الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 ديسمبر 2019

الطعن 158 لسنة 48 ق جلسة 22 / 6 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 341 ص 1891


جلسة 22 من يونيه سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيره - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح عبد العظيم، والدكتور أحمد حسني وحافظ السلمي.
-------------
(341)

الطعن رقم 158 لسنة 48 القضائية

(1) إعلان "إعلان الشركات الأجنبية". شركات. بطلان.

بطلان إعلان الشركات الأجنبية لدى فروعها أو وكيلها في مصر. شرطه.
 (2)دعوى "اعتبار الدعوى كأن لم تكن". إعلان.
اعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها. م 70 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 75 لسنة 1976 غير متعلق بالنظام العام. وقوعه بقوة القانون وجوب القضاء به عند طلبه.
(3) دفوع. دعوى "اعتبار الدعوى كأن لم تكن".
الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها خلال الميعاد القانوني. دفع شكلي وجوب إبدائه قبل التعرض للموضوع. المقصود بذلك.
(4) دعوى "انعقاد الخصومة" إعلان. بطلان.
انعقاد الخصومة. شرطه. إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى. إغفال ذلك. أثره. بطلان الصحيفة. هذا البطلان لا يصححه حضور المدعى عليه.

---------------

1 - النص في المادة 13 - 5 من قانون المرافعات على أنه فيما يتعلق بالشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في جمهورية مصر العربية تسلم صور الإعلانات إلى هذا الفرع أو الوكيل يدل على أن مقر وكيل الشركة الأجنبية التي تباشر نشاطاً في مصر يعتبر موطناً لهذه الشركة تسلم إليها الإعلانات فيه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الإعلان موجهاً من غير الوكيل أما إذا كان الإعلان موجهاً من الوكيل إلى الشركة الأجنبية الموكلة فإنه يتعين إعلانها في موطنها الأصلي احتراماً لقاعدة المواجهة بين الخصوم التي تعد من أهم تطبيقات مبدأ احترام حقوق الدفاع وما تقتضيه من ضرورة إعلان الخصم بما يتخذ ضده من أعمال إجرائية وفقاً للشكل الذي يقرره القانون تمكيناً له من الدفاع عن مصالحه.
2 - مؤدى نص المادة 70 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الدعوى تعتبر كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور تكليفاً صحيحاً وفق القانون خلال ثلاثة أشهر من تقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب، وهذا الجزاء لا يتعلق بالنظام العام بل مقرر لمصلحة المدعى عليه وهو يقع بقوة القانون فيتحتم على المحكمة توقيعه عند طلبه من صاحب المصلحة ما لم يصدر منه ما يفيد تنازله عنه أو يسقط حقه في التمسك بتوقيعه.
3 - الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها خلال المدة القانونية يعتبر من الدفوع الشكلية المتعلقة بالإجراءات يتعين إبداؤه قبل التعرض للموضوع، والتكلم في الموضوع المسقط للدفع يكون بإبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى يمس الموضوع أو مسألة فرعية فيها أو ينطوي على التسليم بصحتها سواء أبدي كتابة أو شفاهة.
4 - إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه - ومع ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعتبر إجراء لازماً لانعقاد الخصومة بين طرفيها يترتب على عدم تحققه بطلانها وهو بطلان لا يصححه حضور المطلوب إعلانه - إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أن البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه إنما هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة.



المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة تقدمت بتاريخ 30 - 8 - 1971 بطلب استصدار أمر أداء بإلزام مالك السفينة "بريدج هامبتون" بدفع مبلغ 35550 جنيه و310 مليماً والفوائد القانونية ممثلاً في شكل وكيله توكيل دمنهور للملاحة وقالت بياناً لذلك إن السفينة المشار إليها وصلت بتاريخ 23/ 2/ 1963 إلى ميناء بور سعيد وعليها بضائع برسم مواني خارج جمهورية مصر العربية إلا أن هذه البضائع هلكت على أثر حريق شب في السفينة وبتاريخ 23/ 9/ 1965 بيعت السفينة بالمزاد العلني وأودع ثمنها وقدره 137000 جنيه خزينة محكمة بور سعيد برقم 61 تسوية في 23 - 9 - 1965 ولما كانت الشركة الطاعنة وكيلة عن ملاك السفينة فقد استصدر مدير جمرك بور سعيد ضدها وضد مالك السفينة متضامنين قراراً بإلزامها بدفع مبلغ 61740 جنيه و10 مليماً كما استصدرت مصلحة الجمارك حكماً في الدعوى رقم 785 سنة 1966 تجاري كلي الإسكندرية ضد الشركة الطاعنة بصفتها وكيلة عن ملاك السفينة بتأييد القرار الجمركي المشار إليه كما طالبت مصلحة الجمارك بالإضافة إلى ذلك مبلغ 35549 جنيه و830 مليماً قيمة الرسوم الجمركية عن البضائع التي هلكت نتيجة الحريق رغم تحصيل هذا المبلغ فعلاً من الشركة الطاعنة. رفض القاضي إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى فقامت الطاعنة في 18 - 9 - 1971 بإعلان مالك السفينة بالجلسة المحددة لنظر الدعوى في مواجهة توكيل دمنهور للملاحة بصفته وكيلاً عنه وبجلسة 8 - 4 - 1973 حضر وكيل المطعون ضده الأول ودفع ببطلان الخصومة واحتياطياً باعتبارها كأن لم تكن تأسيساً على أن الدعوى أقيمت ضد الشركة مالكة السفينة في حين أن أهلية التقاضي قد زالت عنهم إذ قضى بشهر إفلاسها بتاريخ 22 - 3 - 1968 من المحكمة الإقليمية للولايات المتحدة بمنطقة جنوب نيويورك وبالنسبة للدفع الاحتياطي فقد رفعت صحيفة الدعوى باطلة لعدم إعلانها لأمين التفليسة صاحب الصفة الوحيد في تمثيل الشركة مالكة السفينة فضلاً عن أن ورقة التكليف بالحضور قد أعلنت في مقر توكيل دمنهور للملاحة التابع للطاعنة وبذلك تكون قد أعلنت نفسها فضلاً عن أن هذا التوكيل لم يعد وكيلاً عن الشركة ومن ثم فإن الدعوى تعتبر كأن لم تكن طبقاً للمادة 70 من قانون المرافعات لعدم إعلانها خلال الثلاثة أشهر التالية لتقديم صحيفتها لقلم الكتاب. وبجلسة 7 - 10 - 1972 صحح الحاضر عن الطاعنة شكل الدعوى في مواجهة الحاضر عن المطعون ضده الأول وعدل طلباته إلى مبلغ 97302 جنيه و830 مليماً والفوائد القانونية. وبتاريخ 18 - 11 - 1972 قضت محكمة بور سعيد الابتدائية برفض الدفعين وعادت بتاريخ 31 - 1 - 1976 وحكمت بإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع للشركة الطاعنة مبلغ 97302 جنيه 730 مليماً والفوائد القانونية. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم لسنة 17 ق بور سعيد وبتاريخ 20 - 12 - 1977 قضت محكمة استئناف الإسماعيلية (مأمورية بور سعيد) بإلغاء الحكمين المستأنفين وببطلان صحيفة افتتاح الدعوى واعتبار الدعوى كأن لم تكن. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المطعون ضده الثاني مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة له وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الدفع وبعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني وبقبوله بالنسبة للمطعون ضده الأول وفي الموضوع برفضه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن المبدى من المطعون ضده الثاني أنه ليس خصماً حقيقياً في الدعوى وإنما اختصم ليصدر الحكم في مواجهته.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثاني بصفته قد اختصم ليصدر الحكم في مواجهته وأنه وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم عليه بشيء ما، وكان الطعن قد أسس على أسباب لا تتعلق إلا بالمطعون ضده الأول وحده فإنه لا يقبل اختصام المطعون ضده الثاني بصفته في الطعن ويتعين لذلك قبول الدفع وعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضده الأول بصفته.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن الشركة المطعون ضدها الأولى، وهي شركة أجنبية، قد أعلنت بصحيفة الدعوى في موطن وكيلها في مصر طبقاً للمادة 13 - 5 من قانون المرافعات ومن ثم يكون إعلانها قد تم صحيحاً منتجاً لآثاره وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببطلان الإعلان فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 13 - 5 من قانون المرافعات على أنه فيما يتعلق بالشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في جمهورية مصر العربية تسلم صور الإعلانات إلى هذا الفرع أو الوكيل يدل على أن مقر وكيل الشركة الأجنبية التي تباشر نشاطاً في مصر يعتبر موطناً لهذه الشركة تسلم إليها الإعلانات فيه، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الإعلان موجهاً من غير الوكيل أما إذا كان الإعلان موجهاً من الوكيل إلى الشركة الأجنبية الموكلة فإنه يتعين إعلانها في موطنها الأصلي احتراماً لقاعدة المواجهة بين الخصوم التي تعد من أهم تطبيقات مبدأ احترام حقوق الدفاع وما تقضيه من ضرورة إعلام الخصم بما يتخذ ضده من أعمال إجرائية وفقاً للشكل الذي يقرره القانون تمكيناً له من الدفاع عن مصالحة، لما كان ذلك وكانت الشركة الطاعنة وهي وكيلة عن الشركة المطعون ضدها الأولى في مصر قد اختصمت هذه الأخيرة في الدعوى وأعلنتها بصحيفة الدعوى في مقرها هي - أي مقر الطاعنة - باعتباره موطناً قانونياً للشركة المطعون ضدها فإن الإعلان يكون باطلاً وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها لقلم الكتاب طبقاً للمادة 70 من قانون المرافعات - قبل تعديلها - لا يتعلق بالنظام العام ويشترط لإعماله أن يتم الإعلان بعد انقضاء هذا الميعاد أما حضور المدعى عليه بناء على الإعلان الباطل الذي تم في الميعاد فإنه يصحح البطلان، كما يتعين على المدعى عليه أن يبدي هذا الدفع في أول جلسة يحضرها وقبل التكلم في الموضوع وإلا سقط حقه فيه، ولما كانت صحيفة الدعوى قد قدمت لقلم الكتاب في 12 - 9 - 1971 وكانت الشركة المطعون ضدها الأولى قد حضرت بوكيل عنها بجلسة 5 - 2 - 1972 وقبل انقضاء ميعاد التكليف بالحضور مضافاً إليه ميعاد المسافة لمن يكون موطنه في الخارج ومدته ستون يوماً وطلبت تأجيل الدعوى مما يعد تكلماً في الموضوع فتأجلت الدعوى لجلسة 8 - 4 - 1972 وفيها دفعت باعتبار الدعوى كأن لم تكن فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول هذا الدفع يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى نص المادة 70 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الدعوى تعتبر كأن لم تكن إذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور تكليفاً صحيحاً وفق القانون خلال ثلاثة أشهر من تقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب، وهذا الجزاء لا يتعلق بالنظام العام بل مقرر لمصلحة المدعى عليه وهو يقع بقوة القانون فيتحتم على المحكمة توقيعه عند طلبه من صاحب المصلحة ما لم يصدر منه ما يفيد تنازله عنه أو يسقط حقه في التمسك بتوقيعه باعتباره من الدفوع الشكلية المتعلقة بالإجراءات يتعين إبداؤه قبل التعرض للموضوع، والتكلم في الموضوع المسقط للدفع يكون بإبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى يمس الموضوع أو مسألة فرعية فيها أو ينطوي على التسليم بصحتها سواء أبدي كتابة أو شفاهة، كما أن إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعتبر إجراء لازماً لانعقاد الخصومة بين طرفيها يترتب على عدم تحققه بطلانها وهو بطلان لا يصححه حضور المطلوب إعلانه، إذ جرى قضاء هذه الحكمة على أن البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه إنما هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً - على النحو السالف بيانه عند الرد على السبب الأول من أسباب الطعن إلى بطلان إعلان الشركة المطعون ضدها الأولى بصحيفة الدعوى في مقر الشركة الطاعنة فإن حضور محام عن الشركة الأولى بجلسة 5 - 2 - 1972 لا يصحح هذا البطلان، كما أن طلب تأجيل الدعوى لجلسة 8 - 4 - 1972 لحضور المحامي الأصلي لا يمكن اعتباره تعرضاً للموضوع يسقط الحق في التمسك بالجزاء المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات سالفة البيان لأن هذا الطلب لا يدل بذاته على مواجهة موضوع الدعوى أو التنازل عن الدفع، وإذ تمسك وكيل المطعون ضدها الأولى في هذه الجلسة الأخيرة بهذا الجزاء فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان صحيفتها خلال - ثلاثة أشهر من تقديمها إلى قلم الكتاب في 7 - 9 - 1971 فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

عدم اختصاص مجلس الدولة بمنازعات الانتفاع بمسقاة خاصة

القضية رقم 10 لسنة 17 ق "تنازع" جلسة 3 / 2 / 1996
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 3 فبراير 1996 م الموافق 14 رمضان 1416 ه.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور حنفي على جبالي رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدي أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 10 لسنة 17 قضائية "تنازع"
المقامة من
السيد / محمد خواص أحمد عبد المجيد
ضد
1- السيدة / خديجة فرحات نصر الدين
2- السيد / السيد محمد عبد المجيد البهواش
الإجراءات
بتاريخ 16 مارس سنة 1995 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الفصل في التنازع الإيجابي موضوعها والقضاء باختصاص جهة القضاء الإداري بنظرها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد / محمد خواص أحمد عبدالمجيد، كان قد أقام الدعوى رقم 8 لسنة 16 قضائية "تنازع" مبدياً بها أن السيد/ السيد محمد عبد المجيد البهواش، أقام الدعوى رقم 933 لسنة 1987 مدنى أشمون أمام محكمة أشمون الجزئية ضد السيد / محمد خواص أحمد عبد المجيد والسيدة / خديجة فرحات نصر الدين، وقال في صحيفتها أنه يملك أرضاً زراعية بناحية القناطرين، وكان يقوم بريها من مسقاه تمتد في أرض المدعى عليهما، إلا أنه فوجئ بقيامهما بهدم هذه المروى ليحولا دون وصول المياه إلى أرضه مما يهددها بالبوار، وحداه ذلك لرفع دعواه هذه عملاً بنص المادة 809 من القانون المدنى ، طالباً في صحيفتها الحكم بإعادة تلك المسقاه إلى حالتها السابقة على هدمها، وتمكينه من الانتفاع بها - من خلال حق الشرب - لرى أرضه الزراعية .
ومن جهة أخرى كان السيد / محمد خواص أحمد عبد المجيد، قد أقام الدعوى رقم 3184 لسنة 41 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مدير عام رى المنوفية رقم 9 لسنة 1987 الصادر إعمالاً لنص المادة 23 من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984، وذلك فيما تضمنه هذا القرار من إعادة المروى المهدومة التى تمر بأرضه إلى أصلها حتى تصل إلى أرض السيدة / خديجة فرحات نصر الدين. وإذ انتهت محكمة القضاء الإدارى - المؤيد حكمها من المحكمة الإدارية العليا - إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه تأسيساً على ما تبين لها - من ظاهر الأوراق - من أن المروى محل النزاع لم ينتفع بها خلال السنة السابقة على تقديم تلك السيدة لشكواها إلى مدير عام رى المنوفية ، فقد ارتآى المدعى أن ثمة تنازع إيجابى في شأن الاختصاص بين كل من جهتى القضاء العادى والقضاء الإدارى ، مما يحتم تدخل المحكمة الدستورية العليا لتعيين جهة القضاء الإدارى جهة مختصة بنظر النزاع.
وبجلسة 4 فبراير سنة 1995 قضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 8 لسنة 16 قضائية " تنازع " بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن قضاء محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ قرار مدير عام رى المنوفية رقم 9 لسنة 1987 هو قضاء في الشق المستعجل من النزاع على ضوء ما بدا لنظرتها العابرة ، ليكون حكمها مؤقتاً بطبيعته، مرتبطاً ببقاء الظروف التى اتصل بها دون تغيير فيها، قائماً على ضوء ما استبان لها من ظاهر الأوراق المطروحة عليها، ودون قضاء قاطع يتعلق بمضمونها، فلا يكون لعناصره من قوام يكفل ثباتها، وذلك على خلاف قضاء محكمة أشمون الجزئية في الدعوى رقم 933 لسنة 1987، إذ خلص إلى إعادة المسقاة محل النزاع الموضوعى إلى حالتها السابقة على هدمها مع تمكين المدعى من الانتفاع بها لرى أرضه الزراعية ؛ وكان بذلك فاصلاً في النزاع الموضوعى ، قاطعاً في أن تظل المسقاة متصلاً مجراها بالأرض التى يملكها المدعى البعيدة عن مورد المياه، لضمان وصول ما يكفيها منها لريها، وكافلاً بالتالى للمدعى حقين هما حق الشرب والمجرى المنصوص عليهما في المادتين 808 و 809 من القانون المدنى .
وحيث إن المدعى ذهب إلى القول بأن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 8 لسنة 16 قضائية "تنازع" كان مبناه أن أحد الحكمين المتنازعين - وهو حكم محكمة القضاء الإدارى - غير فاصل في الشق الموضوعى من النزاع. وقد صار هذا الحكم نهائياً بعد أن تناول هذا الشق وفصل فيه، وهو ما يستنهض - في تقديره - ولاية المحكمة الدستورية العليا من جديد للفصل في التنازع الإيجابى على الاختصاص، وتعيين جهة القضاء الإدارى جهة مختصة بنظره.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص وفقاً للبند ثانيا من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها. وشرط انطباقه بالنسبة إلى التنازع الإيجابى هو أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة القضائية المختصة بنظرها والفصل فيها.
وحيث إن من المقرر أن الأحكام التى تصدرها محكمة القضاء الإدارى في شأن طلبات وقف التنفيذ التى تعرض عليها، لا تقتصر حجيتها على ما فصلت فيه في شأن هذه الطلبات قبولاً أو رفضاً، وإنما تمتد حجيتها كذلك إلى المسائل الفرعية التى يكون الفصل فيها سابقاً بالضرورة على البت في تلك الطلبات، كتلك المتعلقة باختصاصها ولائيا ونوعياً بنظرها، وتوافر شروط قبولها أو انتفائها، بما مؤداه أن وقفها تنفيذ القرار المطعون فيه، هو قضاء منها باختصاصها بإلغاء هذا القرار.
وحيث إن المادة 23 من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984 تنص على أنه [ إذا قدم مالك الأرض أو حائزها أو مستأجرها شكوى إلى الإدارة العامة للرى بسبب منعه أو إعاقته بغير حق من الانتفاع بمسقاة خاصة أو مصرف خاص أو من دخول أى من الأراضى اللازمة لتطهير تلك المسقاة أو المصرف، أو لترميم أيهما، جاز لمدير عام الرى إذا ثبت أن أرض الشاكى كانت تنتفع بالحق المدعى به في السنة السابقة على تقديم الشكوى أن يصدر قراراً مؤقتاً بتمكين الشاكى من استعمال الحق المدعى به مع تمكين غيره من المنتفعين من استعمال حقوقهم على أن يتضمن القرار القواعد التى تنظم هذه الحقوق ······ ويستمر تنفيذه حتى تفصل المحكمة المختصة في الحقوق المذكورة .
وحيث إن البين من نص المادة 23 المشار إليها، أن مدير عام الرى لا يفصل في الحقوق المدعى بها في شأن الانتفاع بمسقاة خاصة سواء بإثباتها لمدعيها أو بنفيها، وإنما ينظر في الأوضاع السابقة فعلاً على تقديم الشاكى لشكواه، فإذا دلَّ الواقع على أن الشاكى كان منتفعاً بمسقاة خاصة خلال السنة السابقة على تقديم شكواه، وأنه أعيق من الانتفاع بها أو من المرور في أرض للغير من أجل تطهيرها أو ترميمها، كان لهذا المدير أن يمكن الشاكى وغيره من المنتفعين من استعمال حقوقهم، بما مؤداه أن القرار الصادر بالتمكين، هو إبقاءً للأوضاع على حالتها الظاهرة قبل صدوره، دون تَقَصَّ لتوافقها أو تعارضها مع الحقوق المقررة قانونا في شأن هذه المسقاة ، ليكون بالضرورة قراراً مؤقتاً، وقلقاً، ومتوقفاً مصيراً على القضاء الصادر من المحكمة المختصة بالفصل في الحقوق المذكورة .
وحيث إن من المقرر أن حقوق الانتفاع بمسقاة خاصة تدور أساساً حول حقى الشرب والمجرى المنصوص عليهما في المادتين 808 و 809 من القانون المدنى ، سواء نُظر إلى هذين الحقين بوصفهما من القيود القانونية التى يقتضيها التنظيم العام لحق الملكية ، أم باعتباره ما من حقوق الارتفاق التى تخرج عن إطار هذا التنظيم فلا يألفها، وكان من المقرر قانوناً أن كل قرار يصدر عن هيئة إدارية عامة ، لا يعتبر بالضرورة قراراً إدارياً مما يختص القضاء الإدارى بإلغائه أو وقف تنفيذه، بل يتعين لتحقق هذا الوصف أن يكون القرار إدارياً بحكم موضوعه· ولا كذلك أن يكون القرار دائراً حول مسألة من مسائل القانون الخاص؛ وكان ثابتاً كذلك أن القرار الصادر من الجهة الإدارية بتمكين الشاكى - مؤقتاً - من الانتفاع بمسقاة خاصة ، وكذلك القضاء القطعي الصادر من المحكمة المختصة فصلاً في الحقوق المدعى بها في شأن هذا الانتفاع سواء بإثباتها لمن يدعيها أو لغيره، يتعرضان كلاهما لأوضاع ولحقوق تقع جميعها في منطقة القانون الخاص، وينظمها هذا القانون ابتداءً وانتهاءً لتعلقهما بمصالح خاصة لأطرافها، فإن القرار الصادر موقتاً بالانتفاع بتلك المسقاة لا يكون قراراً إدارياً، ولا يدخل إلغاؤه أو التعويض عنه بالتالى في اختصاص جهة القضاء الإدارى ، بل تتولى النظر فيه والتعقيب عليه جهة القضاء العادى بحكم ولايتها العامة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار جهة القضاء العادي جهة مختصة بنظر الدعوى .

الجمعة، 6 ديسمبر 2019

الطعن 1432 لسنة 57 ق جلسة 22 / 10 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 151 ص 835

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة، حسن عميره, وصلاح البرجى وحسن عفيفي.
-------------
(151)
الطعن رقم 1432 لسنة 57 القضائية
(1) دستور. قانون "تفسيره". تفتيش "إذن التفتيش. تسبيبه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
للمساكن حرمة. عدم جواز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب. عدم لزوم ذلك في تفتيش الأشخاص. المادتان 44 من الدستور، 91 إجراءات المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972.
القانون لم يستلزم شكلاً خاصاً لهذا التسبيب.
 (2)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" إثبات "بوجه عام" دفوع "الدفع ببطلان الدليل. بطلان التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم جدوى النعي على الحكم بالقصور في الرد على دفع ببطلان تفتيش المسكن طالما لم يتساند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد من هذا التفتيش.
 (3)تفتيش "إذن التفتيش" "تسبيبه" "تنفيذه".
صدور أمر الندب إلى مأمور ضبط قضائي أو من يندبه من مأموري الضبط. دلالته؟
(4) دفوع "الدفع ببطلان الضبط والتفتيش" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تفتيش.
الدفع ببطلان الضبط والتفتيش دفع قانوني مختلط بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض ما لم تكن مدونات الحكم ترشح لقيام البطلان. علة ذلك؟
(5) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. تنفيذه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها.
وجود السيارة في حيازة الطاعن وتحت سيطرته قبيل الضبط يجعل له صفة عليها ويضحى تفتيشها سليماً في القانون.
 (6)مواد مخدرة. تعدي. سلاح. عقوبة. ارتباط. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
قضاء المحكمة بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه وهي المقررة بالمادة 40/ 2 من القانون 182 لسنة 1960 بعد إعمال المادة 17 عقوبات عن تهمة التعدي مع حمل سلاح. إثارة الطاعن بأن التهمة الأولى وهي حيازة الامفيتامين لا يعتبر مادة مخدرة لخلو جدول الاتفاقية الدولية منه. لا مصلحة له طالما أن المحكمة طبقت المادة 32 عقوبات فأوقعت عليه العقوبة الأشد المقررة للتهمة الثانية.
(7) مواد مخدرة. اتفاقيات دولية. معاهدات. قانون "تفسيره" "إلغاؤه".
الاتفاقية الدولية للمخدرات الصادر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966. عدم إلغائها أو تعديلها قانون المخدرات المصري.
اختلاف مجال تطبيق أحكام كل من الاتفاقية وقانون المخدرات المعمول في الجمهورية.
 (8)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. مرجعه محكمة الموضوع. المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب إعادة تحليل العينة ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
 (9)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة استئنافية. إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تحقيق الدفاع غير المنتج والرد عليه. لا يعيب الحكم.
 (10)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها. مثال.
 (11)محاكمة "إجراءاتها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم بالتفصيل. لا يعيب الحكم. على الخصم إن كان يهمه تدوين أمر معين أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر.
------------------
1 - من المقرر أن المشرع بما نص عليه في المادة 44 من الدستور من أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون"، وما أورده في المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 من أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو اشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة... وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً". لم يتطلب تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن وهو فيما استحدثه في هاتين المادتين من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم يرسم شكلاً خاصاً للتسبيب.
2 - من المقرر أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان تفتيش مسكن المتهم ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن ثمة تفتيش لم يقع على مسكن الطاعن وأن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تفتيش المسكن وإنما قام قضاءه على الدليل المستفاد من تفتيش شخص الطاعن والسيارة التي يحوزها.
3 - من المقرر أنه مع التسليم بما جاء بوجه الطعن من صدور الندب إلى المقدم....... أو من يندبه من مأموري الضبط فإن دلالة الحال هي أن المعنى المقصود من حرف العطف المشار إليه هو الإباحة - لوروده قبل ما يجوز فيه الجمع، وهو ما يقطع بإطلاق الندب وإباحة انفراد الضابط بالتفتيش أو إشراك غيره معه فيه ممن يندبه لذلك من مأموري الضبط.
4 - لما كان الأصل أن الدفع ببطلان الضبط والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان لأنها تقتضي تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. ولما كان الثابت من محضري جلستي المحاكمة. أن الطاعن لم يدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها ولما كان الحكم قد أثبت أن السيارة في حيازة الطاعن وأنه قبيل الضبط كان يقودها وأوقفها قرب مسكنه وفتح حقيبتها وبدأ يستخرج بعض محتوياتها "جركن" ومن ثم يكون للطاعن صفة أصلية على السيارة هي حيازته لها وفي أن يوجه إليه الإذن في شأن تفتيشها، وبهذا يكون الإذن قد صدر سليماً من ناحية القانون وجرى تنفيذه على الوجه الصحيح مما يجعل ما أسفر عنه التفتيش دليلاً يصح الإسناد إليه في الإدانة.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسه آلاف جنيه، وكانت هذه العقوبة مقررة في المادة 40/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 التي طبقتها المحكمة بعد استعمالها للمادة 17 من قانون العقوبات - عن التهمة الثانية الخاصة بالتعدي على الموظفين القائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 حالة كون الجاني يحمل سلاحاً، فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن التهمة الأولى وهي حيازة مخدر الامفيتامين لأنه لا يعتبر مادة مخدرة لخلو جدول الاتفاقية الدولية بشأن تحريم المخدرات والتي انضمت إليها مصر منه طالما أن المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبة الطاعن بالعقوبة الأشد وهي العقوبة المقررة للتهمة الثانية.
7 - من المقرر أن الاتفاقية الدولية للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30/ 3/ 1961 والتي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 بتاريخ 2/ 5/ 1966 هي مجرد دعوة من الدول بصفتهم أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فعالية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات. ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل صراحة أو ضمناً من أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول الموقعة عليها إذ نصت المادة 36 منها على الأحوال التي تدعو الدول إلى تحريمها والعقاب عليها دون أن تتعرض إلى تعريف الجرائم وإجراءات المحاكمة وتوقيع العقاب وتركت ذلك كله إلى القوانين المحلية للدولة المنضمة إليها ويؤكد ذلك ما جرى به نص الفقرة الرابعة من تلك المادة من أنه لا تتضمن هذه المادة أي حكم مخل بمبدأ تعريف الجرائم التي ينص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقاً للقوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية. ومن ثم فإن مجال تطبيق أحكام هذه الاتفاقية يختلف عن مجال قانون المخدرات المعمول به في جمهورية مصر العربية".
8 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعة إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من إعادة تحليل العينة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.
9 - لما كان طلب الاستعلام من قلم المرور عن مالك السيارة التي ضبط بها المخدر لأنها غير مملوكة له غير منتج في الدعوى بعد أن ثبت حيازة المتهم لها على ما سلف بسطه - ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تحقيق الدفاع غير المنتج أو الرد عليه.
10 - لما كان الثابت من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة باقي الطلبات التي أوردها في أسباب طعنه، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها.
11 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم بالتفصيل إذ عليه إن كان يهمه تدوين أمر معين أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أمفيتامين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (ب) تعدى علي موظفين عموميين قائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وهو المقدم... الضابط بمباحث مركز.... والقوة المرافقة له بأن أطلق عليهم عدة أعيرة نارية من سلاح ناري كان يحمله قاصداً من ذلك مقاومتهم ومنعهم من ضبطه. (جـ) أحرز بغير ترخيص سلاحاًًً نارياً مششخناً (مسدس). "د" أحرز ذخائر طلقات مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته وإحرازه وأحالته إلي محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37، 38، 40/ 1 - 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 15 من الجدول رقم 1 المرفق والمعدل والمواد 1، 6، 26/ 2 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند ( أ ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المضبوطات باعتبار أن حيازة المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة مخدر بغير قصد من القصود والتعدي على القائمين بتنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 وإحراز سلاح وذخيرة بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المدافع عنه دفع ببطلان التفتيش لخلوه من الأسباب التي بني عليها ولعدم جدية التحريات ولأن عبارة الإذن خصت المقدم....... أو من يندبه من مأموري الضبط القضائي لإجراء التفتيش ومؤدى ذلك أن المندوب أصلاً للتفتيش له أن يتخلى عن إجرائه لأحد مأموري الضبط دون أن يضمه إليه بدلالة وجود حرف العطف "أو" الذي يفيد التغيير والانفراد لا الجمع والمصاحبة كما أنه دفع ببطلان تفتيش السيارة لأنها مملوكة لغيره مما يجعل الاختصاص بتفتيشها للقاضي، إلا أن الحكم أطرح كل ذلك بغير مبرر سائغ. كما أن الحكم قضى بالإدانة تأسيساً على أنه أحرز مادة مخدرة بعد انضمام مصر بمقتضى القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 إلى الاتفاقية الدولية بشأن تحريم المخدرات والتي تضمنت جدولاً جديداً ليس من بينه مادة الامفيتامين، كما لم يجبه إلى طلبه لإعادة تحليل العينة لبيان ما إذا كانت المادة المضبوطة هي للامفيتامين لذاته من عدمه لأن المحرز وفق الجدول الأول من القانون رقم 182 لسنة 1960 هو الامفيتامين لذاته دون غيره ورد على ذلك بما لا يصلح له, بالإضافة إلى أن المدافع عن الطاعن طلب سؤال صاحب المتجر الذي كمن فيه الشاهد الأول قبل ضبطه، وإجراء معاينة لمكان الضبط وللسيارة وإجراء تجربة ضوئية وضم دفتر الأحوال وأصل بلاغ سجن طره بهروب الطاعن منه والاستعلام عن مالك السيارة التي تم تفتيشها ورفع البصمات التي يحملها المسدس المضبوط، وأن محضر الجلسة أثبت بعض تلك الطلبات ولم يثبت بعضها الآخر وأن المحكمة لم تجبه إلى تلك الطلبات واطرحتها بما لا يبرر رفضها، وهذا كله مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من الأسباب وبطلان تنفيذه لاشتماله على حرف "أو" ورد عليه بقوله "أن تدوين إذن التفتيش على صلب محضر التحريات والإحالة إليه حسبما أثبت بأوراق الدعوى يغنى عن التسبيب. كما أن القانون لم يشترط عبارات خاصة لصياغة إذن التفتيش فتقرير رئيس مباحث...... مجرى التحريات بأنه علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت وأن هناك دلائل وأمارات قوية ضد من طلب الإذن بتفتيشه وسيارته ومسكنه يكفي لتبرير إصدار الإذن قانوناً وصدور إذن التفتيش لرئيس وحدة مباحث..... أو أي من السادة مأموري الضبط القضائي المختصين قانوناً يترتب عليه صحة التفتيش الذي يجريه أحدهما أو كلاهما وما دام الإذن لم ينص صراحة على أن لا ينفرد أحدهما دون الآخر" وهذا الذي أورده الحكم يتفق وصحيح القانون ذلك بأن المشرع بما نص عليه في المادة 44 من الدستور من أن "للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون"، وما أورده في المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 من أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناء على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو اشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة... وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً". لم يتطلب تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن وهو فيما استحدثه في هاتين المادتين من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم يرسم شكلاً خاصاً للتسبيب، والحال في الدعوى الماثلة أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - أن النيابة العامة أصدرت هذا الأمر بعد اطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من المقدم........ - طلب الأمر وما تضمنه من أسباب توطئه وتسويغاً لإصداره وهذا حسبه كي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان تفتيش مسكن المتهم ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن ثمة تفتيش لم يقع على مسكن الطاعن وأن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تفتيش المسكن وإنما أقام قضاءه على الدليل المستفاد من تفتيش شخص الطاعن والسيارة التي يحوزها. كما أنه مع التسليم بما جاء بوجه الطعن من صدور الندب إلى المقدم...... أو من يندبه من مأموري الضبط فإن دلالة الحال هي أن المعنى المقصود من حرف العطف المشار إليه هو الإباحة - لوروده قبل ما يجوز فيه الجمع، وهو ما يقطع بإطلاق الندب وإباحة انفراد الضابط بالتفتيش أو إشراك غيره معه فيه ممن يندبه لذلك من مأموري الضبط لما كان ذلك وكان الأصل أن الدفع ببطلان الضبط والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان لأنها تقتضي تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. ولما كان الثابت من محضري جلستي المحاكمة. أن الطاعن لم يدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان تفتيش السيارة بقوله "أن السيارة المذكورة سبق أن أثبت السيد رئيس مباحث.... بمحضر تحرياته المؤرخ....... أن المتهم يستخدمها في تنقلاته وطلب الإذن من النيابة العامة بضبطها وتفتيشها وبالفعل صدر إذن النيابة بتفتيش السيارة رقم...... ملاكي القاهرة وقد شوهد المتهم قادماً لمسكنه بالسيارة المذكورة حيث أوقفها وأخرج من داخل حقيقتها الجركن الأول المضبوط كما ضبط "جركن" آخر داخل حقيبة السيارة ومن ثم فالسيارة المضبوطة ضبطت في حيازة المتهم وسبق أن صدر إذن من النيابة بتفتيشها. لما سبق فإن ما ينعاه الدفاع في هذا الخصوص يكون غير سديد. وهو رد سديد في القانون يستقيم به اطراح دفاع الطاعن المتعلق ببطلان الإذن وتفتيش السيارة ذلك أن حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها ولما كان الحكم قد أثبت أن السيارة في حيازة الطاعن وأنه قبيل الضبط كان يقودها وأوقفها قرب مسكنه وفتح حقيبتها وبدأ يستخرج بعض محتوياتها "جركن" ومن ثم يكون للطاعن صفة أصلية على السيارة هي حيازته لها وفي أن يوجه إليه الإذن في شأن تفتيشها, وبهذا يكون الإذن قد صدر سليماً من ناحية القانون وجرى تنفيذه على الوجه الصحيح مما يجعل ما أسفر عنه التفتيش دليلاً يصح الاستناد إليه في الإدانة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسه آلاف جنيه، وكانت هذه العقوبة مقررة في المادة 40/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 التي طبقتها المحكمة بعد استعمالها للمادة 17 من قانون العقوبات - عن التهمة الثانية الخاصة بالتعدي على الموظفين القائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 حالة كون الجاني يحمل سلاحاً، فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن التهمة الأولى وهي حيازة مخدر الامفيتامين لأنه لا يعتبر مادة مخدرة لخلو جدول الاتفاقية الدولية بشأن تحريم المخدرات والتي انضمت إليها مصر منه طالما أن المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبة الطاعن بالعقوبة الأشد وهي العقوبة المقررة للتهمة الثانية. هذا فضلاً عن أن الحكم عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه بقوله "أن الاتفاقية الدولية للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30/ 3/ 1961 والتي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 بتاريخ 2/ 5/ 1966 هي مجرد دعوة من الدول بصفتهم أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فعالية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات. ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل صراحة أو ضمناً من أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول الموقعة عليها إذ نصت المادة 36 منها على الأحوال التي تدعو الدول إلى تحريمها والعقاب عليها دون أن تتعرض إلى تعريف الجرائم وإجراءات المحاكمة وتوقيع العقاب وتركت ذلك كله إلى القوانين المحلية للدول المنضمة إليها ويؤكد ذلك ما جرى به نص الفقرة الرابعة من تلك المادة من أنها لا تتضمن هذه المادة أي حكم مخل بمبدأ تعريف الجرائم التي ينص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقاً للقوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية. ومن ثم فإن مجال تطبيق أحكام هذه الاتفاقية يختلف عن مجال قانون المخدرات المعمول به في جمهورية مصر العربية". وما أورده الحكم صحيح في القانون مجزي في الرد على ما أثاره الطاعن في هذا الشأن. كما أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقرير المعمل الكيماوي الذي لا ينازع الطاعن في صحة ما نقله الحكم عنه أنه ثبت أن السائل في الجركنين المضبوطين يحتوي على الامفيتامين المدرج بجدول المخدرات. وكان كنه المادة المخدرة المضبوطة قد قطع بحقيقته المختص فنياً وأن المادة المضبوطة هي من المواد المدرجة في جدول قانون المخدرات وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من إعادة تحليل العينة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ الإجراء لما كان ذلك وكان الحكم قد رد على طلب الطاعن إجراء معاينة وتجربة رؤيا بقوله "إن المحكمة لا ترى في هذا الطلب إلا إثارة الثبوت التي اقتنعت بها المحكمة وأنها لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة وقوع الواقعة على النحو الذي رواه شهود الحادث". وهو رد سائغ كاف لرفض طلبات الطاعن من ثم فإن منعاه في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان طلب الاستعلام من قلم المرور عن مالك السيارة التي ضبط بها المخدر لأنها غير مملوكة له غير منتج في الدعوى بعد أن ثبت حيازة المتهم لها على ما سلف بسطه - ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تحقيق الدفاع غير المنتج أو الرد عليه.
لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة. أن الطاعن لم يطلب من المحكمة باقي الطلبات التي أوردها في أسباب طعنه، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها، ولا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم بالتفصيل إذ عليه إن كان يهمه تدوين أمر معين أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً

الطعن 5880 لسنة 56 ق جلسة 5 / 2 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 31 ص 213


جلسة 5 من فبراير سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميره وصلاح البرجى ومحمد حسام الدين الغرياني.
---------------
(31)
الطعن رقم 5880 لسنة 56 القضائية

(1) إجراءات "الأعمال الإجرائية". تفتيش "إذن تفتيش. إصداره" "تنفيذه". إثبات. "بوجه عام". مواد مخدرة.
الأعمال الإجرائية. جريانها على حكم الظاهر. عدم إبطالها من بعد نزولاً على ما يتكشف من أمر الواقع.
صدور إذن التفتيش لضبط أسلحة نارية. صحة ضبط ما ينكشف عرضاً من جرائم أخرى. مثال. تنفيذ الإجراء المشروع في حدوده. لا يتولد عنه عمل باطل.
 (2)استدلالات. تفتيش "التفتيش بإذن". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها للإذن بالتفتيش. موضوعي.
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب الإذن بالتفتيش. غير لازم. له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو غيرهم.
مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم أو محل إقامته لا ينال بذاته من جدية التحريات.
 (3)تزوير "الطعن بالتزوير". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
الطعن بالتزوير في ورقة مقدمة في الدعوى. من وسائل الدفاع الموضوعية. خضوعه لتقدير المحكمة.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
 (4)تزوير "الادعاء بالتزوير". إثبات "بوجه عام" "شهادة" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة الجنائية باتباع قواعد الإثبات المدنية والتجارية ومن ذلك تعيين خبير في دعاوى التزوير - متى أقامت حكمها على ما يسوغه.
 (5)دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مأمور الضبط القضائي.
إثارة الطاعنين أن إذن التفتيش لم يحدد به مكان تنفيذه وأن التفتيش تم في غير المكان المحدد بالإذن. غير مقبول. علة ذلك؟
صدور أمر تفتيش شخص. لمأمور الضبط القضائي تنفيذه أينما وجده. ما دام في دائرة اختصاص مصدر الإذن ومنفذه.
 (6)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على رداً عليه.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". "حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا تثريب على المحكمة في قضائها متى كانت قد اطمأنت إلى أن العينة التي أرسلت للتحليل هي التي صار تحليلها وكذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل.
 (8)مواد مخدرة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مسئولية جنائية "أركانها". قصد جنائي. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط المسئولية في جريمة إحراز وحيازة الجواهر المخدرة. ثبوت اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة بأية صورة عن علم وإرادة.
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر. قوامه. العلم بكنه المادة المخدرة.
(9) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم فيما لا أثر له في عقيدته. لا يعيبه.
 (10)إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام محكمة الموضوع بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها. كفاية استفادة الرد من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
 (11)إثبات "معاينة". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل أو إثبات استحالة حصوله. عدم التزام المحكمة بإجابته.

------------------
1 - من المقرر في صحيح القانون بحسب التأويل الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما ينكشف من أمر الواقع وقد أعمل الشارع هذا الأصل وأدار عليه نصوصه ورتب أحكامه ومن شواهده ما نصت عليه المواد 30، 163، 382 من قانون الإجراءات الجنائية مما حاصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على مقتضاه وذلك تيسيراً لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقاً للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب، فإذا كان الثابت من التحريات أن الطاعنين ينقلان أسلحة نارية فصدر الإذن من النيابة بالتفتيش على هذا الأساس فانكشفت جريمة حيازة المواد المخدرة عرضاً أثناء تنفيذه فإن الإجراء الذي تم يكون مشروعاً ويكون أخذ المتهمين بنتيجته صحيحاً، ولا يقدح في جدية التحريات أن يكون ما أسفر عنه التفتيش غير ما انصبت عليه، لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهتي الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها.
2- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسوغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكان مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم أو محل إقامته لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من الأوراق المقدمة في الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة، وكانت المحكمة في حدود هذه السلطة التقديرية قد أطرحت الطعن بتزوير إذن التفتيش بما أوردته فيما تقدم من رد سائغ، وكان لا يغير من الأمر ما يثيره الطاعنان بأسباب الطعن من أن محضر التحريات بدوره جرى به تصحيح مماثل إذ ليس من شأن ذلك - بفرض صحته - أن ينال من سلامة استدلال الحكم على انتفاء وقوع التزوير، ولا محل أيضاً للنعي على الحكم في هذا الصدد من قعود المحكمة عن تحقيق التزوير بواسطة أحد المختصين فنياً للتحقيق من استعمال نفس المداد في كتابة أصل الإذن وعبارة التصحيح في تاريخ معاصر، إذ لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع طلب اتخاذ هذا الإجراء فليس للطاعنين من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها.
4 - من المقرر أن المحكمة الجنائية غير ملزمة في سبيل تكوين عقيدتها باتباع قواعد معينة مما نص عليه قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ومن ذلك تعيين خبير في دعاوى التزوير متى كان الأمر ثابتاً لديها للاعتبارات السائغة التي أخذت بها.
5 - لما كان ما يثيره الطاعنان من أن الإذن بالتفتيش لم يحدد به مكان تنفيذه وأن التفتيش تم في غير المكان المحدد بالإذن - فضلاً عما ينطوي عليه من تهاتر - مردوداً بأن القانون لا يتطلب تحديد الأماكن بإذن التفتيش إلا إذا كان الإذن صادراً بتفتيشها، أما إذا كان الإذن صادراً بتفتيش الأشخاص أو السيارات الخاصة كالحال في هذه الدعوى فلا يوجب القانون تحديد المكان الذي يجرى فيه التفتيش بالإذن، هذا إلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه متى صدر أمر من النيابة بتفتيش شخص، كان لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه أن ينفذه عليه أينما وجده ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه.
6 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي، فإنه يكفي للرد عليه اطمئنان محكمة الموضوع إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها.
7 - لما كان الحكم قد أطرح ما أثاره الدفاع من التشكيك في نسبة المخدر إلى الطاعنين بمقولة أن وزن العينة التي أخذت من المضبوطات يختلف عن وزن تلك التي أرسلت للتحليل واستند الحكم في ذلك إلى أنه لم يثبت من الأوراق وقوع أي عبث في هذا الشأن وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد أطمأنت إلى أن العينة التي أرسلت للتحليل هي التي جرى تحليلها واطمأنت كذلك إلى نتيجة التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك.
8 - لما كان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة من علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة.
9 - لا يقدح في سلامة استخلاص الحكم لتوافر ركن العلم في الجريمة ما أثير بشأن الخطأ في الإسناد بقالة أن الحكم نسب إلى الطاعن الثاني القول بأن هناك تعامل بينه وبين الطاعن الأول مع أنه لم يذكر سوى أن لهما محلين متجاورين، ذلك أنه ليس من شأن هذا الخطأ أن يؤثر في منطق الحكم وفي استدلاله السائغ على توافر علم الطاعنين بحقيقة الجوهر المخدر، ومن ثم فإن نعيهما في هذا الوجه لا يعتد به.
10 - لما كانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم، وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة.
11 - لما كان الحكم قد عرض لطلب هذا الطاعن إجراء معاينة لمكان ضبط الجوال المحتوي على المخدر بالسيارة وأطرحه استناداً إلى أن المحكمة وضح لها من أقوال شاهد الإثبات التي وثقت بها أن الجوال كان على الدواسة الموجودة أسفل المقعد الأمامي الأيمن للسيارة مما يغنى عن المعاينة، وهو رد كاف وسائغ في تبرير رفض هذا الطلب الذي لا يتجه في صورة الدعوى إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهد، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: حازا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون المذكور والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة سبع سنوات وتغريم كل منهما مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن حيازة المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن كل من المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة حيازة جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعنين دفعاً ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة ما أسفر عنه التفتيش من جريمة أخرى غير التي انصبت عليها التحريات وأن الضابط الذي أجراها لم يتول المراقبة بنفسه وأخطأ في بيان مهنة الطاعن الثاني ومحل إقامته، وتأسيساً على تزوير الإذن لإجراء تعديل به في بيان الجهة التي تتبعها السيارة المأذون بتفتيشها، فضلاً عن أنه لم يحدد به مكان تنفيذه، كما أثار الدفاع بطلان التفتيش ذاته لإجرائه في غير المكان المحدد بالإذن، وقبل صدوره مدللاً على ذلك بأقوال الطاعن الأول وتلاحق الإجراءات وتجهيل شاهد الإثبات مواقيت اتخاذها. وتمسك كذلك بأن وزن العينة التي اجتزئت من المضبوطات يختلف عن وزن تلك التي أجرى عليها التحليل مما يدل على مغايرة المادة المضبوطة - لما تم تحليله إلا أن الحكم أغفل الرد على بعض هذه الدفوع وجاء رده على بعضها الآخر غير سائغ ودون أن تحقق المحكمة واقعة تزوير الإذن عن طريق المختص فنياً ثم إن الحكم لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة بحق الطاعنين، واعتمد في ذلك على ما حصله من أقوال لشاهد الإثبات لا تؤدي إلى ما رتبه عليها، وما أورده على خلاف الثابت بالأوراق من وجود تعامل بين الطاعنين، وخلص في هذا الشأن إلى اطراح دفعهما بشيوع التهمة بما لا يسوغ. كما أعرض الحكم عما ساقه الطاعن الثاني في دفاعه من شواهد على انتفاء صلته بالواقعة هذا إلى أن الأخير تمسك بإجراء معاينة لمكان ضبط كيس المخدرات بالسيارة لإثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهد فلم تجبه المحكمة إلى طلبه واطرحته بما لا يصح رداً، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين الواقعة بما محصله أن الضابط شاهد الإثبات تبين من تحرياته أن الطاعنين ينقلان أسلحة نارية لمنطقة عرب بلي بصحراء أبي صير ويستخدمان في هذا الغرض السيارة رقم 2666202 ملاكي الإسكندرية فاستصدر إذناً من النيابة بتفتيشهما والسيارة المذكورة في الساعة الواحدة وعشر دقائق من صباح 26/ 11/ 1985 وأعد كميناً لهذا الغرض بتلك المنطقة، وما لبث أن شاهد السيارة لدى دخولها إليها، وبعد خروجها منها بحوالي ساعة حاول استيقافها فلما لم يذعن قائدها قام بمطاردتها وتمكن من إيقافها ووجد بها آنذاك الطاعن الأول جالساً أمام عجلة القيادة وإلى جواره الطاعن الثاني الذي أسرع بالفرار فلم يتمكن من ضبطه، وبتفتيشه السيارة عثر فوق الدواسة الموجودة أسفل المقعد الأمامي الأيمن على جوال من البلاستيك موضوع بحالة ظاهرة وبداخله اثنتان وعشرون طربه "من الحشيش" كما عثر على رخصة قيادة باسم الطاعن الثاني وعلى توكيل صادر إليه بإدارة السيارة، وبمواجهة الطاعن الأول بالمخدر المضبوط أقر بحيازته له مع الطاعن الثاني، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة سائغة مستمدة من أقوال الضابط بالتحقيقات وبالجلسة التي حصلها بما لا يخرج عما تقدم ومن تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان من المقرر في صحيح القانون بحسب التأويل الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما ينكشف من أمر الواقع وقد أعمل الشارع هذا الأصل وأدار عليه نصوصه ورتب أحكامه ومن شواهده ما نصت عليه المواد 30، 163، 382 من قانون الإجراءات الجنائية مما حاصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على مقتضاه وذلك تيسيراً لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقاً للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب، فإذا كان الثابت من التحريات أن الطاعنين ينقلان أسلحة نارية فصدر الإذن من النيابة بالتفتيش على هذا الأساس فانكشفت جريمة حيازة المواد المخدرة عرضاً أثناء تنفيذه فإن الإجراء الذي تم يكون مشروعاً ويكون أخذ المتهمين بنتيجته صحيحاً، ولا يقدح في جدية التحريات أن يكون ما أسفر عنه التفتيش غير ما انصبت عليه، لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهتي الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسوغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن. فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات، وكان مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم أو محل إقامته لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثير من تزوير إذن التفتيش استناداً إلى إجراء تعديل به في بيان الجهة التي تتبعها السيارة المأذون بتفتيشها بجعلها الإسكندرية بدلاً من القاهرة وأطرحه بما محصله أن المحكمة بعد أن استمعت إلى شهادة وكيل النيابة مصدر الإذن بأنه الذي أجرى ذلك التصحيح قد اطمأنت إلى أن الأمر لا يعدو مجرد خطأ مادي في الإذن جرى تصحيحه وأنه لو كان معتمداً بعد إتمام إجراءات الضبط والتفتيش - كما ذهب الدفاع - لأمكن تداركه ابتداء بمحضر التحريات، وإذ كان من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من الأوراق المقدمة في الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير المحكمة، وكانت المحكمة في حدود هذه السلطة التقديرية قد أطرحت الطعن بتزوير إذن التفتيش بما أوردته فيما تقدم من رد سائغ، وكان لا يغير من الأمر ما يثيره الطاعنان بأسباب الطعن من أن محضر التحريات بدوره جرى به تصحيح مماثل إذ ليس من شأن ذلك - بفرض صحته - أن ينال من سلامة استدلال الحكم على انتفاء وقوع التزوير، ولا محل أيضاً للنعي على الحكم في هذا الصدد من قعود المحكمة عن تحقيق التزوير بواسطة أحد المختصين فنياً للتحقق من استعمال نفس المداد في كتابة أصل الإذن وعبارة التصحيح في تاريخ معاصر، إذ لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع طلب اتخاذ هذا الإجراء فليس للطاعنين من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها، فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة الجنائية غير ملزمة في سبيل تكوين عقيدتها باتباع قواعد معينة مما نص عليه قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية ومن ذلك تعيين خبير في دعاوى التزوير متى كان الأمر ثابتاً لديها للاعتبارات السائغة التي أخذت بها - كالحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان من أن الإذن بالتفتيش لم يحدد به مكان تنفيذه وأن التفتيش تم في غير المكان المحدد بالإذن - فضلاً عما ينطوي عليه من تهاتر - مردوداً بأن القانون لا يتطلب تحديد الأماكن بإذن التفتيش إلا إذا كان الإذن صادراً بتفتيشها، أما إذا كان الإذن صادراً بتفتيش الأشخاص أو السيارات الخاصة كالحال في هذه الدعوى - فلا يوجب القانون تحديد المكان الذي يجرى فيه التفتيش بالإذن، هذا إلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه متى صدر أمر النيابة بتفتيش شخص، كان لمأمور الضبط القضائي المندوب لإجرائه أن ينفذه عليه أينما وجده ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعاً في اختصاص من أصدر الأمر ومن نفذه - وهو ما لا ينازع فيه الدفاع ومن ثم فإن النعي في هذا الوجه ببطلان الإذن بالتفتيش والتفتيش الذي تم بناء عليه يكون على غير أساس، لما كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن التفتيش كان لاحقاً على صدور الإذن به استناداً إلى مضي فترة كافية ما بين ساعة صدور الإذن والوقت الذي تمت فيه إجراءات الضبط والتفتيش، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي، فإنه يكفي للرد عليه اطمئنان محكمة الموضوع إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، ولا يعيب الحكم بعد ذلك خلوه من تحديد مواقيت الإجراءات التي اتخذها شاهد الإثبات، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح ما أثاره الدفاع من التشكيك في نسبة المخدر إلى الطاعنين بمقولة أن وزن العينة التي أخذت من المضبوطات يختلف عن وزن تلك التي أرسلت للتحليل واستند الحكم في ذلك إلى أنه لم يثبت من الأوراق وقوع أي عبث في هذا الشأن، وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد أطمأنت إلى أن العينة التي أرسلت للتحليل هي التي جرى تحليلها واطمأنت كذلك إلى نتيجة التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة من علم وإرادة أما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة وكان ما استند إليه الحكم من أقوال شاهد الإثبات - في معرض الرد على دفاع الطاعنين بانتفاء مسئوليتهما عن جريمة حيازة المخدر من أنهما كانا يستقلان معاً السيارة المضبوطة ويجلسان بالجزء الأمامي منها الذي وجد به الجوال المحتوي على المخدر موضوعاً بحالة ظاهرة سائغاً في الدلالة على حيازتهما للمخدر المضبوط وعلى علمهما بكنهه، ويعد كافياً في الرد على دفاعهما في هذا الخصوص وفي دحض ما أثاراه من شيوع التهمة وكان لا يقدح في سلامة استخلاص الحكم لتوافر ركن العلم في الجريمة ما أثير بشأن الخطأ في الإسناد بقالة أن الحكم نسب إلى الطاعن الثاني القول بأن هناك تعامل بينه وبين الطاعن الأول مع أنه لم يذكر سوى أن لهما محلين متجاورين، ذلك أنه ليس من شأن هذا الخطأ أن يؤثر في منطق الحكم وفي استدلاله السائغ على توافر علم الطاعنين بحقيقة الجوهر المخدر، ومن ثم فإن نعيهما في هذا الوجه لا يعتد به. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم، وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة، فإن منعى الطاعن الثاني على الحكم أنه لم يعرض لدفاعه بعدم صلته بالواقعة يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب هذا الطاعن إجراء معاينة لمكان ضبط الجوال المحتوي على المخدر بالسيارة وأطرحه استناداً إلى أن المحكمة وضح لها من أقوال شاهد الإثبات التي وثقت بها أن الجوال كان على الدواسة الموجودة أسفل المقعد الأمامي الأيمن للسيارة مما يغنى عن المعاينة، وهو رد كاف وسائغ في تبرير رفض هذا الطلب الذي لا يتجه في صورة الدعوى إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهد، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي أطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.