جلسة 10/5/2023
برئاسة السيد المستشار/ حسن مبارك ـ رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ د. رضا بن علي، إدريس بن منصور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 345 لسنة 2023 جزائي)
(1) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة. كاف.
- عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الاستئناف.
- للمحكمة الاستئنافية تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها. علة ذلك؟
(3) إثبات "بوجه عام". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان الجريمة. غير لازم. مادام أورد من الوقائع ما يدل عليه.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- مثال لتسبيب سائغ للرد على دفع الطاعن بملكيته للمسكن محل جريمة البقاء فيه خلافاً لإرادة من له الحق في إخراجه.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق".
- تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم.
- مثال.
(6) انتهاك حرمة ملك الغير. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- جريمة انتهاك حرمة ملك الغير. ماهيتها. وشروط قيامها. وعلة العقاب عليها؟
(7) إثبات "بوجه عام" "اعتراف" "قرائن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير أقوال الشهود" "سلطتها في تقدير الدليل" "سلطتها في تقدير الاعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. مادام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
- استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغاً.
- وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
- أخذ المحكمة بشهادة الشاهد. مفاده؟
- الاعتراف. من عناصر الإثبات. لمحكمة الموضوع الأخذ به. متى اطمأنت إليه. لها تجزئته وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها الأوراق.
- العبرة في المحاكمات الجزائية. باقتناع القاضي. مطالبته بالأخذ بدليل بعينه. غير جائز. له الأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(8) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بنفي التهمة" " الدفع بتلفيق التهمة" "الدفع بانتفاء أركان الجريمة".
- الدفع بنفي الاتهام وتلفيقه وانتفاء أركان الجريمة. موضوعي. لا يستوجب رداً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه والمكمل له قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر الواقعية والقانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشاكية وأقوال المحكوم عليه ومن حكم المحكمة في الطعن رقم 427/2022 أحوال شخصية الصادر بتاريخ 26/10/2022 بتخصيص المسكن للشاكية باعتبارها حاضنة لأبناء المحكوم عليه إلى حين أن يسدد أجرة الحضانة بواقع 110 آلاف درهم سنوياً وأورد مؤدى الأدلة وافصح عن اطمئنانه إليها وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بظروفها وأركانها حسبما استخلصتها المحكمة – كما الحال في الدعوى الراهنة – كان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن الحكم يكون قد صدر لا قاصراً في تسبيبه ولا فاسداً في استدلاله ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد حرياً بالرفض.
2- من المقر أنه لا تثريب على المحكمة الاستئنافية إن هي رأت كفاية الأسباب التي استند إليها الحكم المستأنف أن تحيل إليه فيها ذلك أن الإحالة إلى الأسباب تقوم مقام إيرادها ويعتبر كأنه صادر منها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون مردوداً.
3- من المقرر أنه ليس بلازم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان الجريمة مادام أن ما أورده من وقائع كاف للتدليل عليه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول.
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بملكيته للمسكن ورد عليه بالقول "لا تنال من اطمئنان المحكمة في ثبوت الاتهام في حق المستأنف كما أن الثابت أن الشاكية مطلقة من المتهم وحاضنة لأبنائه ولم يثبت المتهم أنه سدد أجر سكن الشاكية أو توفير مسكن للحضانة ومن ثم يكون الاستئناف على غير محل ويتعين رفضه" وكان هذا الرد سائغاً وسليماً بما يتعين معه رفض نعي الطاعن في هذا الصدد.
5- من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لعدم معاينة مسرح الجريمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن بالنقض فإن ما يثيره الطاعن يكون على غير محل.
6- لما كانت المادة 474 من قانون الجرائم والعقوبات والتي تنص على معاقبة كل من دخل مكاناً مسكوناً أو معداً للسكن أو أحد ملحقاته خلافاً لإرادة صاحب الشأن وفي غير الأحوال المبينة في القانون والمقصود بالمكان في مفهوم هذه المادة هو المكان المستعمل بالسكن بالفعل يستوي أن يكون بناء أو مصنوعاً من الخشب أو البوص أو ما إلى ذلك ثابتاً أو متنقلاً أو يكون مكاناً معداً للسكن ولو لم يكن مسكوناً بالفعل ويشترط لقيام الجريمة أن يكون المكان المشار إليه مملوكاً للغير أو في حيازته ويراد بالحيازة الحيازة الفعلية أياً كانت وبصرف النظر عن سببها وأن المكون للركن المادي في جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته لفظ اصطلاحي يفيد كل فعل يعتبر تعرضاً مادياً للغير في حيازته للعقار حيازة فعلية بنية الافتئآت عليها سواء كانت هذه الحيازة شرعية مستندة إلى سند صحيح أو لم تكن وسواء كان الحائز مالكاً للعقار أو غير ذلك تقديراً من الشارع أن التعرض المادي إذا وقع لحائز للعقار دون الالتجاء إلى القضاء ولو استناداً إلى حق مقرر يعتبر من الجاني إقامة العدل بنفسه مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه غير مقبول.
7- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أن الاعتراف من عناصر الإثبات المطروحة على بساط البحث ولمحكمة الموضوع الأخذ به مادامت قد اطمأنت إليه وإنها غير ملزمة بالأخذ بنصه وظاهره بل لها تجزئته وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنه أوراق الدعوى وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز مجادلتها فيه أمام محكمة النقض بما يتعين معه رفض هذا الوجه من النعي.
8- من المقرر أن الدفع بنفي الاتهام وتلفيقه وانتفاء أركان الجريمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة رداً على استقلال اكتفاءً بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم وأفصح عن اطمئنانه إليها - كما الحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه يكون غير قويم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــــــة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن أنه بتاريخ 15/2/ 2023 وبدائرة أبو ظبي 1– اعتدى على سلامة المجني عليها .... فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أعجزتها عن أعمالها الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً 2- بقي في المنزل المبين بالمحضر خلافاً لإرادة من له الحق في إخراجه. وطلبت محاكمته طبقاً للمادتين 390/2 و474/2 من قانون الجرائم والعقوبات. وبجلسة 28/3/2023 حكمت محكمة أبو ظبي الابتدائية بتغريمه عن جريمة البقاء بالمنزل خلافاً لإرادة صاحب الشأن بخمسة آلاف درهم وإخلاء المحكوم عليه من مكان الجريمة مع إلزامه الرسوم وببراءته من تهمة الاعتداء.
فاستأنف المحكوم عليه الحكم وقضت محكمة الاستئناف بأبو ظبي بتاريخ 23/3/20213 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف الرسوم.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المستأنف طعن عليه بطريق النقض بالطعن المطروح وأودع محاميه صحيفة الطعن قلم مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 19/4/2023 وقدمت النيابة العامة مذكرة ارتأت في نهايتها رفض الطعن وارتأت المحكمة أن الطعن جدير بالنظر.
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه أدانه دون أن يبين واقعة الدعوى وظروفها وأدلتها في بيان كاف يتحقق به الغرض من تسبيب الأحكام وأحال إلى أسباب حكم محكمة أول درجة التي جاءت قاصرة ولم يرد على دفاعه المشفوع بمستندات بأن المسكن موضوع الدعوى مملوكاً له وأن وجوده بالمنزل كان بناء على طلب أحد أبنائه لتناول الفطور معهم وعول الحكم على أدلة غير صالحة وهي أقوال المجني عليها على الرغم من عدم صدقها وصحتها وشابه الفساد في الاستدلال إذ قضى بإدانته تأسيساً على أنه وفر مسكن حضانة للمجني عليها على الرغم من أن تلك المسائل خارجة عن اختصاص المحكمة الجزائية وقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم معاينة مسرح الجريمة وأعرض عن دفاعه بنفي الاتهام وانتفاء أركان الجريمة وعدم معقولية الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه مما يعيب الحكم وبما يستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه والمكمل له قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر الواقعية والقانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشاكية وأقوال المحكوم عليه ومن حكم المحكمة في الطعن رقم 427/2022 أحوال شخصية الصادر بتاريخ 26/10/2022 بتخصيص المسكن للشاكية باعتبارها حاضنة لأبناء المحكوم عليه إلى حين أن يسدد أجرة الحضانة بواقع 110 آلاف درهم سنوياً وأورد مؤدى الأدلة وافصح عن اطمئنانه إليها وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بظروفها وأركانها حسبما استخلصتها المحكمة – كما الحال في الدعوى الراهنة – كان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن الحكم يكون قد صدر لا قاصراً في تسبيبه ولا فاسداً في استدلاله ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد حرياً بالرفض.
لما كان ذلك وكان من المقر أنه لا تثريب على المحكمة الاستئنافية إن هي رأت كفاية الأسباب التي استند إليها الحكم المستأنف أن تحيل إليه فيها ذلك أن الإحالة إلى الأسباب تقوم مقام إيرادها ويعتبر كأنه صادر منها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون مردوداً. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان الجريمة مادام أن ما أورده من وقائع كاف للتدليل عليه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بملكيته للمسكن ورد عليه بالقول "لا تنال من اطمئنان المحكمة في ثبوت الاتهام في حق المستأنف كما أن الثابت أن الشاكية مطلقة من المتهم وحاضنة لأبنائه ولم يثبت المتهم أنه سدد أجر سكن الشاكية أو توفير مسكن للحضانة ومن ثم يكون الاستئناف على غير محل ويتعين رفضه" وكان هذا الرد سائغاً وسليماً بما يتعين معه رفض نعي الطاعن في هذا الصدد. لما كان ذلك وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لعدم معاينة مسرح الجريمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن بالنقض فإن ما يثيره الطاعن يكون على غير محل. لما كان ذلك وكانت المادة 474 من قانون الجرائم والعقوبات والتي تنص على معاقبة كل من دخل مكاناً مسكوناً أو معداً للسكن أو أحد ملحقاته خلافاً لإرادة صاحب الشأن وفي غير الأحوال المبينة في القانون والمقصود بالمكان في مفهوم هذه المادة هو المكان المستعمل بالسكن بالفعل يستوي أن يكون بناء أو مصنوعاً من الخشب أو البوص أو ما إلى ذلك ثابتاً أو متنقلاً أو يكون مكاناً معداً للسكن ولو لم يكن مسكوناً بالفعل ويشترط لقيام الجريمة أن يكون المكان المشار إليه مملوكاً للغير أو في حيازته ويراد بالحيازة الحيازة الفعلية أياً كانت وبصرف النظر عن سببها وأن المكون للركن المادي في جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته لفظ اصطلاحي يفيد كل فعل يعتبر تعرضاً مادياً للغير في حيازته للعقار حيازة فعلية بنية الافتئآت عليها سواء كانت هذه الحيازة شرعية مستندة إلى سند صحيح أو لم تكن وسواء كان الحائز مالكاً للعقار أو غير ذلك تقديراً من الشارع أن التعرض المادي إذا وقع لحائز للعقار دون الالتجاء إلى القضاء ولو استناداً إلى حق مقرر يعتبر من الجاني إقامة العدل بنفسه مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أن الاعتراف من عناصر الإثبات المطروحة على بساط البحث ولمحكمة الموضوع الأخذ به مادامت قد اطمأنت إليه وإنها غير ملزمة بالأخذ بنصه وظاهره بل لها تجزئته وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنه أوراق الدعوى وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز مجادلتها فيه أمام محكمة النقض بما يتعين معه رفض هذا الوجه من النعي. لما كان ذلك وكان الدفع بنفي الاتهام وتلفيقه وانتفاء أركان الجريمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة رداً على استقلال اكتفاءً بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم وأفصح عن اطمئنانه إليها - كما الحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه يكون غير قويم. ولما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق