الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 12 أغسطس 2025

الطعن 512 لسنة 38 ق جلسة 12 / 7 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 196 ص 1800

جلسة 12 من يوليو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعادل محمود زكي فرغلي وأحمد شمس الدين خفاجي ود، منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(196)

الطعن رقم 512 لسنة 38 القضائية

جمعيات خاصة - جمعية الشبان المسلمين - حل الجمعية - السلطة المختصة بالحل.
المادة 21 من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية والمادة 27 من الدستور والمادتان 27، 28 من القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة.
كفل القانون للمواطن الحق في التجمع السلمي داخل منظمات معترف بها قانوناً ومن بينها تكون الجمعيات بمختلف صورها وأغراضها وفي مقدمتها الأغراض الخيرية - يجب أن يمارس هذا الحق في حدود القانون بما تفرضه أحكامه من وجوب مراعاة اعتبارات المصلحة العامة ومن بينها حماية حقوق الآخرين في تلك المنظمة أو خارجها - يتعين التدخل وفقاً لأحكام القانون لوقف وإلغاء أي تجاوز يحدث في إدارة المنظمة إذا ما خرجت قرارات وتصرفات إدارتها عن تحقيق أهداف أعضاء الجمعية في إطار الشرعية.
أناط المشرع بالجهة الإدارية المختصة سلطة الإشراف والرقابة على أعمال الجمعيات الخاصة والتحقق من سلامة أعمالها ونشاطها والوقوف على مدى مطابقة هذه الأعمال للقوانين واللوائح والنظم المقررة في هذا الشأن منح المشرع الجهة المختصة وهي في سبيل ذلك سلطة حل مجلس إدارة الجمعية وتعيين مدير مؤقت أو مجلس إدارة مؤقت إذا ما ارتكب مجلس الإدارة من المخالفات ما يستوجب ذلك يجب أن يسبق ذلك إنذار الجمعية بإزالة هذه المخالفات وانقضاء خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار دون إزالتها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق السادس من فبراير سنة 1992 أودع الأستاذ محمد عبد المقصود مصطفى المحامي عن الأستاذ عبد المعطي أحمد ناصر. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 512 لسنة 38 قضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 30 من يناير سنة 1992 في الدعوى رقم 6119 لسنة 45 القضائية المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي بمصروفات هذا الطلب. وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بطلبات الطاعن في دعواه أمام محكمة القضاء الإداري مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار عبد السميع بريك مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن، ارتأى فيه للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16 من مارس سنة 1992، وبجلسة 20 من إبريل سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة التي نظرته بجلسة العاشر من مايو سنة 1992 حيث حضر محام عن السيد/ سعيد نجم الدين المدير المؤقت للجمعية الذي طلب التدخل في الطعن، وبجلسة آخر مايو سنة 1992 دفع الطاعن بعدم قبول التدخل لانعدام الصفة والمصلحة ورد الحاضر عن المتدخل بأنه تدخل بصفته مدير الجمعية وقررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة الأحد الموافق الخامس من يوليو سنة 1992 مع التصريح بمذكرات خلال عشرة أيام قدم خلالها الطاعن مذكرة صمم فيها على طلباته. وقد تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 12/ 7/ 1992.
حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه قد اختصم في هذا الطعن كل من محافظ الجيزة ومدير مديرية الشئون الاجتماعية بالجيزة ووزيرة الشئون الاجتماعية.
وحيث إنه طبقاً لأحكام قانون الإدارة المحلية فليس لمديرية الشئون الاجتماعية بالجيزة شخصية قانونية مستقلة عن محافظة الجيزة كما أنها ليس لها كيان قانوني مستقل عن وزارة الشئون الاجتماعية التي يمثلها وزيرها الرئيسي الإداري الأعلى لهذه الوزارة طبقاً لأحكام الدستور وقرارات إنشائها وتنظيمها وأحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة رقم 32 لسنة 1964 الذي تطبقه ومن ثم لا صفة ولا سند ولا مبرر قانوني لاختصام مدير الشئون الاجتماعية في هذا الطعن.
ومن حيث إن الطاعن قد دفع بعدم قبول تدخل السيد/ سعيد نجم الدين المدير المؤقت للجمعية في الطعن لانعدام صفته ومصلحته ولأنه تدخل مباشرة أمام دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الطاعن قد استند في هذا الدفع - حسبما ورد بمذكرة دفاعه إلى أنه وفقاً لنص المادة 236 من قانون المرافعات لا يجوز في الاستئناف إدخال من لم يكن خصماً في الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف ما لم ينص قانون على غير ذلك، ولا يجوز التدخل فيه إلا ممن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم، بمعنى أنه لا يجوز التدخل أمام محكمة استئناف إلا من شخص له مصلحة وينضم إلى أحد الخصوم دون طلبات مستقلة.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن طالب التدخل في الطعن الماثل ذو صفة ومصلحة في تدخله، لأنه كمدير مؤقت للجمعية قد حل في إدارتها محل مجلس الإدارة الذي تقرر حله ومن ثم فإن بقاءه في ممارسة مهام موقعة بإدارة الجمعية مرتبط بثبوت شرعية قرار حل مجلس الإدارة المنتخب بحيث يفقد الموقع الذي أسند إليه إذا ما انتهى القضاء إلى عدم شرعية القرار المشار إليه، ومن ثم فإن لطالب التدخل صفة ومصلحة في التدخل في الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أو التدخل في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، سواء أمام دائرة فحص الطعون أو أمام دائرة الموضوع سواء بسواء لأن المحكمة الإدارية العليا ليست كمحكمة النقض محكمة قانون فحسب ولكنها محكمة تؤدي رسالتها ووظيفتها في ظل قيام المادة (64) من الدستور والتي تنص على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وبالتالي فإن المحكمة الإدارية العليا رسالتها هي الرقابة القضائية العليا على المشروعية للتصرفات والقرارات الإدارية وهذه الرقابة تباشرها المحكمة تحقيقاً لأحكام الدستور وقانون تنظيم مجلس الدولة الذي يقوم على رسالة أساسية هي تحقيق وإعلاء سيادة الدستور والقانون برقابة مدى مشروعية قرارات الجهات الإدارية وتصرفاتها من خلال دعاوى الإلغاء ووقف التنفيذ وإنزال حكم الدستور والقانون الصحيح على هذه القرارات والتصرفات بحيث يزول إلى العدم القانوني ما يلغى منها بسبب خروجه على سيادة القانون ومشروعية القرار أو التصرف الإداري وبالتالي فالمحكمة الإدارية العليا لا تقف في أدائها لرسالتها ووظيفتها عند حد الرقابة لسلامة التفسير الذي تتبناه وتلتزمه الإدارة ومحاكم مجلس الدولة لأحكام القانون ولكنها تراقب صحة تطبيق ذلك في ذات الوقت باعتبارها بالحتم والضرورة بحكم طبيعة المنازعة الإدارية قوامة على رقابة المشروعية المتعلقة بكفالة حسن سير وانتظام المرافق العامة، وسلامة أداء الإدارة الإدارية للدولة لوظيفتها وبالتالي فالمحكمة الإدارية العليا محكمة قانون ومحكمة موضوع لأنها محكمة رقابة المشروعية لتصرفات وقرارات الإدارة وفي مجال الشرعية الإدارية يختلط القانون بالموضوع. بحيث يتعذر الفصل بينهما ويكون حتماً ومن الواجب تحقيقاً للشرعية القانونية التي تبحثها وتقررها المحكمة الإدارية العليا أن يهم في إبراز جوانبها كل ذي صفة ومصلحة بما قد يثيره من أوجه دفاع تبحثها المحكمة العليا وتمحصها ليس من أجل مصلحة أحد الأطراف وإنما من أجل مصلحة المجتمع والوطن والدولة التي تلتزم بجميع سلطاتها بنص الدستور بسيادة القانون وهو الصالح الأسمى الذي تسهر عليه المحكمة الإدارية العليا في إرساء قواعد المشروعية وتثبيت دعائمها وإعلاء رايتها وحصانة جوهرها وحماية قدسيتها من أجل صيانة وتطبيق مبدأ سيادة الدستور والقانون وحماية المبادئ الدستورية العليا التي تحدد إطار وغايات النشاط الإداري وتحمي حقوق الإنسان في البلاد.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه في 15 من يونيو سنة 1991 أقام المدعي (الطاعن) الدعوى رقم 6119 لسنة 45 القضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه انتخب رئيساً لمجلس إدارة جمعية الشبان المسلمين بالجيزة والتي تأسست سنة 1969 طبقاً للقانون رقم 32 لسنة 1964 بهدف نشر الوعي الإسلامي وتقديم المساعدات الاجتماعية والخدمات الثقافية والدينية والعلمية والرياضية والصحية. ولم يصل إلى الجمعية منذ إنشائها أية اعتراضات على نشاطها المالي كما لم يصلها أي اعتراض من الجهاز المركزي للمحاسبات. وفجأة وصل إلى الجمعية ملاحظات من الشئون الاجتماعية بالجيزة تتحصل في اعتراضها على بعض التصرفات المالية، وقام مجلس الإدارة بمناقشة هذه الملاحظات وتم الرد عليها، وفي الرابع من يونيو سنة 1991 أصدر محافظ الجيزة القرار رقم 1364 لسنة 1991 بحل مجلس إدارة الجمعية وتعيين السيد/ محمد الناصر المكلاوي مديراً مؤقتاً لمدة عام.
ونعى المدعى على هذا القرار أنه قد صدر معيباً لعدم قيامه على سند من الواقع أو القانون.
وبجلسة 30 من يناير سنة 1992 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي بمصروفات هذا الطلب.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن المستفاد من أحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات العامة، والقانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979، أن المشرع قد أناط بالجهة الإدارية المختصة سلطة الإشراف والرقابة على أعمال الجمعيات الخاصة والتحقق من سلامة أعمالها ونشاطها للوقوف على مدى مطابقة هذه الأعمال وذلك النشاط للقوانين واللوائح والنظم المقررة في هذا الشأن، ومنح الجهة الإدارية المختصة وهي في سبيل تحقيق هذه الرقابة سلطة حل مجلس إدارة الجمعية وتعيين مدير مؤقت أو مجلس إدارة مؤقت إذا ما ارتكب مجلس الإدارة من المخالفات ما يستوجب ذلك بشرط أن يسبق ذلك إنذار الجمعية بإزالة هذه المخالفات وانقضاء خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار دون إزالتها. ولما كان البادي من أوراق الدعوى ومستنداتها أن التفتيش على أعمال ونشاط جمعية الشبان المسلمين بالجيزة قد أسفر عن ارتكاب مجلس إدارة الجمعية لمخالفات مالية وإدارية تمثل خروجاً من مجلس الإدارة على أحكام القوانين واللوائح والنظم المقررة، كما تتضمن تبديد أموال وممتلكات الجمعية والانحراف عن الأغراض التي قامت الجمعية لتحقيقها، وقد أنذرت الجهة الإدارية المختصة مجلس إدارة الجمعية بضرورة إزالة هذه المخالفات ثم أعيد إنذارها مرة أخرى إلا أن مجلس الإدارة لم يتخذ الإجراءات اللازمة لإزالة هذه المخالفات، فإن القرار المطعون فيه الصادر من محافظ الجيزة بحل مجلس إدارة الجمعية وتعيين مدير مؤقت لها يكون مستنداً إلى سبب صحيح يبرره وهو بحسب الظاهر يتفق وأحكام القانون، ومن ثم فقد انتفى ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ مما يتعين معه رفض هذا الطلب دون ما حاجة إلى بحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.
وخلصت المحكمة إلى حكمها المطعون عليه وإذ لم يرتض الطاعن هذا القضاء، فقد أقام الطعن الماثل الذي أشار فيه إلى أنه يرأس جمعية الشبان المسلمين بالجيزة بعد انتهاء عمله بالسلك القضائي الذي وصل فيه إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، ويشارك معه في عضوية مجلس الإدارة عدد من رجال القضاء، ويقوم موظفون من مديرية الشئون الاجتماعية بالجيزة - بالانتداب - بأعمال الجمعية المالية والإدارية منذ سنوات، وكانت نتائج التفتيش الدوري دائماً مرضية إلى أن أعد التقرير الأخير وصدر بناء عليه القرار المطعون فيه وقد تم التظلم من هذا القرار إلى السيد محافظ الجيزة الذي أصدر قراره رقم 1556 لسنة 1991 بتشكيل لجنة لفحص ودراسة المخالفات التي نسبت إلى الجمعية وتتضمن تقرير اللجنة عدم وجود أية مخالفات ورغم ذلك لم يشر إلى الحكم المطعون فيه إلى ذلك وهو ما كان يترتب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الاتفاقية الدولية للحقوق الدينية والسياسة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 من ديسمبر سنة 1966 - والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية في الرابع من أغسطس سنة 1967 – تنص في المادة (21) على أن "يعترف بالحق في الاجتماع السلمي، ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير ما يفرض منها تمشياً مع القانون، والتي تستوجبها في مجتمع ديمقراطي مصلحة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
ومن حيث إنه يقرر هذا النص قواعد هامة في شأن حقوق الإنسان الدينية والسياسية إذ يقرر حق المواطن في التجمع السلمي داخل منظمات معترف بها قانوناً ومن ذلك حق تكوين الجمعيات بمختلف صورها وأغراضها وفي مقدمتها الأغراض الخيرية غير أن هذا الحق يجب أن يمارس في حدود القانون بما تفرضه أحكامه من وجوب مراعاة اعتبارات مصالحه العامة ومن بينها حماية حقوق الآخرين في تلك المنظمة أو في خارجها بحيث يتعين التدخل وفقاً لأحكام القانون لوقف وإلغاء أي تجاوز يحدث في إدارة المنظمة إذا ما خرجت قرارات وتصرفات إدارتها عما يحقق على أفضل وجه حقوق سائر أعضاء الجمعية في أن تتحقق أهدافهم في إطار الشرعية وسيادة القانون من خلالها على أفضل وجه.
ومن حيث إن دستور جمهورية مصر العربية ينص في المادة (27) على أن "يشترك المنتفعون في إدارة مشروعات الخدمات ذات النفع العام والرقابة عليها وفقاً للقانون".
ومن حيث إن هذا النص قد جعل إدارة مشروعات الخدمات ذات النفع العام، بما فيها الجمعيات الخيرية، إدارة ديمقراطية، على أن تكون إدارتها والرقابة عليها وفقاً للقانون، وذلك تطبيقاً لمبدأ أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة (المادة (64) من الدستور).
ومن حيث إن مقتضى ذلك أنه يتعين أن ينظم القانون إدارة المشاركين في مشروع ذي نفع عام فيراقبونه في إطار من الانضباط في إدارة المشروع يحول دون الانحراف في إدارته عن غرضه أو استغلال أمواله أو تضييعها فيما لم يخصص لتحقيقه من أغراض النفع العام أو أي تجاوز لأحكام القانون في هذه الإدارة.
ومن حيث إنه تطبيقاً لهذه المبادئ الأساسية فقد نص القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة في المادة (27) على أن (تخضع الجمعيات لرقابة الجهة المختصة، وتتناول هذه الرقابة فحص أعمال الجمعية والتحقق من مطابقتها للقوانين ونظام الجمعية ومقررات الجمعية العمومية، ويتولى هذه الرقابة مفتشون تعينهم الجهة الإدارية المختصة". ونص ذات القانون في المادة (28) على أنه "لوزير الشئون الاجتماعية أن يعين بقرار مسبب ولمدة محددة مديراً أو مجلس إدارة مؤقتاً للجمعية يتولى الاختصاصات المخولة في نظامها لمجلس إدارتها..... كما يجوز له هذا التعيين إذا ارتكبت الجمعية من المخالفات ما يستوجب هذا الإجراء، ولم تر الجهة الإدارية حلها، ويكون ذلك بعد إنذار الجمعية بإزالة أسباب المخالفة وانقضاء خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار دون إزالتها".
ومن حيث إنه استناداً إلى النصين المذكورين فقد صدر قرار محافظ الجيزة رقم 1364 لسنة 1991 بحل مجلس إدارة جمعية الشبان المسلمين وتعيين السيد/ محمد الناصر الكلاوي مديراً مؤقتاً لها لمدة عام.
ومن حيث إن هذا القرار قد صدر استناداً إلى تقرير تضمن نسبة وقوع هذه المخالفات من مجلس إدارة الجمعية رتب عليها صدور هذا القرار.
ومن حيث إن الطاعن بصفته الرئيس السابق لمجلس الإدارة قد تظلم من قرار حل هذا المجلس مما دعا بمحافظ الجيزة إلى تشكيل لجنة أخرى لفحص الأوراق الخاصة بالموضوع على ضوء ما ورد بالتظلم المشار إليه، وبعد عرض تقرير تلك اللجنة عليه انتهى إلى رفض التظلم بناء على استمرار اقتناعه بقيام السبب الذي بني عليه القرار المتظلم منه.
ومن حيث إنه باستقراء التقارير والأوراق والمستندات المتعلقة بالمخالفات التي أشار إليها التقرير الذي انبنى عليه قرار حل مجلس الإدارة وبفحص ما ورد بشأن كل منها في تقرير اللجنة التي نظرت التظلم، وتعليق وكيل الوزارة المختص على نتيجة الفحص فإنه قد استبان للمحامي ما يأتي:
أولاً: - أشار تقرير التفتيش إلى أنه تم صرف 29848.820 جنيهاً قيمة بدل حضور جلسات وانتقالات واستقبال ومساعدات وحوافز لأعضاء مجلس الإدارة مساعدات ومكافآت وسلف وسداد أقساط لشركة صيدناوي للعاملين بالجمعية.
وانتهى فحص لجنة التظلم إلى أن المبالغ المخصومة كبدل حضور جلسات وحوافز لأعضاء مجلس الإدارة زهيدة، ولا تتعدى عشرين جنيهاً شهرياً وذكر وكيل الوزارة المختص أن صرف بدل حضور جلسات لأعضاء مجلس الإدارة جائز، ولكن شرط النص على ذلك باللائحة الداخلية للجمعية مع سماح الموارد المالية لها بذلك ما دامت لم تصدر لتلك الجمعية لائحة مالية، فإن لائحة النظام الداخلي للجمعيات هي التي تطبق، وهي الصادر بها القرار الوزاري رقم 273 لسنة 1973 والتي لم تتضمن صرف أية بدلات، وتضمن التطبيق لها عدم قيام أي سند قانوني لصرف مساعدات ومبالغ تحت حساب تسويتها من بدل الحضور مستقبلاً لأعضاء مجلس الإدارة وعدم أحقية أعضاء المجلس في تقاضي بدلات لأن المقرر هو صرف مصاريف الانتقال الفعلية فقط" وأضاف وكيل الوزارة إلى ذلك عدم سلامة صرف بدل استقبال لأعضاء مجلس الإدارة، إذ الصحيح أن يتم الصرف الفعلي مقابل اتفاق فعلي مدعم بالمستندات. وفي شأن المساعدات التي صرفت لأعضاء مجلس الإدارة والعاملين بالجمعية، والتي تلقى منها الطاعن (رئيس مجلس الإدارة) خمسين جنيهاً، فقد صرفت بالمخالفة للائحة التي لم تنص على أن من بين أغراض الجمعية منح إعانات أو سلف لأعضاء مجلس إدارة الجمعية أو العاملين بها.
ثانياً: تضمن تقرير التفتيش أنه لم يتم قيد الأثاث الخاص بالجمعية في سجل العهد، وقد انتهى فحص لجنة دراسة التظلم إلى أنها اطلعت على هذا السجل وتبين أنه دون به كامل الأثاث وأشارت إلى أن السجل لم يكن تحت نظر المفتش الذي أعد التقرير الأول، وذكر وكيل الوزارة المختص أن حقيقة الأمر أن المفتش الذي أعد التقرير الأول قد اطلع على سجل العهدة ولم تكن الأثاثات مدونة به، إلا أنه تم استيفاء القيد بعد ذلك.
ثالثاً: ورد في تقرير التفتيش إلى أنه تم شراء سيارة (رمسيس) من بنك ناصر الاجتماعي بالتقسيط، دفعت الجمعية مقدم ثمنها وبعض الأقساط بلغت 7051 جنيهاً وقبل شرائها بعام واحد تم بيعها مقابل باقي الأقساط فقط، كما وقع حادث لسيارة أخرى للجمعية تكلف إصلاح نتائجه (4663) جنيهاً ثم اضطرت الجمعية لبيعها مقابل (5500) جنيهاً التي تعادل باقي الأقساط. ولم يتم اتباع الإجراءات القانونية عند بيع السيارة.
وقد انتهى فحص لجنة دراسة التظلم إلى أنه كان يجب إجراء تثمين للسيارة المبيعة قبل إجراء البيع، وأثبت وكيل الوزارة المختص، أن في هذا تهوين من الأمر وإهدار لأموال الجمعية، خاصة وأن سبب الحادث المشار إليه أن قائد السيارة كان موظفاً إدارياً بالجمعية وليس سائقاً يمتهن القيادة.
رابعاً: - أورد تقرير التفتيش أنه جرى العمل بالجمعية على أن يتم الصرف من الإيراد مباشرة دون التوريد للبنك بالمخالفة للمادتين "88، 95 من لائحة النظام الداخلي للجمعيات وانتهى فحص لجنة دراسة التظلم إلى أن الجمعية قد تلاقت ذلك عقب تبين المخالفة، وأنه لا شبة اختلاس أو تزوير على الأوراق. وعلق على ذلك وكيل الوزارة المختص أن اللجنة لم تطلع على رصيد البنك ورصيد الصندوق في 31/ 12/ 1990 حتى تتمكن من الوقوف على الرصيد النقدي طرف السيد/ أمين الصندوق والذي بلغ 119845.138 جنيهاً في التاريخ المشار إليه، ومع ذلك فإن أحداً لم يوجه للجمعية شبهة الاختلاس أو التزوير.
خامساً: - تضمن تقرير التفتيش صرف مبلغ 1835 جنيهاً دون وجود مستندات بذلك بينما انتهى فحص لجنة دراسة التظلم إلى وجود مستند الصرف وذكر وكيل الوزارة المختص أن هذا المستند لم يكن موجوداً في تاريخ التفتيش، فضلاً عن أن العبرة ليست بوجود المستند فحسب، ولكن بدارسة مدى قانونيته وهو ما لم تبحثه لجنة دراسة التظلم.
سادساً: - أورد تقرير التفتيش ذكر عدم توقيع بعض العاملين على كشوف المرتبات بما يفيد حصولهم عليها بالرغم من قيدها بالمبالغ الإجمالية بالحساب الختامي بينما انتهى فحص لجنة دراسة التظلم إلى أن أعضاء مجلس الإدارة قدموا إقرارات من مستحقي هذه المرتبات تفيد صرفها لهم ولاحظ على ذلك وكيل الوزارة المختص أن تقديم هذه الإقرارات بعد مدة طويلة لا يعني عدم قيام المخالفة في تاريخ إثبات تحققها.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أنه بالاطلاع على ظاهر الأوراق فإن تقرير التفتيش على أعمال الجمعية مدعماً بما أبداه وكيل الوزارة المختص مستند إلى أصول الأوراق ولوائح الجمعيات والنظام القانوني الذي عليه العمل في إدارتها وفقاً للأصول المحاسبية والمخزنية قد أسند إلى مجلس إدارة الجمعية من واقع الأوراق العديد من المخالفات والتجاوزات التي وإن لم يثبت أنها تنطوي على شبهة الاختلاس أو التزوير إلا أنها تنطوي على مخالفات لأصول الإدارة السليمة وفقاً للقواعد المخزنية والمحاسبية والمالية والإدارية الصحيحة والمبادئ الإدارية التي تحقق احترام الشرعية وسيادة القانون في هذه الإدارة وتكفل حماية أموال الجمعية من الضياع أو التبديد في أغراض تبعد عن غايتها وأساس وجودها وتمنع التسيب وعدم الانتظام في أداء العاملين بها لواجبهم (وكل ذلك حسبما ثبت من الأوراق تنهض سنداً صحيحاً للقرار محل النزاع والصادر بحل مجلس الإدارة وتحول قانوناً دون القضاء بوقف تنفيذه في الشق العاجل من الدعوى ويغدو طلب وقف تنفيذ هذا القرار إلى توافر ركن الجدية ومن ثم فإنه لا محل مع ذلك لبحث مدة توافر ركن الاستعجال ويتعين بالتالي القضاء برفض طلب الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر سليماً وقائماً على أسبابه ومن ثم فإن الطعن عليه يكون في غير محله واجب الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضدهم فيما عدا "مدير مديرية الشئون الاجتماعية بالجيزة" وبرفض الدفع بعدم قبول تدخل المدير المؤقت لجمعية الشبان المسلمين بالجيزة وببقول تدخله وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الطاعن بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق