة التي يحاج بالاستثناءات الواردة بتلك الوثيقة وذلك وفق ما يقضي به القرار الوزاري رقم 54 لسنة 1987 بشأن توحيد وثائق التأمين على السيارات وبالتالي فلا يجوز للشركة المؤمنة على السيارة الاحتجاج قبل المضرور من الغير بأن مرتكب الفعل الضار كان متعمداً ما يفعل وعرض حياة المجني عليهم للخطر ، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص إلى ثبوت مسؤولية الشركة الطاعنة عن تعويض الضرر الحاصل للمطعون ضده الأول بصفته – وهو من الغير - عما لحق نجله من أضرار مادية نتيجة استعمال السيارة المؤمن عليها لديها ، وثبوت خطأ قائد السيارة عن تلك الواقعة بحكم جزائي وبات ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بإلزام الطاعنة بأداء المبلغ المحكوم به بمبلغ إجمالي مائتي وخمسون ألف درهم دية وتعويض ، وهو عبارة عن مبلغ ثلاثون ألف درهم دية ومبلغ مائتين وعشرين ألف درهم تعويض مادي عن إصابة نجل المطعون ضده الأول وذلك بالتضامم مع المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول بصفته ، وكان ما خلص إليه الحكم – على هذا النحو – موافقاً للتطبيق الصحيح للقانون ، وكان البين من الأوراق أنه لم يسبق القضاء للمطعون ضده الأول بصفته بدية بالحكم الجزائي فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير صحيح ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني والسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنها تمسكت بأن نجل المطعون ضده الأول قد ساهم بخطئه في إحداث الضرر الذي أصابه وهو باشتراك في سباق سيارات في مكان غير معد لذلك ، بما يوجب انقاص التعويض بمقدار مساهمته في وقوع الحادث ، فألتفت عن هذا الدفاع ونفي مساهمة نجل المطعون ضده الأول وعول في ذلك على أسباب الحكم الجزائي بإدانة المطعون ضده الثاني رغم أنه لا يحوز حجية في هذا الخصوص ولا يحول دون بحث القاضي المدني مساهمة المجني عليه في وقوع الحادث والضرر الناجم عنه مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ، ذلك بأنه لم كان مؤدى نصوص المواد 283 ، 284 ، 290 من قانون المعاملات المدنية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المسؤولية عن الفعل الضار لا تتحقق إلا بتوافر أركانها الثلاثة الفعل والضرر وعلاقة السببية بينهما ، فإذا تعددت الأسباب المؤدية إلى الضرر فإن العبرة في تحديد المسؤولية بالسبب الرئيسي الحقيقي الذي أفضى إلى الضرر ، فلا يقوم ركن السببية إلا على السبب المنتج الفعال المحدث بذاته للضرر دون ما عداه من عوامل أو أسباب عارضة ليس من شأنها بطبيعتها وفقاً للمجرى العادي للأمور أن تحدث مثل هذا الضرر ، فإن كان المضرور قد ساهم بفعله في إحداث الضـرر أو زاد فيه جاز للقاضي توزيع مبلغ التعويض بين المسئول والمضرور بنسبة خطأ كل منهما ، وإذا تبين له من ظروف الواقعة أن فعل المضرور هو العامل الرئيسي في إحداث الضـرر الذي أصابه وأنه بلغ من الجسامة حداً بحيث يستغرق خطأ غيره وتجب مسئوليته كان له أن يرفض طلب التعويض ، وثبوت أو نفي مساهمة المضرور بفعله في إحداث الضرر أو وقوع الضرر بفعله وحده من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع دون رقابه عليه في ذلك من محكمة التمييز متى أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه ، لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي مساهمة نجل المطعون ضده الأول في إحداث الضرر على ما استخلصه من الأوراق من أن خطأ المطعون ضده الأول هو السبب المنتج والمباشر وهو الذي أدى وحده إلى وقوع الحادث وإحداث إصابة نجل المطعون ضده الأول ، وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن ما تثيره الطاعنة بشأن مساهمة نجل المطعون ضده الأول بخطئه في إحداث الضرر لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير موضوعي سائغ لمحكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بباقي أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه بالغ في مقدار التعويض المقضي به وجمع بين الدية والتعويض بالمخالفة لنص المادة 299 من قانون المعاملات المدنية وعدل في قضائه على تقرير طبي مبدئي نهائي وقضـى بتعويض مغالى فيه دون بحث لعناصره والتفت عن طلب إحالة نجل المطعون ضده الأول إلى لجنة طبية محايدة لتوقيع الكشف الطبي عليه للوقوف على مدى إصابته وتقدير التعويض المناسب مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك بأنه لما كان مؤدى نصوص المواد 282 ، 285 ، 293 ، 294 ، 295 ، 297 من قانون المعاملات المدنية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع لم يقصر تعويض الضرر الناجم عن العمل غير المشروع على الدية الشـرعية وحدها وإنما جعله شاملاً لكافة العناصر الأخرى للضرر سواء كان مادياً أو معنوياً ، وكان النص في المادة 299 من القانون سالف الذكر على حظر الجمع بين الدية والتعويض قصد به تفادي تكرار التعويض عن الضرر ذاته ، وكان الضرر الذي تغطيه الدية في مفهوم ذلك النص وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون هو الضرر المادي الذي يلحق شخص المجني عليه بسبب الإيذاء الواقع على نفسه ، فإن حظر الجمع بين الدية والتعويض ينصرف إلى الحالة التي تغطي فيها الدية كافة الأضرار الناجمة عن العمل غير المشروع أما إذا حاق بالمضرور ضرراً آخر لا تغطية الدية فيجوز التعويض عنه ، وكان تحديد الضرر وتقدير التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا يخضع لرقابة محكمة التمييز متى كان تقديرها يقوم على أساس سائغ ومردود إلى عناصره الثابتة في الأوراق ومبرراته التي يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يكون متكافئاً مع الضـرر ومن المقرر أيضاً أن تقدير محكمة الموضوع لعمل الخبير مما يدخل في سلطتها الموضوعية ، ولها باعتبارها الخبير الأعلى أن تقدر رأي الخبير ولو في مسألة فنية ، وهي غير ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر أو لجنة خبراء مادامت لم تر لزوماً لاتخاذ هذا الإجراء ووجدت في تقدير الخبير المقدم إليها وفي أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أطمأن إلى التقارير الطبية الصادرة من مستشفى صقر ومستشفى سليمان حبيب واتخذها سنداً لقضائه في تحديد الإصابات التي لحقت بنجل المطعون ضده الأول وأورد الحكم أن إصابات الأخير هي فقد عدد ثلاثة أسنان وفرض لها دية بنصف عشر الدية الكاملة للجسد عن كل سن ثم أوضح بالتفصيل باقي إصاباته وما لحق الطاعن عن نفسه وبصفته من أضرار وخلص في حدو ماله من سلطة في تقدير الدليل إلى الاطمئنان لتلك التقارير واتخذها عماداً لقضائه ولم ير حاجة بعد ذلك إلى إجابة طلب ندب لحنة طبية محايدة ، وكان الحكم الابتدائي قد أوضح في أسبابه التي أقرها الحكم المطعون فيه وأخذ بها عناصر الضرر الذي لحق المضـرور بسبب خطأ قائد السيارة وبين أوجه أحقيته في التعويض عن كل عنصر ثم تولت بما لها من سلطة تقديرية تحديد مقدار التعويض الذي ارتأت أن المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته يستحقه مبينه في حكمها المبلغ الذي قدرته لكل منهم وأقامت قضاءه في هذا الخصوص على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق فإن ما تثيره الطاعنة حول تقدير التعويض والدية لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز ، وكان القضاء بالدية لا يحول دون الحكم للمضرور بالتعويض عن الأضرار التي لا تغطيها الدية على النحو السالف بيانه تفصيلاً فإن النعي على الحكم بالجمع بين الدية والتعويض بالمخالفة للقانون يكون على غير أساس.
لما تقدم يتعين رفض الطعن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق