جلسة 9/1/2023
برئاسة السيد المستشار/ محمد الأمين ـ رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ محمد الصغير، عثمان مكرم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 960 لسنة 2022 أحوال شخصية)
(1) أهلية. حجر. دعوى "الطلبات في الدعوى". قوامة. محكمة أول درجة. محكمة الاستئناف. ولاية "الولاية على المال".
- الطلب. ماهيته.
- سبب الدعوى. ماهيته.
- وجوب التزام المحكمة في قضائها بطلبات الخصوم في الدعوى وسببها وإعطائها وصفها وتكييفها القانوني الصحيح.
- للمدعى مع بقاء الطلب على حاله تغيير سببه أو الإضافة إليه أمام محكمة الاستئناف.
- الطلب الجديد. ماهيته.
- فقد الشخص لأهليته. يتيح للقاضي أن يعهد بالقوامة لمن يختاره ممن عرف بالرشد والأمانة والكفاءة والقدرة على القيام بما يحقق مصلحة المحجور عليه ودفع الضرر عن أمواله من الأقارب أو من غيرهم.
- تمسك الطاعنين أو المطعون ضدهم بتسمية قيم أشاروا إليه. لا يعد طلباً مما يتعين إبداؤه أمام محكمة الدرجة الأولى. اعتباره دفاعاً موضوعياً. التمسك به لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. جائز.
(2) أهلية. حجر. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قوامة. محكمة الموضوع "سلطتها". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". ولاية "الولاية على المال" "الولاية على النفس".
- المواد 178/ب، 180/1، 188، 215، 217، 223 من قانون الأحوال الشخصية. مفادها.
- الولاية على المال. ماهيتها.
- الولاية العامة والنيابية. ماهيتهما.
- الشروط الواجب توافرها لتعيين القيم.
- تقدير صلاحية الشخص للقوامة من عدمه. موضوعي. مادام سائغاً.
- الشرط المانع من القوامة. مناط تحققه.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
- مثال لتسبيب سائغ للرد على دفع الطاعنين بعدم صلاحية المطعون ضده السادس للقوامة.
(3) أهلية. حجر. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قوامة. محكمة الاستئناف. نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما يقبل منها". ولاية "الولاية على المال".
- أخذ محكمة الاستئناف بأسباب الحكم المستأنف. شروطه.
- إغفال الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعنين المتعلق بمصلحة المحجور عليه المالية بما يستلزم تعيين الطاعن الأول قيماً عليه بحسبان أنه يقيم معه وأشقائه بمكان تواجد أمواله وممتلكاته. قصور يعيبه. وجوب نقضه والقضاء بتعيينه قيماً عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر أن الطلب هو الحق الذي يطالب به المدعي أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها بالتداعي ، وأن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها ، وتلتزم محكمة الموضوع في قضائها بحدود طلبات الدعوى وسببها دون أن تتعداه فهي لا تملك القضاء بغير ما طلبه الخصوم ولا تترخص في تغيير سبب الدعوى من تلقاء ذاتها ، ويتعين عليها إعطاء الدعوى وصفها وتكييفها القانوني الصحيح في حدود السبب الذي يستند إليه المدعي دون الاعتداد بوصفه أو تكييفه القانوني لدعواه فلا تتقيد بالنص القانوني الذي اعتمد عليه المدعي في دعواه ولا تلتزم به بل هي تقوم من تلقاء ذاتها بتقصي الحكم القانوني المنطبق على التكييف الصحيح للطلبات في الدعوى وتنزله على الواقعة، وأن للمدعى مع بقاء الطلب على حاله تغيير سببه أو الإضافة إليه أمام محكمة الاستئناف ، فالطلب يعتبر جديدًا غير جائز إبداؤه في الاستئناف إذا كان من الممكن أن ترفع به دعوى جديدة ولا يحول دونها الاحتجاج بحجية الحكم الابتدائي ولما كانت هذه الحجية تقتضي وحدة الموضوع والسبب والخصوم، فإن الطلب الجديد هو الذي يختلف عن الطلب الذي أبدى أمام محكمة أول درجة في الموضوع أو السبب أو الخصوم، ويستثنى من هذه العناصر الثلاثة للطلب عنصر السبب إذ يجوز تغيير السبب أو الإضافة إليه أمام محكمة الاستئناف مع بقاء الطلب على حاله. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطلبات في الدعوى بحسب تكييفها الصحيح والتي تلتزم بها المحكمة هي توقيع الحجر علي المطعون ضده الثامن وتعيين قيم عليه لتصريف شئونه ، أما تسمية القيم فتستقل به محكمة الموضوع بما يحقق مصلحة المحجور عليه ودفع الضرر عن أمواله والمحافظة عليها مؤقتًا إلى حين زوال العارض الذي كان سببًا لتوقيع الحجر – سواءً كان الاختيار على هدى مما أشار إليه المدعي أو المدعى عليه أو غيرهما - بحسبان أن فقد الشخص لأهليته يتيح للقاضي أن يعهد بالقوامة لمن يختاره ممن عرف بالرشد والأمانة والكفاءة والقدرة على القيام بما يحقق مصلحة المحجور عليه ودفع الضرر على أمواله سواء كان من الأقارب أو من غيرهم ، وبالتالي فإن تمسك الطاعنين أو المطعون ضدهم بتسمية قيم أشاروا إليه لا يعد طلباً مما يتعين إبداؤه أمام محكمة الدرجة الأولى ولا يخرج عن كونه دفاعاً موضوعياً مما يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
2- لما كان مفاد ما تقضي به المواد (178 "ب")، 180/ 1، (188)، (215)، (217)، (223) من قانون الأحوال الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الولاية على المال هي العناية بكل ما له علاقة بمال القاصر أو المحجور عليه وحفظه وإدارته واستثماره ويدخل في الولاية الوصاية والقوامة والوكالة القضائية، وتنقسم الولاية إلى ولاية عامة وهي الولاية الثابتة للشخص ابتداءً من غير أن تكون مستمدة من الغير، وولاية نيابية وهي الثابتة للشخص ولكن مستمدة من الغير - كولاية القاضي أو من يعينه القاضي على المحجور عليه بسبب الجنون أو العته أو السفه - ويسمى حينئذ قيمًا - ويجب أن تتوافر فيمن يعين قيمًا أن يكون عدلاً وهو ما يعبر عنه بحسن السيرة والسمعة ولم يعرف عنه الخروج عن أحكام الدين أو ارتكاب الكبائر - كفؤًا لإدارة شؤون المحجور عليه بكفاءة وحسن اختيار - أمينًا عاقلاً بالغًا قادرًا على القيام بمقتضيات القوامة - مما مؤداه أن من تخلف فيه شرط من الشروط السابقة لا يصح أن يعينه القاضي قيمًا، وأخيرًا يجوز أن يكون القيم ذكرًا أو أنثى شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا منفردًا أو متعددًا مستقلاً أو معه مشرف، وتقدير صلاحية الشخص للقوامة من عدمه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع طالما كان تقديرها سائغًا وله أصل الثابت من الأوراق . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى ثبوت صلاحية المطعون ضده السادس للقوامة، وأسند الإشراف على أعماله لمؤسسة الرعاية الاجتماعية وشؤون القصر بعد أن اشترطت - وفق ما أوردته بمذكرتها الجوابية - حتى تتمكن من أداء دورها المنوط بها قانوناً تعيين قيم على المحجور عليه من أقاربه ، وجابه الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين بما تبناه من أسباب الحكم المستأنف وما أضافه من أسباب قوله "إن الخلافات الحاصلة بين القيم والورثة المحتملين لم يثبت أنه يخشى منها على مصلحة المحجور عليه ، إذ في متابعة مؤسسة الرعاية الاجتماعية لتصرفاته في إدارة أموال المحجور عليه ما ينفي احتمالية الضرر......" وكان ذلك من الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه ويتضمن الرد الصريح على ما أورده الطاعنون في شأن عدم صلاحية المطعون ضده السادس للقوامة ، ولا ينال منها كذلك ما تمسكوا به من سابقة إدانته في الجنحة رقم 654 لسنة 2022 جزائي العين بالتعدي بالقول على أحدهم ومعاقبته بالغرامة إذ لا يتوافر بذلك الشرط المانع للقوامة ومناطه أن يكون بين القيم - أو أحد أصوله أو فروعه أو زوجه - وبين المحجور عليه – وليس غيره - نزاع أو خصومة قضائية، أو محكومًا عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة من الجرائم الماسة بالشرف ، وبالتالي يضحي النعي عليه في هذا الخصوص محض جدل موضوعي مرفوض فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره.
3- المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان لمحكمة الاستئناف في تكوين عقيدتها أن تأخذ بأسباب الحكم المستأنف إلا أن ذلك مشروط بأن تكون هذه الأسباب قد واجهت دفوع الخصوم ودفاعهم الجوهري كما أوردتها صحيفة الاستئناف ومذكرته الشارحة وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور ، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين كانوا قد تمسكوا بصحيفة الاستئناف بدفاع حاصله إن مصلحة المحجور عليه المالية ودفع الضرر عن أمواله والمحافظة عليها تتحقق بتعيين الطاعن الأول قيماً عليه بحسبان أنه يقيم معه وأشقائه بمدينة العين حيث تتواجد فيها أموال المحجور عليه وممتلكاته ، إلا أن الحكم المطعون فيه ورغم إيراده لهذا الدفاع أغفل الرد عليه دون أن يفطن إلى جواز أن يكون القيم منفردًا أو متعددًا مستقلاً أو معه مشرف وأن في مشاركة الطاعن الأول - الذي يمثل أشقائه أبناء المحجور عليه من زوجة ثانية - لأخيه المطعون ضده السادس- الذي يمثل أشقائه أبناء المحجور عليه من زوجة أخرى - ما يحقق ضمانة أفضل للمساعدة في بيان وتحديد مال المحجور عليه وإدارته واستثماره تحت إشراف مؤسسة الرعاية الاجتماعية وشؤون القصر كما يحقق المعادلة في اعتبار القيم موضع قبول من جميع الأطراف ، فإنه الحكم المطعون فيه يكون قد ران عليه القصور المبطل بما يوجب نقضه جزئياُ في هذا الخصوص.
وحيث إن موضوع الاستئناف في حدود ما تم نقضه صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء بتعديل الحكم المستأنف بإضافة تعيين المستأنف الخامس (....) قيماً بلا أجر على والده المحجور عليه على ما سيرد بالمنطوق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــــــــــــة
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم من الأول إلى السابع أقاموا على والدهم المطعون ضده الثامن الدعوى رقم 856 لسنة 2022 أحوال نفس العين بطلب الحكم بالحجر عليه وتعيين شقيقهم المطعون ضده السادس قيماً عليه لتصريف شئونه، وقالوا بياناً لذلك إن والدهم طاعن بالسن ومصاب بفقدان الذاكرة ما حدا بهم إلى إقامة الدعوى. حضر الطاعنون - زوجة وأبناء المطلوب الحجر عليه الإخوة غير الأشقاء لطالبين الحجر - بصفتهم الورثة المحتملين وأدخلوا مؤسسة الرعاية الاجتماعية وشؤون القصر خصماً في الدعوى وطلبوا تعيينها لإدارة أموال والدهم وتصريف شؤونه دون غيرها من أبنائه. بجلسة 19/9/2022 حكمت المحكمة بالحجر على المطعون ضده الثامن وتعيين المطعون ضده السادس والخصم المدخل قيمين عليه بلا أجر تكون مهمتهما تصريف شؤونه وتمثيله وإنهاء معاملاته أمام كافة الجهات سواء أكانت حكومية أو غيرها والمطالبة بحقوقه واستلام أمواله وإدارتها وحفظها واستثمارها والإنفاق عليه بالمعروف دون تقتير أو تبذير ولا يجوز لهما القيام بأي تصرف ناقل للملكية في أمواله إلا بإذن مسبق من المحكمة وعليهما تحرير قائمة بأمواله وما يؤول إليه من أموال ويودعانها مكتب إدارة الدعوى في مدى شهرين من بدء مهمتهما وعليهما تقديم حسابات دورية للمحكمة عن تصرفاتهما في إدارة أموال المحجور عليه كل ستة أشهر.
استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 727/2022 أحوال شخصية العين بطلب إلغاء الحكم المستأنف جزئياً فيما تضمنه من تعيين المطعون ضده السادس قيماً مع مؤسسة الرعاية الاجتماعية وشؤون القصر واحتياطياً تعيين الطاعن الأول معها. وبتاريخ 16/11/2022 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل ، وقدم المطعون ضدهم مذكرة بطلب رفضه وقدمت المؤسسة مذكرة بطلب عدم إلزامها بمصروفات ، وأودعت النيابة مذكرة فوضت فيها الرأي للمحكمة ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة 4/1/2022 لنظره وفيها حضر الطاعنون وتمسكوا بطلب إسناد القوامة لمؤسسة الرعاية الاجتماعية وشؤون القصر وحدها فإن كان لا بد من تعيين قيم من الأقرباء فيكون ابنه الطاعن الأول - أو على الأقل تعيينه بالإضافة إلى من تم تعيينه - حيث يقيم المحجور لديه معه وأشقائه ، والمحكمة أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.
وحيث إن المحكمة تمهد لقضائها بما هو مستقر فيه من أن الطلب هو الحق الذي يطالب به المدعي أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها بالتداعي ، وأن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها ، وتلتزم محكمة الموضوع في قضائها بحدود طلبات الدعوى وسببها دون أن تتعداه فهي لا تملك القضاء بغير ما طلبه الخصوم ولا تترخص في تغيير سبب الدعوى من تلقاء ذاتها ، ويتعين عليها إعطاء الدعوى وصفها وتكييفها القانوني الصحيح في حدود السبب الذي يستند إليه المدعي دون الاعتداد بوصفه أو تكييفه القانوني لدعواه فلا تتقيد بالنص القانوني الذي اعتمد عليه المدعي في دعواه ولا تلتزم به بل هي تقوم من تلقاء ذاتها بتقصي الحكم القانوني المنطبق على التكييف الصحيح للطلبات في الدعوى وتنزله على الواقعة، وأن للمدعى مع بقاء الطلب على حاله تغيير سببه أو الإضافة إليه أمام محكمة الاستئناف ، فالطلب يعتبر جديدًا غير جائز إبداؤه في الاستئناف إذا كان من الممكن أن ترفع به دعوى جديدة ولا يحول دونها الاحتجاج بحجية الحكم الابتدائي ولما كانت هذه الحجية تقتضي وحدة الموضوع والسبب والخصوم، فإن الطلب الجديد هو الذي يختلف عن الطلب الذي أبدى أمام محكمة أول درجة في الموضوع أو السبب أو الخصوم، ويستثنى من هذه العناصر الثلاثة للطلب عنصر السبب إذ يجوز تغيير السبب أو الإضافة إليه أمام محكمة الاستئناف مع بقاء الطلب على حاله. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطلبات في الدعوى بحسب تكييفها الصحيح والتي تلتزم بها المحكمة هي توقيع الحجر علي المطعون ضده الثامن وتعيين قيم عليه لتصريف شئونه ، أما تسمية القيم فتستقل به محكمة الموضوع بما يحقق مصلحة المحجور عليه ودفع الضرر عن أمواله والمحافظة عليها مؤقتًا إلى حين زوال العارض الذي كان سببًا لتوقيع الحجر – سواءً كان الاختيار على هدى مما أشار إليه المدعي أو المدعى عليه أو غيرهما - بحسبان أن فقد الشخص لأهليته يتيح للقاضي أن يعهد بالقوامة لمن يختاره ممن عرف بالرشد والأمانة والكفاءة والقدرة على القيام بما يحقق مصلحة المحجور عليه ودفع الضرر على أمواله سواء كان من الأقارب أو من غيرهم ، وبالتالي فإن تمسك الطاعنين أو المطعون ضدهم بتسمية قيم أشاروا إليه لا يعد طلباً مما يتعين إبداؤه أمام محكمة الدرجة الأولى ولا يخرج عن كونه دفاعاً موضوعياً مما يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ أسند القوامة إلى أخيهم المطعون ضده السادس على الرغم من أنه غير مؤهل لإدارة أموال أبيهم المحجور عليه وأنه على خلاف ومشاحنات مع أخوته غير الأشقاء - الطاعنون - وسبق إدانته في الجنحة رقم 654 لسنة 2022 جزائي العين بالتعدي بالقول على أحدهم ومعاقبته بالغرامة، ذلك ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد ما تقضي به المواد (178 "ب")، 180/ 1، (188)، (215)، (217)، (223) من قانون الأحوال الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الولاية على المال هي العناية بكل ما له علاقة بمال القاصر أو المحجور عليه وحفظه وإدارته واستثماره ويدخل في الولاية الوصاية والقوامة والوكالة القضائية، وتنقسم الولاية إلى ولاية عامة وهي الولاية الثابتة للشخص ابتداءً من غير أن تكون مستمدة من الغير، وولاية نيابية وهي الثابتة للشخص ولكن مستمدة من الغير - كولاية القاضي أو من يعينه القاضي على المحجور عليه بسبب الجنون أو العته أو السفه - ويسمى حينئذ قيمًا - ويجب أن تتوافر فيمن يعين قيمًا أن يكون عدلاً وهو ما يعبر عنه بحسن السيرة والسمعة ولم يعرف عنه الخروج عن أحكام الدين أو ارتكاب الكبائر - كفؤًا لإدارة شؤون المحجور عليه بكفاءة وحسن اختيار - أمينًا عاقلاً بالغًا قادرًا على القيام بمقتضيات القوامة - مما مؤداه أن من تخلف فيه شرط من الشروط السابقة لا يصح أن يعينه القاضي قيمًا، وأخيرًا يجوز أن يكون القيم ذكرًا أو أنثى شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا منفردًا أو متعددًا مستقلاً أو معه مشرف، وتقدير صلاحية الشخص للقوامة من عدمه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع طالما كان تقديرها سائغًا وله أصل الثابت من الأوراق . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى ثبوت صلاحية المطعون ضده السادس للقوامة، وأسند الإشراف على أعماله لمؤسسة الرعاية الاجتماعية وشؤون القصر بعد أن اشترطت - وفق ما أوردته بمذكرتها الجوابية - حتى تتمكن من أداء دورها المنوط بها قانوناً تعيين قيم على المحجور عليه من أقاربه ، وجابه الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين بما تبناه من أسباب الحكم المستأنف وما أضافه من أسباب قوله "إن الخلافات الحاصلة بين القيم والورثة المحتملين لم يثبت أنه يخشى منها على مصلحة المحجور عليه ، إذ في متابعة مؤسسة الرعاية الاجتماعية لتصرفاته في إدارة أموال المحجور عليه ما ينفي احتمالية الضرر......" وكان ذلك من الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه ويتضمن الرد الصريح على ما أورده الطاعنون في شأن عدم صلاحية المطعون ضده السادس للقوامة ، ولا ينال منها كذلك ما تمسكوا به من سابقة إدانته في الجنحة رقم 654 لسنة 2022 جزائي العين بالتعدي بالقول على أحدهم ومعاقبته بالغرامة إذ لا يتوافر بذلك الشرط المانع للقوامة ومناطه أن يكون بين القيم - أو أحد أصوله أو فروعه أو زوجه - وبين المحجور عليه – وليس غيره - نزاع أو خصومة قضائية، أو محكومًا عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة من الجرائم الماسة بالشرف ، وبالتالي يضحي النعي عليه في هذا الخصوص محض جدل موضوعي مرفوض فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسبب الأخير القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ أعرض دون أساس عما تمسكوا به من إسناد القوامة لمؤسسة الرعاية الاجتماعية وشؤون القصر وحدها، أو يشاركها الطاعن الأول حيث يقيم المحجور عليه معه وأشقائه بمدينة العين وحيث تتواجد فيها أموال المحجور عليه وممتلكاته، ذلك ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان لمحكمة الاستئناف في تكوين عقيدتها أن تأخذ بأسباب الحكم المستأنف إلا أن ذلك مشروط بأن تكون هذه الأسباب قد واجهت دفوع الخصوم ودفاعهم الجوهري كما أوردتها صحيفة الاستئناف ومذكرته الشارحة وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور ، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين كانوا قد تمسكوا بصحيفة الاستئناف بدفاع حاصله إن مصلحة المحجور عليه المالية ودفع الضرر عن أمواله والمحافظة عليها تتحقق بتعيين الطاعن الأول قيماً عليه بحسبان أنه يقيم معه وأشقائه بمدينة العين حيث تتواجد فيها أموال المحجور عليه وممتلكاته ، إلا أن الحكم المطعون فيه ورغم إيراده لهذا الدفاع أغفل الرد عليه دون أن يفطن إلى جواز أن يكون القيم منفردًا أو متعددًا مستقلاً أو معه مشرف وأن في مشاركة الطاعن الأول - الذي يمثل أشقائه أبناء المحجور عليه من زوجة ثانية - لأخيه المطعون ضده السادس- الذي يمثل أشقائه أبناء المحجور عليه من زوجة أخرى - ما يحقق ضمانة أفضل للمساعدة في بيان وتحديد مال المحجور عليه وإدارته واستثماره تحت إشراف مؤسسة الرعاية الاجتماعية وشؤون القصر كما يحقق المعادلة في اعتبار القيم موضع قبول من جميع الأطراف ، فإنه الحكم المطعون فيه يكون قد ران عليه القصور المبطل بما يوجب نقضه جزئياُ في هذا الخصوص.
وحيث إن موضوع الاستئناف في حدود ما تم نقضه صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء بتعديل الحكم المستأنف بإضافة تعيين المستأنف الخامس (....) قيماً بلا أجر على والده المحجور عليه على ما سيرد بالمنطوق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق