بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 18-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 324 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
ا. أ. ي.
مطعون ضده:
س. أ. ع. ا.
ف. س. أ. و. ـ. ش. ذ. م. م.
ا. ج. ل. ا. ش. ا. ا. ش.
ا. س. ا. ع. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/322 استئناف عقاري بتاريخ 28-05-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وتلاوة تقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ حاتم موسى وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن "أحمد أكبر يور" أقام الدعوى رقم 18 لسنة 2024 عقاري كلي ضد المطعون ضدهم "1- الهامة جنوب للتطوير العقاري شركة الشخص الواحد ش.ذ.م.م. 2- فالكن سيتي أوف وندورز ش.ذ.م.م. 3- الحارث سالم أحمد عبد الله الموسى. 4- سالم أحمد عبد الله الموسى" بطلب الحكم ? وفق طلباته الختامية ?أصليًا: بإلزامهم بتسليمه قطعة الأرض محل النزاع واحتياطيًا: بفسخ عقد البيع المؤرخ 24 مايو 2021، مع إلزامهم بالتضامن والتضامم والتكافل بأن يؤدوا له مبلغ 1,270,650 درهم، والفائدة القانونية بنسبة 5% من تاريخ استلام المبلغ في أبريل 2024 حتى تمام السداد، فضلًا عن التعويض بمبلغ 500,000 درهم، مع الفائدة القانونية عنه بنسبة 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا، وبيانًا لذلك قال إنه بموجب العقد المشار إليه اشترى من المطعون ضدها الأولى قطعة الأرض محل النزاع رقم 713 الواقعة في وادي الصفا 2، ضمن مشروع "فالكن سيتي أوف وندورز"، لقاء ثمن مقداره 1,270,650 درهم وذلك بقصد إقامة فيلا سكنية طبقًا للتصاميم والمخططات المعتمدة وفق المخطط الرئيسي للمشروع والملحق رقم (2) للعقد، وبموجب البند (4/ث) من العقد فإن البائع يلتزم بنقل ملكية الأرض بعد سداد الثمن كاملاً وهو ما تم بالفعل من جانب الطاعن بموجب شيكين: الأول رقم 500801 بمبلغ 127,060 درهم، والثاني رقم 500771 بمبلغ 1,145,585 درهم، وتم صرفهما وفقًا لكشف الحساب، وإذ تأخرت المطعون ضدها الأولى في تسليم الأرض ونقل ملكيتها، وقد تبين صدور حكم في الدعوى رقم 85 لسنة 2021 عقاري كلي لصالح "شركة دبي لاند" ضد المطعون ضدهما الأولى والثانية، قضى بعدم نفاذ التصرفات الصادرة من المطعون ضدها الثانية إلى الأولى في عدد من قطع الأراضي من بينها الأرض محل النزاع وبإعادة تلك الأراضي إلى الضمان العام مع أحقية شركة دبي لاند في التنفيذ عليها وتتبعها تحت أي يد كانت، وفاءً للدين المترصد لها بموجب ملف التنفيذ رقم 503 لسنة 2020 عقاري، وباستعلامه من دائرة الأراضي والأملاك بدبي تبين أن الأرض قد بيعت بالمزاد العلني ضمن 790 قطعة أرض أخرى، وأن المطعون ضدهما الثالث والرابع ومن خلال الشركة المطعون ضدها الثانية المملوكة لهما، قاما بتأسيس الشركة المطعون ضدها الأولى، بقصد تهريب قطع الأراضي تهربًا من دين شركة دبي، ثم قامت المطعون ضدها الأولى بعرض الأراضي للبيع للمستثمرين، ومنهم الطاعن، وإذ أبرم العقد سند الدعوى نتيجة غش وتغرير وتدليس من جانب الأخيرة بالاتفاق مع باقي المطعون ضدهم لعلمهم بحقيقة النزاع بشأن ملكية الأرض المبيعة مما ترتب على ذلك استيلاؤهم على أمواله دون وجه حق، ومن ثم كانت الدعوى، وبتاريخ 26 فبراير 2025 حكمت المحكمة أولًا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع. ثانيًا: بفسخ عقد البيع سند الدعوى المؤرخ 24 مايو 2021.ثالثًا: بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعن مبلغ 1,270,650 درهم، والفائدة القانونية عنه بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. رابعا: بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعن مبلغ 150,000 درهم كتعويض، والفائدة عنه بواقع 5% سنويًا من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا وحتى تمام السداد، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 322 لسنة 2025 عقاري، وبتاريخ 28 مايو 2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى إلكترونيًا بتاريخ 25 يونيو 2025 طلب فيها نقض الحكم، وقدم المطعون ضدهما الثالث والرابع مذكرة بدفاعهما طلبا فيها رفض الطعن، ولم يقدم المطعون ضدهما الأولى والثانية مذكرة بدفاعهما، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة رأت أنه جدير بالنظر وقررت الحكم فيه بجلسة اليوم بغير مرافعة.
وحيث إن حاصل ما ينعَى به الطاعن بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع، استنادًا إلى عدم وجود دليل على ارتكابهما غشًا أو احتيالًا، رغم أن الثابت بالأوراق قيامهما بأعمال تنطوي على الغش عند التعاقد مع الطاعن، لقيام المطعون ضده الرابع، بصفته مالك الشركة المطعون ضدها الثانية بإنشاء تسع شركات ذات مسؤولية محدودة باسم نجله ? المطعون ضده الثالث ? كمدير لها، وهبها 830 قطعة أرض، خصّ منها الشركة المطعون ضدها الأولى بعدد 424 قطعة، على الرغم من علمهما بوجود نزاع قائم منذ عام 2018 بشأن ملكية الأرض محل النزاع، قام المطعون ضده الثالث ببيعها للطاعن، وبناءً على تعليماته تم تحويل مبلغ الثمن إلى حساب الشركة المطعون ضدها الأولى، ثم تم تحويله إلى الحساب الشخصي للمطعون ضده الثالث، الذي امتنع والمطعون ضده الرابع، عن تسليم قطعة الأرض أو نقل ملكيتها إليه، مما يؤكد توافر الغش والاحتيال في حقهما، لاسيما وأن المطعون ضدها الأولى شركة ذات مسؤولية محدودة لا تباشر التصرفات القانونية إلا من خلال ممثليها الطبيعيين، وقد تمسك الطاعن بطلب ندب خبير لإثبات الغش والاحتيال، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الطلب مكتفيًا بتأييد الحكم الابتدائي بالقول بعدم ثبوت الغش، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشخصية الاعتبارية للشركة ذات المسئولية المحدودة مستقلة عن شخصية الشركاء فيها وعن شخصية من يمثلها قانونًا، وأن مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة هو الذي يتولى إدارتها، فإذا أبرم تصرفًا مع الغير باسمها ولحسابها وفي حدود نشاطها، فإنها تلتزم وحدها بآثار هذا التصرف، ولا يُسأل هو في ماله الخاص إلا في حالة ثبوت الغش أو الاحتيال الظاهر بجلاء أو مخالفة القانون أو نظام الشركة وإدارته لها، وأن الغش والاحتيال الظاهر بجلاء لا يُفترض بل لا بد من الادعاء به وإقامة الدليل عليه . كما أنه من المقرر أيضًا أن الصفة تقوم في المدعى عليه متى كان هو المسئول أصالة أو تبعًا عن الحق المدعى به أو مشتركًا في المسئولية عنه، وأن استخلاص توافر الصفة في الدعوى من عدمه وثبوت أو نفي الغش والتدليس وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها هي من أمور الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تُقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وهي غير ملزمة بإجابة الخصم إلى طلبه ندب خبير في الدعوى متى وجدت في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، ولا عليها أن تتتبع الخصوم في شتى مناحي أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها استقلالًا متى كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها، وأوردت عليها دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع على ما خلص إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها، أن الطاعن يؤسس طلبه قبل كل من المطعون ضدهما الثالث والرابع على القول بأنهما صاحبا الشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية ومديراهما، وقد ارتكبا الغش والتدليس في التعاقد معه، وإذ كان كل من الشركتين سالفتي البيان بحسب طبيعتهما القانونية، شركة ذات مسئولية محدودة لها شخصية اعتبارية وكيان قانوني وذمة مالية مستقلة عن ذمة مالكها، وتحدد مسئولية صاحبها الفرد برأس المال المدفوع فيها، وتلتزم وحدها بآثار التصرفات التي يبرمها مديرها نيابة عنها، ولا يُسأل مديرها في ذمته المالية إلا في حالة ثبوت الغش أو الاحتيال، ولم يثبت أن أيًا من المطعون ضدهما الثالث والرابع كان طرفًا بشخصه في العقد سند الدعوى، وأن المطعون ضده الثالث مجرد مالك لهاتين الشركتين، والمطعون ضده الرابع مجرد مدير لهما، وأن الغش والاحتيال الظاهر بجلاء لا يُفترض، بل لا بد من الادعاء به وإقامة الدليل عليه. وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغًا وله أصل ثابت في الأوراق، ولا مخالفة فيه للقانون، ويشمل الرد الضمني المسقط لما ساقه الطاعن من حجج وأوجه دفاع مخالفة في هذا الصدد، ولا يعيبه التفاته عن ندب خبير في الدعوى بعد أن وجد في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها، فإن النعي عليه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع التقديرية مما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز.
ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعن المصروفات، ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدهما الثالث والرابع مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق