باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية
بالجلسة المنعقدة علناً
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن سيد عبد العزيز السيد نائب رئيس
مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / حلمي محمد إبراهيم
عامر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / نادى محمد عبد اللطيف
يوسف عبد اللطيف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عاطف
محمود أحمد خليل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / شريف حلمي
عبد المعطى محمد أبو الخير نائب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد الله محمود عابدين مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / مجدى محمد عامر سكرتير الدائرة
أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 63457 لسنة 62 ق.عليا
المقام من /
...............................
ضد /
1- رئيس الجمهورية . بصفته
2- وزير العدل . بصفته
3- رئيس هيئة قضايا الدولة . بصفته
------------
" الوقائع "
أقام الطاعن طعنه الماثل بموجب تقرير طعن موقع من مُحام مقبول
للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العُليا أودع قلم الكتاب بتاريخ 25 / 5 / 2016 حيث
قُيد بالرقم المُشار إليه عاليه ، طالبًا في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي
الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم ( 189 ) لسنة 2016 فيما تضمنه من تخطيه في
التعيين في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار ،
مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وذكر شرحاً للطعن أنه حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة في دور
مايو عام 2011 بتقدير عام جيد بمجموع تراكمي نسبته 70 % ، وقد أعلنت الهيئة
المطعون ضدها عن مُسابقة للتعيين بوظيفة مندوب مساعد ، وكونه مُستوفيًا الشروط
اللازمة لشغل هذه الوظيفة فقد تقدم بطلب للتعيين بها ، إلا أن القرار المشار إليه
لم يتضمن تعيينه رغم استيفائه للشروط فتظلم منه دون جدوى ، ونعى الطاعن على القرار
المطعون فيه مخالفته للقانون ، وإخلاله بمبدأ المُساواة المُقرر دستوريًا ، وصدوره
مشوبا بعيب الانحراف وإساءة استعمال السلطة إذ أنه اشتمل على تعيين من هم دونه في
تقدير التخرج والدرجة العلمية وذلك على النحو الوارد تفصيلا بتقرير الطعن ، والذي
خلص إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة البيان .
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق ، وأودعت هيئة مفوضي
الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن .
تُدوول نظر الطعن بالجلسات أمام المحكمة - على النحو الثابت بمحاضرها
- قدم خلالها الخصوم ما عَنَّ لهم من مُذكرات وحوافظ مُستندات ، واستمعت المحكمة
لما رأت لزوم سماعه من إيضاحات الطرفين ، وبجلسة 7 / 12 / 2019 قررت المحكمة حجز
الطعن للحكم بجلسة 28 / 12 / 2019 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع انقضى دون تقديم
شيء ؛ ثم تقرر إعادته للمرافعة - بالجلسة سالفة الذكر - وإحالته إلى هيئة مفوضي
الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الطاعن الخاص التعويض ؛ وأودعت الهيئة
تقريرها ؛ وعينت المحكمة لنظر الطعن جلسة 11 / 7 / 2020 وفيها قدم الطاعن مذكرة
دفاع صمم فيها على طلباته ؛ وبالجلسة ذاتها تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة 15 / 8 /
2020 مع مذكرات خلال أسبوع انقضى دون تقديم شيء ؛ ومُدَّ أجل النطق بالحكم لجلسة
اليوم لاستمرار المداولة ؛ وفيها صدر ؛ وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه
عند النطق به .
-------------------
" المحكمة "
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
ومن حيث إن الطاعن يطلب - وفقًا لطلباته الختامية - الحكم بقبول الطعن
شكلًا ، وفي الموضوع : أولًا :- إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم ( 189 ) لسنة 2016
فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة مع ما
يترتب على ذلك من آثار . ثانيًا : تعويضه عن الأضرار التي أصابته من جراء صور هذا
القرار . مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات .
و من حيث إنه عن الدفع المُبدى من الحاضر عن الطاعن بعدم دستورية نص
المادة ( 25 مُكررا ) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 75
لسنة 1963 - والمُضافة بالقانون رقم 2 لسنة 2002 - فيما نصت عليه من اختصاص إحدى
دوائر المحكمة الإدارية العليا بنظر المنازعات المتعلقة بأعضاء هيئة قضايا الدولة
وقصرها على درجة تقاضي واحدة ؛ فإن المادة (97) من الدستور القائم تنص على أن:
التقاضي حق مصون ومكفول للكافة ، وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي ،
وتعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة
القضاء ............................... .
كما تنص المادة (196) من الدستور على أن:
قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة ، تنوب عن الدولة فيما يُرفع منها أو
عليها من دعاوى ، وفي اقتراح تسويتها وديًا في أي مرحلة من مراحل التقاضي ،
والإشراف الفني على إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإداري للدولة بالنسبة
للدعاوى التي تُباشرها .......ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى ، ويكون لأعضائها
كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية ، وينظم القانون مساءلتهم
تأديبياً .
و تنص المادة (29) من قانون
المحكمة الدستورية العليا
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن:
تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على
الوجه التالي:
أ - ............................. .
ب - إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات
ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ، ورأت المحكمة أو الهيئة
أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر
لرفع الدعوى بذلك أمام
المحكمة الدستورية العليا
، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر
الدفع كأن
لم يكن .
و حيث إنه من المستقر عليه أن تقدير مدى جدية الدفع بعدم دستورية نص
في قانون أو لائحة ؛ هو أمر منوط بمحكمة الموضوع المنظور أمامها الدعوى ، وأن مجرد
إبداء أحد الخصوم دفعاً بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ؛ لا يترتب عليه بحكم
اللزوم الاستجابة لطلبه بتأجيل نظر الدعوى لحين رفع الدعوى الدستورية بعدم دستورية
ذلك النص أمام
المحكمة الدستورية العليا
، وإنما يتوقف ذلك على تقدير محكمة الموضوع
لجديه الدفع ، وما إذا كان يستأهل عرضه على
المحكمة الدستورية العليا
من عدمه في ضوء اتصال نص المادة المطعون فيها بعدم الدستورية في الفصل
في موضوع النزاع ، فإذا لم تقدر محكمة الموضوع جدية هذا الدفع فلا إلزام عليها
بتأجيل نظر الدعوى ليتمكن من أبدى الدفع بإقامة الدعوى الدستورية ، فالمسألة تخضع
في النهاية لتقدير مدى جدية الدفع أو عدم جديته.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قصر التقاضي على درجة واحدة ؛
هو مما يستقل المشرع بتقديره وفقاً لما تمليه ظروف بعض المنازعات وما يقتضيه
الصالح العام من سرعة حسمها ، وإذ كان إسناد المشرع ولاية الفصل في المنازعات
الخاصة بشئون أعضاء هيئة قضايا الدولة إلى المحكمة الإدارية العليا باعتبارها
تتصدر القسم القضائي بمجلس الدولة وتتربع على قمته ، لتقضى فيه على درجة واحدة
بحكم قطعي غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، فإن ذلك الذي انتهجه المشرع
إنما يقع في إطار السلطة التقديرية التي يتمتع بها في نطاق تنظيم حق التقاضي ،
طالما لم يصل الأمر إلى حد مصادرة هذا الحق ، أو تقييد حركته ، أو تفريغه من
مضمونه ، وهو ما فتئت
المحكمة الدستورية العليا
على تأكيده في قضاء مستقر لها .
( في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 39لسنة19ق.ع
بجلسة 23/ 3/ 1979 ، وحكم
المحكمة الدستورية العليا
في القضية رقم 102لسنة 12ق.د ، بجلسة 19/ 6/ 1993 ، وحكمها في القضية
رقم 162 لسنة19ق.د بجلسة 7/ 3/ 1998، وحكمها في القضية رقم 219 لسنة21ق .د بجلسة
22/ 9/ 2002)
وبناء عليه ؛ فإن الادعاء بأن قصر التقاضي بالنسبة لمنازعات أعضاء
هيئة قضايا الدولة على درجة واحدة مٌتصادمًا والدستور يكون غير قائم على سند صحيح
من أحكام الدستور بما تنحسر معه الجدية في هذا الدفع ، الأمر الذي يتعين معه
الالتفات عنه ، وتقضى المحكمة برفضه ، وتكتفي بإثبات ذلك في الأسباب دون الإشارة
إليه في المنطوق .
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إنه عن موضوع الطلب الأول للطاعن ( الإلغاء ) :-
فإن المادة (13) من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا
الدولة وتعديلاته تنص على أنه يشترط فيمن يعين عضوا بالهيئة :
(1) أن تكون له جنسية جمهورية مصر العربية ويكون متمتعاً بالأهلية المدنية
الكاملة .
(2) أن يكون حاصلا على درجة الليسانس من إحدى كليات الحقوق بجمهورية مصر
العربية .....
(3) ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف
ولو كان قد رد إليه اعتباره .
(4) أن يكون محمود السيرة حسن السمعة .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن القضاء بكل صوره ولاية
وأمانة ينوء عن الكاهل حملها , لما تقوم عليه من الصدع بالحق فيما يعرض فى ساحاته
من منازعات , فالضعيف عنده قوى حتى يأخذ الحق له , والقوى عند ضعيف حتى يأخذ الحق
منه.
وبناءً عليه , فلا غرو أن يكون من المعلوم بالضرورة ألا يولى القضاء
إلا من كان أهلاً لذلك , بأن يتوافر فيه شرطان:
الأول: شرط العلم , وهو ما يعبر عنه بالتأهيل والكفاءة - أو ما يعرف
بالصلاحية , بأن يكون صالحاً ومؤهلاً - بما يحمله من شهادات - لتقلد ولاية القضاء
وحمل أمانة الفصل في المنازعات.
الثاني : الأمانة , بأن يكون هو وأسرته ذوي سمعة حسنة لم يشبها شائبة
تتأبى وتقلد ولاية القضاء.
ومن حيث انه وان كان اختيار
من يعينون بالهيئات القضائية - على
اختلافها - قد نيط بالمجالس العليا لهذه الهيئات والتي يتبوأ أعضاؤها ذروة سنام
هذا الهيئات , وان المحكمة تقدر مالهم من قدرة على وزن الأمور وما يتمتعون به من
بسطة في السلطة والتقدير , فانه لا جدال في أن هذه السلطة تجد حدها في ضرورة
الانصياع لما أوجبته المواثيق الدولية والدساتير والقوانين والمساواة بين الأفراد
وعدم التمييز بينهم بغير مبرر موضوعي , وان يجازى المرء على قدر سعيه , وألا يكون
الإنسان إلا ما سعى.
ومن حيث انه لا مندوحة في أن التفوق الملحوظ في الشهادات الحاصل عليها
من يتقدمون للالتحاق بهذه الهيئات , وما يقتضيه ذلك من أن يرتب المتقدمون للالتحاق
بهذه الهيئات تفوقهم الملحوظ وتميزهم المعلوم , بأن يكون لكل درجات مما علموا ,
وبما مقتضاه ألا يتخطى من هم على رأس قائمة المتقدمين ممن بدا تفوقهم معلوماً
وتميزهم ملحوظاً بمن يدنوهم تقديراً إلا بمبرر ظاهر - ينال من هذا التفوق - حيث
تبسط المحكمة رقابتها عليه فتمحصه تمحيصاً وتزنه بميزان الحق وزناً يستريح به
ضميرها راحة من أدى الأمانة - التي تطوق عنه - على وجهه , فان نكلت الجهة الإدارية
وأعرضت ونأت بجانبها عن تقديم المبرر الذي استبعدت بموجبه من بدا تفوقه وتميزه فى
المؤهل اللازم لحمل أمانة القضاء ظاهراً عليها الحجة , وغدا تخطيها لمن كان تفوقه
ملحوظاً بغير سند خليقاً بالإلغاء.
وأما من أقام طعنه - نعياً على تخطيه في التعيين في الهيئات القضائية
- من دون أن تكون علامات التفوق والتميز ظاهرة عليه من خلال الشهادة الدراسية
الحاصل عليها , مستنداً في دعواه إلى أن جهة الإدارة قبلت من يدنوه في الدرجة أو
التقدير , فانه لا ريب في أن قبول من يدنو الطاعن تقديراً أو درجة في هذه الحالة
لا يستوي دليلاً على صلاحية وأهلية الطاعن للالتحاق بالهيئات القضائية , كما أنه
ليس من شأنه التدليل على أن الطاعن أصلح ممن وقع عليه الاختيار , ولا ينزع عن
القرار المطعون فيه قرينة الصحة المفترضة فيه وفى الاختيار الذي خلصت إليه جهة
الإدارة فيما تضمنه من تخطى الطاعن في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا
الدولة .
ومن حيث إن الطاعن ليس ظاهر التميز في شهادة الليسانس الحاصل عليها
على نحو يزعزع من قرينة الصحة المفترضة في الاختيار الذي خلصت إليه الجهة الإدارية
فيما تضمنه من عدم تعيينه في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة - إذ حصل على
تقدير جيد بمجموع بلغت نسبته 69,74% - وقد خلت الأوراق مما يفيد أن القرار المطعون
فيه فيما تضمنه من عدم تعيينه في هذه الوظيفة قد شابه الانحراف في استعمال السلطة
, فمن ثم يكون طلب إلغائه حرياً بالرفض .
ومن حيث إنه عن الطلب الثاني للطاعن ( التعويض ) :
فإن المادة (163) من القانون المدني تنص على أن كل خطأ سبب ضررا للغير
يلزم من ارتكبه بالتعويض .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مسئولية الإدارة عن القرارات
الإدارية الصادرة عنها تقوم على ثبوت وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير
مشروع، أي يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن
يلحق صاحبَ الشأن ضررٌ مباشر من هذا الخطأ، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ
والضرر، فإذا تخلف ركن أو أكثر من هذه الأركان الثلاثة تنتفي المسئولية المدنية في
جانب جهة الإدارة.
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم ، ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر سليما
ومتفقا وصحيح حكم القانون - وذلك على النحو المشار إليه سلفا - فمن ثم ينتفي ركن
الخطأ الموجب لمسئولية الجهة الإدارية المطعون ضدها، مما يكون معه طلب التعويض قد
جاء على غير سند من الواقع أو القانون، جديرا بالرفض، وذلك دونما حاجة لبحث ركني
المسئولية الآخرين .
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن
المصروفات .
صدر هذا الحكم وتلي بجلسته المنعقدة علناً في يوم السبت 3 من المحرم
سنة 1442 هجرية ، الموافق 22/ 8/ 2020 ميلادية وذلك بالهيئة المبينة بصدره .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق