الدعوى رقم 16 لسنة 38 ق "دستورية" جلسة 5 / 12 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من ديسمبر سنة 2020م، الموافق العشرين من ربيع الآخر سنة 1442 ه.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 16 لسنة 38 قضائية "دستورية".
المقامة من
رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت أسيوط ( ش. م. م )
ضد
1 – رئيس الجمهورية
2 – رئيس مجلس الوزراء
3 – نقيب المهندسين
4 – رئيس مجلس إدارة نقابة المهندسين الفرعية بأسيوط
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير سنة 2016، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية نصي البندين (5، 8) من المادة (45)، والبنود (ب، ج، د) من المادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين.
وقدمت نقابة المهندسين مذكرة، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولاً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة بشأن الطعن على دستورية البنود (ب، ج، د) من المادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 المشار إليه. ثانيًا: برفض الدعوى.
وقدمت الشركة المدعية مذكرة، تمسكت فيها بطلباتها الواردة بصحيفة الدعوى الدستورية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 7/11/2020، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوع، قدمت فيه نقابة المهندسين مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الرابع، كان قد أقام الدعوى رقم 505 لسنة 2014 مدنى كلى، أمام محكمة أسيوط الابتدائية، ضد الشركة المدعية، طالبًا الحكم بإلزامها بأن تؤدى للنقابة قيمة الدمغات الهندسية المستحقة عليها، والرسوم المقررة على كل شيكارة أسمنت وزن 50 كيلو جرامًا، قامت بإنتاجها خلال الفترة من 1/1/1999 حتى 31/12/2013، والفوائد القانونية بنسبة 4% حتى تمام السداد، وذلك استنادًا لنصى المادتين (45، 46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين. وأثناء نظر الدعوى دفعت الشركة بعدم دستورية البندين (5، 8) من المادة (45)، والبنود (ب، ج ، د) من المادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 المشار إليه، وبجلسة 13/2/2016، قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (45) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، تنص على أن "تتكون إيرادات النقابة من :
(1) ..........(2) ........ (3)......... (4)..........
(5) حصيلة رسم قدره مليم واحد على إنتاج كل شيكارة أسمنت وزن 50 كيلو جرامًا.
(6) ......... (7) .............
(8) حصيلة طوابع الدمغة الهندسية على الأوراق والدفاتر والرسومات والعقود الهندسية.
(9) ...... (10) ....... (11).......".
وتنص المادة (46) من القانون ذاته على أن "يكون لصق دمغة النقابة إلزاميًّا على الأوراق والدفاتر والرسومات الآتية :
(أ) .............
(ب) أصول عقود الأعمال الهندسية وأوامر التوريد الخاصة بها وكذلك صورها التي تعتبر مستندًا، ويعتبر العقد أصلاً إذا حمل توقيع الطرفين مهما تعددت الصور.
وتعتبر الفواتير الخاصة بهذه التوريدات كعقود إذا لم تحرر لها عقود.
(ج) عقود التوريد عن السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الهندسية وكذلك عقود الأعمال الهندسية الأخرى على اختلاف أنواعها كالآلات والأدوات والأجهزة والمعدات وذلك كله طبقًا لما يحدده النظام الداخلى للنقابة.
(د) تقارير الخبراء الهندسية ورسومات رخص المحلات والمواقع.
وتكون فئة الدمغة المستحقة طبقًا للفقرات السابقة كما يأتى :
مليم جنيه
100 - للرسومات والعقود والتقارير الهندسية التي لا تزيد قيمتها على 100 جنيه.
500 - للرسومات والعقود والتقارير الهندسية التي تزيد قيمتها على 100 جنيه ولا تتجاوز 500 جنيه.
- 1 للرسومات والعقود والتقارير الهندسية التي تزيد قيمتها على 500 جنيه ولا تتجاوز 1000 جنيه، وتزاد خمسمائة مليم عن كل ألف تزيد على الألف الأولى.
(ه) ........... (و) ...............
ويتحمل الدمغة الطرف المسند إليه تنفيذ الأعمال أو التوريد أو مقدم الشكوى أو طلب تقدير الأتعاب ورافع الدعوى بحسب الأحوال، ........".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحكم في المسألة الدستورية، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يتعلق بطلب نقابة المهندسين الفرعية بأسيوط، إلزام الشركة المدعية بأن تؤدى لها قيمة الدمغات الهندسية المستحقة عليها، وكذا الرسوم المقررة على كل شيكارة أسمنت وزن 50 كيلو جرامًا، قامت بإنتاجها خلال الفترة من 1/1/1999 حتى 31/12/2013. وتلك الطلبات ينطبق بشأنها نص البند (5) من المادة (45)، ونصوص البنود (ب)، (ج)، (د) من المادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، في مجال إعمال أحكامها على البند (8) من المادة (45) من ذلك القانون. ومن ثم، فإن الفصل في دستورية تلك النصوص يرتب انعكاسًا أكيدًا، وأثرًا مباشرًا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتتوافر للشركة المدعية مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن عليها. ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة في تلك النصوص دون سواها. وفى ضوء ما تقدم يغدو الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للبنود (ب، ج، د) من المادة (46) من القانون المشار إليه، في غير محله، جديرًا بالالتفات عنه.
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على نصى المادتين المطعون فيهما – في حدود النطاق المتقدم – مخالفة نصوص المواد (38، 124، 126) من الدستور، بقالة إن الفريضة المالية المقررة بهما، تُعد ضريبة وليست رسمًا، إذ لا تقابلها خدمة تؤديها الجهة المفروضة لصالحها، ولما كانت حصيلة هذه الضريبة لا تدخل في الموازنة العامة للدولة، ولا تُعرض على السلطة التشريعية بحسبانها أحد موارد تلك الموازنة، لتتولى هي توزيعها، مستهدفة بذلك تحقيق الصالح العام، فإنها تكون، تبعًا لذلك، قد خالفت أحكام الدستور، وهو ما سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت به في الدعويين رقمي 86 لسنة 17 قضائية "دستورية"، بجلسة 7/2/1998، و128 لسنة 22 قضائية "دستورية"، بجلسة 6/6/2004، في نصوص مماثلة للنصوص المطعون فيها.
وحيث إن من المقرر- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها، إسهامًا من جهتهم في أعبائها وتكاليفها العامة، وهم يدفعونها لها بصفة نهائية، دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعاد عليهم مردودها. ومن ثم كان فرضها مرتبطًا بمقدرتهم التكليفية، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها، وإلا كان ذلك خلطًا بينها وبين الرسم، إذ يستحق مقابلاً لنشاط خاص أتاه الشخص العام- وعوضًا عن تكلفته- وإن لم يكن بمقدارها. متى كان ذلك، وكانت الفريضة المالية الواردة بنصي المادتين (45)، (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين – في النطاق المحدد سلفًا - لا تقابلها خدمة فعلية، بذلتها النقابة لمن يتحملون بها، فإنها تنحل إلى ضريبة عامة من الناحية القانونية.
وحيث إنه عن النعي بمخالفة الفريضة المالية الواردة بالنصين المطعون فيهما للدستور، لكونها مخصصة مباشرة لصالح نقابة المهندسين، حال أنها ضريبة عامة فرضها القانون على الملتزمين بها، دون أن تؤدى لهم خدمة مقابلها، مما كان لزامه أن تدخل في الموازنة العامة للدولة، فذلك النعي مردود بأن مؤدى عجز نص الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور من أن "يحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب، والرسوم، وأي متحصلات سيادية أخرى، وما يودع منها في الخزانة العامة للدولة"، أن الدستور وإن كان قد أوجب أصلاً عامًا يقتضى أن تصب حصيلة الضرائب العامة وغيرها من الإيرادات العامة في الخزانة العامة للدولة، لتتولى تحديد مصارفها تحت رقابة المؤسسة التشريعية، بقصد تحقيق الصالح العام، على ما نصت عليه المادة (124) من الدستور، بيد أنه يستفاد من هذا النص بدلالة المخالفة - على ما أفصحت عنه مناقشات لجنة الخمسين التي أعدت مشروع الدستور - أن مقتضى هذا النص، أن الدستور قد أجاز للمشرع، على سبيل الاستثناء، وفي أضيق الحدود، أن يحدد ما لا يودع من حصيلة الموارد العامة في الخزانة العامة، ليكون إعمال هذه الرخصة – بحسبانها استثناء من الأصل العام- أداته القانون، وفى حدود تنضبط بضوابط الدستور، فلا يصح هذا التخصيص إلا إذا كان الدستور ذاته قد نص في صلبه على تكليف تشريعي صريح ذي طبيعة مالية، قدَّر لزوم وفاء المشرع به، وأن يتصل هذا التكليف بمصلحة جوهرية أولاها الدستور عناية خاصة، وجعل منها أحد أهدافه، وأن يقدر المشرع، استنادًا إلى أسباب جدية، صعوبة تخصيص هذا المورد من الموازنة العامة في ظل أعبائها. فمتى استقام الأمر على هذا النحو، جاز للمشرع تخصيص أحد الموارد العامة إلى هذا المصرف تدبيرًا له، إعمالاً لأحكام الدستور، وتفعيلاً لمراميه.
وحيث إن الدستور اتخذ من تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، أحد أهم ركائزه الأساسية، قاصدًا من ذلك، وعلى ما أفصحت عنه المادة (8) منه، ضمان الحياة الكريمة لجميع المواطنين، وناط بالقانون تنظيم القواعد التي تحقق هذا الهدف، وألزمت المادة (17) الدولة بتوفير خدمات التأمين الاجتماعي، بما يضمن لكل مواطن حياة كريمة، هو وأسرته.
وحيث إن الدستور قد اتخذ من النظام الضريبي وسيلة لتحقيق أهدافه، فنص في المادة (38) على تعيين تلك الأهداف بتنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية. وكان إنشاء النقابات على أساس ديمقراطي حقًا يكفله القانون، بما لها من شخصية اعتبارية تمارس من خلالها نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم. والأمر ذاته بالنسبة للنقابات المهنية، فينظم القانون إنشاءها وإدارتها على أساس ديمقراطي يكفل استقلالها ويحدد مواردها، وفقًا لنصى المادتين (76، 77) من الدستور، بما يشمله ذلك من ضرورة توفير الرعاية الاجتماعية لأعضائها وتقرير المعاشات التي تؤمن حياتهم في حاضرها ومستقبلها. ومن ثم فإن هذا الواجب يُعد من التكليفات الدستورية التي يتعين على المشرع العادي القيام عليها والوفاء بها.
وحيث كان ذلك، وكانت المادة (1) من قانون إنشاء نقابة المهندسين، قد نصت على إنشائها بوصفها نقابة لها شخصية اعتبارية. وبينت المادة (2) من هذا القانون أهدافها، التي من بينها الارتقاء بالمستوى العلمي والمهني للمهندسين، والمحافظة على كرامة المهنة، ووضع وتطبيق الأسس الكفيلة بتنظيم ممارستها وأداء أعضائها لواجبهم في خدمة البلاد ومراقبة تنفيذها، وتعبئة قوى أعضاء النقابة وتنظيم جهودهم في خدمة المجتمع لتحقيق الأهداف القومية وأهداف التنمية الاقتصادية ومواجهة مشكلات التطبيق واقتراح الحلول المناسبة لها، والاشتراك الإيجابي في العمل الوطني، والعمل على رفع مستوى الأعضاء من النواحي الهندسية والاجتماعية والمادية وتأمين حياتهم، ورعاية أسرهم اجتماعيًّا واقتصاديًّا وصحيًّا وثقافيًّا، والإسهام في دراسة خطط التنمية الاقتصادية والمشروعات الصناعية والهندسية، والعمل على ربط البحوث العلمية والهندسية بمواقع الإنتاج، وذلك بدراسة أساليب الإنتاج ووسائل تحسينه وزيادته وخفض تكاليفه والعمل على نشر الوعى الهندسي. كما نصت المادة (75) من هذا القانون على إنشاء صندوق للمعاشات والإعانات يتولى منح معاشات وإعانات لأعضاء النقابة. وجعل من موارد هذا الصندوق – على ما تضمنته المادة (76) منه – نصف الرسم المحصل من إنتاج الأسمنت، وحصيلة طوابع الدمغة الهندسية على الأوراق والدفاتر والرسومات والعقود الهندسية.
وحيث كان ما تقدم، وكان المشرع قد خصص بموجب النصين المطعون فيهما – في حدود النطاق المحدد سلفًا- موردًا ماليًّا لنقابة المهندسين، وهى نقابة أُنشئت بموجب القانون رقم 66 لسنة 1974 المشار إليه، وفق أحكام المادتين (76، 77) من الدستور، الذي جعل من بين أهدافها الدفاع عن حقوق أعضائها وحماية مصالحهم. وكانت هذه النقابة قد مُنِحَت قسطًا من السلطة العامة بالقدر الذي يُمَكِّنُها من أداء رسالتها، ومن ثم فإنها تُعد من الأشخاص الاعتبارية العامة، ومن ثمَّ فقد جاز للمشرع العادي أن يرصد لصالحها حصيلة الضريبة التي يحددها، متى توافرت في شأنها الضوابط الدستورية المقررة، سواء فيما يتعلق بأداة فرضها، أو بوعائها، أو بمقدارها، وذلك حتى تقوم هذه النقابة على تحقيق أهدافها المبتغاة من إنشائها، دون اشتراط أيلولة حصيلة هذه الضريبة إلى الخزانة العامة. وكان هذا التخصيص قد تم بالأداة التي عينها الدستور، وهي القانون، وبهدف توفير مورد يكفل للنقابة القيام بالمهام الملقاة على عاتقها، وتقديم الخدمات المنوطة بها، التي تُعد كفالتها واجبًا والتزامًا على الدولة، غايته تحقيق مصلحة جوهرية أولاها الدستور اهتمامه وعنايته، فإن هذا التخصيص على هذا النحو يكون قد وافق الغايات الصريحة للدستور.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن اختيار المشرع للمال محل الضريبة هو مما يخضع لسلطته التقديرية، وفق الشروط التي يقدر معها واقعية الضريبة وعدالتها، بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور. وكان النصان المطعون فيهما قد تضمنا تحديد وعاء الضريبة المفروضة على نحو قاطع لا لبس فيه ، ممثلاً في حصيلة الرسم المنصوص عليه في البند (5) من المادة (45) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، وحصيلة طوابع الدمغة الهندسية على أصول عقود الأعمال الهندسية وأوامر التوريد الخاصة بها، وصورها التي تعتبر مستندًا، وعقود التوريد عن السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الهندسية، وعقود الأعمال الهندسية الأخرى، وتقارير الخبراء الهندسية، ورسومات رخص المواقع. وحدد المشرع سعر هذه الضريبة بنسبة الرسم المقرر بالبند (5) من المادة (45) من القانون المشار إليه، وقيمة طوابع الدمغة الهندسية على النحو المبين بالمادة (46) من القانون ذاته، وهي نسبة معتدلة لا تخل بقواعد العدالة الضريبية، ولا ترهق المكلفين بها. الأمر الذي تكون معه هذه الضريبة قد استوفت شرائطها الموضوعية، من حيث اختيار المال الخاضع للضريبة، ووضوح التكليف بها وتحديده، وعدالة سعرها، ومن ثمَّ فإن النعي بمخالفة النصين المطعون فيهما لأحكام المادة (38) من الدستور يكون مفتقدًا لسنده.
وحيث إن المشرع قد نظَّم بموجب أحكام القانون المشتمل على النصين المطعون فيهما، قواعد تحصيل هذه الأموال وجبايتها، كما فصَّل قواعد صرفها، ضمانًا لإنفاقها في الأغراض التي خُصصت لها، إعمالاً لمقتضى نص المادة (126) من الدستور، فضلاً عن خضوعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وفقا لأحكام قانون ذلك الجهاز الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988. ومن ثم، فإن النصين المطعون فيهما يتوافقان مع أحكام الدستور، المنظمة لفرض الضرائب إجرائيًّا وموضوعيًّا.
وحيث إن النصين المطعون فيهما لا يخالفان أي حكم آخر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق