بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 11-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 316 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
م. ق.
مطعون ضده:
ن. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/229 استئناف عقاري بتاريخ 26-05-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير الخبير الذي أعده وتلاه في الجلسة القاضي المقرر/ حاتم موسى، وبعد المداولة،
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده "نور موفلياموف" أقام الدعوى رقم 330 لسنة 2024 عقاري ضد الطاعنة "مايسا قاديروفا"، بطلب الحكم ? وفق طلباته الختامية ? بطردها من الوحدة محل النزاع، وتسليمها إليه بحالة جيدة، مع إلزامها بسداد كافة الرسوم والمصاريف المستحقة على الوحدة خلال سبعة أيام من تاريخه، وإلزامها بمبلغ 299,182.70 درهم عن الفترة من أول يناير 2020 وحتى 31 ديسمبر 2024، مقابل ريع الانتفاع بالوحدة، ومبلغ 200,000 درهم كتعويض عن الغصب، والفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد. وبيانًا لذلك، قال إنه بموجب الشهادة الملكية الصادرة من دائرة الأراضي والأملاك، يمتلك الوحدة محل النزاع رقم .... بمبنى ليك سيتي تاور LAKE CITY TOWER الكائن بدبي ? بر دبي ? منطقة الثنية الثانية، إلا أنه فوجئ بالطاعنة تضع يدها على الوحدة دون وجه حق أو سند قانوني ورفضت تركها مما يجعلها غاصبة لتلك الوحدة، الأمر الذي أصابه بأضرار، ومن ثم كانت الدعوى. وجهت الطاعنة طلبًا عارضًا للحكم بثبوت ملكيتها للوحدة محل النزاع وبإعادة تسجيلها باسمها على سند من أن المطعون ضده كان وكيلاً بالتسخير عنها في شراء الوحدة، وأنها هي التي سددت كامل ثمنها، ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 29 يناير 2025 أولًا: في الدعوى الأصلية بطرد الطاعنة من الوحدة محل النزاع وتسليمها للمطعون ضده، وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 349,182.70 درهم كتعويض وبدل ريع على النحو المبين بالأسباب والفائدة بواقع 5% على هذا المبلغ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا وحتى تمام السداد، ورفض ما عدا ذلك. ثانيًا: برفض الطلب العارض? الدعوى المتقابلة -. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 229 لسنة 2025 عقاري، وبتاريخ 26 مايو 2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت لدى مكتب إدارة الدعوى إلكترونيًا بتاريخ 19 يونيو 2025طلبت فيها نقض الحكم، وقدم المطعون ضدها مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة، فقررت الحكم فيه بجلسة اليوم بغير مرافعة.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، وفق ما تقضي به المادة (180) من قانون الإجراءات المدنية، أن لمحكمة التمييز أن تثير في الطعن المسائل التي تتعلق بالنظام العام من تلقاء نفسها، متى كانت عناصرها مطروحة على محكمة الموضوع، ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. وكان قرار رئيس محاكم دبي رقم (16) لسنة 2024 الصادر بناءً على التفويض التشريعي في المادة رقم (24) من القانون رقم (8) لسنة 2024بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي، قد استحدث قواعد لتوزيع الاختصاص بين المحاكم الابتدائية، فخص الدوائر الكلية بالمحاكم الابتدائية المدنية، المشكلة من ثلاثة قضاة بالنظر والفصل في الدعاوى المدنية والتجارية والعمالية والعقارية التي تجاوز قيمتها مليون درهم، والدعاوى غير مقدرة القيمة والدعاوى المتقابلة المرتبطة بها، أيًا كانت قيمتها، وجعل الاختصاص للدائرة الجزئية المشكلة من قاض فرد بغير ذلك من دعاوى، لا يغير من ذلك ما نص عليه قانون الإجراءات المدنية في الفصل الثاني منه تحت عنوان تقدير قيمة الدعوى، فإن ما أورده بالمادة 51 منه من قواعد تقدير قيمة الدعوى مقروءة مع نص المادة 29 من ذات القانون التي جعلت الدوائر الابتدائية المُشكلة من قاض فرد تختص بنظر الدعاوى المدنية - بأنواعها - أيًا كانت قيمة الدعوى، مما يوجب أن يكون ما ورد بنص المادة (51) المشار إليها والخاص بتقدير قيمة الدعوى، ما هو إلا لتحديد نصاب الطعن في الأحكام، بدلالة أن تلك المادة قد قرنت في بنودها 3، 11، 12 قيمة الدعوى في تلك الحالات بنصاب الطعن بالنقض، وأكد ذلك نص المادتين 159 /2 و175 بأن الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف يكون جائزًا إذا كانت قيمة الدعوى تتجاوز 500,000 خمسمائة ألف درهم أو كانت غير مقدرة القيمة، فإن مؤدى تلك النصوص مجتمعة يلزم لتحديد الدائرة التي تختص بنظر الدعوى قيميًا في محاكم دبي، الالتزام بما أوردته المادة 51 من قانون الإجراءات المدنية من أسس تقدير الدعوى، وصولًا إلى بيان ما إذا كانت قيمتها غير مقدرة أو تزيد عن مليون درهم أو مليون فأقل، فإن كانت الطلبات في الدعوى ليست ضمن البنود المبينة بتلك المادة، فإنها تكون غير مقدرة القيمة، فإنه ولئن اعتُبرت قيمتها تساوي الحد الأدنى لنصاب الطعن بالنقض وفقًا للمادة 51 سالفة البيان، إلا أن الاختصاص في نظرها يكون للدائرة الكلية بالمحكمة الابتدائية، وفق قرار رئيس محاكم دبي رقم (16) لسنة 2024 سالف الإشارة إليه، وإذ نص ذلك القرار على أنه تُحال الدعاوى المنظورة أمام دوائر المحاكم الابتدائية بالحالة التي هي عليها إلى الدائرة المختصة بنظرها للفصل فيها، بحسب قواعد الاختصاص المنصوص عليها في هذا القرار، ما لم تكن محجوزة للحكم، مما يوجب في هذه الحالة - باعتبارها مسألة متعلقة بالنظام العام - على الدائرة التي تنظر الدعوى أمام محكمة أول درجة -طالما أُدرك العمل بهذا القرار أمامها قبل إقفال باب المرافعة- إذا تبين لها أنها غير مختصة بنظرها، بحسب قواعد الاختصاص المنصوص عليها في هذا القرار، فعليها أن تقضي بعدم اختصاصها والإحالة، ولو بغير طلب. فلما كان ذلك وكان مؤدى نص المادة 51 /9 من قانون الإجراءات المدنية، أنه إذا تعددت الطلبات مع وحدة السبب، قُدرت قيمة الدعوى بمجموع قيمة الطلبات، أما إذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة، قُدرت قيمتها باعتبار قيمة كل منها على حدة. وإذ كان ذلك، وكانت طلبات المطعون ضده الختامية في دعواه الأصلية أمام محكمة أول درجة الحكم بطرد الطاعنة من الوحدة محل النزاع وتسليمها إليه مع إلزامها بسداد كافة الرسوم والمصاريف المستحقة على الوحدة خلال سبعة أيام من تاريخه، وإلزامها بمبلغ 299,182.70 درهم عن الفترة من أول يناير 2020 وحتى 31 ديسمبر 2024، مقابل ريع الانتفاع بالوحدة، ومبلغ 200,000 درهم كتعويض والفائدة. وكان الطلب بالطرد والتسليم ليس من بين الطلبات التي أورد المشرع قاعدة لتقديرها في أي من بنود المادة 51 من قانون الإجراءات المدنية، ومن ثم يكون غير مقدر القيمة، الأمر الذي تُعد معه قيمة الدعوى الأصلية بهذه المثابة زائدة على مليون درهم وتخرج عن اختصاص المحكمة الجزئية المُشكلة من قاض فرد، بما في ذلك الدعوى المتقابلة المرتبطة بها المقامة من الطاعنة، مما ينعقد الاختصاص بنظرهما للدائرة الكلية بالمحكمة الابتدائية، وإذ كان القرار رقم 16 لسنة 2024 بشأن تشكيل دوائر المحاكم الابتدائية وتحديد اختصاصاتها، المعمول به اعتبارًا من أول نوفمبر 2024، قد أدرك العمل به أمام محكمة أول درجة ? الدائرة الجزئية ? قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى الحاصل بجلسة 11 نوفمبر 2024، مما كان يجب عليها القضاء بعدم اختصاصها قيميًا بنظر الدعوى، ولو لم يدفع أحد أطراف الخصومة بذلك، وإحالتها إلى الدائرة الكلية المختصة المُشكلة من ثلاثة قضاة لنظرها، عملًا بنص المادة 7 من القرار رقم 16 لسنة 2024 سالف البيان، وإذ خالفت هذا النظر، وقضت في موضوع النزاع، مجاوزة اختصاصها، وهو ما يشتمل على قضاء ضمني باختصاصها، وتصدى الحكم المطعون فيه لنظر موضوع النزاع، فإنه يكون قد قضى ضمنيًا باختصاص محكمة أول درجة ? الدائرة الجزئية ?، ومن ثم يكون قد خالف بدوره قواعد الاختصاص، فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون، مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
وحيث إن الاستئناف صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بعدم اختصاص الدائرة الجزئية بالمحكمة الابتدائية قيميًا بنظر الدعويين الأصلية والمتقابلة واحالتهما إلى الدائرة الكلية بالمحكمة الابتدائية لنظرهما.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع رد التأمين للطاعنة.
وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف، وبعدم اختصاص الدائرة الجزئية بالمحكمة الابتدائية بنظر الدعويين الأصلية والمتقابلة وبإحالتهما إلى الدائرة الكلية بمحكمة أول درجة وألزمت المستأنف ضده المصروفات ومبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة مع رد التأمين للمستأنفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق