باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة المدنية
برئاسة السيد المستشار / محمد حمــــودة الشريــــــــف رئيس الدائرة
وعضوية السيد المستشار/ صلاح عبد العاطي أبو رابح
وعضوية السيد المستشار / محمــد عبدالعظيـــم عقبــــــــه
وبحضور السيد/ سعد طلبه أميناً للسر
في الجلســـــة العلنية المنعقدة بمقـــر المحكمـــــة بدار القضاء بـإمـارة رأس الخيمـــة
في يوم الأثنين 10 من صفر سنة 1439 هـــ الموافق 30 من أكتوبر سنة 2017 م
في الطعـنين المقيـــدين فـي جـدول المحكمة بـرقمي 71 & 77 لسنـــة 12 ق 2017 – مدنى
الطعن رقم 71 لسنة 2017 :
الطاعن / .... بوكالة المحامي / .....
ضــــــــــد
المطعون ضده / .... عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على نجله القاصر / ... بوكالة المحامي / ...
الطعن رقم 77 لسنة 2017 :
الطاعنة / شركة .... للتأمين التكافلي بوكالة المحامي / ...
ضــــــــــد
المطعون ضدهم / 1- .... عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على نجله القاصر / .....
2- ... بوكالة المحاميان / ....
3- ... .
المحكمــــــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / صلاح أبو رابح والمرافعة وبعد المداولة :
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته في الطعن رقم 77 لسنة 2017 أقام على الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث الدعوى رقم 373 لسنة 2016 رأس الخيمة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامم فيما بينهم بأن يؤدوا له التعويض الجابر عن الأضرار المادية والأدبية . وقال بياناً لذلك أنه بتاريخ 26/4/2016 تسبب المطعون ضده الثاني قائد المركبة مرتكبة الحادث والمملوكة للمطعون ضده الثالث والمؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة – بخطئه في إصابة نجله بالإصابات الواردة بالتقارير الطبية وتحرر عن ذلك المحضر رقم 144 لسنة 2015 جنح مرور رأس الخيمة وقضى ببراءة المطعون ضده الثاني وبرفض الدعوى المدنية بحكم نهائي وبات ، ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى . استأنف المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 91 لسنة 2017 أمام محكمة استئناف رأس الخيمة ، وبتاريخ 28/5/2017 قضت بإلغاء الحكم المستأنف قبل الطاعنة والمطعون ضده الثاني والقضاء بإلزام الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث بأن يؤدوا للمطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته بالتضامم مبلغ 50,000 درهم وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك . طعن المطعون ضده الثاني في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 71 لسنة 2017 تمييز مدني. كما طعنت الطاعنة بالطعن رقم 77 لسنة 2017 تمييز مدني ، وإذ عُرض الطعنين على هذه المحكمة- في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظرهما وفيها قررت إصدار الحكم لجلسة اليوم .
وحيث إن الطعن رقم 77 لسنة 2017 أقيم على سبب واحد من أربعة وجوه تنعى الطاعنة بالوجه الأول منها على الحكم المطعون فيه بطلان الحكم بطلاناً مطلقاً لتعلق ذلك بالنظام العام لمخالفته إجراءات إصدار الأحكام المنصوص عليها بالمادتين 129/31،4،2،1 من قانون الإجراءات المدنية وذلك لخلو محضر جلسة النطق بالحكم الاستئنافي وخلو مسودة الحكم المشتملة على أسباب من أية توقيعات للقضاة الذين سمعوا المرافعة أو للقضاة الذين نطقوا بالحكم عند إيداع الأسباب ملف الدعوى سوى توقيع رئيس الدائرة وحدة وأمين السر مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود لأن الأصل في الأمور صحتها وفي الإجراءات إنها روعيت وعلى من يدعى خلاف ذلك إثباته . لما كان ذلك ، وكانت المادة 129 من قانون الإجراءات المدنية تنص على أنه 1) يجب في جميع الأصول أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها ، وتودع مسودة الحكم المشتملة على أسباب موقعة من الرئيس والقضاة عند النطق به في ملف الدعوى ، 2....... ، 3.......... ، 4- ويترتب على مخالفة الأحكام الواردة في الفقرتين 1،2 بطلان الحكم ، وكانت المادة 131 من ذات القانون قد أناطت برئيس الدائرة وصورة الحكم التوقيع على أصله مع كاتب الجلسة دون بقية القضاة – بخلاف التوقيع على مسودة الحكم الذي يستلزم توقيع جميع القضاة ، لما كان ذلك ، وكانت مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من جميع القضاة ومودعة ملف الدعوى وكذا محضر جلسة النطق بالحكم موقع من رئيس الدائرة وأمين السر ، وإذ لم يقدم الطاعن دليلاً على عدم التوقيع على المسودة من جميع القضاة عند إيداعها ملف الدعوى ، وكان الأصل في الإجراءات .... ، ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن مجرد قول لا دليل عليه ويكون النعي على غير أساس وبالتالي غير مقبول .
وحيث إن الطاعن في الطعن رقم 71 لسنة 2017 ينعى بالوجوه الأول والثاني والرابع من سبب الطعن وشركة التأمين الطاعنة في الطعن رقم 77 لسنة 2017 بالوجه الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق إذ أقام قضاءه بإلزامهما بالتعويض المقضي به بالتضامم تأسيساً على نص المادة 316 من قانون المعاملات المدنية على أساس إن الطاعن في الطعن رقم 71 لسنة 2017 هو الحارس على المركبة لكونه مالكها وكيف الدعوى على إنها تعويض على أساس المسؤولية الشيئية فقد غابت عنه الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى على الرغم من أن الطاعن في الطعن 71 لسنة 2017 لم تكن له سيطرة أو هيمنة على السيارة مرتكبة الحادث وأغفل الحكم حجية الحكم الجنائي ببراءته من الاتهام المسند إليه لعدم وقوع خطأ عنه والمطعون ضده الثالث وفق ما انتهى إليه الحكم الجنائي الصادر في الجنحة رقم 144 لسنة 2015 جزائي رأس الخيمة وبالتالي عدم تحقق المسؤولية التقصيرية تجاهه وانتفاء مسؤوليته التضاممية مع شركة التأمين مما يعيبه ويستوجب نقضه .
حيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أن النص في المادة 316 من قانون المعاملات المدنية على أن (كل من كان تحت تصرفه أشياء تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها أو آلات ميكانيكية يكون ضامناً لما تحدثه هذه الأشياء والآلات من ضرر إلا ما لا يمكن التحرز منه) يدل على أن مسؤولية الشخص عما تحدثه هذه الأشياء المبينة بالنص من ضرر متى كان له السيطرة الفعلية عليها إنما تقوم وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون على أساس أن كل الأضرار التي تحدث عن هذه الأشياء هي من قبيل الضرر المباشر وهذه المباشرة والضرر يُضافان إلى من هي تحت تصرفه ويكون ضامناً له ولا يمكن للمسؤول أن يدرأ مسؤوليته عن الضرر الذي تحدثه هذه الأشياء إلا بنفي رابطة السببية بين الشيء والضرر بإثبات السبب الأجنبي الذي لا يمكن الاحتراز منه وعلى المسؤول عبء إثبات ذلك مأخوذاً في الاعتبار أن السيطرة الفعلية التي تقتضي المساءلة طبقاً لمسؤوله حارس الأشياء لا تنتفي بمجرد تسليم الشيء لآخر تابعاً أو غير تابع طالما لم يفقد مالكه سيطرته عليه . ومن المقرر كذلك أن الحكم الجنائي تقتصر حجيته أمام المحاكم المدنية على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه وهو خطأ المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والضرر ، ومن ثم فإن الحكم ببراءة المتهم التابع لانتفاء الخطأ الشخصي في جانبه لا يحول دون بحث مدى توافر أركان المسؤولية في جانب من كان الشيء تحت تصرفه وليس على أساس مسؤولية المتبوع عن خطأ تابعة ، لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم الصادر في الدعوى الجزائية إنها أقيمت على المطعون ضده الثالث في الطعن رقم 77 لسنة 2017 لكونه تسبب خطأ في إصابة نجل المطعون ضده الأول وقد قضى نهائياً ببراءته بناء على عدم إمكانية نسبة أي خطأ في جانبه لا على نفي نسبة الواقعة إليه ومن ثم فإن المحكمة الجزائية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعويين لأن قوام الدعوى الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى المطعون ضده الثالث وأساس الدعوى الثانية أحكام المادة 316 من قانون المعاملات المدنية وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على هذا الأساس وانتهى إلى مسؤولية الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني في الطعن رقم 77 لسنة 2017 عن الضرر اللاحق بنجل المطعون ضده الأول ورتب على ذلك القضاء بإلزامهما بالتضامم بمبلغ التعويض المقضي به على ما استخلصه من الأوراق من تدخل السيارة مرتكبة الحادث تدخلاً إيجابياً في وقوع الضرر الذي لحق بنجل المطعون ضده الأول والمملوكة للمطعون ضده الثاني والذي هو صاحب السيطرة الفعلية عليها وقت الحادث والذي لم يقدم ثمة بينة قانونية لإثبات خروجها من تحت تصرفه بغير إرادته أو انتقلت بإرادته بموجب عقد أو نحوه من التصرفات الناقلة لها إلى المطعون ضده الثالث ولم يقدم ما يدرأ مسؤوليته عن الضرر بنفي تدخل سيارته في إحداث الضرر الذي لحق بنجل المطعون ضده الأول وانتهى إلى توافر ركني المسؤولية الشيئية بحق المطعون ضده الثاني وهما توليه حراسة السيارة ودفوع الضرر بفعل السيارة وبالتالي يكون مسؤول عن ضمان الضرر اللاحق بنجل المطعون ضده الأول طبقاً لنص المادة 316 من قانون المعاملات المدنية وبمسؤولية الشركة الطاعنة كونها مؤمن لديها على السيارة مرتكبة الحادث في تاريخ ارتكاب الحادث تأميناً إجبارياً لتغطية الأضرار التي تلحقها بالغير ومن ثم مسؤوليتها بالتضامم مع المالك للسيارة المؤمن عليها لديها عن ضمان الضرر ، وإذ كان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ولا الثابت بالأوراق ، وكافياً لحمل قضائه في هذا الخصوص ، ويحمل الرد الكافي المسقط لكل حجج الطاعنين في الطعنين وأوجه دفاعهما ودفوعهما في هذا الخصوص ومن ثم فإن النعي في جملته يكون على غير أساس ، وكان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن مالك السيارة مرتكبة الحادث على أساس ثبوت الحراسة له على السيارة المذكورة وتوافر ركني المسؤولية الشيئية في حقه طبقاً لنص المادة 316 من قانون المعاملات المدنية على النحو السالف وذلك بالتضامم مع شركة التأمين الملزمة أيضاً بالتعويض وفقاً لنظام التأمين الإجباري – وكلاهما مدين بدين واحد له مصدران مختلفان ومن ثم تتضامم ذمتها في هذا الدين – فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعي في هذا الخصوص على غير أساس .
وحيث إن الطاعن في الطعن رقم 71 لسنة 2017 ينعى بالوجه الثالث من سبب الطعن والشركة الطاعنة في الطعن رقم 77 لسنة 2017 بالوجهين الثالث والرابع من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ قضى بتعويض إجمالي مغالى فيه ولا يتناسب مع الأضرار التي لحقت بالمطعون ضده الأول ودون بيان لعناصر الضرر المادي والمعنوي وعول في قضائه على تقرير طبي مبهم وأن هناك تقريرين طبيين ثابت بهما إن الإصابات طفيفة مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك بأنه لما كان مؤدى نصوص المواد 292 ، 293 ، 299 من قانون المعاملات المدنية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن التعويض عن الإيذاء الذي يقع على النفس في غير الحالات التي تستحق فيها الدية أو الأرش يخضع للقواعد العامة الواردة في قانون المعاملات المدنية لتقدير التعويض الجابر للضرر المترتب على الفعل الضار ، وإذ تركت هذه القواعد للقاضي أمر تقدير التعويض حسبما يراه مناسباً لجبر كافة الأضرار الناشئة عن هذا الفعل ، بحيث يشمل التعويض كل ضرر مباشر حال أو مستقبل محقق الوقوع ، متوقع كان هذا الضرر أو غير متوقع ويقوم ذلك التقدير على عنصرين قوامهما الخسارة التي لحقت المضرور والكسب الذي فاته متى كان ذلك نتيجة مألوفة للفعل الضار ، ولا يتقيد القاضي في تقدير التعويض وفقاً للقواعد العامة بمقدار الدية أو الأرش ولا أن يتخذ من قيمتها معياراً للتقدير ما دام لا يوجد نص في القانون يلزمه بذلك أو باتباع معايير معينة في هذا الخصوص ، كما أنه يجوز لمحكمة الموضوع تقدير التعويض الإجمالي عن جميع الأضرار بشرط أن تبين عناصر الضرر وأن تناقش كل عنصر على حدة ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استعرض التقارير الطبية الصادرة عن مستشفى صقر والمؤرخين 7 ، 10/5/2015 وأورد محتواها وارتأى أن ما اشتملا عليه يتضمن بيان واف للعناصر المكونة للضرر الذي حاق بنجل المطعون ضده الأول وخلصت المحكمة بما لها من سلطة في تقدير الدليل إلى الاطمئنان للتقريرين المذكورين واتخذتها عماداً لقضائها فإن ما يثيره الطاعن في الطعن رقم 71 لسنة 2017 حول قصور التقرير الطبي المؤرخ 10/5/2015 والذي تساند إليه الحكم من كونه جاء مبهماً في بيان نسبة العجز والإصابات التي لحقت بالمجنى عليه يكون جدلاً موضوعياً في فحوى الدليل وتقدير كفايته مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز ، وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أن المحكمة وهي بسبيل تقدير التعويض قد عرضت لكافة عناصر الضرر الذي حاق بنجل المطعون ضده والتي يتعين مراعاتها في حساب التعويض ثم تولت بما لها من سلطة تقدير تحديد مقدار التعويض الذي يستحقه المطعون ضده عن نفسه وبصفته وكان التعويض المقضي به ليس دية ولا إرثاً وإنما هو من الأضرار المادية والأدبية المتروك تقديرها إلى المحكمة وكانت محكمة الموضوع قد قدرت مبلغاً إجمالياً تعويضاً عن ذلك الضرر باعتباره جابراً لتلك الأضرار فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون في هذا الشأن ويكون ما يثار حول المغالاة في تقدير التعويض يكون في غير محله . ولما تقدم يتعين رفض الطعنين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق